الفصل الخامس

المنظر الأول

(بعد انقضاء نصف ساعة.)

(تدخل بروميا من البيت مذعورة.)

بروميا : لقد ماتت آمالي في الخروج من هذا حية، ودُفنت في داخلي! لم يبقَ شيء يحفظ شجاعتي الآن! يبدو أن كل السبل — في البحر والبر والجو — قد اتفقت على سحقي وقتلي في هذه اللحظة! أي عزيزي، أي عزيزي! لا أدري ماذا أفعل. لقد حدثت بالداخل أمور مدهشة! يا لي من مخلوقة مسكينة! أشعر بالإغماء. أواه، هل من قليل من الماء! لقد صرتُ حطامًا، وانتهيتُ. إن رأسي لينشقُّ ولا أستطيع أن أسمع أو أبصر تمامًا. كما لا توجد في العالم كله امرأة أكثر تعاسة مني أو امرأة تبدو تعيسة مثلي. إن ما مرَّ بسيدتي لهو أهم حدث في هذا اليوم! فما إن حان موعدها حتى نادت الآلهة لكي تساعدها، فإذا بالقعقعة والزمجرة والهدير والقصف، ما أعظمها من قعقعة مفاجئة وسريعة وثقيلة! سقط كل فرد مفترشًا الأرض حيث كان واقفًا وقت نوبة الرعد. وصاح صوتٌ ما يقول: «يا ألكمينا، ها هي المساعدة حاضرة، فلا تخافي. إليك يأتي ملك السماء في رقة وعطف، انهضي، يا من سقطت ذعرًا مني.» وإذ سقطتُ، نهضتُ على قدمي، ظننتُ أن البيت يحترق، إذ كان مضاءً كله وقتذاك. وفي نفس تلك اللحظة نادتني ألكمينا لكي أذهب إليها. كنتُ أرتجف ذعرًا مما حدث، بيد أن خوفي من سيدتي سيطر على نفسي، فهرعت لتلبية ما تحتاج إليه، فإذا بي أجدها قد ولدت غلامين توءمين. ولم يلاحظ أي فرد منا متى حدثت تلك الولادة، كما لم نكن مستعدين لها! (تبصر أمفتريون طريحًا على الأرض)، ولكن ما هذا؟ من هذا الرجل العجوز الراقد هكذا أمام بيتنا؟ ألا يمكن أن يكون البرق قد صعقه؟ رُحماك بي يا رب، إنني أعتقد ذلك! لأنه، أيها الإله الرحيم، قد هلك تمامًا كما لو كان جثة! سأذهب إليه وأعرف من هو. (تتقدم منه) إنه أمفتريون! إنه سيدي! (تنادي) أمفتريون!
أمفتريون (بضعف) : فلتساعدني السماء!
بروميا : انهض يا سيدي.
أمفتريون : إنني ميت!
بروميا : أعطني يدك يا سيدي (تمسك يده).
أمفتريون : من ذا الذي يمسكني؟
بروميا : خادمتك بروميا يا سيدي.
أمفتريون : إنني مشلول خوفًا! أيْ جوف، يا لها من صاعقة! أحس كما لو كنتُ عائدًا من العالم الآخر. (ينهض) ولكن ماذا حدا بك لأن تخرجي؟
بروميا : أُصبنا، نحن النساء، بنفس الفزع، في بيتك يا سيدي. لقد شاهدتُ أعظم الأحداث المدهشة! أواه، يا سيدي العزيز، إنني مذهولة تمامًا حتى الآن!
أمفتريون : هيا، هيا، بسرعة، وأخبريني: هل تعرفينني كسيدك، أمفتريون؟
بروميا : بكل تأكيد يا سيدي.
أمفتريون : انظري إليَّ، هنا، انظري إليَّ ثانية!
بروميا (تطيع أمره) : بالتأكيد يا سيدي.
أمفتريون (لنفسه بعض الشيء) : إنها الشخص الوحيد من جميع أفراد بيتي، الذي يملك بعض العقل في رأسه.
بروميا : كلا يا سيدي، إنهم جميعًا عقلاء، من المؤكد أنهم كذلك.
أمفتريون : حسنًا، لقد ساقتني زوجتي إلى الجنون بأفعالها الشائنة!
بروميا (بحرارة) : سأجعلك تغيِّر هذه النغمة يا سيدي، ستناقض نفسك وتتحقق من أن زوجتك امرأة تقية ووفية يا سيدي. سأبسط أمامك، حالًا، أدلة وبراهين، تثبت ذلك. فأولًا وقبل كل شيء ولدت ابنين توءمين.
أمفتريون : ما هذا، توءمان؟
بروميا : توءمان.
أمفتريون : فلتقف معي الآلهة!
بروميا : دعني أستمر في قصتي حتى تعرف أن جميع الآلهة تقصد بك وبزوجتك كل خير يا سيدي.
أمفتريون : نعم، نعم.
بروميا : بعد أن بدأتْ تحس بأن موعدها قد قرب، وبآلام المخاض، نادت الآلهة الخالدين ليساعدوها، كما تفعل النساء وقت الولادة يا سيدي، فغسلت يديها وغطت رأسها. وما إن بدأت حتى قصَف رعد مفزع. فخلْتُ أولًا أن منزلك يهتز، كان بيتك كله يتألق بالأنوار يا سيدي، كما لو كان من ذهب.
أمفتريون : بحق السماء إلا ما أسرعتِ بحكايتك ولا تتركيني على أشواك؛ سمعتُ ما فيه الكفاية من توافهك! ماذا حدث بعد ذلك؟
بروميا : في أثناء حدوث ذلك، لم يسمع أي فرد منا زوجتك تئن أو تتوجع أقلَّ أنَّةٍ أو توجُّع، طوال الوقت، يا سيدي، لم تتألم قط.
أمفتريون (في سرور) : حسنًا، إنني مسرور من ذلك، مهما كان سلوكها نحوي.
بروميا : دع عنك هذا يا سيدي وأصغِ إليَّ. بعد أو ولدت الطفلين طلبَتْ منا أن نعمل ما يلزم لاستحمامهما، فبدأنا بذلك، غير أن الصبي الذي غسلتُه أنا كم كان كبيرًا وقويًّا! ما من أحد منا استطاع أن يلفه بالأقمطة.
أمفتريون : يا لها من قصة غريبة مدهشة إلى أقصى درجات الغرابة! فإن كانت حقيقية، فلا بد أن زوجتي حصلت على مساعدة إلهية.
بروميا : ستقول إن ما سأخبرك به أكثر إدهاشًا مما سبق يا سيدي. أؤكد لك هذا. وبعد أن وضعتُ ذلك الطفل في المهد، جاء أُفعُوانان ضخمان مكسوَّان بالحراشيف، وتسللا إلى حوض النافورة، وفي اللحظة التالية رفع كل منهما رأسه.
أمفتريون : يا للسماء، ويا للأرض!
بروميا : لا تخف. نظر الأُفعُوانان حواليهما إلينا جميعًا. وما إن لمحا الطفلين حتى أسرعا كالبرق إلى المهد. فتراجعتُ إلى الوراء خوفًا على الطفلين، وذعرًا على نفسي، فجذبت المهد وسحبتُه ورائي والأفعوانان يطارداننا وقد استشاطا غضبًا. وما إن وقع بصر ذلك الطفل الذي أخبرتك به على الأُفعُوانين حتى نهض وخرج من المهد في الحال، واندفع نحوهما مباشرة، وقبض على كل أفعوان بيد، في سرعة كطرفة العين.
أمفتريون : مدهش! مذهل! إنها قصة مفزعة تمامًا! رحماك بنا يا رب! فإن ألفاظكِ نفسها تسبب لي الشلل! ثم ماذا حدث؟ استمري، استمري!
بروميا : خنق الصبي الأُفعُوانين حتى ماتا. وبينما هو يفعل ذلك، نادى اسم زوجتك في صوت واضح.
أمفتريون : من الذي نادى؟
بروميا : الكُلِّيُّ القدرة، حاكم الآلهة والبشر، جوبيتر. قال إنه قاسم ألكمينا فراشها سرًّا، وإن ذلك الصبي ابنه، ذلك الصبي الذي سحق الأُفعُوانين، أما الابن الآخر فهو ابنك أنت.
أمفتريون : حسنًا، حسنًا، حسنًا! لن أشكو من السماح لجوف بأن يكون شريكي في بركاتي. ادخلي، أيتها الفتاة! أعدِّي لي أواني التقدمات في الحال كي أسعى إلى طلب أفضال جوف الكلي القدرة بالتقدمات المناسبة. (تخرج بروميا.)
سأستدعي تايريسياس Tiresias العراف وأستشيره فيما يظن أنه يجب عليَّ أن أفعله. كما أخبره، في الوقت ذاته بكل ما حدث (رعد)، ولكن ما هذا؟ يا لها من قعقعة رعد فظيعة! حافظي علينا أيتها السماء!

