الفصل الثاني

في اعتبارات الماهية وما يلحق بها من المسائل

ملخَّص تاريخ البحث في اعتبارات الماهية

لعل أول من أدخل هذا البحث إلى الفلسفة هو نصير الدين الطوسي في كتابه «تجريد الاعتقاد»، وإلا ففي تراث من سبقه كابن سينا، لا نعثر على بحثٍ مستقل لديه بعنوان اعتبارات الماهيَّة، وكذلك في مصنَّفات شيخ الإشراق السهروردي، ولكنَّ المتأخرين بحثوا ذلك؛ ومنهم الملا صدرا في كتابه «الأسفار».

ثم بعد ذلك استعار الأصوليون هذا البحث من الحكماء، وبحثوا هذه المسألة في علم الأصول في القرن الأخير، وعادةً تُبحث هذه المسألة في الأصول في بحث المطلق والمقيَّد. كما في كتاب أصول الفقه للشيخ المظفر، والحلقة الثالثة للشهيد الصدر، وغيرهما من الكتب الأصولية الحديثة.

الماهية الذهنية والخارجية

إن الماهية التي تُلاحَظ بهذه الاعتبارات هي الماهية الذهنية، لا الخارجية؛ أي هذه الاعتبارات تكون للماهية إذا لاحظناها في الذهن، لا في الخارج، كما أن لها بعض هذه الاعتبارات إذا لاحظناها في الخارج.

اعتبارات الماهية

لتقريب هذه الفكرة يمكن تطبيق الاعتبارات الثلاثة على دعوتنا لشخص كزيد إلى المنزل؛ فتارةً ندعوه بشرط كونه مع بكر، وأخرى بشرط كونه وحده، وثالثة ندعوه غير ملاحظين اشتراط وجود بكر معه، ولا عدم وجوده معه؛ أي مجوِّزين كونه مع بكر، وكونه وحده.

فالأول: بشرط شيء، والثاني: بشرط لا، والثالث: هو اللابشرط القسمي.

كما أن دعوة زيد تلحظ إضافتها إلى ما عداها، وهو المقسم للأقسام الثلاثة لا بشرطٍ مقسمي؛ ولذا لا وجود له إلَّا في الأقسام.

كذلك نذكر مثالًا آخر لتسليط الضوء على هذه الفكرة، أنت عندما تريد شيئًا معيَّنًا، تارة تلاحظ به صفةً معيَّنة أو قيدًا، وتارة تلاحظ به عدم صفة، وثالثة لا تلاحظ به صفةً معيَّنة أو عدم صفة، فإذا أردتَ أن تشتري سيارة مثلًا، تارةً تقول للبائع: أريد سيارة بلونٍ أحمر، فأنت لاحظت في السيارة صفةً معيَّنة واشترطتَ شرطًا معينًا.

وتارةً أخرى تقول للبائع: أريد سيارة بشرط ألا تكون سوداء مثلًا، أما أي لونٍ آخر فلا مانع منه؛ أي أخذتَ اللون الأسود قيدًا وشرطًا، ولكن هذا القيد عدمي، بشرط عدم اللون الأسود.

وثالثة تقول للبائع: أريد شراء سيارة، فيقول لك: ما لونها؟ فتقول له: لا أشترط لونًا معينًا؛ أي لون كان، بقطع النظر عن اللون؛ أي لابشرط من جهة اللون.

فهنا إذا لاحظت هذه الاعتبارات التي اعتبرتَ بها السيارة من جهة اللون، فتارةً اشترطت لونًا معينًا، اشترطت مع السيارة اللون الأحمر، فتقول السيارة مأخوذة بشرط اللون الأحمر؛ أي «الماهية المأخوذة بشرط شي‏ء».

ومرةً أخرى اشترطتَ مع السيارة، لكن ليس لونًا معيَّنًا، بل عدم لونٍ معيَّن، اشترطتَ عدم اللون الأسود، فهنا اشترطتَ أيضًا، ولكن شرطك كان عدميًّا، وهذا هو «بشرط لا».

