الفصل الثاني

طبيعة الإشعاع الشمسي

تأتي الطاقة الشمسية إلى الأرض في شكل إشعاع، أو ضوء شمسي يتألَّف طيفه من الضوء المرئي والأشعة تحت الحمراء القريبة والأشعة فوق البنفسجية القريبة. ولدراسة خواص ضوء الشمس، نحتاج إلى تأمله وفهمه من منظورَيْن: باعتباره موجة كهرومغناطيسية وباعتباره تدفُّقًا من الفوتونات. المنظور الأول مهم بالنسبة لكل التطبيقات الحرارية الشمسية والطلاءات المضادة للانعكاس الخاصة بالخلايا الشمسية. والمنظور الثاني مهم فيما يتعلَّق بالخلايا الشمسية والكيمياء الضوئية الشمسية. يُجمَع بين المنظورين في الديناميكا الكهربية الكمية، وهو واحد من أكثر المجالات خصوبة ونضجًا في الفيزياء الحديثة. وهنا، وبغرض التبسيط، سنقدِّم معالجة مبدئية لكلٍّ من هذين المنظورين على حدة.

(١) الضوء باعتباره موجات كهرومغناطيسية

حتى منتصف القرن التاسع عشر، كان الضوء والظواهر الكهرومغناطيسية يُعدان كيانَيْن مستقلَّيْن تمامًا. وفي عام 1865، وفي ورقة بحثية بارزة بعنوان «نظرية ديناميكية للمجال الكهرومغناطيسي»، افترض جيمس كلارك ماكسويل (انظر الشكل ٢-١) أن الضوء موجة كهرومغناطيسية [58]. وفي تلك الورقة البحثية، طور مجموعة كاملة من المعادلات التي تفسِّر الظواهر الكهرومغناطيسية، والمعروفة الآن ﺑ «معادلات ماكسويل». واعتمادًا على تلك المعادلات، تنبَّأ بوجود الموجات الكهروضوئية التي تنتشر في الفضاء الحُر بسرعةٍ مساويةٍ تمامًا لسرعة الضوء، التي كان قد تَثبَّت منها تجريبيًّا حينها هاينريش هيرتز. وقد أصبح افتراض ماكسويل الجريء بأن الضوء موجة كهرومغناطيسية منذ ذلك الحين واحدًا من أسس الفيزياء.
fig38
شكل ٢-١: جيمس كلارك ماكسويل. هو فيزيائي اسكتلندي (1831–1879) ويُعد واحدًا من أكثر الفيزيائيين تأثيرًا إلى جانب إسحاق نيوتن وألبرت أينشتاين. وقد طوَّر مجموعة من المعادلات تصف الظواهر الكهرومغناطيسية، التي يُطلق عليها «معادلات ماكسويل». وفي عام 1865، اعتمادًا على تلك المعادلات، تنبَّأ بوجود موجات كهرومغناطيسية وافترض أن الضوء إحداها [58]. ووضع أيضًا النظرية الحركية للغازات وابتكر شخصية في مجال الخيال العلمي تسمى «شيطان ماكسويل». البورتريه معروض بإذن من متحف سميثسونيان.

(١-١) معادلات ماكسويل

في الفراغ، أو الفضاء الحر، تكون معادلات ماكسويل كما يلي:

(2-1)
(2-2)
(2-3)
(2-4)
لا يمكن أن يوجد التيار الكهربي في الفضاء الحر. وبالنسبة للمواد الخطية والمنتظمة والموحدة الخواص، تتحدَّد كثافة التيار من خلال شدة المجال الكهربي عن طريق قانون أوم:
(2-5)
الأسماء والمعاني والوحدات الخاصة بالكميات الفيزيائية الموجودة في تلك المعادلات معروضة في الجدول ٢-١. على سبيل المثال، الثابت الكهربي له معنى بديهي كما يلي. إن المكثف المكوَّن من لوحَيْن موصلين متوازيين بمساحة ومسافة له تكثيف بوحدة الفاراد. بالمثل، الثابت الكهربي له معنى بديهي كما يلي. إن المِحثَّ المصنوع من ملف لولبي طويل بعدد معين من اللفات بمساحة مقطع عرضي وطول له محاثة بوحدة هنري.
جدول ٢-١: الكميات في معادلات ماكسويل.
الرمز الاسم الوحدة المعنى أو القيمة
شدة المجال الكهربي V/m
شدة المجال المغناطيسي T (تسلا)
كثافة الشحنة الكهربية C/m3
كثافة التيار الكهربي A/m2
الثابت الكهربي (سماحية الفضاء الحر) F/m
الثابت المغناطيسي (نفاذية الفضاء الحر) H/m
التوصيل

(١-٢) الجهد المتجهي

للتعرف على المجال الكهرومغناطيسي في الفراغ، هناك طريقة مناسبة تتمثَّل في استخدام «الجهد المتجهي». من المعادلة 2-2، من الممكن إنشاء مجال متجهي A يحقِّق ما يلي:
(2-6)
ومن ثَم، تتحقَّق تلقائيًّا معادلة 2-2. وبتعويض المعادلة 2-6 في المعادلة 2-3، نحصل على ما يلي:
(2-7)
لأي دالة و ، من الممكن إنشاء الجهد المتجهي كما يلي:
(2-8)
بحيث يكون هو الجهد الكهروستاتيكي الناتج عن الشِّحْنات. واختيار الجهد المتجهي ليس فريدًا. وبإضافة تدرُّج دالة اختيارية له، لا تتغيَّر قيمتا المجال الكهربي والمجال المغناطيسي. ويُطلق على هذا «ثبات قياس» الجهد المتجهي. ومن الممكن تعريف جهد متجهي يحقق الشرط التالي:
(2-9)
تُسمى معادلة 2-9 «مقياس كولوم»، وهو أكثر مقياس مناسب للتعامل مع المسائل غير النسبية لأي نظام ذري أو موجة كهرومغناطيسية مستقلة. في واقع الأمر، باستخدام المعادلة 2-9 والمعادلة ماكسويل الأول، معادلة 2-1، نحصل على ما يلي:
()
يعني هذا أن الجهد العددي يُولَّد من الشِّحْنات الاستاتيكية فقط؛ ومن ثَم من الملائم استخدامه عند التعامل مع مسائل التفاعلات بين المجال الإشعاعي والنظم الذرية. لمزيد من التفاصيل عن مشكلة القياس، انظر، على سبيل المثال، كتاب «النظرية الكمية للإشعاع» لفالتر هايتلر [37].

