القسم السادس
قال الله تعالى: قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ.
وقال أمير المؤمنين يوم الجمل: إن الموت طالب حثيث لا يعجزه المقيم ولا يفوته الهرب، وإن لم تُقتلوا تموتوا، وإن أشرف الموت القتل.
تفضيل القتل على الهرب
قال سقراط لرجل هرب من الحرب: فضيحة، فقال الرجل: شر من الفضيحة الموت.
وقال سقراط: الحياة إذا كانت صالحة، وإذا كانت رديئة فالموت أفضل منها.
ولما قتل الإسكندر ملك الهند قال لحكمائه: لِمَ منعتم الملك من الطاعة؟ قالوا: ليموت كريمًا ولا يعيش تحت الذل.
الممتنع من الفرار
قالت امرأة من عبد القيس:
تعيير من آثار الحرب فهرب
قال الحصيفي:
المُعيَّر بانهزامه
قال الحجاج في كلامه: وليتم كالإبل الشوارد إلى أوطانها لا يلوي الشيخ على بنيه ولا يسأل المرء عن أخيه.
وقال المنصور لأحد الخوارج: عرفني من أشد أصحابي إقدامًا فقال: لا أعرفهم بوجوهم؛ فإني لم أرَ إلا أقفائهم.
وقال قيس بن عطية: منحناهم الهزيمة ونفضنا عليهم العزيمة.
وقال الموسوي:
وقال شاعر:
ترك أتباع المنهزم
أوصى الإسكندر صاحب جيش له فقال: حبب إلى أعدائك الهرب، قال: كيف أصنع؟ قال: إذا ثبتوا جدَّ في قتالهم أو انهزموا لا تتبعهم.
وقيل لأمير المؤمنين: أنت رجل مجُرِّب وتركب بغلة، فلو اتخذت الخيل، فقال: أنا لا أفر ممن كر ولا أكر ممن فرَّ.
المتأسف على نجا ولم يؤسر
قال عوف بن عطية:
وقال أبو تمام:
الفارُّ في وقت الفرار والثابت في وقت الثبات
قال النحاسي: أنا شجاع إذا ما أمكنتني فرصة، وإن لم تكن لي فرصة فجبان.
وقيل: الهرب في وقته خير من الصبر في غير وقته.
وقيل: من هرب من معركة فعرف مصيره إلى مستقرِّه فهو شجاع.
تفضيل الإحجام كونه أوفق على الأقدام
قال المهلب: الإقدام على الهلكة تضييع، كما أن الإحجام عن الفرصة عجز.
وقال المتوكل لأبي العيناء: إني لأخاف من لسانك، فقال: يا أمير المؤمنين الكريمُ ذو خوف وإحجام، واللئيمُ ذو وقاحة وإقدام.
وقال مالك الأنصاري:
اعتذار هارب زعم أن هربه نبوة أو قدر
قال الشاعر:
وقال عبد الله بن غلفاء:
المتفادي من حضور الحرب
قيل لأحدهم لِمَ لا تغزو؟ فقال: إني أكره الموت على فراشي، فكيف أسعى إليه برجلي؟
ورأى المعتصم في بعض منتزهاته أسدًا، فنظر إلى رجل أعجبه زيه وقوامه وسلاحه، فقال له: أفيك خير؟ فعلم الرجل مراده، فقال: لا، فقال: لا؟! قبَّح الله سواك وضحك.
واجتاز كسرى في بعض حروبه برجل قد استظل بشجرة وألقى سلاحه وربط دابته فقال له: يا نذل، نحن في الحرب، وأنت بهذه الحالة؟ فقال: أيها الملك، إنما بلغت هذا السن بالتوقي.
وصف المحتج لانهزامه بخوفه من القتل
قيل لرجل إنك انهزمت فقال: غضب الأمير عليَّ وأنا حي خير من أن يرضى وأنا ميت.
وقال الشاعر:
وقال آخر:
الهارب عن قومه
قيل: الشجاع يقاتل من لا يعرفه، والجبان يفر من عرسه، والجواد يعطي من لا يسأله، والبخيل يمنع من نفسه.
قال الشاعر:
من نجا وقد استولى عليه الخوف
قال الشاعر:
قالت عابدة المهلبية:
تسلية المنهزم
لما انهزم أمية بن عبد الله لم يدرِ الناس كيف يهنئونه أو يعزُّونه، فدخل عبد الله بن الأهتم فقال: الحمد لله الذي نظر لنا عليك ولم ينظر لك علينا، فقد تقدمت للشهادة بجهدك ولكن علم الله حاجة الإسلام إليك فأبقاك له.
وقال شاعر:
وقال آخر:
من زاد به الخوف
قال دعبل:
المغلوب
كتب مروان إلى أحد الخوارج:
إني وإياك كالحجر للزُّجاجة، فالحجر إن وقع عليها رضَّها وإن وقعت عليه قضها.
استضعف ابن شبرمة رجلًا فقال: أنت حجة خصمك وسلاح عدوك وفريسة قرنك.
شيوع المخافة
قال حسَّان: