الفصل الخامس

المنظر الأول

لودوس (بوحشية داخل بيت باكخيس) : أسرعوا، أسرعوا، افتحوا باب جهنم هذا، أرجوكم!

(يدخل لودوس مسرعًا.)

لأنني أعتقد حقيقةً أنه ليس شيئًا سوى بيت لا يدخله إلا من فَقَدَ كل آماله في الاستقامة. الباكخيستان! ليست هاتان باكخيستين، وإنما هما أفظع الباكخانتيس Bacchantes وحشيةً. خَسْئًا، خَسْئًا لكما أيتها الشقيقتان اللتان تمصان دماء الرجال! كل ما في مسكنهما مزخرف ليغري إلى الهلاك. بعد أن أبصرتُ طبيعة ما حولي، أطلقتُ العِنان لقدميَّ، هربتُ قدُمًا. (بعنف إلى من بالداخل) أتظنونني ذلك الرجل الذي يصمت ويكتم هذه المخازي؟ أن أُخفي عن والدك، يا بستوكليروس، هذه المباذل، ذلك الإسراف، ومغاورك البشعة هذه؟ لم تشعر بأي خجل، أمامي ولا أمام نفسك، من أفعالك، تلك الأفعال القذرة أيها المخلوق الوضيع، الذي تجعل من والدك، ومني أنا أيضًا، ومن أصدقائك وأقاربك، أداة لمخازيك. (ينصرف مسرعًا) ها أنا ذا ذاهب لتبرئة نفسي من كل لوم في هذا الأمر، في هذه اللحظة، وأخبر والده المسكين بجميع ما رأيت، حتى يسرع وينتشله من وهدة الفساد القذرة هذه.

المنظر الثاني

(يدخل منيسيلوخوس يتبعه على مسافةٍ ما عبيد يحملون أمتعته.)

منيسيلوخوس : لقد أوليتُ هذه المسألة اهتمامًا بالغًا، وما أعتقده هو: لا شيء، سوى السماء نفسها، يفوق الصديق الذي هو صديق بكل معاني هذا المصطلح. عرَفتُ هذا من تجارِبي أنا نفسي. بعد أن سافرت من هنا إلى إفيسوس — منذ ما يقرب من سنتين — أرسلتُ خطابًا من هناك إلى صديقي الحميم بستوكليروس أطلب منه البحث لي عن معشوقتي باكخيس. فعثر عليها، كما يبدو من أقوال زميلي خروسالوس. (يتوقف لحظة) ومن أفضال خروسالوس تلك الخطة التي حاكها ضد والدي للحصول على النقود، حتى يكون لديَّ، أنا العاشق، ما أنفقه. (يتوقف لحظة) حسنًا، حسنًا، أعتقد بحسب رأيي أن لا شيء أغلى من عدم تقديم الشكر والاعتراف بالجميل. إن ترك المسيء لأفضل بكثير من إدارة ظهرك لصانع المعروف. وإنه لمن الخير لك أن توصف بالإسراف من أن توصف بنكران الجميل. يتحدث خيار الناس بالخير عن النوع الأول من الرجال، وحتى الأنذال أنفسهم يَنْحون باللائمة على النوع الثاني. إذن، يجب عليَّ أن أعمل بحذر وأفتح عينيَّ. هنا يمكنك أن تبرهن على طبيعتك يا منيسيلوخوس. هنا مجال اختبارك، عما إذا كنتَ الرجل الجدير بشخصك أو أنك لستَ جديرًا به، ما إذا كنتَ خبيثًا أو طيبًا، مهما كنتَ عادلًا أو ظالمًا، وضيعًا أو كريمًا، رقيقًا أو عديم التربية. يجب ألا تجعل خادمك يكون أفضل منك في فعل المعروف. فمهما كنتَ، فإني أُحذِّرك بألا تخفي هذا الشيء. (ينظر إلى الطريق) أهلًا وسهلًا! ها هو ذا والد صديقي الوفي مقبل مع المؤدِّب، سأُصغي إلى ما يقولان من مكاني هذا (ينسحب).

المنظر الثالث

(يدخل لودوس وفيلوكسينوس.)