(١-٣) الموجات الكهرومغناطيسية

في هذا القسم، سندرس الموجات الكهرومغناطيسية في الفضاء الحر؛ أي عندما تكون قيمة الشحنة الكهربية والتيار صفرًا. وبتعويض المعادلتين 2-6 و2-8 في المعادلة 2-4، نحصل على ما يلي:
(2-11)

باستخدام المطابقة

(2-12)
والمعادلة 2-9، تصبح المعادلة 2-11 كما يلي:
(2-13)

وبإدخال:

(2-14)
تصبح المعادلة 2-13:
(2-15)
وهي معادلة موجية بسرعة متجهة . وبسبب المعادلتين 2-6 و2-8، تحقق أيضًا شدة المجال الكهربي وشدة المجال المغناطيسي نفس المعادلة المَوْجية:
(2-16)

و

(2-17)
وطبقًا لقيمتَيْ و الناتجتَيْن من قياسات كهرومغناطيسية تمت في ستينيات القرن التاسع عشر، فإن السرعة المتجهة للموجات الكهرومغناطيسية يجب أن تكون 3.1 × 108m/s. على الجانب الآخر، فإن القيمة التجريبية لسرعة الضوء في ذلك الوقت كانت . وكان هذا الفارق مقبولًا في إطار الخطأ التجريبي. وهكذا افترض ماكسويل ما يلي [58]:

يبدو أن اتفاق النتائج يثبت أن الضوء والمغناطيسية شكلان لنفس المادة وأن الضوء اضطراب كهرومغناطيسي منتشر عبر المجال وفقًا لقوانين كهرومغناطيسية.

تَثبَّتَ هاينريش هيرتز في عام 1865 تجريبيًّا من نظرية ماكسويل الخاصة بالموجات الكهرومغناطيسية. ومن خلال القياسات الكهربية الحديثة، نجد أن تساوي 2.998 × 108m/s، التي هي بالضبط سرعة الضوء في فراغ .

(١-٤) الموجات المستوية

تُعرَّف أي موجة كهرومغناطيسية ذات تردد دائري ω في الفراغ كما يلي:
(2-18)
لدراسة خواص الموجات الكهرومغناطيسية، دعنا نتأمَّل الحالة التي تنتشر فيها الموجة في اتجاه واحد، لنقل . في تلك الحالة، تعتمد شدات المجال فقط على . وتصبح المعادلة 2-15 كما يلي:
(2-19)

والحل العام يكون:

(2-20)
بحيث يكون ثابتًا وتُعرف مركِّبة الخاصة بالمتجه الموجي كما يلي:
(2-21)

(١-٥) استقطاب الضوء

على الرغم من أنه بوجه عام يمكن أن يكون للجهد المتجهي مركِّبات و و بسبب المعادلة 2-9، فإن مركِّبة الخاصة بالجهد المتجهي يجب أن تكون صفرًا:
(2-22)
هذا يعني أن يجب أن يكون ثابتًا عبر الفضاء بالكامل. ولأننا نركز هنا على الموجات الكهرومغناطيسية أو تغير المجالات المغناطيسية، فيمكننا ببساطة جعل تساوي صفرًا. فالموجات «عرضية». بعبارة أخرى، تكون متجهات الشدة عمودية على اتجاه الانتشار.
ويمكن أن يكون اتجاه الجهد المتجهي أو أو أي مزيج خطي من مركِّبتي و . وبالنسبة لمركِّبة الخاصة ﺑ ، لدينا:
(2-23)
وتكون شدة المجال الكهربي، تبعًا للمعادلة 2-8:
(2-24)
وشدة المجال المغناطيسي، تبعًا للمعادلة 2-6:
(2-25)
لذا فإن مركِّبتي شدة المجال الكهربي وشدة المجال المغناطيسي الوحيدتين اللتين لا تكونان صفرًا هما و . وطبقًا للمعادلة 2-21، هما متفقتان في الطور ومتناسبتان:
(2-26)
باختصار، وطبقًا للنظرية الكهرومغناطيسية للضوء، متجه شدة المجال الكهربي عمودي على اتجاه انتشار الضوء. إن شدة المجال المغناطيسي عمودية على كل من اتجاه متجه شدة المجال الكهربي واتجاه انتشار الضوء، كما أن مقدارها متناسب مع شدة المجال الكهربي. انظر الشكل ٢-٢.
fig39
شكل ٢-٢: الموجة الكهرومغناطيسية. الموجة الكهرومغناطيسية «عرضية»، بحيث يكون متجها الشدة و عموديَّيْن على اتجاه الانتشار. كما أن شدة المجال الكهربي عمودية على شدة المجال المغناطيسي . ويتكوَّن متجه فيض الطاقة الذي يساوي من و عن طريق قاعدة اليد اليمنى.

(١-٦) حركة إلكترون في المجالَيْن الكهربي والمغناطيسي

في هذا القسم، يُدْرَس تفاعل المجال الإشعاعي — مع تغيُّر المجالَيْن الكهربي والمغناطيسي مع تغير الوقت — مع الإلكترونات ضمن الميكانيكا الكلاسيكية كتحضير لتناول ميكانيكي كمي.

والطريقة القياسية لعرض الميكانيكا الكمية لأي نظام ديناميكي هي أولًا بعرض المعادلة الكلاسيكية للحركة بصيغة هاملتونية. إن المؤثر الهاملتوني لأي نظام ديناميكي هو دالة لإحداثية والزخم المقابل ، مما يمثل الطاقة الإجمالية. على سبيل المثال، لإلكترون بشحنة في مجال كهربي بجهد ، يكون المؤثر الهاملتوني:
(2-27)

معادلات الحركة بالصيغة الهاملتونية هما زوج من المعادلات التفاضلية العادية من الدرجة الأولى:

(2-28)
(2-29)
هناك معادلات مماثلة ﻟ و . وباستخدام المعادلتين 2-29 و2-27، يكون التعبير عن الزخم مطابقًا للتعريف المعتاد:
(2-30)
بحيث تعني النقطة أخذ مشتق متعلق بالوقت . وبتطبيق المعادلتَيْن 2-28 و2-29، نجد:
(2-31)
التي هي معادلة نيوتن للحركة، بحيث هي شدة المجال الكهربي.
وبالنسبة لحركة أي إلكترون في المجالَيْن الكهربي والمغناطيسي، فإن الطريقة القياسية هي إدراج الجهد المتجهي في التعبير عن الزخم ببساطة باستبدال في المؤثر الهاملتوني:
(2-32)

أو

(2-33)
وبتطبيق معادلة 2-29 على المعادلة 2-32، نحصل على ما يلي:
(2-34)

وهكذا. وبالشكل المتجهي، تكون:

(2-35)
التي هي تعريف الزخم في أي مجال مغناطيسي. وبتطبيق المعادلة 2-28 على المعادلة 2-32 وباستخدام المعادلة 2-35، للمركِّبة ، نحصل على ما يلي:
(2-36)
يمكن الحصول على معادلة نيوتن المعروفة الخاصة بالحركة، المماثلة للمعادلة 2-31، من المعادلتين 2-33 و2-36. وتكون المركِّبة مُعطاة كما يلي:
(2-37)

لاحظ أن:

(2-38)
على سبيل المثال، أنه بالنسبة للمركِّبة ، نحصل على ما يلي:
(2-39)
وباستخدام المعادلتين 2-6 و2-8 في شكل متجهي، تكون معادلة الحركة:
(2-40)
التي هي معادلة نيوتن مع تضمين القوة المغناطيسية. وهكذا، حدث تحقق من صحة المؤثر الهاملتوني، معادلة 2-32. وسنستخدم هذا المؤثر في التناول الميكانيكي الكمي لتفاعل الإشعاع مع النظم الذرية.