وأخرى تقول أنا لا أشترط اللون؛ أي لون لا مانع منه، أنت لاحظتَ السيارة من دون شرط اللون؛ أي «لابشرط شي‏ء».

وهذه الاعتبارات التي لاحظتها في السيارة، هي التي تلاحظها في الماهيَّة، فنقول: الماهية مأخوذة بشرط شي‏ء، عندما تشترط السيارة مأخوذة باللون الأحمر، وأخرى تكون الماهيَّة مأخوذة بشرط لا؛ أي نعتبر السيارة مشروطة بعدم اللون الأسود، وثالثة تكون الماهية مأخوذة لابشرط، فلا نعتبر مع السيارة أي شرطٍ معيَّن، بل نعتبر السيارة بشكلٍ مطلَق.

وعلى هذا الأساس تكون اللحاظات ثلاثة: لحاظ لابشرط، لحاظ بشرط شي‏ء، لحاظ بشرط لا. وتُسمى الماهية «اللابشرط» الماهية المطلَقة، وتُسمى الماهية «بشرط شي‏ء» الماهية المخلوطة، وتُسمى الماهية «بشرط لا» الماهية المجرَّدة.

والمقسم في هذا التقسيم هو الماهية المقيسة إلى ما عداها؛ أي الماهية بالإضافة وبالنسبة إلى غيرها، فهي أخص من الطبيعة المهملَة، وهي الماهية لابشرط، فإن الماهية بمعنى الطبيعة المهملة تارةً تُؤخذ مقيسةً إلى ما عداها، وأخرى تُؤخذ غير مقيسة إلى ما عداها، وثالثة تُؤخذ مطلَقة من القياس، مع تجويز أن تُقاس إليه وألَّا تُقاس، فالمقسم للاعتبارات الثلاثة هو نفسه قسمٌ من الطبيعة المهملة.

الماهية بشرط لا

إن الماهية (بشرط لا) تُلاحَظ بلحاظَين:

  • الأول: أن يشترط عدم مقارنة الماهيَّة لأي شي‏ءٍ معها؛ أي نلاحظ الماهيَّة ونقصُر النظر عليها، فنلاحظ الماهية من حيثُ هي، والماهية من حيثُ هي ليست إلا هي؛ أي في هذه الحالة لا يكون شي‏ءٌ ما محمولًا عليها كما لا يكون أي شي‏ء من الأشياء معها؛ أي نأخذها دون أن يكون شي‏ء مقارنًا لها. وهذا هو الذي تقدَّم في الفصل الأول.
  • الثاني: نأخذ الماهية وحدَها؛ بحيث لو قارن الماهيَّة أمرٌ معيَّن فلا تُحمل الماهيَّة عليه، فتكون الماهيَّة حينئذٍ محلًّا للمقارن.

فمثلًا النسبة بين الصورة والمادة، الصورة جوهر، والمادة أيضًا جوهر، والنسبة بين صورة الجسم ومادة الجسم هي نسبة الحالِّ والمحل، وهي بمثابة حلول العرض بالجوهر، فالنسبة بين الصورة والمادة، الصورة حال والمادة محل، وهي بمثابة حلول البياض (العرض) بهذه الورقة (الجوهر) فالمادة تكون محلًّا تحل فيه الصورة، والصورة هي الحالُّ، ولكن هذا لا يعني أن الصورة موضوع والمادة محمول، بل الصورة حالٌّ والمادة محلٌّ يحلُّ به هذا الحالُّ، كما يحلُّ البياض بهذه الورقة؛ أي المادة محلٌّ تنطبع به الصورة، فالصورة غير المادة، والمادة غير الصورة، لكن الصورة تنطبع بالمادة.

ولهذا نقول لا تُحمل الصورة على المادة، كما لا تُحمل المادة على الصورة، ولكن المادة موضوعة للصورة، بمعنى أنها حاملة لها وتنطبع الصورة فيها.

