الفصل الرابع
المنظر الأول
(يدخل ستروبيلوس.)
ستروبيلوس
(مسرور في قرارة نفسه)
:
هذه هي الطريقة التي يجب أن يعمل بها الخادم الطيب،
مثلما أفعل أنا، لا يفكر في أن أوامر سيده شاقة ولا
متعبة ولا مضايقة. سأخبرك بالطريقة التي ينبغي أن يعمل
بها الخادم إذا أراد أن يُرضي سيده: يجب أن يجعل أموره
دائمًا مسألة السيد أولًا، والرجل ثانيًا.١ وحتى إذا غلبه النعاس، يجب أن يفعل ذلك
مُثبتًا عينًا على حقيقة أنه خادم. يجب أن يعرف ميول
سيده، فيقرأ رغباته في وجهه. أما من جهة الأوامر، فلا
بد له أن ينفِّذها بأسرع من عربة ذات أربعة جياد. إذا
راعى الخادم كل ذلك، فإنه لا يكون يدفع الضرائب عن جلد
خام، أو يضيع وقته يصقل كرة وسلسلة بمرفقي قدميه.
فالواقع الآن أن سيدي عاشق متيم بابنة يوكليو الفقير؛
وقد علم منذ فترة وجيزة بأنها ستتزوج ميجادوروس. لذا
أرسلني لأراقب ما يجري وأخبره به. سأجلس بجوار هذا
المذبح المقدس (يفعل
هكذا) ولا أحد سيشتبه فيَّ. يمكنني من
هذا المكان أن أراقب ما يجري في كل من البيتين.
المنظر الثاني
(يدخل يوكليو دون أن يرى
ستروبيلوس.)
يوكليو
(متوسلًا)
:
كل ما أريده منك، أيها «الإيمان»، ألا تدع أحدًا
يعرف أن ذهبي موضوع هناك. لا خوف من أن يكتشفه أحد،
بعد هذه الطريقة البديعة التي أخبئه بها في تلك الكوة
المظلمة. (يتوقف)
أواه، يا إلهي، ما أجمل النقل الذي يناله أو عثر عليه
أحد ما؛ جرة مليئة إلى آخرها بالذهب! أيها «الإيمان»،
إكرامًا لخاطر الرحمة، لا تدع أحدًا يعثر عليه!
(يسير ببطء نحو
البيت). والآن، سأستحم، حتى يمكنني أن
أقدم الذبيحة ولا أعوق زوج ابنتي المنتظَر عن الزواج
بها في اللحظة التي يطالب بها فيها. (ينظر إلى الطريق نحو
المعبد) خذ حذرك الآن أيها «الإيمان»،
خذ، خذ، خذ حذرك أن أسترد جرتي منك سالمة. لقد عهدتُ
بذهبي إلى أمانتك العظيمة، وتركتها في حرْشك
ومحرابك.
(يدخل يوكليو ويدخل البيت.)
ستروبيلوس
(يقفز واقفًا)
:
أيها الآلهة الخالدون! ما كل هذا الذي سمعتُ ذلك
الرجل يتكلم عنه! جرة مليئة بالذهب ومخبأة هنا في مذبح
«الإيمان»! إكرامًا لمحبة السماء، أيها «الإيمان» لا
تكن أكثر إخلاصًا له مما أنت لي. نعم، وإنه والد
الفتاة معشوقة سيدي، أو هل أنا مخطئ؟ سأذهب إلى هناك
وأبحث في المحراب من أعلاه إلى أسفله وأرى ما إذا كان
بمقدوري أنا أعثر على الذهب وهو مشغول هنا. وإذا عثرتُ
عليه أيها «الإيمان» فسأسكب لك ملء قِدْرٍ تَسَعُ
لترًا من الخمر والعسل! هيَّا الآن! هذا ما سأفعله لك،
وبعد أن أفعل هذا لك سأشربه لنفسي.
(يخرج إلى المعبد القائم على
الطريق.)
المنظر الثالث
(يعود يوكليو من البيت.)
(يوكليو)
(هائجًا)
:
هذا يعني شيئًا ما، لقد نعق الغراب على يساري الآن
فقط! وطيلة الوقت ينبُش الأرض، وهو ينعق، وينعق! ومنذ
اللحظة التي سمعتهُ فيها، بدأ قلبي يرقص وقفز إلى
حلقي. وعلى هذا ينبغي أن أجري، أجري!
