في الكَم وانقساماته وخواصه
تعريف الكَم
الكَم إحدى مقولات العرض التسع. وهو عرض يقبل القسمة الوهمية بالذات. وفي هذا التعريف تُوجد عدة قيود، وهي:
- الأول: أن الكَم عرض.
- الثاني: أن هذا العرض يقبل القسمة الوهمية، المقصود بها القسمة الفرضية العقلية، لا القسمة الخارجية الحقيقية.
- الثالث: أن هذه القسمة الوهميَّة للكَم إنما تكون بالذات لا بالعرض.
فأمَّا أن الكَم عرَض، فهو إحدى مقولات العرَض التسع، كما هو معلوم، فإن عنوان العرَض ليس عنوانًا ماهويًّا؛ فعندما نقول الممكن ينقسم إلى: عرَض وجوهر، فالعرض ليس ماهية من الماهيَّات، وإنما هو مفهوم ثانٍ فلسفي ينطبق على مقولات العرَض التسع؛ لأن كل مقولة من مقولات العرض التسع هي جنسٌ عالٍ لا جنس فوقه.
وأمَّا كون الكم يقبل القسمة الوهمية، فالمقصود بهذه القسمة هي القسمة العقلية الافتراضية، القسمة بتحليل العقل، بمعنى أنه قابل لتوهُّم القسمة؛ لأن الكم بوجوده الخارجي ينعدم بالقسمة الخارجية وبوجوده الذهني مجرد، والمجرد لا يقبل القسمة، فالذي هو من خواص الكم والمأخوذ في تعريفه هو قبوله لتوهُّم القسمة، وهي القسمة الوهميَّة.
أما كيف ينعدم الكَم بالقسمة الخارجية فذلك لأن القسمة الحقيقية الخارجية تُفني الكم؛ فلو أخذنا مسطرة طولها متر مثلًا، ثم قطعناها إلى نصفَين، فإن القسمة الخارجية تُفني طولها؛ أي لا تبقى مترًا، بل تتحول إلى نصف متر، ثم لو قسَّمنا نصف المتر فيتحول إلى ربع متر، وهكذا، حتى تفنيها القسمة الخارجية.
كما أن هذه القسمة للكَم هي بالذات لا بالعرض؛ فلو لاحظت نفس هذه المسطرة التي مثَّلنا بها، فما يتصف بالانقسام هو المتر، إِذْ نُقَسِّمُه إلى سنتيمترات، أما الجسم الطبيعي نفسه، المسطرة نفسها، فلا يقبل القسمة بالذات وإنما بالعرض؛ أي ما قسَّمناه بالذات هو كمِّية المسطرة (المتر)، فالمتر هو الذي يقبل القسمة بالذات، أمَّا المسطرة نفسها أو قل الجسم الطبيعي نفسه فلا يقبل القسمة بالذات بل يقبل القسمة بالعرَض.
وينبغي الانتباه إلى أن المراد بالقسمة في قول المصنِّف في تعريف الكَم إنه «يقبل القسمة الوهمية» هي القسمة الطبيعية، التي هي قسمة الكل إلى أجزائه، ويُراد منها التجزئة.
بينما المراد من القسمة في قوله: «وقد قسَّموه قسمةً أوليةً إلى المتصل والمنفصل» هي القسمة المنطقية، التي هي قسمة الكلي إلى جزئياته.
أقسام الكم
ينقسم الكَم إلى قسمَين أساسيَّين هما:
-
(١)
كَم متصل.
-
(٢)
كَم منفصل.
والكَم المتصل: وهو الذي تندرج تحته الأقسام الثانوية كلها، ويُقال في تعريفه: هو ما يمكن أن يُفرض فيه أجزاءٌ بينها حدٌّ مشترك.
وقد قسَّموا الكم المتصل إلى:
-
(١)
كمٍّ متصلٍ قارٍّ.
-
(٢)
كمٍّ متصلٍ غيرِ قارٍّ.
والكمُّ المتصلُ القارُّ هو ما لأجزائه المفروضة اجتماع في الوجود، وقد قسَّموه إلى:
-
(١)
جسمٍ تعليمي.
