الفصل الخامس
المنظر الأول
(بعد مرور نصف ساعة.)
(يدخل هيجيو وفيلوبوليموس وفيلوكراتيس وستالاجموس.)
هيجيو
(يخاطب فيلوبوليموس)
:
أشكر الله من كل قلبي، كما يجب عليَّ، لإعادتك ثانية
إلى والدك، ولإنقاذي من الحزن الممض الأليم الذي كنتُ
أقاسيه يومًا بعد يوم وأنت بعيد عني؛ نعم، ولأنه قيَّض
لي أن أرى هذا النذل (يشير
إلى ستالاجموس) يقع في قبضتي، ولأن هذا
السيد (يشير إلى
فيلوكراتيس) قد برَّ بوعده النبيل
لنا.
فيلوبوليموس
(يرى فيلوكراتيس قلقًا)
:
لقد كابدتُ من العذاب ما فيه الكفاية، ونحل جسمي من
القلق والبكاء أيضًا؛ وسمعتُ الشيء الكثير عن آلامك
التي أخبرتني بها ونحن في الميناء، يا أبتاه! إذن،
فلنرجع الآن إلى موضوعنا الرئيسي (يستدير إلى
فيلوكراتيس).
فيلوكراتيس
(إلى هيجيو)
:
وماذا عني الآن يا سيدي، بعد أن بررتُ بوعدي وحصلت
على الحرية لابنك الواقف هنا؟
هيجيو
:
بعد الطريقة التي سلكتَها يا فيلوكراتيس، لا يمكنني
أن أعبر لك عن شكري الجزيل وعرفاني بجميلك لقاء
المعاملة التي عاملتني وعاملتَ ابني بها.
فيلوبوليموس
:
كلا، كلا، إن بوسعك ذلك يا أبي، نعم، وسيكون بوسعك
دائمًا، وكذلك أنا، ولتساعدك السماء على أن ترد الجميل
إلى رجل كان رقيقًا نحونا. كذلك الحال مع العبد الواقف
هنا (يشير إلى
ستالاجموس) يا أبي العزيز؛ بوسعك أن
تعطيه ما يستحقه كاملًا.
هيجيو
(إلى فيلوكراتيس)
:
من الواضح جدًّا يا سيدي، ليس لي لسان يرفض أي طلب
تطلبه.
فيلوكراتيس
:
ما أطلبه منك هو أن تعيد إليَّ عبدي الذي تركته هنا
وديعة عن نفسي. كان على استعداد دائمًا لأن يفديني
برُوحه! كي أكافئه على رقته.
هيجيو
:
لقد كنتَ رقيقًا معنا أيها السيد، ويسرني أن أفعل ما
تطلبه، كُلا من هذا الطلب وأي طلب آخر. (مرتبكًا) و… وأتعشم
ألا تحنَق عليَّ لمعاملته معاملة سيئة.
فيلوكراتيس
(قلقًا)
:
ماذا فعلتَ؟
هيجيو
:
أمرت بتقييده بالأغلال الحديدية وإرساله إلى
المحاجر، لما اكتشفتُ أنه خدعني.
فيلوكراتيس
:
فليغفر لي الله! يؤلمني أن أفكر في عذاب ذلك الشخص
الرائع، من أجلي!
هيجيو
:
حسنًا يا سيدي. فإذا كانت الحال على هذا النحو، فلا
أريد أن تعطيني قرشًا واحدًا عنه، خذه مني مجانًا، إنه
رجل حُر.
فيلوكراتيس
:
حسنًا، حسنًا يا هيجيو، ألف شكر! ولكن أرجو أن ترسل
في إحضاره.
هيجيو
:
بكل وسيلة. (ينادي العبيد
الذين في البيت) أين أنتم؟ (يدخل رؤساء الخدم)
أسرعوا! اذهبوا وائتوني بتونداروس. (يخرج رؤساء الخدم)
(إلى فيلوبوليموس
وفيلوكراتيس) أما أنتما أيها الغلامان،
فادخلا البيت ريثما أسأل عمود الضرب بالسياط هذا
(يشير إلى
ستالاجموس) عما فعله بابني الأصغر.
