في صفات الواجب الوجود تعالى ومعنى اتصافه بها
إن صفات الواجب تنقسم بالقسمة الأولية إلى قسمَين أساسيَّين؛ صفات ذات، وصفات فعل.
الصفات الذاتية
وهي الصفة المنتزَعة من مقام الذات الواجبة، بقطع النظر عما عداها، يعني من دون حاجة إلى افتراض أي أمرٍ آخر سوى الذات، فتكون هذه الصفة ثابتة للذات المتعالية المتنزهة عن العيوب؛ إذ إن مجرد ثبوت الذات يكفي لثبوت هذه الصفة، وهي من قبيل كونه تعالى حيًّا؛ فإن حياته تعالى لا تتوقف على شيءٍ آخر. وكذلك علمه بذاته.
الصفات الفعلية
وهي تلك الصفات غير المنتزَعة من مقام الذات وإنما هي الصفات المنتزَعة من مقام الفعل، والمضافة إلى غيره، يعني أن للواجب بالذات صفاتٍ فعليةً مضافةً إلى غيره، مثلًا تقول: «خالق»، فلا بد أن يُوجَد خلق حتى نقول خالق، و«رازق»، فلا بد أن يكون هناك رزق ومرزوق حتى يكون رازقًا، ونقول: «غفور رحيم» إلى آخره من الصفات، ويجمع هذه الصفات صفة القيُّوم؛ أي إن الصفات الإضافية، الزائدة على الذات، والمنتزَعة من مقام الفعل، ترجع جميعًا إلى القيُّومية، والقيُّومية هي كونه بحيث يقوم به غيره، من وجودٍ أو حيثيةٍ وجودية؛ فإن الخلق والرزق وغيرهما، حيثياتٌ وجودية في موضوعاتها من الوجودات الإمكانية، وهي جميعًا قائمة به تعالى مفاضة من عنده، كما قال صاحب الأسفار.
فصفات الفعل مضافة إلى غيره تعالى، فلا يتحقق الوصف له تعالى بها إلَّا مع فرض أمرٍ خارج؛ أي إنها متوقفة في تحقُّقها على تحقُّق غيره المضاف إليه، بمعنى أن يكون هذا الغير معلولًا له؛ لأن كل ما في هذا الكون من وجودٍ وكمالٍ وجودي هو معلول له، فإذا كان معلولًا له فيكون متأخرًا عنه، فإذا كان متأخرًا عنه تكون صفة الفعل متأخرة؛ لأنها منتزَعة من فعله تعالى، منتزَعة من تلك الأشياء التي خلقَها وأوجدَها هو.
إذن الصفة المتوقفة على وجود الأفعال متأخرة عن الذات؛ لأنها، أي الأفعال، تُوجِدها ذات الباري تعالى، وهذه الصفات منتزَعة من هذه الأفعال.
وعلى هذا الأساس تكون صفات الفعل زائدة عن الذات؛ لأنها منتزعة من مقام الفعل، وهي منسوبة إلى الذات المتعالية.
إن صفات الفعل كثيرةٌ جدًّا؛ لأنها منتزَعة من أفعاله، فلو فرضنا أنه لم تكُن هناك مخلوقاتٌ له، ولم تكن هناك موجوداتٌ أخرى صدرَت عنه، فمثل هذه الصفات لا تكون، يعني لو لم تكن هناك مخلوقات فلا نقول إنه خالق، وهكذا.
والبحث هنا في صفات الذات لا في صفات الفعل.
اتصافه تعالى بصفات الكمال
إنه سبحانه وتعالى يتصف بصفات الكمال، يعني أن كل ما يمكن له من صفة كمال يكون ثابتًا له؛ لأنه تعالى هو المصدر والمنبع والمبدأ الذي يتدفق ويفيض منه كل وجودٍ وكل كمالٍ وجودي، فإن كل وجود؛ أي مفاد كان التامة، وكل كمالٍ وجودي؛ أي مفاد كان الناقصة، فإنها بتمامها مُفاضةٌ منه تعالى.
فيما سبق، في مبحث العلة والمعلول قلنا: إن العلة أشرف من المعلول، والعلة أقدم من المعلول، والعلة تشمل على كمال المعلول وزيادة، فإذا كان كل كمالٍ وجودي في هذا الوجود مفاضًا منه، فلا بد أن يكون المبدأ والعلة المفيضة لهذه الكمالات تشتمل على هذه الكمالات بدرجةٍ أقوى وأشد وأعلى وأشرف، بناءً على أن كل من يعطي شيئًا لا بد أن يكون متوفرًا على ذلك الشيء؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه ومعطي الشيء غير فاقدٍ له.
وعلى هذا الأساس يتصف الباري تعالى بكل صفةٍ من صفات الكمال.
وقد عبَّر المصنف بقوله: «فله سبحانه اتصافٌ ما بصفات الكمال»؛ لأن هذا الدليل لا يُثبِت أكثر من اتصافٍ ما، أما كون علمه مثلًا غيرَ متناهٍ، وكذا سائر صفاته، فإنما يثبُت بعد إثبات كون صفاته تعالى عين ذاته.
الصفات الثبوتية
إن الصفات الذاتية تنقسم إلى قسمَين:
-
(١)
صفات ثبوتية.
-
(٢)
صفات سلبية.
والمقصود بالثبوتية هي الصفات الثابتة له؛ أي صفات إيجابية، صفات جمال وصفات كمال له. فالصفات الثبوتية، كالحياة والعلم والقدرة، فنقول مثلًا إنه: حي، عالم، قادر … إلخ.
الصفات السلبية
هي صفاتٌ منفية عنه؛ أي صفات جلال، يعني يُجَلُّ ويُنَزَّهُ عن هذه الصفات، كما نقول: ليس بجاهل، ليس بجسم. والصفات السلبية تعود إلى الصفات الإيجابية؛ إذ عرفنا فيما سبق أنه لا يجوز أن تُنفى عنه أية صفة من صفات الكمال، يعني كل صفة تمكن له بالإمكان العام ولا تكون ممتنعة بالنسبة إليه، فيكفي إمكانها في ثبوتها؛ أي إن إمكانها يساوق وجودها وثبوتها؛ فكل كمالٍ ثابتٌ له، وهذا يعني أن ثبوت كل كمالٍ له نفي عدم الكمال عنه، بمعنى إذا كان الكمال ثابتًا له فلا يجوز نفيه عنه، وكل نقص يكون منفيًّا عنه.
إذن الصفات السلبية تعني نفي النقص وهو كمال، ونفي الفقر والاحتياج وهو غنًى، وعلى هذا الأساس تعود الصفات السلبية إلى الصفات الإيجابية الثبوتية؛ لأنها سلبُ سلبِ الكمال؛ أي ثبوت وإيجاب الكمال. مثلًا نقول: الله تعالى ليسَ بعاجز، والعجز عدم القدرة، فالله سبحانه ليس بعاجز، يعني ليسَ ليسَ بقادر، تصبح النتيجة: الله سبحانه وتعالى قادر؛ لأن نفي النفي إثبات.
أقسام الصفات الثبوتية
إن الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمَين:
-
(١)
صفات حقيقية.
-
(٢)
صفات إضافية.
الصفات الحقيقية مثل: العالم، الحي، القادر، أما الصفات الإضافية فمثل، القادرية، العالمية.
ثم إن الصفات الحقيقية تنقسم إلى قسمَين:
-
(١)
حقيقية محضة، كالحي.
-
(٢)
حقيقية ذات إضافة مثل: العالم بالغير؛ فالعلم بالغير لا يلزم منه وجود الغير بالخارج، وإنما وجود الغير في مقام التعقُّل والتصور، يعني لا بد من فرض الغير وإن لم يكن الغير موجودًا، حتى يكون هناك علمٌ بالغير.
