نيران الجحيم
تدحرج الشياطين الأربعة على الأرض … وحسب الخطط التي تمرَّنوا عليها مِرارًا، فإنه في حالة الوقوع في مأزقٍ من هذا النوع … فعليهم أن يشقُّوا طريقَهم في اتجاه الباب … وهكذا ركزوا في هذا الاتجاه، وهم يتقدمون تحت وابل النيران والصيحات التي انطلقت من الآخرين …
استطاع «عثمان» أن يصل إلى الباب أولًا، وعندما فتحه اندفع الهواء البارد داخل المخزن الذي تملؤه رائحة البارود … وخلفه قفز «أحمد» و«رشيد» و«إلهام» … وأسرعوا إلى العربة الحديدية … كانت هي المكان الوحيد الذي يمكن أن يَتحَصَّنوا فيه … فقد كانت المدافع الرشاشة تدوِّي في أعقابهم …
قفزوا إلى العربة، ووضع «أحمد» قذيفة في المدفع الصغير الموضوع في مقدمة العربة، وضغط القذيفة ثم تركها فانطلقت كالصاروخ إلى المخزن … الذي تأتي منه الطلقات منهمرة كالمطر … وانفجرت القنبلة بشدة زلزلت المكان … وسمع الشياطين صيحات … وتهديدات … واشتعلت النيران في المخزن، وعلى ضوئها شاهد الشياطين على بُعْد نحو ٢٠٠ متر … المبنى الرئيسيَّ لمجموعة المخازن القديمة التي تشغلها العصابة.
قفز «أحمد» و«رشيد» و«عثمان» وأخذوا يدفعون العربة إلى الأمام، بينما أخذت «إلهام» تُطلق القذائف تباعًا من فوهة المدفع الصغير … لقد كانت فكرة رائعة من عميل «شيكاغو».
وبدأت القذائف تظهر في المبنى وتشتعل هنا وهناك، ثم زاد «أحمد» وزميلاه من سرعة العربة، حتى إذا اقتربت من المبنى الرئيسي صاح «أحمد» ﺑ «إلهام»: اقْفِزي الآن!
وقفزت «إلهام» قفزة بارعة، واندفعت العربة بما تحمل من قذائف فاجتاحت مدخل المخزن الرئيسي، وأخذت القنابل تنفجر تباعًا، فتحطَّم كلُّ ما حولها …
على ضوء النيران شاهد الشياطين بابًا جانبيًّا صغيرًا … تخرج منه مجموعة من الرجال يحملون بينهم رجلًا يبدو عليه الإنهاك … وعلى الفور أدرك الشياطين أن مجموعة «مورالتي» تحاول تهريب «بوشيتا» …
خشيَ الشياطينُ من إطلاق الرَّصاص حتى لا يُصاب «بوشيتا» أو يموت … وشنُّوا هجومًا صامتًا على المجموعة.
كانوا خمسة رجال أو أكثر … هجم «أحمد» على الرجل الأول، وبسرعة قفز في الهواء وضربه ضربةً قويةً سقط على أثرها … وبسرعة أطاح بالرجل الثاني. في نفس الوقت، كان «عثمان» يمسك برجل ضخم يحمل هراوة حديدية … يحاول بها أن يصيب «عثمان» … ولكن الشيطان الرشيق استطاع أن يتفادى الضربة … ثم يهبط على الرجل ويضربه بشدة ضربةً أوقعته أرضًا.
وكان «رشيد» قد أصاب أحد الرجال بضربة قوية … وعندما انحنى الرجل إلى الأمام صارخًا أصابه بالضربة التالية؛ فسقط فوق القضبان المشتعلة …
وفي تلك الأثناء كان الرجلان اللذان يجرَّان «بوشيتا» بينهما يحاولان الهرب ناحية شاطئ بحيرة «ميتشجان» … حيث كانت سيارة في انتظارهما، وقد دار محركها انتظارًا للهرب …
ولكن «إلهام» التي كانت تتبعهما … ركزت على ركبتها … وأحكمت طلقة مسدس أصابت أحد الرجلين إصابة مباشرة في ركبته، جعلته يترنَّح ويسقط.
وأخرج رجل من السيارة مسدسه، وأطلق في اتجاه «إلهام» … التي تدحرجت خلف إحدى عربات السكة الحديد … ثم أطلقت سيلًا من الرَّصاص على السيارة.
