في السرعة والبُطْء
إذا لاحظنا سيارتَين متحركتَين ونسبنا حركة الأولى إلى الثانية، وكانت الأولى قد قطعَت في مدة ساعتَين مسافة مقدارها «٢٠٠كم»، والثانية في الساعتَين قطعَت «١٥٠كم»، فلا شك أن الأولى هي الأسرع؛ أي الأكثر قطعًا للمسافة. ولو فرضنا أن المسافة كانت متساوية وهي «٢٠٠كم» والأولى قطعتها بساعتَين، والثانية بثلاث ساعات، فلا شك أن الأولى أسرع من الثانية.
معنى السرعة والبطء
فالسرعة: هي قطع مسافةٍ كثيرة في زمانٍ قليل، والبطء بخلاف السرعة. ولكن ما هي حقيقة البطء، هل يعني تخلُّل السكون في السرعة أو في الحركة؛ أي إنه كلما كان السكون المتخلِّل في الحركة أكثر كانت السرعة أبطأ؟ الصحيح هو أن الحركة لا يتخلل فيها السكون؛ لأن الحركة يمتزج فيها القوة بالفعل، وهي أمرٌ متصل، فلا يمكن أن يتخلَّل السكون في الحركة، وإلا لما كانت هناك حركة.
تقابُل السرعة والبطء
ذهب صدر المتألهين إلى أن السرعة والبطء متقابلان، والتقابل بينهما من نوع التضاد؛ لأنهما أمران وجوديان، والتقابل بين الوجوديَّين هنا هو التضاد. وليس بينهما تقابُل تناقض ولا تقابُل عدم وملكة؛ لأن هذَين النوعَين من التقابل يكونان بين أمرَين أحدهما وجودي والآخر عدمي، والسرعة والبطء كلاهما وجوديان. كما ليس بينهما تقابُل التضايف؛ لأن المتضايفَين أمران وجوديان أيضًا، إذا كان أحدهما بالفعل فالآخر بالفعل، ومن المعلوم أنه إذا كانت سيارة تسير بسرعة لا يلزم أن تُوجَد سيارة قبالها تسير ببطء. إذن لم يبقَ إلا تقابُل التضاد؛ لأن التقابل محصورٌ في أربعة أنواع فقط.
مناقشة المصنف
لكن المصنِّف ناقش فيما قاله ملا صدرا، فقال: تقدَّم في تعريف الضدَّين: أنهما أمران وجوديان متواردان على موضوعٍ واحد، داخلان تحت جنسٍ قريب، بينهما غاية الخلاف. والسرعة والبطء لا يُوجَد بينهما غاية الخلاف؛ لأنه ما من سريع إلَّا ويُوجَد أسرع منه، وما من بطيء إلَّا ويُوجَد أبطأ منه.