لودوس (يحاول ضبط عواطفه) : سنرى الآن ما إذا كنتَ ذا قلب ملتهب الإحساس في صدرك. اتبعني!
فيلوكسينوس (في هدوء) : أتبعك، إلى أين؟ إلى أين تأخذني الآن؟
لودوس : إلى السيدة التي أغوت ابنك الوحيد وأفسدته!
فيلوكسينوس : برفق، برفق يا لودوس! «إذا كظمتَ الغيظ اكتسبتَ حكمة». ليس من المدهش أن نرى شابًّا يُقدم على مثل هذا الأمر. لقد فعلتُ، أنا نفسي، مثل هذا الشيء في أيام شبابي.
لودوس : أواه يا عزيزي، أواه يا عزيزي! لقد تسبَّبَ مثل هذا التغاضي في إفساده. إنني أجعله رجلًا قويم الأخلاق من أجلك أنت، ولكن الواقع أن تأييدك ومساعدتك بستوكليروس يجعلانه داعرًا فاجرًا.
منيسيلوخوس (بصوت منخفض) : يا للإله الرحيم! هذا اسم صديقي الحميم! ما معنى هذا؟ أيَشي لودوس بسيده الصغير هكذا؟
فيلوكسينوس : يتوق المرء لأن يتبع هواه فترة قصيرة يا لودوس، وسيأتي الوقت الذي يشمئز فيه من فعله. طوِّل له العناق، ما دام لا يتمادى كثيرًا في غيِّه، واتركه يفعل ما يشاء.
لودوس : لن أتركه يفعل ما يريد، ولن أدعه يفسد ما دمت حيًّا وأرى ذلك، كلَّا! أما أنت — مع دفاعك عن ابنٍ فسَد على هذا النحو — فهل كانت تربيتك بنفس هذا النوع وأنت صغير؟ أقول كلا، لم تسنح لك فرصة خلال العشرين سنة الأولى من حياتك، لأن تتحرك قِيد أنملة بعيدًا عن البيت بغير مؤدبك. إلا إذا ذهبت إلى الملعب الرياضي قبل شروق الشمس، وعندئذٍ يوقع عليك مدير الملعب الرياضي عقابًا ليس بالهيِّن. إذا حدث هذا، لحق العار التلميذَ والمؤدِّب معًا. كان الشبان يتدربون هناك على الجري والمصارعة وقذف الرمح والجُلة والملاكمة والكرة والقفز، بدلًا من الغانيات والقبلات، كانوا يقضون حياتهم هناك، وليس في مواخير الرذيلة المظلمة. وبعد أن تعود من الملعب إلى البيت، وقد رتبتَ هندامك، تجلس على مقعدك أمام معلمك ومعك كتابك. وعندما تقرأ، إذا أخطأت في مقطع واحد، صار جلدك أرقط مثل ثوب المربية.
منيسيلوخوس (بصوت منخفض) : إنه لمن العذاب، لعنه الله، أن أُسبِّب لصديقي مثل هذه المشاكل إكرامًا لخاطري. إنه يتحمل عبء هذه الشبهات، ذلك البريء المسكين.
فيلوكسينوس (مهدئًا) : تختلف العادات اليوم عما مضى يا لودوس.
لودوس : الحقيقة أنها تختلف! أُدرك صدق هذا. كان الشخص فيما مضى يتسلم مهام وظيفته بالتصويت العام، قبل أن يكف عن سماع توجيهات معلمه. أما اليوم، فقبل أن يبلغ الصبي السابعة من عمره، إذا وضعتَ عليه إصبعًا، أمسك باللوح الذي يكتب فيه وهشَّمَ به رأس مؤدبه. وإذا تقدمت إلى والده بشكوى، تحدَّث إلى ابنه بهذه اللهجة: (يحاكي الكلام في تهكم) «إنك ابن والدك ما دمت تستطيع الدفاع عن نفسك ضد الإهانة.» ثم يستدعي المؤدِّب ويقول له: «حذار أيها الحِمْل العديم القيمة، لا تمَس ولدي لمجرد تصرفه كصبي عزيز النفس!» نُطق بالحكم، وتأجلت المحكمة. هل يفرض المؤدب سلطته هنا في مثل هذه الظروف، إذا انهزم هو نفسه أولًا؟
منيسيلوخوس (بصوت منخفض) : هذه شكوى حارَّة! إذا حكمنا من واقع ملاحظاته، فمن العجب ألا يحطم بستوكليروس رأس لودوس.
لودوس (ينظر جهة منيسيلوخوس) : من هذا الذي أراه واقفًا أمام الباب؟ (يتعرف عليه) إنه، يا فيلوكسينوس، رجل أُقدِّر تعضيده بما لا يقل عن تقديري لمعونة الآلهة!
فيلوكسينوس : مَن هو؟
لودوس : إنه منيسيلوخوس، صديق ابنك. وهو شاب يختلف جدًّا وتمامًا عن ذلك الشاب الموجود في بيت الرذيلة ذاك! (يشير إلى بيت باكخيس). ما أعظم سعادة نيكوبولوس بمثل هذا الابن!