وتقدَّم «عثمان» و«أحمد» و«رشيد» بسرعة إلى حيث كان «بوشيتا» يحاول المقاومة والإفلات … وفي ثوانٍ قليلةٍ كانوا قد قضَوْا على الرجل الباقي، وأمسكوا «بوشيتا» وأخذوا يجرُّونه في اتجاه شاطئ البحيرة …
•••
وكان عميل «شيكاغو» في سيارته يرقب الانفجاراتِ ودويَّ المدافع والرشاشات … وأدهشه أن يتمكن هؤلاء الأولاد من إشعال هذه المعركة … وعندما سمع اتجاه الطلقات عند شاطئ البحيرة أدار سيارته واتجه إلى هناك … وقد وصل في الوقت المناسب …
فقد بدأ هجوم مضاد من جانب رجال «مورالتي» الذين خرجوا من أماكنهم … وكان عددهم يزيد على ثلاثين شخصًا … وقد فوجئ الشياطين بوجود هذا العدد الهائل من رجال العصابة … وأيقنوا أنهم سيخسرون المعركة … بل ويخسرون حياتهم وحياة «بوشيتا» أيضًا …
ولكن ظهور سيارة عميل «شيكاغو» أحيت بعض الأمل في نفوسهم … وقد كان رجلًا بارعًا حقًّا … اقترب بالسيارة بسرعة ثم دار دورة واسعة أخفت الشياطين عن أعين المهاجمين … ثم توقَّف فجأةً عند الشياطين الذين أدركوا أن الثواني ستفصل بين النصر والهزيمة … فقذفوا بزعيم العصابة المرهَق «بوشيتا» إلى السيارة، ثم قفزوا إليها وهي تتحرَّك … وأطلق عميل «شيكاغو» العِنان للسيارة في اتجاه البحيرة … واختفى في الضباب …
كان الطريق زلقًا والسيارة تمضي بسرعة عالية … ولكن عميل «شيكاغو» كان سائقًا ماهرًا … استطاع أن يسيطر على السيارة … وفجأة ظهرت سيارة خلفهم مباشرة … كأنما انشقَّت الأرض عنها … كانت سيارة طويلة ضخمة من طراز «اللينكولن» أضخم السيارات الأمريكية وأشدها قوة.
وصاح عميل «شيكاغو»: إنهم سيلحقون بنا!
قال «أحمد»: انحرفْ عند أول طريقٍ، ودعني أنزل أنا و«عثمان».
العميل: ولكن!
أحمد: لا حل آخر … سنجد وسيلةً للتخلص منهم.
وأسرع العميل إلى أول منحنى … ثم توقَّف فجأةً حتى اهتزَّت السيارة … وكادت تنقلب …
وقفز «أحمد» و«عثمان» بسرعة، واستأنفت السيارة سرعتها، وظهرت في نفس الوقت السيارة «اللينكولن» الضخمة.
وكان «أحمد» و«عثمان» قد أخذا وضع الاستعداد لإطلاق النار، وأفرغ كلٌّ منهما طلقاتِ مسدسه في السيارة في كل اتجاه … ودارت السيارة الضخمة حول نفسها بعنفٍ شديدٍ، ثم اندفعت على جانبها وانفجرتْ كالقنبلة.
وشاهد الصديقان أشباحَ الرجال الذين علقتْ بهم نيران البنزين وهم يجرون كالمجانين في كل اتجاه.
عادت سيارة العميل بعد دويِّ الانفجار مسرعةً، والتقطت «أحمد» و«عثمان»، ثم انطلقت بأقصى سرعة … مغادرةً شاطئ «ميتشجان» وقد علَتْ فيه النيران إلى عَنان السماء … وأخذت تبطئ سرعتها تدريجيًّا عند مدخل «شيكاغو» التي بدأت تستيقظ.
قال «أحمد»: اتركْ لنا السيارة، سنواصل الطريق إلى «نيويورك».
العميل: خُذوا حذرَكم!
أحمد: نشكرك جدًّا … سوف نُشيد بما فعلتَ عند رقم «صفر».
•••
في ذلك المساء … في مقر الشياطين اﻟ «١٣» «ش. ك. س» تَلقَّى رقم «صفر» الرسالة التي كان ينتظرها.
«بوشيتا في أيدينا.»