ويمكنكما، في أثناء ذلك، أن تستحما.
فيلوبوليموس
:
هيا معي يا فيلوكراتيس.
فيلوكراتيس
:
بالتأكيد.
(يخرجان.)
المنظر الثاني
هيجيو
(يخاطب ستالاجموس)
:
هيا، الآن! تعال (يشير) يا سيدي الطيب، يا قطعة بهيجة من
أمتعتي.
ستالاجموس
(مكتئبًا)
:
ماذا تنتظر مني عندما يكذب سيد رقيق مثلك؟ لقد حظيتُ
بوقت كنتُ فيه أنيقًا وبهيجًا. لم أكن سيدًا طيبًا، أو
صالحًا لشيء ما، ولن أكون أبدًا، تأكد من هذا. لا تؤمل
قط في أنني أصلح لأي شيء.
هيجيو
:
لم تجد صعوبة في تقدير موقفك بطريقة جيدة. والآن
اصدقني، تعمل لمصلحة نفسك، وحسِّن ما فعلتَ من شر.
اروِ قصتك في أمانة وصدق. ومع ذلك فلم تُظهر من قبل
أية فضائل.
ستالاجموس
:
عندما أكون على استعداد للاعتراف بشيء من تلقاء
نفسي، فهل تظن أنني أخجل منه لمجرد أنك تعتبره
مخجلًا؟
هيجيو
:
وبرغم هذا فسأجعلك تخجل. (بوحشية) سأخبرك بأنني سأجعل منك كتلة
كبيرة حمراء.
ستالاجموس
(متهكمًا)
:
ها! ها! وُعدتُ بالضرب بالسياط، كما يبدو، وإنني
لجديد على هذا الأمر، نعم، إنني جديد عليه! أصغِ
إليَّ، بَلْهَ هذا الكلام وقل ماذا تنوي أن تفعل، كي
تحصل على ما تريده.
هيجيو
:
إنك موهوب اللسان يا سيدي! ولكن وفِّر بعضه
مؤقتًا.
ستالاجموس
:
أي شيء يروقك.
هيجيو
(بصوت نصف منخفض)
:
قلما يبدي الآن الخضوع الذي كان متصفًا به وهو صبي.
(بصوتٍ عالٍ)
إلى العمل. إذن فأصغِ إليَّ وأجب على أسئلتي إجابة
كاملة.
ستالاجموس
:
يا للهراء! ألا تظن أنني أعرف ما أستحق؟
هيجيو
:
حسنًا، لديك فرصة للهروب من بعضه، إن لم يكن
كله.
ستالاجموس
:
أعلم أنني سأهرب من قليل منه؛ إذ سيأتي كثير، وهذا
أستحقه إذ هربت وخطفت ابنك، ثم بعتُه.
هيجيو
:
إلى من؟
ستالاجموس
(يتلكأ)
:
إلى ثيودوروميديس جولدفيلد، في إليس، بمبلغ أربعة
وعشرين جنيهًا.
هيجيو
:
فلتبارك الآلهة رُوحي! إنه والد فيلوكراتيس الموجود
هنا!
ستالاجموس
:
نعم، أعرفه خيرًا منك، ورأيته كثيرًا.
هيجيو
:
أيها الإله القدير، أنقذني، وأنقذ ابني لي! (يجري إلى الباب
وينادي) يا فيلوكراتيس! تعال إلى هنا،
إلى هنا، تعال وحياتك! إنني أريدك.
المنظر الثالث
(يدخل فيلوكراتيس.)
فيلوكراتيس
:
ها أنا ذا يا هيجيو. إن كنتَ تريد أية خدمة مني،
مُرْني بما تشاء.
هيجيو
(ينتحي به جانبًا)
:
يقول هذا الرجل إنه باع ابني إلى والدك — بأربعة
وعشرين جنيهًا — في إليس.
فيلوكراتيس
:
منذ كم سنة كان هذا؟
ستالاجموس
:
ما يقرب من عشرين عامًا.