(يخرج إلى المعبد.)
المنظر الرابع
(تمر بضع دقائق. ثم صوت شجار في الطريق.
يعود يوكليو وهو يجر ستروبيلوس.)
يوكليو
:
هيَّا! تعال أيتها الدودة! تزحف من تحت الأرض الآن
فقط! منذ دقيقة مضت لم تكن موجودًا في أي مكان، أما
الآن (بعبوس)
فتوجد، لقد انتهيتَ! أواه، آه، آه، آه أيها المجرم!
سأعطيك إياها، في نفس هذه اللحظة! (يضربه).
ستروبيلوس
:
أي شيطان سكن في جسدك؟ ما شأنك بي أيها الرجل العجوز
الأشمط؟ على أي شيء تضربني؟ ولماذا تجرني في الطريق؟
ماذا تقصد من ضربك إياي؟
يوكليو
(لا يزال يكيل له الضربات)
:
أقصد؟ أيها المستحق الضرب، لستَ لصًّا وإنما ثلاثة
لصوص.
ستروبيلوس
:
وماذا سرقتُ منك؟
يوكليو
(مهددًا)
:
أعدها إليَّ بالتي هي أحسن.
ستروبيلوس
:
أعيدها؟ وما هي التي أعيدها؟
يوكليو
:
يا له من سؤال لطيف!
ستروبيلوس
:
لم آخذ منك شيئًا، بالأمانة.
يوكليو
:
حسنًا، وماذا أخذتَ بالخيانة إذن؟! سلِّمني إياه!
هيَّا، هيَّا، ألا تفعل هذا؟!
ستروبيلوس
:
هيَّا، هيَّا ماذا؟
يوكليو
:
لن تذهب بها.
ستروبيلوس
:
ما الذي تريده؟
يوكليو
:
انْزِلْ بها!
ستروبيلوس
:
انزل بها، ما هذا! يبدو كما لو أنك نزلتَ بها
كثيرًا، أنت نفسك، أيها الغلام العجوز.
يوكليو
:
أقول لك، انزل بها! دع عنك حضور بديهتك، لستُ
مستعدًّا للتوافه الآن.
ستروبيلوس
:
أنزلُ بماذا؟ هيَّا، أفصِحْ، واذكر اسمها، مهما
كانت. فلتشنق كل شيء، لم آخذ شيئًا، ولم أمس شيئًا،
هذا صدق لا اعوجاج فيه.
يوكليو
:
أرني يديك.
ستروبيلوس
(يمد يديه)
:
حسنًا، ها هما يداي: انظر إليهما.
يوكليو
(بجفاء)
:
فهمتُ، هيَّا، هيَّا، الآن، لثالث مرة: اخرج
بها.
ستروبيلوس
(بصوت منخفض)
:
لقد أتوه! الرجل العجوز مجنون، وواضح الجنون!
(إلى يوكليو في
أدب) والآن ألستَ تُلحق بي الأذى؟
يوكليو
:
نعم، أذى شنيع؛ لأنني لم أشنقك. وسرعان ما سأفعل
هذا، إذا لم تعترف.
ستروبيلوس
:
أعترف بماذا؟
يوكليو
:
ماذا أخذت من هنا؟ (يشير
إلى المعبد.)
ستروبيلوس
(في جديَّة)
:
فلتلحق بي اللعنة إذا كنتُ أخذتُ شيئًا يتعلق
بك.
(بصوت منخفض)
وكذلك إذا لم أرغب في ذلك.
يوكليو
:
هيَّا، انفض عباءتك.
ستروبيلوس
(يفعل ذلك)
:
أي شيء تقول؟
يوكليو
:
يا للعجب! ربما كانت تحت سُترتك.
ستروبيلوس
(مبتهجًا)
:
تحسس أي موضع تريد.
يوكليو
:
ويحك أيها الوغد! كم تبدو لطيفًا! لدرجة أنني قد
أعتقد أنك لم تأخذها! إنني أعرف حيلك. (يفتشه) مرة ثانية،
الآن ارفع يدك، اليد اليمنى!
ستروبيلوس
(يطيع)
:
كما تريد.