فالماهية «بشرط لا» بهذا المعنى في اللحاظ الثاني؛ أي تكون الماهية موضوعًا ومحلًّا لما يقارنها، ولكن ما يقارنها لا يُحمل عليها، فهي «بشرط لا»؛ أي بشرط الإباء عن الحمل، وليس بشرط ألا يقارنها أي شي‏ء، وإنما يقارنها شي‏ء، لكن لا تصدُق ولا تُحمل على ما يقارنها، فهي وإن قارنها شي‏ء، لكنها لا تُحمل على المقارن ولا تصدُق عليه، كما أنها لا تُحمل ولا تصدُق على المجموع منها ومن الجزء الآخر المقارن لها، وإنما هي تصدُق على نفسها خاصة، كما أن الصورة لا تُحمل على المادة، والمادة لا تُحمل على الصورة؛ لأن الصورة هي الفصل «بشرط لا»، بشرط الإباء عن الحمل، والمادة هي الجنس «بشرط لا»، بشرط الإباء عن الحمل.

والفرق بين أن نقصُر النظر على الماهية في ذاتها، وأنها ليست إلَّا هي، وأن نأخذ الماهية وحدها؛ بحيث لو قارنَها أي مفهومٍ مفروض كان زائدًا عليها. الفرق بين المعنى الأول والثاني من وجوهٍ ثلاثة، وهي:

  • (١)

    أن ما أُخذَت الماهية مجردةً عنه في هذا الاصطلاح هو جميع ما عداها حتى الوجود والعدم؛ ولذا لا تكون الماهية بهذا الاعتبار في الذهن، فضلًا عن الخارج، إذن يكون في الذهن شيءٌ ما عداها، والمفروض اعتبار تجرُّدها عن جميع ما عداها، حتى الكون في الذهن.

    وما أُخذَت مجردة عنه في الاصطلاح الثاني هو الشيء المخصوص، وهو الذي لو قارنها لحصل من انضمامه إليها مجموع مركب، لا تصدُق تلك الماهية على هذا المركب بهذا الاعتبار؛ أي باعتبار أنها مجرَّدة عما ينضم إليها.

  • (٢)

    أن السلب في المعنى الأول متوجِّه إلى الأمور الزائدة عليها، ويكون المراد اعتبارها مع عدم وجود شيءٍ مما عداها، وفي الثانية متوجِّه إلى صدقها على مقارنتها، والمراد سلب اتحادها معه في الوجود، وإن كانت معه.

  • (٣)
    أن الماهية بشرط لا بالمعنى الثاني موجودة، بخلافها بالمعنى الأول.١

الماهية اللابشرط المَقْسَمي

لاحظنا أن للماهية ثلاثة لحاظات، وهي «بشرط شي‏ء»، و«بشرط لا»، و«لابشرط»، وهذه الثلاثة هي أقسام، والأقسام لا بد لها من مَقْسَمٍ؛ فعندما نقول: اسم، وفعل، وحرف، فهي أقسام، وهذه الأقسام لا بدَّ لها من مَقسَم وهو الكلمة.

وهنا عندما نقول: الماهية «بشرط شي‏ء»، الماهية «بشرط لا»، الماهية «لابشرط»، فهذه أقسام، ولا بد لها من مَقْسَم يمثِّل القدْر المشترك بين هذه الأقسام؛ لأن لازم كل تقسيم، أن يكون هناك قدْرٌ مشتركٌ بين الأقسام؛ فهناك قدْرٌ مشترك بين الاسم والفعل والحرف هو الكلمة، وإلا لو لم يوجد هذا القدْر المشترك والقاسم المشترك لما صحَّت القسمة أساسًا؛ أي لو لم يكن هناك مقسمٌ فلا معنى للتقسيم أساسًا، والمَقسَم لا بد أن يكون «لابشرط» بالنسبة لأقسامه.