المنظر الثاني

(يظهر جوبيتر في الأعالي.)

جوبيتر : ابتهج يا أمفتريون. إنني هنا بالمساعدة لك ولذويك. ليس لديك ما تخافه. لا تُحضر أي فرد من العرافين أو المنجمين. سأخبرك بالمستقبل وبالماضي معًا، وخيرًا جدًّا مما يستطيعون أن يخبروك به، لأنني جوبيتر، فضلًا عن كل ذلك. فأولًا، قد أخذتُ زوجتك ألكمينا بنفسي فصارت أُمًّا بواسطتي. كذلك كانت أُمًّا بواسطتك في طفل عندما ذهبت إلى القتال، وولدتهما معًا في ولادة واحدة. أما الطفل المولود من بذرتي فسيربح لك مجدًا خالدًا بأعماله. عش ثانيةً في وفاق، كسابق عهدك، مع ألكمينا؛ لم تفعل شيئًا تستحق عليه لومك، كانت قوتي عليها، وها أنا ذا سأصعد إلى السماء.

(يخرج جوبيتر.)

المنظر الثالث

أمفتريون : ستنفذ مشيئتك، وأرجوك أن تحافظ على وعدك لي. (بعد فترة توقف) سأدخل وأرى زوجتي! ما من حاجة إلى تايريسياس العجوز بعد ذلك!

(إلى النظارة.)

والآن، أيها المتفرجون، إكرامًا لخاطر جوف الكلي القدرة، صفقوا لنا عاليًا.

(يخرج)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