يوكليو
:
واليد اليسرى، الآن.
ستروبيلوس
(يطيع)
:
ولماذا كل هذا؟ بالطبع أرفع يديَّ كلتيهما،
هكذا.
يوكليو
:
كفى تفتيشًا. والآن أعطنيها هنا.
ستروبيلوس
:
ماذا؟
يوكليو
:
أواه، آه! تبًّا لك! لا بد أنك أخذتها!
ستروبيلوس
:
أخذتها؟ أخذتُ ماذا؟
يوكليو
:
لن أقول، إنك تتوق جدًّا لأن تعرف. أيَّ شيء أخذتَه
مني، أعطنيه.
ستروبيلوس
:
أأنت مجنون! لقد فتشتني في كل موضع كما أردتَ دون أن
تجد شيئًا واحدًا من متعلقاتك معي.
يوكليو
(بهياج)
:
انتظر، انتظر! (يستدير نحو
المعبد ويُصغي) من هناك؟ من ذلك الشخص
الذي كان معك هناك؟ (بصوت
منخفض) يا إلهي! هذه مسألة فظيعة، فظيعة!
هناك رجل يعمل بالمعبد طول الوقت، ولو أطلقتُ هذا
الرجل هرب. (يتوقف)
ولكني فتشته تفتيشًا دقيقًا، ليس معه أي شيء. (بصوت مرتفع) انصرف،
إلى أي مكان! (يطلقه بلكمة
أخيرة.)
ستروبيلوس
(من مسافة تعطيه الأمان)
:
فلتنزل بك اللعنة الأبدية!
يوكليو
(بصوت منخفض، وبخشونة)
:
طريقته لطيفة في إظهار شكره. (بصوتٍ عالٍ، وبحدَّة)
سأذهب إلى هناك، وشريكك ذاك سأخنقه في الحال. هل
ستختفي؟ هل ستظهر أم ستظل مختفيًا؟ (يتقدم.)
ستروبيلوس
(يتقهقر)
:
أنا، أنا!
يوكليو
:
وأرجو ألا تقع عيناي عليك مرة أخرى.
(يخرج يوكليو نحو المعبد.)
المنظر الخامس
ستروبيلوس
:
فلأُعذَّب حتى أموت إن لم أُعطِ ذلك الشخص العجوز
مفاجأة اليوم. (يفكر) حسنًا، بعد هذا، لن يجرؤ على
إخفاء ذهبه هنا. وما يُنتظر أن يفعله هو أن يأخذه معه
ويخبئه في مكان آخر. (يُصغي) يا لله! ها هو الباب يُفتح! يا
للعجب! ها هو ذا الغلام العجوز قادم بها. سأرجع من
مدخل الباب لحظة (يختبئ
بجانب بيت ميجادوروس).
المنظر السادس
(يعود يوكليو ومعه الجرة.)
يوكليو
:
كنت أظن أن «الإيمان» دون سائر الآلهة، بالغ
الأمانة، ولكنه الآن كاد يجعل مني حمارًا. فلو لم يقف
ذلك الغراب إلى جانبي، لصرتُ رجلًا فقيرًا، فقيرًا
محطمًا. أقسم بالسماء إنني أريد أن يأتي ذلك الغراب
ويراني، الغراب الذي حذرني. لا شك في أنني أود هذا كي
أقدم له شكرًا جميلًا. أما أن أرمي إليه بلقمة يأكلها،
فهذا كأنني أطرح هذه اللقمة إلى حيث لا تفيد. (يفكر) فلأفكرَنَّ الآن
أين توجد بقعة منعزلة أخبئ فيها هذا؟ (بعد لحظة) توجد غابة
سيلفانوس Silvanus خارج السور، وإنها لمكان
منعزل مَحُوط بأشجار الصَّفصاف من كل جانب. سأختار
موضعي هناك. سرعان ما سأثق بسيلفانوس أكثر من
«الإيمان» وينتهي كل شيء.
(يخرج يوكليو.)
ستروبيلوس
:
عظيم، عظيم! الآلهة معي، لقد صرتُ رجلًا! سأجري الآن
وأسبقه إلى تلك الغابة، وأتسلق شجرة هناك حتى أرى
الموضع الذي يختبئ فيه الرجل العجوز جرَّته. وماذا لو
أن سيدي أمرني بالانتظار هنا! سرعان ما سأتطلع إلى
«علقة» مع الأموال، وتُسَوَّى المسألة.