-
(٢)
سطح.
-
(٣)
خط.
والجسم التعليمي: هو الكمية السارية في الجهات الثلاث من الجسم الطبيعي المنقسمة فيها.
والسطح: هو نهاية الجسم التعليمي المنقسمة في جهتَين.
والخط: هو نهاية السطح المنقسمة في جهةٍ واحدة.
أما الكَم المنفصل فهو العدد فقط، ويُقال في تعريفه: ما لا يُمكن أن يُفرضَ فيه أجزاء بينها حدٌّ مشترك.
الكم المتصل
الكم المتصل هو ما يمكن أن يُفرض فيه أجزاء بينها حدٌّ مشترك؛ فلو لاحظنا الورقة، طولها وعرضها، أو لاحظنا المنضدة، ففيها طول وعرض، وهذا الطول والعرض يمكن أن نفرض فيه أجزاءً بينها حدٌّ مشترك؛ أي عندما نلاحظ طول الورقة أو طول المسطرة فيمكن أن نجعل حدًّا مشتركًا، إذا اعتبرتَه بدايةً لأحد الجزأين يُمكنك أن تعتبره بداية للآخر، وإذا اعتبرتَه نهايةً لأحد الجزأَين يمكن اعتباره نهاية للآخر.
لاحظ المسطرة التي طولها متر، فإذا وضعنا نقطة فوق منتصف هذه المسطرة؛ أي فوق السنتيمتر الخمسين مثلًا، فهذا السنتيمتر إذا اعتبرناه بداية للنصف الأول (الجزء اليمين للمسطرة) فإن الجزء الآخر للمسطرة يبدأ من هذا السنتيمتر أيضًا؛ أي هو بداية لنصف اليمين، كما أنه بداية لنصف اليسار، كما أننا لو اعتبرنا هذه النقطة (السنتيمتر الخمسين) نهاية للنصف الأول، فإن النصف الثاني ينتهي كذلك بهذه النقطة.
إذن فالكم المتصل هو الذي نفرض فيه أجزاءً مشتركة، وهذه الأجزاء المشتركة بينها حدٌّ مشترك، وهذا الحد إذا اعتبرناه بدايةً لأحد الجزأَين كان بدايةً للآخر، وإذا اعتبرناه نهايةً لأحد الجزأَين كان نهايةً للآخر، من قبيل النقطة بين أجزاء الخط، أو الخط بين جزأي السطح؛ لأن السطح فيه طول وعرض، بينما الخط يمثل امتدادًا واحدًا.
لنأخذ الورقة، فإن نهاية السطح التي هي نهاية الورقة، تكون خطًّا، فهذا الخط إذا اعتبرناه بداية لهذا الجانب سيكون بداية للجانب الآخر، وإذا اعتبرناه نهايةً لهذا الجانب يكون كذلك للآخر.
وإذا لاحظنا الحجم، كهذا الكتاب، فإن له حجمًا معيَّنًا، أو حسب تعبيرهم جسمًا تعليميًّا، وهذا الحجم المعيَّن له طول وعرض وارتفاع، فهو ينتهي بالسطح، لأن الحجم له ستة سطوح، وكل سطح بداية للجزء الآخر، أو إذا لاحظتَ الآن بين جزأَي الزمان، فهذا الآن يكون بداية للساعة الواحدة، وكذلك بداية للساعة الأخرى، ويكون نهاية لهذه الساعة ونهاية للساعة الأخرى.
الكَم المنفصل
الكم المنفصل هو ما لا يمكن أن يُفرض فيه أجزاءٌ بينها حدٌّ مشترك بخلاف الكم المتصل، وهو العدد، خذ العدد ستة مثلًا، إذا قسمتها إلى ثلاثة وثلاثة، فسوف لا تجد بين أجزائها حدًّا مشتركًا؛ لأن الحد دائمًا لا بد أن يكون خارجًا من المحدود. فهذا الحد بالنسبة إلى الستة إما أن نفترضه خارجًا أو نفترضه داخلًا في الستة، فإذا افترضناه داخلًا، سوف تكون الستة خمسة؛ لأن الحد خارج من المحدود. وإذا افترضنا أن الحد خارج من الستة؛ أي نأتي بواحد من الخارج ونجعله حدًّا في الستة ستكون الستة سبعة، وهذا خلاف فرض كونها ستة، فالكم المنفصل لا يمكن أن نفترض فيه أجزاءً بينها حدٌّ مشترك.
