الحراسة
دخل الأستاذ جون على الأستاذ بون ناظر المدرسة، وقد جلس على مقعدٍ وثير يدخِّن لِفافة تبغ … وكان رجلًا نحيفًا متوِّسط القامة طَلْق المُحيَّا. وبعد أن حيَّاه الأستاذ جون أخبَره بقِصَّة نقص الطعام وتذمُّر التلاميذ من قلة ما يُقدَّم لهم، ومن سوء طَهوه.
كان الناظر يُصغي إلى الأستاذ جون باهتمام، فلمَّا فرغ من حديثه تكلَّم الناظر، وقال: «هذه أخبارٌ سيئة. ولا بد أن يكون السارق من داخل المدرسة؛ لأننا في بُقعةٍ منعزلة عن الأهلِين.»
والحقيقة أن مدرسة الحرية كانت بمَعزِل عن العمران — حيث تقوم في وادٍ فسيح يقع بين تلال أوكانجالا … ولم تكُن هناك إلا قريةٌ صغيرة على مسافةٍ غيرِ بعيدة تتناثَر فيها عدة بيوت هنا وهناك — وفي الخلف غابةٌ كثيفة … كما كان يُحيط بالمدرسة عدة ممراتٍ ضيقة، ثم طريقٌ واحد يصل بينها وبين مدينةٍ صغيرة على بُعدٍ … غير قليل.
فقال الأستاذ جون للناظر: «قد تكون على حق، يا سيدي، ولكني أعتقد أنه شخصٌ من القرية التي في طَرَف الوادي.»
– «ربما كان الأمرُ كما ذكَرْت، يا أستاذ جون. وعلى أية حالٍ سنرى ماذا يحدُث في هذه الليلة.»
جمع نلسون بطاطينه من حجرة النوم ليبيت في المطبخ تلك الليلة، وقال لزملائه وهو ذاهب: «ها أنا ذا أستَعِد للنوم في المطبخ، ولكني لن أنام، بل سأسهر الليل بطوله، كي أستطيع أن أقبض على اللص متلبسًا بالجريمة.»
فقال جمعة ساخرًا، وقد جلس على سريره المجاور لسرير نلسون، وكان يخلع ملابسه تأهُّبًا للنوم: «هذا يسيرٌ عليك … لأنه يجبُ أن تقبض على نفسك، يا نلسون.» فتناول نلسون وسادةً وقذَف بها جمعة، فأصابَتْه في بطنه، وقال: «الأجدر بك، يا جمعة، أن تقبَع هنا في سريرك، إلا إذا كنتَ تريد أن أقبض عليك. إننا جميعًا نعلم أنكَ كنتَ تحوم حول المطبخ.» ثم أشار إلى بطن جمعة، وقال: «انظروا إلى بطنه الضخم، أيها الرفاق. إنه لا يكفيه مِرجلٌ من الفول!»
عندئذٍ صاح الأولاد جميعًا بصوتٍ واحد، قائلين: «عُد إلينا بشيء من الفول السوداني، يا نلسون.» وكان معظمهم قد خلَعوا ملابسهم، ووقَفوا حوله في أردية النوم.
وجاء أحد الأولاد بمِكنَسة وقدَّمها إلى نلسون، وقال له: «هاك سلاحًا، لا شك أنك ستُجيد استعمالَه في مقدرة ومهارة!»
فرَدَّ عليه نلسون بقوله: «عندي سلاحٌ يفوق هذا.» ثم أخرج سكينًا كبيرة كان قد خبأها تحت البطاطين.
وقال تلميذٌ آخر: «أتعشَّم أن تقتُل كثيرًا من الفيران؛ فربما كانت هي التي تسرق الطعام.»
وصاح جمعة خلف نلسون وهو يسير وسط ضحك الغلمان وصياحهم: «نلسون! يا قاتل الجرذان!»