(يخرج ستروبيلوس.)
المنظر السابع
(يدخل لوكونيديس ويونوميا.)
لوكونيديس
:
هذه هي القصة كلها يا أماه: علمتِ ما بيني وبين ابنة
يوكليو كما أعلمه أنا تمامًا. والآن، أرجوكِ يا
والدتي، أرجوكِ مرة أخرى، ومرة ثالثة، كما فعلتُ
مرارًا من قبل، أخبري خالي بهذا الأمر يا والدتي
العزيزة.
يونوميا
:
إن آمالك هي آمالي يا عزيزي، وأنت نفسك تعلم هذا،
وإنني لعلى يقين من أن خالك لن يرفض لي طلبًا. إنه طلب
معقول جدًّا، إذا كان الأمر كما تقول، وأنك حقيقة
سكرتَ وفعلتَ ذلك الشيء مع تلك الفتاة
المسكينة.
لوكونيديس
:
هل يليق بمثلي أن يراك وجهًا لوجه ويكذب يا والدتي
العزيزة؟
فايدريا
(داخل بيت يوكليو)
:
أواه! أواه يا مربيتي! يا مربيتي العزيزة، أواه!
ساعدني يا إلهي! الألم!
لوكونيديس
:
ها هو ذا يا أماه! هذا برهان أفضل مما تعبِّر عنه
الألفاظ. صرخاتها! الطفل!
يونوميا
(ثائرة)
:
هيَّا يا عزيزي، هيَّا معي إلى خالك، حتى أحثه على
أن يفعل ما تريد.
لوكونيديس
:
اذهبي إليه يا أماه، وسألحق بك بعد لحظة.
(تخرج يونوميا، وتدخل بيت
ميجادوروس.)
أرتاب (ينظر
حواليه) في أين يكون خادمي ستروبيلوس،
الذي أخبرته بأن ينتظرني هنا. (يتوقف) وبعد أن فكرتُ
في المسألة كلها، فإذا كان يفعل شيئًا من أجلي، كان
ظني السوء به خطأ. (يستدير
نحو باب ميجادوروس) والآن سأذهب إلى
الجلسة التي تقرر مصيري.
(يخرج.)
المنظر الثامن
(يدخل ستروبيلوس ومعه الجرة.)
ستروبيلوس
(مزهُوًّا)
:
يا للطيور النقارة التي تجتاح تلال الذهب! سأشتريها
أنا وحدي. أما بقية ملوككم الكبار الذين لا يستحقون
الذكر، فإنهم مجرد شحاذين فقراء! أنا الملك فيليب
الأعظم. هذا يوم عظيم! بعد أن غادرتُ هذا المكان، منذ
لحظة، ذهبتُ إلى هناك قبله، بمدة طويلة، وصعِدتُ فوق
شجرة قبل أن يصل، فأبصرتُ من هناك الموضع الذي خبأ فيه
الرجل الأشمط جرته. وبعد أن انصرف؛ هبطت من فوق
الشجرة، واستخرجتُ الجرة المليئة بالذهب! ثم رأيته
عائدًا من البيت، ولكنه لم يبصرني، فتسللتُ إلى أحد
جوانب الطريق. (ينظر إلى
الطريق) ها هو ذا قادم! سأذهب إلى البيت
وأخفي هذه بعيدًا عن الأنظار.
(يخرج ستروبيلوس.)
المنظر التاسع
(يدخل يوكليو في أشد حالات الفزع.)