ما هو مصداق الكم المنفصل؟
الجواب: هو العدد، وهو يتحقق من تكرُّر الواحد. لكن الواحد نفسه ليس بعدد؛ لأنه إذا لاحظنا الواحد من حيثُ هو واحد لا ينطبق عليه تعريف الكم؛ لأن تعريف الكم هو عرض يقبل القسمة الوهمية بالذات، بينما الواحد — من حيثُ هو واحد — لا يقبل مثل هذه القسمة.
والكلام في العدد لا في المعدود؛ فالواحد لا يصدق عليه حد — تعريف — الكم، فهو لا يقبل القسمة العقلية؛ لأن الوحدة دائمًا مساوقة للاتصال، فإذا قسَّمناه — الواحد — لا يبقى واحدًا، فالواحد من حيثُ هو واحد لا يقبل القسمة.
وعلى هذا الأساس قالوا: إن الواحد من حيثُ هو واحد لا ينقسم، وإذا انقسم إلى نصفَين تفنى وحدته، والعدد كما قالوا: هو ما يحصُل من تكرَّر الواحد.
بمعنى أن الواحد ليس ذا أجزاء، بل هو أمرٌ بسيط.
وإنما يتحقَّق العدد من اجتماع الواحد، مع أن الواحد ليس بعدد؛ لأنه بعد اجتماع الواحدَين يعرض مجموعهما عرض واحد، هو العدد الاثنان. وهذا بمثابة الماء الحاصل من اجتماع الأوكسجين والهيدروجين؛ فكما أن شيئًا من الأوكسجين والهيدروجين ليس ماءً، وبعد اجتماعهما تتحقق صورةٌ واحدة منطبقة في مجموعهما هي الصورة المائية، كذلك كل من الواحدَين ليس بعدد، ولكن بعد اجتماعهما يعرض مجموعهما عرضَ واحد، وهو العدد الاثنان.
وفي ضوء هذا البيان الفلسفي يكون مصداق العدد الرقم اثنان فصاعدًا. وكل مرتبة من مراتب العدد تُعتبر من الناحية الفلسفية نوعًا مستقلًّا برأسه؛ أي الاثنان نوع، والثلاثة نوع، وهكذا؛ لأن كل واحد من مراتب العدد له خواصُّ وآثارٌ تختلف عن خواص وآثار العدد الآخر؛ ففي الاثنين خواصُّ غير خواص العدد أربعة؛ فمثلًا اثنان مع اثنين يساوي أربعة، كذلك الخاصية التي في العدد ثلاثة مثلًا غير موجودة في عددٍ آخر.
الكم المتصل غير القارِّ
الكم المتصل ينقسم إلى: قارٍّ وغير قارٍّ، ومعنى الكَمِّ المتصلِ القارِّ، هو الكَم الذي لأجزائه المفروضة اجتماع في الوجود، بينما الكَمُّ المتصلُ غيرُ القارِّ، هو الكَم الذي لا يكون لأجزائه المفروضة اجتماع في الوجود، وإنما تكون أجزاؤه متدرِّجة، سيَّالة منبسطة على الوجود، إذا انصرم السابق يأتي اللاحق.
والكم المتصل غير القارِّ ينحصر مصداقه في الزمان. والزمان هو كَمٌّ يعرض على الحركة، والحركة وجودٌ متدرج، ولما كانت الحركة وجودًا سيَّالًا متدرجًا متصرمًا، كذلك ما يعرض عليها، فالزمان يكون متصرِّمًا ومتدرِّجًا وسيَّالًا؛ ولهذا فهو غير قار، غير ساكن، متصرِّم، غير ثابت، لا اجتماع لأجزائه المفروضة في الوجود، وإنما ينقضي جزء ويأتي الآخر، تنقضي الثانية الأولى ثم تأتي الثانية الثانية، تنقضي الدقيقة الأولى ثم تأتي الدقيقة الثانية.