فيلوكسينوس (يتقدم إلى الأمام) : كيف حالك يا منيسيلوخوس؟ يسرني أن أراك وقد رجَعت بالسلامة.
منيسيلوخوس (يصافحه بحرارة) : فليباركَّ الرب يا فيلوكسينوس!
لودوس : نعم، هذا ابن يُفرح قلب أبيه؛ يذهب إلى البحر، ويُعنَى بشئون الأسرة، وهو محط آمال الأسرة، يلبي ويطيع كل كلمة ينطق بها والده. كان صديق بستوكليروس منذ أن كانا صبيَّين، وليس الفرق بين عمريهما بأكثر من ثلاثة أيام، بيد أن هذا الغلام يكبر ابنك بثلاثين سنة من ناحية المعنى القومي.
فيلوكسينوس (غاضبًا) : اهتم بنفسك يا لودوس، وكفَّ عن الحديث عن ولدي بما لا يستحقه!
لودوس : حلمك! ما أغباك إذ تتألم لسماع التحدث عن ولدك بالسوء بينما يكون هو سيئًا!
منيسيلوخوس (ببراءة) : لماذا تعدد عيوب صديقي يا لودوس، بينما هو تلميذك، أنت نفسك؟
لودوس (متحسِّرًا) : لقد هلك صديقك!
منيسيلوخوس : لا قدَّرَ الله!
لودوس : إنه تمامًا كما أقول لك. نعم، وقد رأيته بعينَي رأسي، متلبسًا بالفعل المزري، إنني لا أتهمه بحسب أقوال سمعتها.
منيسيلوخوس : ماذا حدث؟
لودوس : إنه متيم بحب فتاة مومسة، لدرجة مخجلة.
منيسيلوخوس (يتظاهر بالاشمئزاز) : لا تقل مثل هذا الكلام!
لودوس : إنه لكذلك، وإنها لامرأة باغية لعوب، إنها تمتص كل رجل يصل إلى متناولها.
منيسيلوخوس : أين تسكن هذه المرأة؟
لودوس (يشير بيده) : هنا.
منيسيلوخوس : ومن أين هي؟
لودوس : من ساموس.
منيسيلوخوس : وما اسمها؟
لودوس : باكخيس.
منيسيلوخوس (يتنفس الصُّعَداء) : إنك مخطئ يا لودوس، أعرف كل شيء عن هذا الموضوع. إنها تهمة باطلة تلك التي تتهمه بها، وبستوكليروس بريء منها. إنه يقوم بمهمة لأحد أصدقائه الأوفياء، إنه يؤديها لرفيق صباه هذا في غيرة وإخلاص. إنه لا يحبها هو نفسه، ولا يجب أن تظن أنه يحبها.
لودوس (محتدًّا) : أيتطلب تأديته مهمة لصديقه والقيام بها في غيرة وإخلاص، أن يجلس ويمسك بالفتاة في حِجره بينما هي توسعه تقبيلًا؟ أليست هناك طريقة لتأدية تلك المهمة غير عناقها المرة بعد المرة في صورة مزرية دون أن يرفع شفتيه عن شفتيها؟ وإني لأخجل من التصريح بأشياء أخرى رأيته يفعلها، أشياء مفزعة تقشعر لها الأبدان، ويفعلها في حضوري دون أن يشعر بأقل خجل. أتريد أن أقول أكثر من هذا؟ لقد هلك تلميذي، وصديقك، وابن أبيه؛ لأنني أقول إنه هلك عندما رأيت هلاك شعوره بالخجل.
منيسيلوخوس : لقد حطمتَ حياتي، (بحسرة خاصة ظاهرة) يا رفيقي! ألا أحطم هذه المرأة! أفضل أن أموت ميتة كلب على ألا أسوي حسابي معها! أيمكن حقًّا ألَّا تعرف المخلص لك ولا من تثق به؟
لودوس (لفيلوكسينوس) : أترى كيف يتألم من أجل ولدك، صديقه، إذ فسد؛ وكيف تعذبت رُوحه نفسها؟
فيلوكسينوس : يا منيسيلوخوس، حاول أن تُقوِّم عواطف ذلك الصبي ومراقبة سلوكه، أرجوك، أنقذ رفيقك لنفسك، وابني لي.
منيسيلوخوس (في حرارة) : آمل أن يكون بوسعي ذلك!
لودوس (لفيلوكسينوس) : من الخير لك أن تتركني معه أيضًا.
فيلوكسينوس : كلَّا، كلَّا، بوسعه أن يحاول هذا الأمر.
لودوس : تعهَّدْه يا منيسيلوخوس! اذهب إليه وازجره في عنف؛ إذ أصبح عارًا لك، ولي، ولأصدقائه الآخرين، بمباذله تلك.
فيلوكسينوس : إني أترك العبء كله على عاتقك. (يستدير لينصرف) هيَّا، من هذا الطريق، يا لودوس.
لودوس (مكتئبًا) : حسنًا جدًّا.