في كيفية اتصافه بهذه الصفات
مما لا إشكال فيه أن الصفات الإضافية زائدةٌ على الذات المتعالية؛ لأن الصفات الإضافية، كالقادرية والعالمية، أمورٌ اعتبارية وليست حقيقية، والأمر الاعتباري ليس بحقيقي؛ فإن العالمية مثلًا نفس النسبة التي للعلم إلى المعلوم، والقادرية هي نفس النسبة التي بين القدرة والمقدور، والذات المقدَّسة منزهة، ولا يمكن أن تكون محلًّا للأمور الاعتبارية.
إن الصفات السلبية تئول إلى الصفات الثبوتية كما قلنا، وحينئذٍ تكون الصفات السلبية صفاتٍ ثبوتيةً حقيقية، فحكم الصفات السلبية حكم الصفات الثبوتية الحقيقية، لأنها في حقيقتها هي صفاتٌ ثبوتية.
تُوجَد عدة نظريات في كيفية اتصافه تعالى بالصفات الثبوتية الثابتة له، والتي هي أعم من الحقيقة المحضة والحقيقية ذات الإضافة، وهي:
- الأولى (للحكماء): أن صفاته عين ذاته، وكل صفة من هذه الصفات هي عين الأخرى.
- الثانية (للأشاعرة): أن صفاته زائدةٌ على ذاته ولازمة لذاته، وهي قديمةٌ بقدم الذات.
- الثالثة (للكرَّامية): في أن الصفات زائدةٌ على الذات، حادثةٌ وليست قديمة.
- الرابعة (للمعتزلة): أن معنى اتصاف الذات بالصفات كون الفعل الصادر من الذات فعلَ من تلبَّس بهذه الصفة؛ أي إن معنى كون الواجب عالمًا أنَّ الفعل الصادر منه هو فعل العالم، يعني فعله كما يفعل العالم؛ أي إن الفعل الصادر منه فعلٌ محكَمٌ متقَن دقيق، فعلٌ له غايةٌ عقلائية، مثل ما يفعل العالم؛ فالذات هنا نائبةٌ منابَ الصفات، وليس هناك صفاتٌ وإنما الذات هي التي تنوب منابَ الصفات.
(١) نظرية الحكماء
الحق من هذه الأقوال هو الرأي المنسوب إلى الحكماء؛ أي إن له تعالى صفات، وهذه الصفات عين الذات، وكل صفةٍ هي عين الأخرى، يعني أنها مختلفة في المفهوم ولكن مصداقها مصداقٌ واحد.
والدليل على هذا القول يتألف من مقدمات هي:
-
(١)
أن الواجب تعالى علةٌ تامة لكل موجودٍ ممكن؛ إما أن يكون بلا واسطة أو بواسطةٍ واحدة أو بعدة وسائط، بمعنى أن الواجب هو العلة بذاتها.
-
(٢)
أن كل كمالٍ وجودي في المعلول ناشئ من العلة، يعني العلم الموجود في المعلول، القدرة الموجودة في المعلول، كل ما نراه من وجوداتٍ كمالية في المعلول، ناشئ من العلة؛ ولذلك لا بد أن تكون العلة في مقام عليَّتها واجدةً لهذا الكمال الوجودي بنحوٍ أعلى وأشرف؛ فالعلم الموجود لديك لا بد أن يكون عند الواجب بنحوٍ أعلى وأشرف.
إذن للواجب بالذات كل كمالٍ وجوديٍّ مفترَض.
-
(٣)
أن وجود واجبٍ وجودٌ صِرفٌ بسيط، وهو واحد بالوحدة الحقة الحقيقية، وليس واحدًا بالوحدة العددية؛ فإن ذات الواجب ليس فيها تعدُّد ولا تركيب ولا جهة؛ لأن الوحدة الحقة هي التي تكون فيها ذات الواحد عين الوحدة؛ إذ لو كانت وحدتُه زائدةً على ذاته للزم زيادة وجوده على ذاته؛ لأن الوحدة تسوق الوجود.