فيلوكراتيس
:
إنه يكذب.
ستالاجموس
(بغير اكتراث)
:
أحدنا كاذب. الواقع أن والدك أعطاك صبيًّا عمره أربع
سنوات ليكون عبدك، وأنت لم تتجاوز أن تكون طفلًا، أنت
نفسك.
فيلوكراتيس
(مسرورًا)
:
وماذا كان اسمه؟ إذا كانت قصتك صحيحة، فهيا أخبرني
بذلك.
ستالاجموس
:
بيتي
المهذب Styled Pettie: ثم أطلقتم عليه اسم
تونداروس، فيما بعد.
فيلوكراتيس
:
لست أدري، كيف ذلك؟
ستالاجموس
:
لأنها العادة المتبعة، أن يُنسى الشخص ويُقطع في
حالة ما إذا لم تساعدك شهرته.
فيلوكراتيس
:
أخبرني، هل كان الصبي الذي بعته لأبي، هو نفس الصبي
الذي أُعطى لي ليكون مِلْكي؟
ستالاجموس
(يومئ نحو هيجيو)
:
هو ابنه.
هيجيو
(بلهفة)
:
هل هو حي، هذا … الرجل؟
ستالاجموس
:
حصلتُ على النقود، هذا كل ما اهتممتُ به.
هيجيو
(إلى فيلوكراتيس)
:
ماذا تقول؟
فيلوكراتيس
:
إن تونداروس نفسه ابنك، على الأقل، تبعًا لشهادة هذا
الشخص.
لأنه رُبِّيَ معي منذ أن كنا صبيين، ورُبِّيَ بطريقة طيبة وبأمانة.
لأنه رُبِّيَ معي منذ أن كنا صبيين، ورُبِّيَ بطريقة طيبة وبأمانة.
هيجيو
:
أشعر بالتعاسة والسعادة معًا، إذا كان ما تقولاه
أنتما كلاكما، صحيح! تعيس في أنني قسوت عليه، إذا كان
هو ابني! أي عزيزي، يا عزيزي! ماذا فعلتُ أكثر مما
يجب، أو أقل منه! إنه ليعذبني أن أفكر فيما فعلتُ،
أواه! لو كنتُ أستطيع عدم فعله! (ينظر إلى الطريق) ومع
ذلك، فانظر، إنه قادم! مرتديًا مثل هذه الثياب، ذلك
الشخص النبيل!
(يدخل تونداروس، يحرسه رؤساء الخدم، مُقيدًا بالأغلال الحديدية الثقيلة ويحمل معولًا.)
المنظر الرابع
تونداروس
(بخشونة)
:
رأيتُ كثيرًا من صور التعذيب في جهنم، بيد أنني،
أقسم برُوحي، لم أر أية جهنم تضارع تلك المحاجر التي
كنتُ فيها. لا شك في أن ذلك المكان هو الموضع الذي
يتأكد الرجل المتعب من أنه سينهك فيه كل مشاعره
الكليلة. والدليل على هذا أنني ما إن ذهبت إلى هناك
حتى تكالبوا عليَّ، كما لو كنتَ تعطي أولاد النبلاء
بعض الغربان أو البط أو السُّمانَى ليلعبوا بها. بمثل
هذا تمامًا كانت حالتي، ففي اللحظة التي وصلتُ فيها
إلى هناك، سلموني إلى ذلك الغراب كقُبَّرة يلهو بها.
(ينظر تجاه بيت
هيجيو) ولكن ها هو سيدي أمام الباب، نعم،
وسيدي الآخر العائد من إليس!
هيجيو
:
كيف حالك يا بُنيَّ الذي طالما اشتقتُ إليه؟
تونداروس
:
ما هذا؟ يا بُنيَّ؟ كيف ذلك؟ (يتوقف لحظة، ثم يقول وهو يضحك
ضحكة متُعَبة) نعم، نعم، فهمتُ مغزى
نادرة الأب والابن؛ كما يفعل الوالدان، تعطيني فرصة
أرى فيها ضوء النهار.