فالمَقسَم للماهيَّة باعتباراتها الثلاثة لا بد أن يكون «لابشرط» بالنسبة إلى هذه الأقسام الثلاثة، والكلمة كمَقْسَم للاسم والفعل والحرف لا بد أن تكون «لابشرط» بالنسبة إلى هذه الأقسام الثلاثة؛ ولهذا يُقال في معنى الكلمة: هي اللفظ الدال على معنًى مفرد، بينما الاسم: هو اللفظ الدال على معنًى مستقل في ذاته، من دون أن يقترن بأحد الأزمنة الثلاثة، والحرف: هو اللفظ الدال على معنًى غير مستقل في ذاته، والفعل: هو اللفظ الدال على معنًى مستقل في ذاته، ولكنه مقترن بزمان، بينما الكلمة تمثِّل القدر المشترك الموجود في هذه الأقسام الثلاثة؛ أي إنها لفظٌ دال على معنًى مفرد، فهو لابشرط، من حيثُ اقترانُه بالزمان أو عدمُ اقترانِه، أو دلالتُه على معنًى مستقل أو عدمُ دلالتِه.

وعلى هذا الأساس تكون نسبة المقسم إلى أقسامه هي من قبيل نسبة اللابشرط إلى المشروط؛ أي إن نسبة الكلمة إلى الفعل والاسم والحرف هي نسبة اللابشرط إلى المشروط.

ففي كل قسمةٍ عقلية نحتاج أولًا إلى قدْرٍ مشترك بين الأقسام، وتكون النسبة بين المقسم والأقسام هي نسبة اللابشرط إلى المشروط، وعلى هذا الأساس إذا قسمنا الماهية إلى الاعتبارات الثلاثة؛ لابشرط، بشرط شي‏ء، بشرط لا، تكون «الماهية اللابشرط» هي المقسم.

«الماهية اللابشرط» القِسْمي والمَقْسَمي

قد يُقال: ألا يلزم من ذلك إشكال، وهو: تقسيم الشي‏ء إلى نفسه وإلى غيره؟ أي الماهية اللابشرط تنقسم إلى: الماهية اللابشرط، زائدًا الماهية بشرط شي‏ء، زائدًا الماهية بشرط لا، وهذا بمثابة ما لو قسمنا الكلمة إلى: كلمة واسم وفعل وحرف، فيكون المقسم قسمًا، ويكون القسم مقسمًا، فلا بد من التمييز بين أمرَين: اللابشرط القسم، واللابشرط المَقسَم.

جواب الإشكال: أن الماهية اللابشرط تنقسم إلى قسمَين، فلدينا ماهيَّة لابشرط مَقسَمي، وماهية لابشرط قِسمي، وهناك فرق بين الماهية اللابشرط المَقسَمي، والماهية اللابشرط القِسمي.

وهو يعود إلى أن اللابشرط القِسمي مقيَّد بلاشرط؛ لأنه يُعتبر مع اللابشرطية؛ فعندما تقول: أريد سيارة بقطع النظر عن اللون، فهنا تُعتبر السيارة مطلَقة، فكأنك اعتبرتَ السيارة هنا مقيَّدة بعدم القيد، هذا اللابشرط القِسمي. فاللابشرط القسمي يكون معناه مطلقًا، ويكون قسيمًا إلى: بشرط شي‏ء وبشرط لا.

أمَّا اللابشرط المَقْسمي، فهو الذي لم يلحظ معه أي قَيد حتى قَيد الإطلاق، حتى قَيد اللابشرط، لا نلحظ معه قَيدًا، والذهن قادر على هذا اللحاظ الدقيق، وعلى هذا الأساس يعبِّرون عن الماهية اللابشرط المَقسَمي بالماهية المبهَمة؛ أي الخالية من كل قَيد حتى الإطلاق، بينما يعبَّر عن الماهية اللابشرط القِسمي، الماهية المطلَقة؛ أي الماهية المُلاحَظ فيها الإطلاق، أما الماهيَّة اللابشرط المَقسَمي، فلا يُلحظ فيها أي قَيد، حتى الإطلاق؛ أي إنها لوحظَت من حيثُ هي، والماهية من حيثُ هي ليست إلا هي؛ أي لم تقيَّد بشي‏ء حتى الإطلاق.