فالنتيجة أن كل كمالٍ مفروضٍ له يكون عين ذاته وعين الكمال الآخر المفروض له، وعلى هذا الأساس تكون الصفات الذاتية الثابتة للواجب بالذات، وإن كانت مختلفةً مفهومًا، ولكنها متحدةٌ مصداقًا. وكل صفة من صفاته تعالى واجدةٌ لجميع الصفات وعينها.
الإرادة
حاول بعضهم أن يرُدَّ على برهان عينية الصفات للذات وتبعية برهان عينية كل صفة للجميع، بردِّ صغرى ذلك البرهان، وهي أن ذاته تعالى مبدأ لكل جمالٍ وجودي.
حيث قالوا إن علة الإيجاد هي المشيئة والإرادة دون الذات. لكن المصنِّف يقول هذا الكلام لا محصل له، وذلك لما يلي:
-
(١)
أن الإرادة إن كانت صفة ذاتية فهي عين الذات، يعني تكون نسبة إيجاد الأشياء للإرادة عين نسبة إيجاد الأشياء للذات؛ لأنه لا تُوجَد عندنا اثنينية، وإنما الإرادة هي الذات والذات هي الإرادة مصداقًا؛ فهما أمرٌ واحد. وهذا الكلام ليس فيه إضافةٌ على الذي قلناه.
-
(٢)
وإذا كان يقصد أن الإرادة من صفات الفعل، فصفات الفعل كما قلنا منتزَعة من مقام الفعل، يعني لا بد أن يكون هناك فعلٌ موجود ثم ننتزع منه صفةَ الفعل، فيكون الفعل متقدمًا على الإرادة، يعني الذات أولًا والفعل ثانيًا والإرادة ثالثًا؛ لأنَّ صفة الفعل منتزَعة من الفعل، فإذا كانت منتزعة من الفعل، فكيف يكون الفعل مستندًا إليها في وجوده؟ لأن إسناد الفعل إليها في وجوده يعني تقدُّم المعلول على العلة، وهو مُحال.
-
(٣)
أنه يلزم من القول الذي يقول: إن علة الإيجاد هي المشيئة والإرادة دون الذات، كون نسبة الإيجاد والخلق إلى الواجب نسبةً مجازيةً لا حقيقية؛ لأن الخالق ليس هو وإنما الخالق حقيقته هو مشيئته وارادته، بينما نسبة الخلق والإيجاد إلى الواجب تعالى ليست نسبةً مجازية وإنما هي نسبةٌ حقيقية.
(٢) نظرية الأشاعرة
يُنسب إلى المدرسة الأشعرية أنها تقول: بأن ذات الحق تتصف بمجموعة من الصفات، وبحكم كون الصفة مغايرة للموصوف فإن الصفات مغايرة للذات.
وبكلمةٍ أخرى إن الصفات زائدة على الذات، وبما أن الموصوف، الذات قديمة الوجود، إذن يلزم أن تكون الصفات أيضًا قديمة، وبما أن الذات واجبة الوجود فيلزم أن تكون الصفات أيضًا واجبة الوجود كالموصوف.
فصفات واجب الوجود تكون كذات الواجب؛ فكما أن ذات الواجب واجبة فالصفات واجبة أيضًا، وكما أن ذات الواجب قديمة فالصفات قديمة كذلك.
وعلى هذا الأساس سوف يلزم من قول الأشاعرة تعدُّد القديم، وهو الذات والصفات.
وذكروا من هذه الصفات: الحياة، والقدرة، والعلم، والسمع، والبصر، والإرادة، والكلام، فهذه الصفات تكون كلها قديمة.
مناقشة الأشاعرة
وقد رد المصنِّف عليهم بقوله: بأن هذه الصفات إما أن تكون معلولة أو لا تكون معلولة، يعني أن هذه الصفات الزائدة على الذات واللازمة لها والقديمة بقدمها، إن كانت في وجودها مستغنيةً عن العلة قائمةً بنفسها، فيلزم من ذلك تعدُّد القديم؛ أي يكون هناك ثمانية قدماء، سبعة منها الصفات، والذات هي الثامنة. وقد ذكرنا فيما سبق أن براهين وحدانية الواجب تُثبِت أن الواجب القديم واحدٌ أحد، وليس سواه واجبٌ قديمٌ آخر.