(يخرج فيلوكسينوس ولودوس.)

المنظر الرابع

منيسيلوخوس (ثائرًا) : لست أدري تمامًا من هو ألد أعدائي الآن، أهو صديقي، أم باكخيس. إنها تهيم به بدلًا مني! فلتأخذه! حسنًا، حسنًا! أقسم بالسماء أنها سوف تقاسي من أجل ذلك؛ ولن يصدِّق أحد بعد الآن كلمتي المقدسة، إذا لم … (يستدير جانبًا باشمئزاز) أحطمها تمامًا. أعدك بأنها لن تقول إنها استخفَّت برجل تستطيع أن تسخر منه أو تزدريه؛ لأنني سأذهب إلى البيت في هذه الدقيقة، وأسرق شيئًا من والدي وأعطيها إياه. سأنتقم منها بكافة الوسائل. نعم، وحقًّا، سأغدق عليها العطايا حتى إن والدي سيُضطر إلى مد يده للسؤال للحصول على قوته. ولكن هل أكون مالكًا حواسي وأنا أثرثر هنا بهذه الطريقة عما سأفعله؟ أيها الإله الرحيم! أعتقد أنني أحبها، إذ أعرف هذا أكيدًا، ولكني سأذهب قبل أن تنال من مالي أقل من وزن الريشة، سأكون أكثر فقرًا من المتسول. أقسم بالله، إنها لن تسخر مني في هذا العالم، إطلاقًا! لقد عقدتُ النية على هذا، سأنقُد والدي كل درهم من الذهب في هذه اللحظة. بعد ذلك فلتلعب عليَّ حيلها وأنا مفلس لا أملك شَروى نَقير، عندما لا ينفع الرجاء أو التوسل بأكثر مما تخاطب الميت في قبره. ستذهب النقود إلى والدي، هذا أمر مفروغ منه وقرار نهائي. وفي الوقت ذاته سأرجو والدي في أن يعفو عن خروسالوس إكرامًا لخاطري، وألا يغضب عليه لخداعه إياه في أمر الذهب، من أجلي. نعم، من الصواب أن أنظر في صالح الرفيق الذي كذب من أجل خاطري. (يخاطب العبيد حاملي الأمتعة) اتبعوني.

(يخرج ويذهب إلى بيت نيكوبولوس.)

المنظر الخامس

(بعد مرور خمس عشرة دقيقة.)

(يدخل بستوكليروس، آتيًا من بيت باكخيس.)

بستوكليروس (إلى باكخيس الواقفة داخل البيت) : ستكون مهمتكِ أبدى من كل شيء يا باكخيس، أن أبحث عن منيسيلوخوس وأعود به إليكِ. لا أعرف ماذا أخَّره، إذا كانت رسالتي قد بلغته. سأذهب وأبحث عنه في المنزل، هنا، إذا تصادف وجوده بالبيت.

المنظر السادس

(يدخل منيسيلوخوس آتيًا من البيت.)

