الفصل السادس

في تقابُل التضايُف

المتضايفان أمران وجوديان يتوقف أحدهما على تعقُّل الآخر، وهما يتحدان في الحكم؛ أي يُوجَد بينهما تكافؤ وتطابق، فإذا وُجد أحدهما وُجد الآخر، إذا وُجد الأعلى وُجد الأسفل، ولا يمكن وجود أسفل بلا أعلى ولا أعلى بلا أسفل، وإذا وُجد زوج وُجدَت زوجة، وإذا لم يُوجَد زوج فلا تُوجَد زوجة، وهكذا.

ومتكافئان قوةً وفعلًا، فإذا كان أخ بالقوة فالأخ الآخر يكون بالقوة أيضًا، وإذا كان الأخ بالفعل فالأخ الآخر يكون بالفعل أيضًا.

ومتكافئان أيضًا بالوجود والعدم، فإذا كان الفوق موجودًا فالتحت أيضًا موجود، وإذا كان أحدهما معدومًا فالآخر أيضًا معدوم؛ وعليه فإن أحدهما مع الآخر، ولا يمكن أن يتقدم أحدهما على الآخر، أو يتخلف أحدهما عن الآخر؛ فهما في الذهن كما في الخارج مترابطان، كل واحدٍ يصاحب الآخر.

يقول ابن سينا١ إن المتضايفة من الحركات هي «التي يجوز أن يُقال بعضها أسرع من بعض، أو أبطأ، أو مساوٍ له في السرعة.»

والتضايف في المنطق: هو تقابل حدَّين؛ بحيث يتوقف تصوُّر كلٍّ منهما على تصوُّر الآخر.

وقالوا في تعريف التضايف:٢ «كون الشيئَين بحيث لا يمكن تعقُّل كل واحد منهما إلا بالقياس إلى الآخر. وقيل: كون الشيئَين بحيث يكون تعلُّق كل واحد منهما سببًا لتعلُّق الآخر به، كالأبوة والبنوة. ومآل التعريفين واحد. والمتضايفان هما المتقابلان الوجوديان اللذان يُعقل كلٌّ منهما بالقياس إلى الآخر. أو يُقال: بحيث يكون تعلُّق كلٍّ منهما سببًا لتعلُّق الآخر به.»
١  «النجاة»، ص١٨٠.
٢  «كشاف اصطلاحات الفنون»، ج١، ٤٦٨.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