تمهيد
أشار المصنِّف في هذا التمهيد إلى أن الموجودات تنقسم — كما تقدَّم في المرحلة العاشرة — إلى موجوداتٍ مجردة وموجوداتٍ مادية، أو قُل موجودات بالقوة وموجودات بالفعل، والموجودات بالقوة هي الموجودات المادية، والموجودات بالفعل هي الموجودات المجردة. وعلى هذا الأساس فإن ما يعرض الموجودات عروضًا أوليًّا وبالذات لا ثانيًا وبالعرض، يدخل في بحث الحكمة الإلهية والفلسفة الأولى.
والمقصود بالمادة هي الهيولى، أما الماديات فهي الصور الجوهرية — من الجسمية والنوعية — ولواحقها وآثارها وهي الأعراض.
والمادة قوةٌ محضة، أما الماديات فهي وإن كانت ذات فعلية غير أن الفعلية فيها نسبية، فإنها فعلية بالنسبة إلى الكمال الحاضر، وأما بالنسبة إلى الكمال الآتي فهي بالقوة؛ ولذا تزول الفعلية الحاضرة وتخلُفها الفعلية اللاحقة، فهي في عين فعليتها قوة اللاحقة. وهذا بخلاف المجرَّد فإنه فعليٌّ محضٌ تام الفعلية لا قوة فيه لشيء، ولا يتغير أبدًا، بينما الماديات بالقوة وإن كانت فيها فعلية من جهة.