يوكليو
(يجري جيئة وذَهابًا)
:
لقد خُربتُ، قُتلتُ، ذُبحتُ! إلى أين أجري؟ إلى أين
لا أجري؟ أوقفوا اللص! أوقفوا اللص! أي لص؟ من؟ لستُ
أدري! لا أستطيع أن أرى! إنني في ظلام دامس! نعم، نعم،
وإلى أين أذهب؟ أو أين أنا؟ أو مَن أنا؟ أواه، لستُ
أعلم، ولا يمكنني أن أظن! (إلى الحاضرين) النجدة، النجدة، إكرامًا
لخاطر السماء، أرجوكم، أتوسل إليكم! دلوني على الرجل
الذي أخذها، ما هذا؟ لماذا «تزومون»؟ أعرفكم، أعرف
جماعتكم كلها! أعرف أن هنا لصوصًا، وكثيرين منهم
يتسترون في ثياب أنيقة، ويجلسون في هدوء كما لو كانوا
رجالًا أمناء. (إلى أحد
المتفرجين) أنت يا سيدي ماذا تقول؟
سأصدقك، سأصدقك، سأصدقك. نعم، أنت رجل شريف، يمكنني أن
أعرف هذا من وجهك. أليست مع واحد منهم؟ لقد قتلتني!
أخبرني من أخذها إذن؟ ألا تعرف؟ أواه يا عزيزي، أواه
يا عزيزي، أواه يا عزيزي! لقد خُربتُ! ضعتُ، فُقدتُ!
ما أسوأ حالي! يا له من يومٍ قاسٍ مليء بالكوارث،
محزن، جعلني أموت جوعًا، جعلني شحاذًا! إنني أحقر
إنسان تعيس على وجه الأرض! وماذا بقي لي في الحياة بعد
الآن وقد فقدتُ كل ذلك الذهب الذي كنتُ أحرسه بعناية؟
بخلتُ على نفسي وأنكرتُها، أنكرتُ راحتي وملذاتي؛ نعم،
ويفرح غيري الآن بمصيبتي وخَسارتي! أواه، إنها فوق ما
يطيق الإنسان الاحتمال!
(يدخل لوكونيديس آتيًا من بيت
ميجادوروس.)
لوكونيديس
:
من ذا الذي يملأ الدنيا عويلًا وصراخًا وضجيجًا أمام
بيتنا هنا؟ (ينظر
حواليه) فلتبارَكْ رُوحي، إنه يوكليو على
ما أعتقد (ينسحب إلى
الخلف)، لا شك في أنه قد حان حيني، لقد
ظهر كل شيء، لقد علم الآن بمولود ابنته على ما أظن. لا
يمكنني أن أقرر الآن، هل أرحل أو أبقى، وهل أتقدم أو
أتأخر؟ أقسم بجوف إنني لا أدري ماذا أفعل!
المنظر العاشر
يوكليو
(يسمع الصوت فقط)
:
من الذي يتكلم هنا؟
لوكونيديس
(يتقدم نحوه)
:
أنا النذل الحقير يا سيدي.
يوكليو
:
كلَّا، كلَّا، بل أنا النذل الحقير، النذل الحقير
المحطم، بكل هذه المتاعب والمصائب.
لوكونيديس
:
احتفظ بشجاعتك يا سيدي.
يوكليو
:
بحق السماء، كيف أستطيع ذلك؟
لوكونيديس
:
حسنًا يا سيدي، هذه المصيبة التي تقلق بالك، وتبلبل
أفكارك (مترددًا)
أنا المسئول عنها، أعترف لك بها يا سيدي.
يوكليو
:
ويحك؟ ما هذا؟
لوكونيديس
:
إنها الحقيقة.
يوكليو
:
هل آذيتُك أيها الشاب، فتفعل ذلك، وتحاول أن تخربني
أنا وأولادي.
لوكونيديس
:
لقد استولى عليَّ شيطانٌ ما يا سيدي، وقادني إلى ذلك
العمل.
يوكليو
:
وكيف كان ذلك؟
لوكونيديس
:
أعترف بأنني أخطأتُ يا سيدي، وأستحق أن تزجرني، أعلم
هذا، بل وأكثر من هذا. وها أنا ذا أتيتُ لأرجوك في أن
تكون صبورًا وتعفو عني.
يوكليو
:
كيف تجاسرت على أن تفعل ذلك، وتجاسرت على أن تمَس ما
ليس لك؟
لوكونيديس
(في صبر)
:
حسنًا، حسنًا يا سيدي، لقد انتهى كل شيء ولا يمكن أن
يعود كما كان. أعتقد أن ذلك كان مُقَدَّرًا، وإلا لما
حدث. إنني على يقين من هذا.
يوكليو
:
نعم، وأعتقد أنه مقدَّر لي أن أقيدك بالأغلال في
بيتي وأقتلك!