هذا إذا قلنا إن الصفات في وجودها مستغنية عن العلة، وإن قلنا إنها في وجودها مفتقرة إلى العلة، فلا يخلو أمرها؛ إما أن تكون علتها هي الذات، فعلى هذا تكون الذات علةً متقدمة على هذه الصفات ومفيضةً لها، بينما كانت الذات فاقدةً لهذه الصفات؛ لأنها هي التي تُوجِدها، ومن المحال أن يكون الشيء موجدًا لما هو فاقد له؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فهذا مُحال.
مضافًا إلى أنه يلزم من ذلك حاجة الواجب باتصافه بصفات الكمال إلى غيره، والحاجة بأي صورة من الصور فُرضَت تنافي الوجوب الذاتي؛ لأن الوجوب الذاتي مناط الغنى.
كما يلزم من ذلك فقدان الواجب في ذاته صفات الكمال، وقد تقدم أن الواجب هو صِرف الوجود الذي لا يشذ منه كمال ولا يفقد شيئًا من الكمال الوجودي.
فعلى هذا الأساس يكون القول الذي ذهب إليه الأشاعرة في الصفات ليس بتام.
(٣) نظرية الكرَّامية
الكرَّامية أصحاب محمد بن كرَّام المتوفى سنة ٢٥٥ﻫ، وهو من أهل سجستان، وكان أبوه حارسًا لأشجار الكروم. وهو يذهب إلى أن الصفات زائدةٌ على الذات وحادثة.
وهذا القول أيضًا باطل؛ لأنه يلزم منه إمكانُ الصفات واحتياجُها إلى العلة، يعني أن هذه الصفات تكون ممكنة وليست بواجبة، وهي محتاجة إلى العلة؛ لأن كل ممكنٍ محتاجٌ إلى العلة.
وهذا يعني كون الذات المتعالية ذات مادة؛ لأن كل حادثٍ زمانيٍّ مسبوقٌ بمادة، كما مرَّ في الفصل الأول من المرحلة العاشرة.
ثم إن العلة للصفات إما الذات أو غير الذات، فإذا كانت العلة الذات فيلزم من ذلك أن تُفيض الذات هذه الصفات التي هي فاقدة لها، وقد تبيَّن أن فاقد الشيء لا يعطيه. وإذا افترضنا أن المُفيض لهذه الصفات وعلة هذه الصفات هي غير الذات، فيلزم من ذلك تحقُّق جهة إمكانية في الذات وسلب الكمالات الوجودية عن الذات، وقد تحقَّق أن الذات ليس فيها جهة إمكانية؛ لأن واجب الوجود بالذات واجب الوجود من جميع الجهات، وأن واجب الوجود يشتمل على كل كمالٍ وجودي.
(٤) نظرية المعتزلة
النظرية المنسوبة إلى المعتزلة هي القول الذي يرى أن الذات نائبة عن الصفات، فيلزم من ذلك أن الذات تكون فاقدةً للكمال، بينما الذات المقدسة مفيضة للكمال. ومن الواضح أن الفاقد للكمال لا يكون مفيضًا ومعطيًا له؛ ففاقد القدرة والعلم لا يمكن أن يعطيهما؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
وحسب تعبير صاحب المنظومة، في الحقيقة هم نافون للصفات، ومنشأ غلطهم أن الصفة هي المعنى القائم بالغير، فكيف يكون ذاتًا مستقلة، ولم يتفطَّنوا إلى أن حقيقة كل صفة هي الوجود، والوجود مقول بالتشكيك، فكل صفة له عرض عريض، كما مرَّ في العلم أن مرتبة منه كيف، ومرتبة منه واجب بالذات، وقِسْ عليه القدرة والإرادة وغيرهما، فالمرتبة الأعلى من كل صفة هي حقيقة تلك الصفة بلا مجاز، والألفاظ موضوعة للمعاني العامة.