منيسيلوخوس : سلمتُ المبلغ كله إلى والدي. هذا هو الوقت الذي أحب أن تقابلني فيه، وأنا لا أملك مليمًا واحدًا، سيدتي المتغطرسة هذه! (يتوقف برهة) ولكن، كيف يمقت والدي أن يعفو عن خروسالوس من أجلي! ومع ذلك، فقد أفلحتُ أخيرًا في حثه على أن ينسى غضبه عليه.
بستوكليروس (يقترب من بيت نيكوبولوس) : أليس هذا صديقي؟
منيسيلوخوس : أليس هذا الذي أبصره هو عدُوِّي؟
بستوكليروس (يبش مبتسمًا) : من المؤكد أنه هو.
منيسيلوخوس (عابسًا) : إنه هو.
بستوكليروس : سأذهب إليه وأقابله (يسرع نحوه) أي منيسيلوخوس! فليباركَّ الرب!
منيسيلوخوس (بجفاء) : ولك مثل ما قلت.
بستوكليروس (متحمسًا) : يجب أن نقيم حفل عشاء، إذ عدتَ سالمًا الآن من الخارج.
منيسيلوخوس : ليست لي رغبة في عشاء يثير مرارتي.
بستوكليروس (مدهوشًا) : هل أصابك سوء أثناء عودتك؟
منيسيلوخوس : نعم، ومن أسوأ نوع.
بستوكليروس : وماذا سبَّبه لك؟
منيسيلوخوس : رجل كنتُ أعتبره صديقي حتى الآن.
بستوكليروس (مشمئزًّا) : يوجد بيننا كثير من الأشخاص من هذا النوع وهذه الصفة، أشخاص تحسبهم أصدقاء فإذا بهم خائنون غادرون. لا يتركون أي فرد دون أن يحسدوه على ما أوتي من حظ حسن. وفي الوقت ذاته يعملون ترتيبهم ألَّا يحسدهم أحد. يُعنَى خمولهم بذلك الأمر.
منيسيلوخوس (في رد جافٍ) : نعم، نعم! لا شك في أن لك صديقًا متخلقًا بخلق هؤلاء، ولكني أزيدك علمًا: إن نفس تكوينهم الملعون هو الذي يلعنهم، ليس هؤلاء أصدقاء لأي فرد، وكل الناس تمقتهم بدورهم؛ فعندما يخدع هؤلاء الأغبياء أنفسهم، يظنون أنهم يخدعون غيرهم. هذه هي نفس الحال مع هذا الرجل الذي كنت أحسبه صديقًا وفيًّا لي كوفائي لنفسي؛ لقد بذل كل جهده في إيذائي ما وسعه أن يؤذيني، لكي يسلبني كل ما أملك.
بستوكليروس : لا بد أن يكون ذلك الرجل نذلًا وضيعًا كل الوضاعة!
منيسيلوخوس : هذا هو رأيي فيه بالضبط.
بستوكليروس (باشمئزاز أكثر) : من هذا الشخص؟ أستحلفك بجوف! أخبرني باسمه، أخبرني باسمه.
منيسيلوخوس : إنه رجل على وفاق معك. نعم، ولكن من أجل هذا، أرجوك أن تُلحق به أي ضرر تستطيعه.
بستوكليروس : أريد منك أن تخبرني باسم ذلك الشخص، وإذا لم أُلحق به الضرر فلك أن تدعوني أشد الأنذال جُبنًا على وجه الأرض.
منيسيلوخوس : إنه وغد، ولكن، يا لرحمة الرب، إنه صديق لك!
بستوكليروس : هذا ما يَزيد في أنك تخبرني باسمه؛ لن أهتم بصداقة رجل وغد.
منيسيلوخوس : لا أرى، والحالة هذه، إلا أن أخبرك باسمه. بستوكليروس، (بمرارة) إنك قد خرَّبتني، أنا رفيق صباك، وحطمتني تمامًا.
بستوكليروس (مأخوذًا) : ماذا؟ ما هذا الذي تقول؟
منيسيلوخوس : ما هذا الذي أقول؟ ألم أرسل لك خطابًا من إفيسوس بخصوص معشوقتي، طالبًا منك البحث عنها من أجلي؟
بستوكليروس : بلى، هذا أكيد، وقد عثرتُ عليها.
منيسيلوخوس : ماذا؟ ألم يكن هناك نساء كثيرات غيرها في أثينا تتسلى معهن، بدلًا من أن تبدأ الغرام بها، تلك الفتاة التي عهدتُ إليك بأمرها، وتفعل هذه الخدعة عليَّ؟
بستوكليروس : هل قواك العقلية سليمة؟
منيسيلوخوس : سمعت الحكاية كلها من مؤدبك، ولا يمكنك إنكارها. لقد حطمتني يا بستوكليروس.
بستوكليروس (مستاءً) : إذن، فهل كنتَ تقصدني بتلك الشتائم؟
منيسيلوخوس : نعم، ألم تحب باكخيس؟
بستوكليروس : بلى، ولكن يجب أن تعلم أنه يوجد هنا باكخيستان.
منيسيلوخوس (مدهوشًا) : ماذا؟ اثنتان؟
بستوكليروس : وإنهما لشقيقتان أيضًا.
منيسيلوخوس : إنك تنطق الآن بالهراء، وتعلم ذلك.
بستوكليروس : اسمع الآن، إذا كنت ستتمادى في الاستخفاف بكلامي، فإني سأضعك فوق رقبتي وأحملك إلى داخل البيت (يمسك به).
منيسيلوخوس : كلا، كلا، سأذهب، انتظر.
بستوكليروس : لن أنتظر، ولن أدعك تشك فيَّ باطلًا.

(يجذبه نحو الباب.)

منيسيلوخوس : سآتي معك.

(يختفي الاثنان داخل البيت.)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