مما سبق يتخلَّص أن الماهية اللابشرط المَقسَمي التي يُطلق عليها الماهية المبهَمة، هي العارية والمجرَّدة من كل قيد حتى الإطلاق، والماهية اللابشرط القِسمي هي الماهية المجرَّدة والعارية من القيود المأخوذة في الماهية بشرط شي‏ء والماهية بشرط لا؛ أي إن الماهية اللابشرط القِسمي مجردة من هذَين القيدَين — بشرط شي‏ء وبشرط لا — ولكنها مشروطةٌ بالإطلاق، أن تكون مطلَقة من حيثُ «الأحمر واللاأحمر» بمعنى أنها بمثابة المقيَّدة ولكن قيدها أنها مطلَقة، بينما الماهيَّة اللابشرط المَقسَمي مجردة من أي قيد.

الماهية في الخارج

الماهية إذا لاحظناها في الخارج، فهي لا تعدو حالتَين، إما أن تكون بشرط شي‏ء، السيارة بشرط اللون الأحمر، أو تكون لا بشرط؛ أي السيارة مع أي لونٍ آخر، أمَّا الماهية بشرط لا فهي غير موجودة في الخارج؛ أي ما هو موجود في الخارج هو الماهية المخلوطة، والمطلقة، دون الماهية بشرط لا، أما الموجودة في الذهن من اعتبارات الماهية، إضافة إلى الثلاثة، كذلك الماهية اللابشرط المَقسَمي؛ أي ما عبِّر عنه في المنطق بالطبيعي، طبيعي السيارة، طبيعي الإنسان، وهذا الطبيعي هو الذي يتصف بالكلية، نقول: الإنسان كلي، فهذا الإنسان الذي عرضت عليه الكلية هو ماهية الإنسان في الذهن التي تقبل الانطباق على كثيرين.

إذن الماهية في الخارج لا تعدو حالتَين؛ مخلوطة ومطلَقة، بشرط شي‏ء، واللابشرط القِسْمي.

ولا يخفى أنه بالنظر العقلي الدقيق وبناءً على القول بأصالة الوجود، فإنه لا وجود لفرد الماهية في الخارج، بل الماهية سواء المخلوطة والمجرَّدة والمطلَقة ليست إلَّا اعتبارًا يعتبره العقل ولكن تحقُّق الماهية في الخارج إنما هو بالوجود.

الماهية في الذهن

الماهية في الذهن يمكن ملاحظتها بلحاظاتها الثلاثة، بشرط شي‏ء، ولا بشرط، وبشرط لا، فضلًا عن الماهية اللابشرط المَقْسَمي، وبذلك يتضح الفرق بين الماهية اللابشرط المَقْسَمي وبين الماهية اللابشرط القِسمي، فإن الماهية اللابشرط القِسمي معقولٌ أول، والماهيَّة اللابشرط المَقسَمي معقولٌ ثانٍ.

وجود الطبيعي

هل الماهية اللابشرط المَقْسَمي موجودة في الخارج بوجود النوعَين، المخلوطة والمطلَقة، فوجودها في الخارج في فرد نفس وجودها في الفرد الآخر؛ أي إن هذا الطبيعي، طبيعي الإنسان، وجوده في زيد نفس وجوده في بكر، أو إن وجوده في الخارج متغاير؛ أي إن الموجود في بكر من الإنسان غير الموجود في زيد من الإنسان؟

الجواب: إن الموجود في كل فرد من الطبيعي غير الموجود في الفرد الآخر بالعدد، وإلا لو كان الموجود في زيد من طبيعي الإنسان والموجود في خالد وبكر واحدًا، للزم أن يكون الموجود الواحد واحدًا في عين أنه كثير، والواحد والكثير بينهما تقابُل؛ فالواحد ليس بكثير، والكثير ليس بواحد، فيكون الواحد بعينه كثيرًا وهو مُحال، كما يلزم من ذلك أن يكون الواحد بالعدد متصفًا بصفاتٍ متقابلة، زيد طويل، بكر قصير، والصفات المتقابلة لا تجتمع في محلٍّ واحد؛ فالطبيعي الموجود في كل فرد غير الطبيعي الموجود في الفرد الآخر.

١  «حاشية الآملي على شرح المنظومة»، ج١، ص٣٠٣.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