فيلوكراتيس
:
فليباركَّ الرب يا تونداروس!
تونداروس
:
وكذلك أنت يا سيدي، الذي من أجل خاطرك قاسيت هذه
المحنة المهلكة.
فيلوكراتيس
:
ولكن ستصير الآن رجلًا حُرًّا يا تونداروس، ورجلًا
غنيًّا، أعدك بهذا. فها هو (يشير إلى هيجيو) والدك؛ إذ سرقك هذا
العبد (يشير إلى
ستالاجموس) من هنا عندما كانت سنك أربع
سنوات وباعك إلى والدي بأربعة وعشرين جنيهًا. وعندما
كنا صغيرَيْن أعطانيك أبي لتكون عبدي. لقد برهن هذا
الرجل الواقف هناك على كل ذلك؛ وإننا قد أحضرناه معنا
من إليس.
تونداروس
(مذهولًا)
:
وماذا عن ابنه؟
فيلوكراتيس
:
انظر، يوجد بداخل البيت هناك، شقيقك!١
تونداروس
:
يا للسماء العظيمة! عندما أستعيد الأحداث الماضية،
في ذاكرتي، أتذكر أنني سمعت — بصورة غائمة — أن اسم
أبي هو هيجيو!
هيجيو
(يعانقه)
:
أنا هو ذلك الهيجيو!
فيلوكراتيس
(يخاطب هيجيو ويشير إلى قيود
تونداروس)
:
هذه الأغلال الحديدية يا سيدي، إكرامًا لخاطر
الرحمة، اتخذ لنفسك ابنًا أخف، وأعطه عبدًا أثقل.
(يشير إلى
ستالاجموس.)
هيجيو
:
نعم، نعم، لا بد أن أهتم بهذا الأمر قبل كل ما عداه.
هيَّا بنا ندخل البيت ونرسل في إحضار حداد ينزع هذه
القيود منك ويهديها إلى هذا الشخص (يشير إلى ستالاجموس).
ستالاجموس
:
شكرًا جزيلًا؛ إذ ليس لديَّ ما أستطيع القول بأنه
مِلكي.
(يخرج الجميع.)
١
تونداروس:
ماذا تقول؟ هل أحضرت الابن الأسير لهذا
السيد؟
فيلوكراتيس: نعم، نعم، إنه بداخل البيت. أُخبرك بهذا.
تونداروس: أقسم بالسماء إنك قد عملت بنبل يا سيدي.
فيلوكراتيس: والآن، ها هو والدك، وهذا هو اللص الذي سرقك من هنا وأنت صغير.
تونداروس: والآن، وقد صرنا كبيرين، فسأسلمه إلى الجلاد من أجل تلك السرقة.
فيلوكراتيس: إنه ليستحق هذا.
تونداروس: حسنًا، إذن فسأعطيه حقه الذي يستحقه باستحقاق، وحق الله! أما أنت يا سيدي فأتوسل إليك أن تتكلم، هل أنت والدي؟
هيجيو: نعم، أنا والدك يا ولدي العزيز!
تونداروس: والآن، أتذكر أخيرًا … عندما أُقلب ذاكرتي فيما مضى.
فيلوكراتيس: نعم، نعم، إنه بداخل البيت. أُخبرك بهذا.
تونداروس: أقسم بالسماء إنك قد عملت بنبل يا سيدي.
فيلوكراتيس: والآن، ها هو والدك، وهذا هو اللص الذي سرقك من هنا وأنت صغير.
تونداروس: والآن، وقد صرنا كبيرين، فسأسلمه إلى الجلاد من أجل تلك السرقة.
فيلوكراتيس: إنه ليستحق هذا.
تونداروس: حسنًا، إذن فسأعطيه حقه الذي يستحقه باستحقاق، وحق الله! أما أنت يا سيدي فأتوسل إليك أن تتكلم، هل أنت والدي؟
هيجيو: نعم، أنا والدك يا ولدي العزيز!
تونداروس: والآن، أتذكر أخيرًا … عندما أُقلب ذاكرتي فيما مضى.