(٢) بصريات الأغشية الرفيعة

تلعب نظرية الضوء الخاصة بماكسويل دورًا محوريًّا في فهم أغشية الامتصاص الانتقائي المستخدمة في التطبيقات الحرارية الشمسية والأغشية المضادة للانعكاس في الخلايا الكهروضوئية. والنظرية العامة ذات زاوية السقوط الاعتباطية معقدة إلى حد بعيد، لكن بالنسبة للتطبيقات المرتبطة بالطاقة الشمسية، فيكفي دراسة حالة السقوط العمودي، التي توضح معظم الأمور الفيزيائية ذات الصلة. أولًا، دعنا نوسع معادلات ماكسويل للعوازل الكهربية.

(٢-١) ثابت العازل الكهربي النسبي ومعامل الانكسار

تُستخدَم معادلات ماكسويل، المعادلات من 2-1 إلى 2-4، في حالة الفراغ. ولوصف الظواهر الكهرومغناطيسية في وسط غير مغناطيسي، يحل محل الثابت الكهربي الثابت الكهربي للوسط . وهكذا تكون معادلات ماكسويل كما يلي:
(2-41)
(2-42)
(2-43)
(2-44)

باتباع ما ورد في الفصل الثاني – قسم (١-١)، وجدنا أن المعادلات الموجية لشدة المجال الكهربي وشدة المجال المغناطيسي هي:

(2-45)
(2-46)
بحيث تكون السرعة المتجهة مُعطى كما يلي:
(2-47)
وبالمقارنة مع المعادلة 2-14، نجد أن علاقة مع هي:
(2-48)

وبتعريف ثابت العازل الكهربي النسبي للوسط كما يلي:

(2-49)
تكون نسبة سرعة الضوء في فراغ لسرعة الضوء في الوسط، التي يُطلق عليها «معامل الانكسار» كما يلي:
(2-50)
بوجه عام، يعتمد ثابت العازل الكهربي النسبي ومعامل الانكسار على التردد أو الطول الموجي للموجة الكهرومغناطيسية. وبالنسبة للتطبيق في نظم الطاقة الشمسية، فإن أكثر الحالات ذات الصلة هي الإشعاع الشمسي في الطيف المرئي أو تحت الأحمر. يعرض الجدول ٢-٢ لثابت العازل الكهربي النسبي ومعامل الانكسار لمواد متعددة عادة ما تُستخدم في نظم الطاقة الشمسية.
جدول ٢-٢: ثابت العازل الكهربي ومعامل الانعكاس لمواد ذات صلة بنظم الطاقة الشمسية.*
المادة الطول الموجي
السيليكون 12.2 3.49
الجرمانيوم 16.8 4.10
ثاني أكسيد التيتانيوم 5.76 2.4
ثاني أكسيد السيليكون مرئي 2.40 1.55
زجاج النوافذ مرئي 2.40 1.55
كبريتيد الزنك مرئي 5.43 2.33
أكسيد السيريوم الرباعي مرئي 3.81 1.953
فلوريد الكالسيوم مرئي 2.06 1.435
فلوريد الماغنسيوم مرئي 1.91 1.383
المصدر: «دليل المعهد الأمريكي للفيزياء»، الطبعة الثالثة، دار نشر ماكجروهيل، نيويورك، 1982.
بالنسبة للموجات الكهرومغناطيسية المنتشرة في الاتجاه بمتجه موجي وشدة مجال كهربي في ، على نحو مشابه للمعادلات من 2-24 إلى 2-26، تكون المركِّبات غير الصفرية هي:
(2-51)
(2-52)
ويكون المتجه الموجي مُعطى كما يلي:
(2-53)
بالإضافة إلى ذلك، وطبقًا للمعادلة 2-50، يكون المجالان الكهربي والمغناطيسي متفقين في الطَّوْر ومتناسبين:
(2-54)

(٢-٢) ميزان الطاقة ومتجه بوينتنج

دعنا ندرس ميزان الطاقة في أي مجال كهرومغناطيسي بتأمل وحدة حجم في مجالات منتظمة نسبيًّا. إذا كانت كثافة التيار هي وشدة المجال الكهربي هي ، فإن الفقد الأومي للطاقة لكل وَحْدةٍ زمنيةٍ لكل وحدة حجم هو حاصل ضرب و . وباستخدام معادلة 2-44، يصبح التعبير عن فقد الطاقة:
(2-55)

وباستخدام المطابقة الحسابية:

(2-56)
تصبح المعادلة 2-55 كما يلي:
(2-57)
وباستخدام المعادلة 2-43، تصبح المعادلة 2-57:
(2-58)
للجانب الأيمن للمعادلة 2-58 تفسير بسيط. تكون كثافة طاقة المجالات الكهرومغناطيسية هي:
(2-59)

في حين تكون كثافة القدرة للمجال الكهرومغناطيسي لكل وحدة مساحة:

(2-60)
يُسمى المتجه «متجه بوينتنج» على اسم مكتشفه.
وبالنسبة لموجة كهرومغناطيسية، ووفقًا للمعادلة 2-54، يكون مساويًا ﻟ . ويكون مقدار متجه بوينتنج بطول اتجاه الانتشار:
(2-61)

(٢-٣) معادلات فرينل

تخيل وجود وسطَيْن بمعاملَي انكسار و بسطح يكون فيه يساوي صفرًا، وذلك كما موضح في الشكل ٢-٣. يتحرك الضوء الساقط في الاتجاه بمتجه موجي :
(2-62)

إن شدَّتَيِ المجال للضوء الساقط هما:

(2-63)
(2-64)
fig40
شكل ٢-٣: اشتقاق معادلات فرينل. يشترك وسطان بمعاملي انكسار و في سطح يكون فيه يساوي صفرًا. وللضوء الساقط متجه موجي . وللضوء النافذ متجه موجي . والمتجه الموجي الخاص بالضوء المنعكس مماثل لذلك الخاص بالضوء الساقط ولكن بعلامة عكسية. وبتطبيق معادلات ماكسويل على السطح، يمكن اشتقاق العلاقات بين مركِّبات الضوء الثلاثة.
بحيث يكون ثابتًا يميز شدة الضوء الساقط.
بالنسبة للضوء النافذ، فيتحدَّد المتجه الموجي من خلال معامل الانعكاس للوسط 2:
(2-65)

تكون شدتا المجال للضوء النافذ:

(2-66)
(2-67)
ويتحدَّد الثابت المميز لشدة الضوء النافذ بالشروط الحدية المطلوبة من قبل معادلات ماكسويل.
بالنسبة للضوء المنعكس، ولأنه في نفس الوسط الموجود فيه الضوء الساقط، فإن القيمة المطلقة للمتجه الموجي الخاص به مطابقة لتلك الخاصة بالضوء الساقط، لكن اتجاه معكوس. وباستخدام الرمز نفسه ، تكون شدَّتا المجال الخاص بالضوء المنعكس هما:
(2-68)
(2-69)
لاحظ العلامة السالبة لشدة المجال المغناطيسي . مرة أخرى، الثابت يميز شدة الضوء المنعكس.
على السطح الذي يكون فيه يساوي صفرًا، وباتباع المعادلتين 2-1 و2-2، يجب أن تكون شدتا المجالَيْن المغناطيسي والكهربي متصلتَيْن. بعبارة أخرى:
(2-70)
(2-71)
باستخدام المعادلات من 2-63 وحتى 2-71، نجد:
(2-72)
(2-73)
وحَلَّا المعادلتَيْن 2-72 و2-73 هما:
(2-74)
(2-75)
المعادلتان 2-74 و2-75 هما معادلتا فرينل لحالة السقوط العمودي. من الواضح أنه لو كان يساوي ، فلن يوجد ضوء منعكس، وسينفذ 100 بالمائة من الضوء الساقط عبر السطح.
يمكن تقييم كثافة القدرة الخاصة بكل من الضوء الساقط والضوء النافذ والضوء المنعكس باستخدام المعادلتين 2-74 و2-75 وتعبير متجه بوينتنج، المعادلة 2-60. بالنسبة للضوء الساقط، يكون المقدار هو:
(2-76)

وبالنسبة للضوء النافذ:

(2-77)
وباستخدام المعادلة 2-74،
(2-78)

ويُعرف معامل نفاذ لابُعدي كما يلي:

(2-79)
وباتباع المعادلتين 2-77 و2-78، يمكن تحديد شدة الضوء المنعكس ويُعرف معامل انعكاس لابعدي كما يلي:
(2-80)
بالنسبة لأشباه الموصلات، يمكن أن يكون فقد الانعكاس كبيرًا. على سبيل المثال، بالنسبة للسيليكون، تساوي 3.49. ويكون معامل الانعكاس:
(2-81)
يُفقَد أكثر من 30 بالمائة من الضوء بالانعكاس. ولبناء خلايا شمسية عالية الكفاءة، فمن الضروري استخدام «طلاء مضاد للانعكاس». وسنناقش ذلك في الفصل التاسع – قسم (٤).

(٣) إشعاع الجسم الأسود

من المعروف منذ قرون أن أي جسم ساخن يُصدِر إشعاعًا. فعند درجة حرارة نحو 700 درجة مئوية، يصبح أي جسم متوهجًا بالحرارة. وفي درجات الحرارة الأعلى، يصدر من أي جسم إشعاع أكبر بكثير، ويتغير اللون إلى البرتقالي والأصفر والأبيض وحتى الأزرق. وفي أواخر القرن التاسع عشر، ومن أجل فهم الظواهر المرتبطة بالتقنية الصناعية مثل صناعة الصلب والمصابيح المتوهِّجة، أصبح الإشعاع الحراري محل دراسة كبيرة من جانب الفيزيائيين.
على الرغم من أن كل الأجسام الساخنة تصدر إشعاعًا، فالأجسام السوداء تصدر القدر الأقصى من الإشعاع في أي درجة حرارة محددة. في حالة التوازن، يجب أن يساوي الإشعاع الصادر الإشعاع الممتص؛ لذا فإن الجسم الذي يصدر القدر الأقصى من الإشعاع يمتص أيضًا القدر الأقصى من الإشعاع، وهذا هو السبب في أنه يبدو أسود اللون. عمليًّا، أي جسم أسود يُبنى بفتح ثَقْب صغير في تجويف كبير، كما هو موضح في الشكل ٢-٤. ويتعرَّض أي شعاع ضوئي مار عبر الثقب بمساحة لانعكاسات متعددة على السطح الداخلي للتجويف. وإذا لم تكن المادة برَّاقةً على الإطلاق، فبعد عدة اصطدامات سيُمتص الضوء في النهاية بالكامل من جانب التجويف؛ ومن ثَم فإن الثقب الصغير في التجويف الكبير سيبدو دائمًا أسود اللون أو مظلمًا، وهو مثال جيد على الجسم الأسود.

(٣-١) قانون رايلي-جينس

دُرست كثافة الطاقة الخاصة بالإشعاع بوصفها دالة لتردده في أواخر القرن التاسع عشر من جانب اللورد رايلي ثم السير جيمس جينس باستخدام الفيزياء الإحصائية الكلاسيكية. وقد تعاملا مع الموجات الكهرومغناطيسية المستقرة في تجويف كأنماط فردية، وتتَّبِع تلك الأنماط قانون التقسيم المتساوي لإحصاء ماكسويل-بولتزمان.

تخيل تجويفًا تكعيبيًّا مغلقًا بأسطح داخلية عاكسة وضلعه . وتحقق موجة كهرومغناطيسية جيبية بتردُّد المعادلة التالية:
(2-82)

بفرض أن التجويف مصنوع من معدن، ستجد أن شدة المجال الكهربي تتلاشي على جدران التجويف، وهكذا الحال بالنسبة للجهد المتجهي. والحل العام للمعادلة السابقة الذي يحقق هذا الشرط هو:

(2-83)

وتُعرف متجهات الأمواج كما يلي:

(2-84)
بحيث تكون و و أعدادًا صحيحة موجبة. وبالتعويض المباشر، يمكن أن نجد أن الحل، معادلة 2-83، يحقق المعادلة التفاضلية 2-82 والشروط الحدية عند الجدران. وكل مجموعة من الأعداد الصحيحة، و و ، تُمثِّل نمطًا من الموجة الكهرومغناطيسية في التجويف. وبإدراج معادلة 2-84 في معادلة 2-82 نحصل على ما يلي:
(2-85)
وفيما يتعلَّق بالأعداد و و ، تصبح المعادلة 2-85:
(2-86)
fig41
شكل ٢-٤: إشعاع الجسم الأسود. التجويف الكبير ذو الثقب الصغير مثال جيد على الأجسام السوداء. فالضوء الداخل عبر الثقب سيتعرض لانعكاسات متعددة وسيُمَتص كله؛ ومن ثَم سيبدو أسود اللون. ويُصدر أي جسم أسود القدر الأقصى من الإشعاع عند تسخينه.
والآن، نَعُد عدد الموجات المستقرَّة ذات الترددات بتخيُّل جسم كروي نصف قطره . وعدد الخاص بالأنماط ذات قيم و و الموجبة حتى هو:
(2-87)

لكل نوع من الموجات المستقرة، هناك استقطابان؛ ومن ثَم فإن عدد أنماط الموجات الكهرومغناطيسية المستقرة هي:

(2-88)
بحيث يكون هو الحجم، وتكون «كثافة الحالات» بالتردُّد :
(2-89)
تبعًا لإحصاء ماكسويل-بولتزمان، عند درجة الحرارة المطلقة ، كل درجة حرارة تعطي طاقة ، بحيث يكون هو ثابت بولتزمان وتكون كثافة الطاقة:
(2-90)
المعادلة 2-90 هي كثافة طاقة الإشعاع لكل مدى وحدة تردُّد في تجويف بدرجة حرارة . وهي غير قابلة للرصد على نحو مباشر. والكمية القابلة للرصد على نحو مباشر هي الإشعاع المنعكس الطيفي، ؛ أي، الطاقة المشعة من وحدة مساحة خاصة بالثقب لكل مدى وحدة تردد. ولحساب من ، سنتأمَّل أولًا حالة مبسَّطة: إذا كان المجال مُحدد اتجاه إشعاعه بدقة وله سرعة متجهة ، فلدينا:
(2-91)
نظرًا لصغر حجم الثقب، فإن المجال الإشعاعي في التجويف يكون موحد الخواص. وحيث إن الإشعاع يأتي فقط عبر ثقب له اتجاه محدد بدقة، فإن يجب أن يكون كسرًا من . ويمكن تحديد قيمة الكسر باستخدام البرهان التالي؛ تخيَّل وجود جسم كروي بنصف قطر . إن مساحة سطح هذا الجسم هي . وإذا سُمح للإشعاع الموجود بداخل الجسم الكروي بأن يصدر في كل الاتجاهات، فإن المساحة تكون . أما إذا سُمح بأن يصدر في اتجاه واحد فقط، فإن مساحة تكوُّن قرص بنصف قطر ؛ أي، ؛ ومن ثَم فإن العامل يكون 1/4. وتصبح المعادلة 2-91:
(2-92)
فيما يلي إثبات أكثر تفصيلًا للعامل 1/4. تأمَّل الإشعاع الصادر من ثقب صغير بمساحة A على التجويف؛ ارجع إلى الشكل ٢-٤. ولأن الموجة الكهرومغناطيسية موحدة الخواص وسرعة الضوء هي c، فإن الطاقة الصادرة عبر زاوية مجسمة بزاوية هي:
(2-93)
لأن مساحة الثقب الملحوظة من زاوية هي . وعن طريق التكامل عبر نصف الكرة، يكون الإشعاع الإجمالي لكل وحدة مساحة:
(2-94)
مما يؤكد معادلة 2-92. وباستخدام معادلة 2-90، نحصل في النهاية على توزيع رايلي-جينس لإشعاع الجسم الأسود:
(2-95)
يتناسب توزيع رايلي-جينس جيدًا مع السلوك ذي التردُّد المنخفض لكثافة الطاقة المعملية، لكن مع زيادة التردُّد، يزيد الإشعاع الساقط الطيفي وتكون طاقة الإشعاع الإجمالية لامتناهية. ويتناقض هذا مع الحقيقة المعملية القائلة بأن إشعاع الجسم الأسود الإجمالي متناهٍ وأن الكثافة الطيفية لها حد أقصى؛ انظر الشكل ٢-٥.

(٣-٢) صيغة بلانك وقانون ستيفان-بولتزمان

في عام 1900، توصَّل ماكس بلانك لصيغة تجريبية تتناسب بدقة مع البيانات المعملية:
(2-96)
إن الثابت في الصيغة، أو ما يسمَّى بثابت بلانك، جرى التوصُّل إليه في البداية بالتوافق مع بيانات إشعاع الجسم الأسود المعملية. ولاحقًا توصل بلانك لتفسير رياضي لصيغته بافتراض أن طاقة الإشعاع يمكن أن تأخذ فقط قيمًا منفصلة. وتحديدًا، افترض أن طاقة الإشعاع بتردد يمكن أن تأخذ فقط مضاعفات صحيحة لقيمة أساسية ، وهي «كم الطاقة»:
(2-97)
وطبقًا لإحصاء ماكسويل-بولتزمان، فإن احتمالية إيجاد حالة بطاقة هي ، ومتوسط قيمة الطاقة لمكون معين لإشعاع بتردُّد هو:
(2-98)
وليس . وباستبدال المعادلة 2-90 بالتعبير في المعادلة 2-98، نعود للمعادلة 2-96.
fig42
شكل ٢-٥: الإشعاع الساقط الطيفي للجسم للأسود. يُعرض هنا الإشعاع الساقط الطيفي للجسم الأسود، أو قدرة الإشعاع الصادرة لكل m2 لكل مدى وحدة طاقة (هنا ﺑ eV) بقيمة طاقة (أيضًا ﺑ eV) بأربع درجات حرارة مختلفة. إن أقصى إشعاع ساقط شمسي يكون عند 1.4eV، بقيمة تبلغ . تبلغ درجة حرارة فتيلة ضوء متوهج نحو 3000K، وتبلغ كثافة قدرة الإشعاع عند سطح الفتيلة نحو 7 بالمائة فقط من تلك التي على الشمس. ويظهر هنا أيضًا الإشعاع الساقط الطيفي من جسم أسود عند نقطة غليان الماء والجسم البشري، بوحدة .

في البداية، اعتقد ماكس بلانك أن تكميم الطاقة هو فقط حيلة رياضية للجمع بين صيغته التي توصل إليها تجريبيًّا والمبادئ الفيزيائية المعروفة في ذلك الوقت. وقد اكتشف ألبرت أينشتاين الأهمية العميقة لمفهوم تكميم الإشعاع ومعنى ثابت بلانك في تفسيره للتأثير الكهروضوئي، الذي يُعد الأساس المفاهيمي للخلايا الشمسية.

بالجمع بين الإشعاع المنعكس الطيفي والتردد، وُجد أن إجمالي الإشعاع هو:

(2-99)

وهنا استُخدمت مطابقة رياضية:

(2-100)
إن المعادلة 2-99 هي «قانون ستيفان-بولتزمان»، المكتشف تجريبيًّا قبل صيغة بلانك والمدعم بحُجَّةٍ تستخدم قواعد الديناميكا الحرارية. والثابت الموجود في المعادلة 2-99:
(2-101)
يُطلق عليه «ثابت ستيفان-بولتزمان». ويمكن تذكُّره باستخدام العدد التالي: 45678. وإجمالي الإشعاع المنعكس يتناسب مع الأس الرابع لدرجة الحرارة المطلقة، كما أن المعامل يساوي حاصل ضرب 5.67 في معكوس الأس الثامن للعدد 10.
بالنسبة للتطبيقات في الخلايا الشمسية، يعد الإلكترون فولت هو الوحدة الأكثر ملاءمة لقياس طاقة الفوتون؛ انظر الشكل ٢-٥. وصيغة بلانك للإشعاع الساقط الطيفي للجسم الأسود فيما يتعلَّق بطاقة الفوتون بوحدة الإلكترون فولت هي:
(2-102)
بحيث يكون هي قيمة بالإلكترون فولت. رقميًّا، هي تساوي . بالنسبة للشمس، تساوي 5800K؛ ومن ثَم، فإن تساوي 0.5eV. في مكان كوكب الأرض، يُخفَّف الإشعاع بسبب المسافة التي بين الشمس والأرض، أي، الثابت الفلكي الذي يساوي 1.5 × 1011m. عامل هندسي يمثل الزاوية المجسمة للشمس بنصف قطر يساوي 6.96 × 108m كما هو مرصود من الأرض:
(2-103)
يكون طيف الإشعاع الشمسي AM0 (خارج الغلاف الجوي في مكان كوكب الأرض):
(2-104)

يمكن أن يكون مكان ذروة الإشعاع الساقط الطيفي للجسم الأسود ذا معادلة متسامية:

(2-105)

ويمكن الحصول عليه من خلال حساب عددي:

(2-106)

بعبارة أخرى، تكون تلك الذروة عند:

(2-107)
قيمة الذروة للدالة هي 1.42؛ ومن ثَم فإن قيمة ذروة الإشعاع الساقط الطيفي هي:
(2-108)
يعرض الجدول ٢-٣ بيانات بعض الحالات الشائعة.
جدول ٢-٣: إشعاع الجسم الأسود عند درجات حرارة مختلفة.
الجسم المشع درجة الحرارة (K) القدرة (W/m2) ذروة (eV) ذروة (μm) ذروة ( )
الشمس 5800 6.31 × 107 1.410 0.88 2.81 × 107
المصباح 3000 4.59 × 106 0.728 1.70 3.88 × 106
الماء المغلي 373 1.10 × 103 0.091 13.6 7.46 × 103
الجسم البشري 310 5.24 × 102 0.075 16.5 4.28 × 103

(٤) التأثير الكهروضوئي ومفهوم الفوتونات

اكتُشف التأثير الكهروضوئي (أو الظاهرة الكهروضوئية) بالصدفة على يد هاينريش هيرتز في عام 1887 أثناء التجارب الساعية إلى توليد موجات كهرومغناطيسية. ومنذ ذلك الحين، أُجري عدد من الدراسات في محاولة لفهم الظواهر ذات الصلة. وفي نحو عام 1900، أجرى فيليب لينارد سلسلة من الدراسات المهمة عن علاقة الطاقة الحركية للإلكترونات المنبعثة بشدة الضوء المصطدم وطوله الموجي [50]. وكانت نتائجه متعارضة على نحو مباشر مع النظرية الموجية للضوء، لكنها ألهمت ألبرت أينشتاين وجعلته يطور نظريته الخاصة بالفوتونات.
يعرض الشكل ٢-٦ مخططًا للجهاز المعملي لفيليب لينارد. إن النظام بأكمله موضوع في غرفة مفرغة. يولِّد مصباح قوسي كهربي — يستخدم قضبانًا كربونية أو قضبانًا مصنوعة من الزنك كأقطاب كهربية — ضوءًا فوق بنفسجي قويًّا، وتسمح نافذة مصنوعة من الكوارتز لهذا الضوء فوق البنفسجي بالسقوط على هدف مصنوع من معادن مختلفة. يكون الهدف وقطبٌ كهربي إضافي متصلَيْن بمصدر طاقة قابل للضبط. ويُستخدَم أميتر لقياس التيار الكهربي المُولَّد من جانب الضوء فوق البنفسجي، أو ما يسمَّى ﺑ «التيار الضوئي»، وبخاصةٍ عندما يكون فرق الجهد بين القطبين الكهربيين صغيرًا جدًّا. وبالزيادة التدريجية لفرق الجهد، الذي يميل لعكس الإلكترونات ثانيةً للهدف، يقل التيار الضوئي. ويُسجَّل فرق الجهد الذي عنده يكون التيار الضوئي صفرًا باعتباره «فرق جهد الإيقاف».

يرتبط فرق جهد الإيقاف ظاهريًّا بالطاقة الحركية للإلكترونات المنبعثة من الهدف:

(2-109)
fig43
شكل ٢-٦: جهاز لينارد لدراسة التأثير الكهروضوئي. تسمح نافذة مصنوعة من الكوارتز للضوء فوق البنفسجي من مصباح قوسي كهربي بالسقوط على هدف. يجري التحكُّم في فرق الجهد فيما بين الهدف والقطب الكهربي الإضافي عن طريق مصدر طاقة قابل للضبط. ويُستخدَم أميتر لقياس التيار الكهربي المُولَّد من جانب الضوء فوق البنفسجي، أو ما يُطلق عليه «التيار الضوئي». وبالزيادة التدريجية لفرق الجهد (مع القطبية الموضحة)، يقل التيار الضوئي. ويُسجل فرق الجهد الذي عنده يكون التيار الضوئي صفرًا باعتباره «فرق جهد الإيقاف» [50].
على نحو مفهوم، يختلف التيار الضوئي حسب شدة الضوء؛ فبتغيير مقدار التيار الذي يدفع القوس أو تغيير المسافة بين المصباح القوسي والهدف، يمكن للتيار الضوئي أن يتغير بقيمتين أسيتَيْن، على سبيل المثال، من 4.1pA إلى 276pA. لاحظ لينارد ظاهرة غير متوقعة ومثيرة وهي أنه بغض النظر عن مدى قوة أو ضعف الضوء، أو مدى كبر أو صغر التيار الضوئي، فإن فرق جهد الإيقاف لا يتغيَّر؛ انظر الجدول ٢-٤. ويتغير فرق جهد الإيقاف فقط عندما تتغير مادة المصباح القوسي الكهربي، لكن بالنسبة لأي نوع معين من الأقواس، يبقى فرق جهد الإيقاف دون تغيير.

التأثير الذي لاحظه لينارد ليس له تفسير في إطار النظرية الموجية للضوء، التي بمقتضاها كلما زادت شدة الضوء، زادت الطاقة الحركية التي تكتسبها الإلكترونات.

جدول ٢-٤: فرق جهد الإيقاف الخاص بالتيار الضوئي.*
مادة القضيب التيار الدافع (A) المسافة إلى الهدف (cm) التيار الضوئي (pA) فرق جهد الإيقاف ( )
الكربون 28 33.6 276 −1.07
الكربون 20 33.6 174 −1.12
الكربون 28 68 31.7 −1.10
الكربون 8 33.6 4.1 −1.06
الزنك 27 33.6 2180 −0.85
الزنك 27 87.9 319 −0.86
المصدر: بي لينارد، دورية «آنالن دير فيزيك»، 8، 167 (1902) [50].

(٤-١) نظرية أينشتاين الخاصة بالفوتونات

في عام 1905، بينما كان يعمل ألبرت أينشتاين فاحص براءات في مكتب براءات الاختراع السويسري، كتب خمس أوراق بحثية نُشرت في دورية «آنالن دير فيزيك»، أشعلت شرارة الثورة العلمية التي حدثت في القرن العشرين. بالنسبة لعامة الناس، أينشتاين معروف أكثر بسبب النظرية النسبية التي وضعها؛ لذا اندهش الناس عندما أعلنت الأكاديمية السويدية في عام 1922 منحه جائزة نوبل «للخدمات التي قدمها للفيزياء النظرية وبخاصة لاكتشاف قانون التأثير الكهروضوئي»، إشارةً لورقته البحثية «وجهة نظر تجريبية عن إنتاج الضوء وتحويله» [27]. كنوع من الإدراك المتأخر، كانت لجنة نوبل على حق: فورقته البحثية عن التأثير الكهروضوئي تُعد الأجرأ والأكثر ثورية والأكثر أصالة. وعلى الرغم من أن تنبؤاته تم التحقق منها بالكامل من خلال التجارب، فلسنوات عديدة لم يقبل عدة علماء فيزياء بارزين مفهومه الخاص بالفوتونات. وفيما يلي اقتباس له [27]:

طبقًا للافتراض المذكور هنا، عندما ينتشر شعاع ضوء بدءًا من نقطة ما، لا تُوزع الطاقة على نحو مستمر على مساحة متزايدة، لكنها تتكوَّن من عدد متناهٍ من كموم الطاقة، الموضوعة في الفراغ، الذي يتحرَّك دون أن ينقسم ويمكن أن يُمتَصَّ أو ينبعثَ فقط كوحدة واحدة.