الكمُّ المتصلُ القارُّ
أمَّا الكمُّ المتصلُ القارُّ فيقسِّم إلى ثلاثة أنواع هي: الجسم التعليمي، والجسم الطبيعي، والخط.
والجسم التعليمي غير الجسم الطبيعي؛ فالجسم الطبيعي هو أحد أنواع الجواهر الخمسة، وكما تقدَّم فإن الجسم هو الممتد في الجهات الثلاث، ولكن امتداده هذا مبهَم وغير محدَّد، والذي يحدِّد هذا الامتداد في الجهات الثلاث هو الحجم — الطول والعرض والارتفاع — فهذا الحجم هو الجسم التعليمي الناتج من ضرب الطول في العرض في الارتفاع؛ ولذلك قالوا: بأن الجسم التعليمي هو الذي يُعيِّن امتدادات الجسم الطبيعي؛ لأن الجسم الطبيعي له امتداداتٌ ثلاثة، لكنها مبهَمة غير معينة، فالذي يعيِّنها ويحددها هو الجسم التعليمي.
أمَّا السطح، فهو نهاية الجسم التعليمي المنقسمة في جهتَين، لاحظ حجم الكتاب مثلًا تجد له ستة سطوح: أعلى، وأسفل، وأمام، وخلف، ويمين، ويسار، وكل واحد من هذه السطوح له طول وعرض. والسطح، هو حاصل ضرب الطول في العرض، فالسطح هو نهاية الجسم التعليمي المنقسمة في جهتَين؛ أي طول في عرض.
أمَّا الخط فهو نهاية السطح المنقسمة في جهةٍ واحدة، لاحظ سطح الكتاب الأعلى فإن له نهاية، ونهايته خط، وهذا الخط له امتدادٌ وبُعدٌ واحد، بينما السطح له بُعدان، أما الحجم فله ثلاثة أبعاد. والجسم التعليمي عرضٌ حالٌّ في جوهر، والجوهر هو الجسم الطبيعي.
الخلاء
الخلاء عند المتكلمين هو فراغٌ موهوم، يكون ظرفًا للأجسام وحيزًا لها، وباعتبار أنه فارغ عن شغل الجسم إياه يُقال له خلاء، فالخلاء هو هذا الفراغ مع قيد ألَّا يشغله شاغلٌ من الأجسام، فيكون لا شيئًا. ويرى بعض الحكماء أن الخلاء هو البُعد المجرد القائم بنفسه، سواء كان مشغولًا بجسم أو لم يكن، ويُسمَّى عندهم بُعدًا مفطورًا، وفراغًا مفطورًا. وما يسمِّيه أفلاطون بُعدًا مفطورًا يسميه المتكلمون فضاء موهومًا، وهو الفضاء الذي يثبته الوهم، فهذا الفضاء الفارغ هو الذي من شأنه أن يحصل فيه الجسم، وأن يكون ظرفًا له، وباعتبار فراغه عن شغل الجسم إياه يكون خلاء؛ فالخلاء عند المتكلمين هو هذا الفراغ الذي لا يشغله جسمٌ من الأجسام، وهو غير موجود في الخارج بالفعل، بل هو أمرٌ موهوم.
والذين قالوا بوجود فضاءٍ خالٍ من كل شيء لا يمكن أن يقولوا بالكَم المتصلِ القارِّ؛ فنظرية الخلاء تصطدم مع القول بوجود كمٍّ متصلٍ قارٍّ؛ لأن هذا يعني أنه يُوجد هناك فراغ، وهذا الفراغ أمرٌ عدمي، فحينئذٍ لا يُوجد سطح ولا جسمٌ تعليمي ولا خط؛ لأن هذه الأنواع يُوجد بين أجزائها خلاء؛ أي عدم، في ضوء نظرية الخلاء، فلا وجود لاتصالٍ أساسًا، وبالتالي لا وجود للكم المتصل، ولكن المصنِّف يقول: إن القول بالخلاء غير صحيح؛ لأن العلم الحديث أثبت عدم وجود الخلاء أصلًا.