لوكونيديس
:
لا تقُلْ هذا يا سيدي.
يوكليو
:
إذن، فلماذا تضع يديك على ما يتعلق بي، بغير إذن
مني؟
لوكونيديس
:
حدث كل ذلك بسبب احتساء الخمر … و… الحب، يا
سيدي.
يوكليو
:
يا لها من وقاحة أيِّ وقاحة! تجرؤ على أن تأتيني
بقصة كهذه، أيها الوغد المعدوم الحياء! فإذا صح أن
تبرئ نفسك بهذه الطريقة، أمكن أن نجرِّد السيدات من
حليهن في الطريق العام وفي وضح النهار! ثم عندما يُقبض
علينا، نعتذر بأننا كنا سكارى وفعلنا ذلك بدافع الحب.
فالخمر والحب رخيصان إذا استطاع عاشقك السكران أن يفعل
كل ما يحلو له، ولا ينال جزاء ما فعل.
لوكونيديس
:
نعم، ولكني جئت من تلقاء نفسي لأتوسل إليك كي تصفح
عني بسبب جنوني.
يوكليو
:
لا صبر لي مع من يفعلون الخطأ ثم يحاولون الاعتذار
عنه. كنت تعلم أنه لا حق لك في أن تفعل هكذا، كان يجب
أن تكف يديك.
لوكونيديس
:
والآن إذ تجاسرتُ على أن أفعل ذلك، فلا مانع عندي من
التمسك بفَعلتي يا سيدي، لا يمكنني أن أطلب خيرًا من
هذا.
يوكليو
(أشد غضبًا)
:
التمسك بها؟ ضد رغبتي؟
لوكونيديس
:
لا أصر عليها ضد رغبتك يا سيدي، ولكني أعتقد تمامًا
أن طلبي عادل. سرعان ما ستتحقق أنت نفسك من عدالة طلبي
يا سيدي، أؤكد لك هذا.
يوكليو
:
سأقودك إلى المحكمة حيث أقاضيك، أقسم بالسماء أن
أفعل هذا، في هذه الدقيقة، إلا إذا أعدتها لي
ثانية.
لوكونيديس
:
أنا؟ أعيد ماذا ثانية؟
يوكليو
:
ما سرقتَه مني.
لوكونيديس
:
وهل سرقتُ منك شيئًا؟ من أين؟ ماذا؟
يوكليو
(بتهكم)
:
فليبارك الله براءتك، إنك لا تعرف!
لوكونيديس
:
لا أعرف حتى تقول ما الذي تبحث عنه.
يوكليو
:
جرة الذهب، أقول لك هذا، أريد أن تُرجع لي جرة الذهب
التي امتلكتَها بأخذك إياها.
لوكونيديس
:
لك السماء العظمى أيها الرجل! لم أقل قط إنني
أخذتها، كما لم أفعل ذلك إطلاقًا.
يوكليو
:
أتنكر هذا؟
لوكونيديس
:
أنكره؟ تمامًا. لا أعرف، وليست لديَّ أية فكرة عن
ذهبك، أو ماذا تكون تلك الجرة.
يوكليو
:
الجرة التي أخذتَها من حِرْش سيلفانوس، أعطني إياها.
اذهب وأحضرها ثانية. (متوسلًا) بوسعك أن تأخذ نصفها، نعم،
نعم، سأقسم ما بها. وبرغم كونك لصًّا، على هذا النحو،
فلن أُوذيَك. اذهب، اذهب وأحضرها ثانية!
لوكونيديس
:
أيها الرجل الحي، إنك لفاقد حواسك إذ تقول إني لص.
ظننتك اكتشفتَ شيئًا آخر يهمني يا يوكليو. هناك أمر
هام أتوق إلى التحدث معك بخصوصه في هدوء يا سيدي، إذا
اتسع وقتك له.
يوكليو
:
أَقسِم لي بشرفك أنك لم تسرق ذلك الذهب.
لوكونيديس
(يهز رأسه)
:
أقسم على ذلك بشرفي.
يوكليو
:
وأنك لا تعرف الرجل الذي سرقه.
لوكونيديس
:
ولا هذا أيضًا، أقسم بشرفي.
يوكليو
:
وإذا عرَفت الذي سرقه، هل تخبرني به؟
لوكونيديس
:
لك عليَّ ذلك.