طبقًا لأينشتاين، عندما يتفاعل الضوء مع المادة، يظهر على هيئة تدفق من الجسيمات الفردية غير القابلة للانقسام، وعندما يتفاعل فوتون مع إلكترون، فإما يُمتَص وإما لا يكون هناك تفاعل. وقيمة طاقة أي فوتون تعتمد على تردُّده:
(2-110)
بحيث الذي يساوي هو ثابت بلانك و هو تردد الضوء. على سبيل المثال، بالنسبة للضوء الأخضر، يساوي والتردد يساوي . وتساوي طاقة الفوتون أو 2.3eV.
عندما يتفاعل فوتون مع إلكترون في المعدن، فإنه ينقل الطاقة بأكملها للإلكترون، ويمكن أن يهرب الإلكترون من المعدن بتجاوز «دالة الشغل» ، التي تبلغ عادةً بضعة إلكترون فولت. إذا كانت طاقة الفوتون أصغر من دالة الشغل الخاصة بالمعدن، فسيبقى الإلكترون في المعدن. وإذا كانت طاقة الفوتون أكبر من دالة الشغل الخاصة بالمعدن، فحينها يمكن للإلكترون أن يهرب من سطح المعدن ﺑ «طاقة حركية زائدة».
(2-111)

يمكن قياس الطاقة الحركية لإلكترون هارب من خلال مجال كهربي أو فرق جهد خارجي لإرجاعها إلى الهدف. ويُسمى فرق الجهد الكافي لإلغاء الطاقة الحركية «فرق جهد الإيقاف»:

(2-112)
بحيث تكون شحنة الإلكترون، . وطبقًا للنظرية الكمية للضوء لأينشتاين، يعتمد فرق جهد الإيقاف خطيًّا على تردد الفوتون و«لا يعتمد على شدة الضوء». ويجب أن يكون الميل ثابتًا عامًّا، يوفر طريقة مباشرة لتحديد قيمة ثابت بلانك:
(2-113)

(٤-٢) التحقق التجريبي من قبل ميليكان

رُفضَت نظرية أينشتاين الخاصة بالفوتونات من عدد من الفيزيائيين البارزين لعدة سنوات، بمن فيهم ماكس بلانك ونيلس بور، وعلى نحو خاص روبرت ميليكان. وبدءًا من عام 1905 ولمدة عشرة أعوام، عمل ميليكان على تفنيد نظرية أينشتاين. وأخيرًا في عام 1916، نشر ميليكان ورقة بحثية طويلة في دورية «فيزيكال ريفيو» بعنوان «تقدير كهروضوئي مباشر لثابت بلانك » [61]. وفيما يلي ما خلصت إليه:
  • (١)

    خضعت المعادلة الكهروضوئية لأينشتاين لاختبارات دقيقة جدًّا، واتضح أنها في كل الحالات تتنبَّأ على نحو دقيق بالنتائج المرصودة.

  • (٢)
    قُدِّر على نحو كهروضوئي ثابت بلانك وبلغت نسبة الدقة نحو 0.5 بالمائة.
في عام 1923، حصل ميليكان على جائزة نوبل «لعمله الخاص بالشحنة الكهربية الأولية والخاص بالتأثير الكهروضوئي.»
هناك حقيقة مثيرة في تاريخ العلم تتمثَّل في أن ميليكان في نفس الورقة البحثية رفض بشدة نظرية الفوتونات الخاصة بأينشتاين. وقال إن فرضية الفوتونات الخاصة بأينشتاين «يمكن أن نصفها بأنها متهورة؛ أولًا: لأن أي اضطراب كهرومغناطيسي يبقى موضوعًا في الفراغ يبدو انتهاكًا لمفهوم الاضطراب الكهرومغناطيسي، وثانيًا: لأنها تتعارض على نحو واضح مع الحقائق الثابتة المتعلقة بالتداخل بقوة.» وكتب ميليكان يقول إن المعادلة الكهروضوئية لأينشتاين، على الرغم من أنها تمثِّل على نحو دقيق البيانات التجريبية، «فلا يمكن في اعتقادي أن يُنظر إليها حاليًّا على أنها تقوم على أساس نظري مُرضٍ بأي نحو [61].» وفي عام 1950، وهو في سن الثانية والثمانين، وفي سيرته الذاتية [62]، غيَّر موقفه واعترف بأن تجارب أينشتاين:
أثبتت ببساطةٍ وعلى نحو غير قابل للنقاش، بحسب اعتقادي، أن الإلكترون المنبعث الهارب بالطاقة يحصل على تلك الطاقة بالنقل المباشر لوحدات طاقة من الضوء إلى الإلكترون؛ ومن ثَم لا تسمح بأي تفسير آخر غير الذي اقترحه أينشتاين في البداية، ألا وهو نظرية الفوتونات أو الجسيمات الضوئية نفسها.
fig44
شكل ٢-٧: ألبرت أينشتاين وروبرت ميليكان. فاز كل من أينشتاين وميليكان بجائزة نوبل نتيجة مساهماتهما في التأثير الكهروضوئي. الصورة مُلتقطة عام 1930 حين دعا روبرت ميليكان ألبرت أينشتاين إلى أحد المؤتمرات في كاليفورنيا. الصورة الأصلية مهداة من متحف سميثسونيان، ونقحها المؤلف قليلًا.

(٤-٣) ثنائية الموجة والجسيم

ارتبطت الاعتراضات المبكرة على نظرية الفوتونات لأينشتاين بمشكلة أكثر عمقًا، ألا وهي: ثنائية الموجة والجسيم لكل الجسيمات. في بداية القرن العشرين، وُصفت الميكانيكا الكلاسيكية الإلكترونات بأنها أشبه بكرات البلياردو. وبدا أن نظرية أينشتاين تشير ضمنًا إلى أن الفوتونات تُشبه أيضًا كرات البلياردو وأن التأثير الكهروضوئي هو تصادم كرات بلياردو بالإلكترونات. ومثل هذه الصورة ليست فقط صعبة في تصورها وإنما أيضًا تتعارض على نحو مباشر مع ظاهرة التداخل الضوئي المُثبتة.

حُلَّ هذا التعارض بعد أن بسط لوي دي بروي فرضية أينشتاين القائلة بأن الضوء يمكن أن يكون موجة وجسيمًا بحيث صارت تنطبق على «كل الجسيمات»، بما في ذلك الإلكترون. فطبقًا لدي بروي، أي جسيم بزخم p يجب أيضًا أن يكون موجة مستوية بمتجه موجي k كما يلي:
(2-114)
بحيث يكون مساويًا ﻟ ، ويُسمَّى ثابت بلانك المقسوم على عادة ثابت ديراك. وطبقًا لنظرية دي بروي، هناك صورة أفضل للتأثير الكهروضوئي تتمثَّل في أن الإشعاع الضوئي كموجة مستوية يتفاعل مع الإلكترون في القطب الكهربي، الذي هو أيضًا موجة مستوية، لكن الطاقة المنتقلة للإلكترون يجب أن تُكمم لتحقق معادلة أينشتاين:
(2-115)
بحيث يكون هو التردد الدائري للموجة الضوئية. وهذا مفهوم أساسي في فهم الخلايا الشمسية والكيمياء الضوئية الشمسية، الذي سنناقشه في الفصول المقابلة.