تتمة في خواصِّ الكَم
في بيان بعض الخواصِّ التي يختص بها الكَم.
-
الأولى: أنه لا تضاد بين شيء من أنواع الكم؛ لأن
الضدَّين أمران وجوديان متواردان على موضوعٍ
واحد، داخلان تحت جنسٍ قريب، بينهما غاية
الخلاف.
بينما في الكَم لا يمكِن أن يتواردا على نفس الموضوع، خُذ أنواع الكم المنفصل كالعدد أربعة والعدد خمسة مثلًا، فالعدد أربعة نعُد فيه أربعة كتب، والعدد خمسة نعُد فيه خمسة كتب، فالعدد أربعة يعرض على أربعة الكتب، والعدد خمسة يعرض على خمسة الكتب، فصار موضوع العدد أربعة غير موضوع العدد خمسة، بينما في التضادِّ يُشترط كون الموضوع واحدًا. وكذلك الحال في كل أنواع الكَم الأخرى، فموضوع الجسم التعليمي هو الجسم الطبيعي، وموضوع السطح هو الجسم التعليمي، وموضوع الخط هو السطح، وموضوع الزمان هو الحركة، بينما موضوع العدد هو المعدودات كما لاحظنا.
تجدر الإشارة إلى أن المصنِّف ذكر في الفصل السابق أن عدم التضاد من الخواص المختصة بالجوهر؛ حيث قال: «من خواصِّ الجوهر أنه لا تضادَّ فيه.»
- الثانية: الكَم يقبل القسمة الوهمية؛ أي القسمة العقلية، بالفعل لا بالقوة.
- الثالثة: وجود ما يعُده؛ أي يفنيه مرَّة، بعد مرَّة، فلنلاحظ الكم المنفصل، العدد، فإذا كان لدينا خمس تفاحات، فإن الواحد هو الذي يعُد لنا هذا العدد، فنقول ١، ٢، ٣، ٤، ٥، أو الثلاثة يمكن أن نعُد فيها: ٣، ٦، ٩، كذلك الاثنان: ٢، ٤، ٦، ٨ … إلخ. كما أنه في الكَم المتصل غير القار، لو أخذنا الزمان فنستطيع أن نعُد بجزء منه باقي أجزائه، كذلك لو أخذنا السطح أو الخط أو الجسم التعليمي، فالكَم نستطيع أن نعُده بواسطة ما يُفني الكَم، نُسقِطه منه مرَّة بعد مرَّة؛ فلو أخذنا مسطرة طولها «١٠٠سم» فلو أسقطنا «سنتمترًا واحدًا» تبقى «٩٩سم»، ثم نُسقِط «سنتيمترًا» آخر فتبقى «٩٨»، وهكذا.
-
الرابعة: المساواة واللامساواة، فعندما نقول: هذه
المسطرة التي طولها متر مساوية للأخرى التي
طولها متر، فإن المساواة واللامساواة ليس في
خشب هذه المسطرة مع خشب تلك المسطرة، بل إن
المتر نفسه مساوٍ للمتر. كذلك عندما نقول هذه
المسطرة التي طولها مترٌ لا تُساوي تلك التي
طولها نصف متر، لا يعني أن خشب هذه — الجسم
الطبيعي — لا يُساوي خشب ذلك الجسم، بل المتر
لا يساوي نصف المتر.
فالمساواة واللامساواة تُنسب إلى الجسم الطبيعي بالعرَض، وإلَّا فهي بالذات ثابتةٌ للكم.
- الخامسة: النهاية واللانهاية، فعندما نقول: هذا متناهٍ وهذا غير متناهٍ، حجم الأرض متناهٍ، بينما حجم الكون في امتدادٍ واتساعٍ دائم، فالنهاية ليست في الأرض نفسها بل في حجمها؛ أي في الجسم التعليمي، فالمتناهي واللامتناهي الكَم لا الجسم الطبيعي نفسه.