يوكليو
:
وأنك لن تقتسم الذهب مع ذلك الرجل الذي أخذه، وأنك
لن تتستر على اللص.
لوكونيديس
:
كلَّا.
يوكليو
:
وماذا لو خدعتني؟
لوكونيديس
:
إذن فليفعل الله الأعظم بي ما يراني مستحقًّا
له.
يوكليو
:
هذا يكفي. حسنًا، الآن، تكلم عما تريد أن تتحدث
بخصوصه.
لوكونيديس
:
إذا كنتَ لا تعرف أسرتي يا سيدي، أو عَلاقاتها، فإن
ميجادوروس هذا خالي، أما أبي فكان اسمه أنتيماخوس Antimachus، وأما
اسمي أنا فهو لوكونيديس، ووالدتي يونوميا.
يوكليو
:
أعرف من أنت. والآن ماذا تريد؟ هذا ما أرغب في
معرفته.
لوكونيديس
:
لك ابنة.
يوكليو
:
نعم، نعم، وهي في البيت الآن!
لوكونيديس
:
وإنها مخطوبة لخالي، أعلم ذلك.
يوكليو
:
بالضبط، بالضبط.
لوكونيديس
:
كلفني بأن أخبرك بأنه فكَّ الخطوبة.
يوكليو
(هائجًا)
:
يفك الخطوبة بعد أن أُعِدَّ كلُّ شيء، وقمنا
باستعدادات الزِّفاف؟ فلتُهلِك جميع القوى السماوية
الخالدة ذلك الوغد المسئول عن ضياع ذهبي، يا لي من
مخلوق مسكين تخلَّت عنه الآلهة!
لوكونيديس
:
تشجع يا سيدي، ولا تلعن. والآن فلنتحدث في مسألة
أتمنى أن تنتهي بخير وسعادة لي ولابنتك. «فليسمح الله
بهذا!» قل هكذا.
يوكليو
(مرتابًا)
:
فليسمح الله بهذا!
لوكونيديس
:
وليسمح الله أن يكون خيرًا لي أنا أيضًا! والآن،
أعرني سمعك يا سيدي: لا رجل، بين الأحياء، أخسُّ ممن
يريد تبرئة نفسه من خطأ اقترفه ويخجل من ذلك. والآن يا
سيدي، لقد ألحقتُ الأذى بك، أو بابنتك، دون أن أدري
ماذا كنتُ أفعل. أتوسل إليك أن تصفح عني وتدعني
أتزوجها، كما يجب عليَّ شرعًا. (بعصبية) كان ذلك في
ليلة عيد كيريس … ومع الخمر و… عواطف الشاب
الطبيعية … لقد آذيتها وظلمتها، أعترف بذلك.
يوكليو
:
أواه، أواه، يا إلهي! أية نذالة تصل إلى سمعي
الآن؟
لوكونيديس
(يربت على كتفه)
:
أتحزن يا سيدي، أتحزن عندما صرت جَدًّا، وهذا يوم
زِفاف ابنتك؟ ترى أن هذا هو الشهر العاشر منذ ذلك
العيد — احسب المدة — وقد وُلد لنا طفل يا سيدي. هذا
هو السبب في أن خالي فكَّ الخطوبة، فعل ذلك إكرامًا
لخاطري. ادخل البيت واستعلم لتعرف أنني إنما أقول
الحقيقة.
يوكليو
:
أواه، لقد تحطمت حياتي، تحطمت! تأبى المصائب إلا أن
تجتمع عليَّ واحدة وراء أخرى! سأدخل البيت وأعرف
الحقيقة!
(يخرج يوكليو ويدخل بيته.)
لوكونيديس
(عندما يختفي يوكليو)
:
يبدو لي أننا نكاد نكون في أمان من الفضيحة الآن.
(ينظر حواليه)
أين ذهب خادمي ستروبيلوس، هذا ما لا يمكنني تصوُّره.
حسنًا، خير شيء هو أن أنتظر هنا قليلًا؛ ثم ألحق
بحَميَّ في بيته. سأعطيه فرصة السؤال عن هذا الموضوع
من المربية التي كانت خادمة ابنته؛ إنها تعرف كل شيء
عن هذه المسألة (ينتظر في
مدخل البيت).