(٥) اشتقاق أينشتاين لصيغة الجسم الأسود

اعتمادًا على مفهوم الفوتونات وتفاعل الفوتونات مع المادة، اشتقَّ أينشتاين اشتقاقًا بسيطًا جدًّا لصيغة إشعاع الجسم الأسود. ويتمثَّل العنصر الأساسي في اشتقاقه في إدخال «انبعاث مُحفَّز»، وهو ما أدى إلى ظهور الليزر، الذي يعمل على تضخيم الضوء بانبعاث الإشعاع المحفز، ويوفر فهمًا أفضل للتفاعل بين الإشعاع الشمسي والنظم الذرية.

درس أينشتاين نظامًا ذريًّا بسيطًا بحالتين؛ انظر الشكل ٢-٨. يتمثل المجال الإشعاعي من خلال كثافة طاقة ، بحيث يكون هو التردد. والنظام الذري له حالتان بفرق طاقة . وطبقًا لإحصاء ماكسويل-بولتزمان، تكون نسبة تعدادَي الحالتين هي:
(2-116)
fig45
شكل ٢-٨: اشتقاق أينشتاين لصيغة إشعاع الجسم الأسود. يتفاعل المجال الإشعاعي (V) مع نظام ذري ذي مستويين. وقد افتُرضت ثلاثة أوضاع للتفاعل: الامتصاص، لرفع النظام الذري من الحالة الأولى للحالة الثانية؛ والانبعاث التلقائي والانبعاث المُحفَّز: ينحل النظام الذري من الحالة الثانية للحالة الأولى، معطيًا طاقة للمجال الإشعاعي.
افترض أينشتاين ثلاثة معاملات انتقال: معامل الامتصاص ، ومعامل الانبعاث التلقائي ، ومعامل الانبعاث المحفز . وفيما يلي معادلتا معدل التفاعل:
(2-117)
(2-118)
عند التوازن، يجب أن يختفي كل من و ؛ من ثَمَّ:
(2-119)
يجب ألَّا تعتمد المعاملات على درجة الحرارة، وفي ظل درجة الحرارة المرتفعة، يجب أن تكون كثافة القدرة مرتفعة، ويجب أن يقترب الجانب الأيمن من معادلة 2-119 من الواحد الصحيح.

من ثَم، يجب أن يكون لدينا ما يلي:

(2-120)
يساوي معامل الامتصاص معامل الانبعاث المحفز ، والذي يمكن تمثيله بمعامل واحد. وفي ظل أي درجة حرارة، يكون توزيع كثافة القدرة الخاص بالإشعاع:
(2-121)
للإشعاعات ذات طاقة الفوتون المنخفضة، تُختزَل المعادلة 2-121 إلى ما يلي:
(2-122)
يجب أن تكون مطابقة لقانون رايلي-جينس. وبالمقارنة مع المعادلة 2-90، نجد أن نسبة المعاملين و هي:
(2-123)

أخيرًا، تُستعاد صيغة بلانك:

(2-124)

مسائل

  • (2-1) أثبت أن التكثيف الخاص بمكثف مكون من لوح موصل متوازٍ مع كون الفراغ بمنزلة العازل الكهربي هو:
    (2-125)
    بحيث هي المساحة و هي المسافة فيما بين القطبين الكهربيين.
  • (2-2) أثبت أن التكثيف الخاص بمكثف مكون من لوح موصل متوازٍ بوسط ذي ثابت عازل كهربي نسبي هو:
    (2-126)
    احسب تكثيف مكثف بحيث يساوي 1m2 و يساوي 1mm للزجاج والسيليكون.
  • (2-3) أثبت أن المحاثة الخاصة بمحث مصنوع من ملف لولبي طويل بعدد معين من اللفات بمساحة مقطع عرضي وطول هي:
    (2-127)
  • (2-4) أثبت أن سرعة الضوء في وسط ذي ثابت عازل كهربي نسبي هو:
    (2-128)
    احسب سرعة الضوء في الزجاج والسيليكون (مع العلم أن ثابت العازل الكهربي النسبي للزجاج والسيليكون هو على التوالي 2.25 و11.7).
  • (2-5) معامل الانكسار لزجاج النوافذ، ، هو 1.50. ما مقدار قدرة الضوء المفقود عند المرور بلوح زجاجي في حالة السقوط العمودي؟ (تلميح: هناك سطحان للزجاج/الهواء.)
  • (2-6) إن نصف قطر الشمس، هو 6.96 × 108m، والمسافة بين الشمس والأرض، هي 1.5 × 1011m، والثابت الشمسي هو 1366W/m2. احسب درجة حرارة سطح الشمس. (تلميح: استخدم قانون ستيفان-بولتزمان.)
  • (2-7) ما مقدار شدة المجال الكهربي لضوء الشمس خارج الغلاف الجوي للأرض مباشرة؟
  • (2-8) ما شدة المجال الكهربي للإلكترون في ذرة هيدروجين على مسافة نصف قطر بور واحد من البروتون؟
  • (2-9) حدد الكثافة الطيفية لإشعاع الجسم الأسود لكل وحدة طول موجي بوحدة .
  • (2-10) باستخدام صيغة إشعاع الجسم الأسود لكل وحدة طول موجي، اشتق قانون فين للإزاحة بوحدة .
  • (2-11) تظهر الأطوال الموجية للضوء المرئي بالألوان المختلفة ﺑ nm في شكل ٢-٩. احسب الترددات وقيم الطاقة الخاصة بالفوتونات، ﺑ J وeV.
    fig46
    شكل ٢-٩: الأطوال الموجية للضوء المرئي.
  • (2-12) ما الثابت الشمسي لكوكب الزهرة؟ افترض أن الشمس مشع أسود بدرجة حرارة 5800K وأن متوسط المسافة بين الزهرة والشمس هو 1.08 × 1011m.
  • (2-13) لحساب إشعاع الجسم الأسود لطاقة الفوتون من سهلة الاستخدام بإدخال ، وتوسيع مقام المعادلة 2-99 إلى
    (2-129)

    أثبت ما يلي:

    (2-130)

    باستخدام

    (2-131)
  • (2-14) بافتراض أن الشمس مشع أسود بدرجة حرارة 5800K، ما حجم الجزء الأخضر من الإشعاع الشمسي؟ (مع العلم بأن الطول الموجي يتراوح بين 495nm و570nm.)
  • (2-15) بافتراض أن الشمس مشع أسود بدرجة حرارة 5800K، ما حجم جزء الإشعاع الشمسي الذي له طاقة فوتون أكبر من 1.1eV؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