مرحى غيلان
«بابا … بابا»
•••
ينساب صوتك في الظلام، إليَّ، كالمطر الغضير
ينساب من خلل النعاس وأنت ترقد في السرير
من أي رؤيا جاء؟ أي سماوةٍ؟ أي انطلاق؟
وأظل أسبح في رشاشٍ منه، أسبح في عبير
فكأن أودية العراق
فتحت نوافذ من رؤاك على سهادي كل واد
وهبته عشتار الأزاهر والثمار كأنَّ رُوحي
في تربة الظلماء حبة حنطةٍ وصداك ماء
أعلنت بعثي يا سماء
هذا خلودي في الحياة تكنُّ معناه الدماء
•••
«بابا» كأن يد المسيح
فيها، كأن جماجم الموتى تبرعم في الضريح
تموز عاد بكل سنبلةٍ تعابث كل ريح
•••
«بابا … بابا»
أنا في قرار بويب١ أرقد، في فراشٍ من رمالِهْ
من طينِهِ المعطور والدَّمُ من عروقي في زلالِهْ
ينثال كي يهب الحياة لكل أعراق النخيل
أنا بعل أخطر في الجليل
على المياه، أنثُّ في الورقات روحي والثمار
والماء يهمس بالخرير، يصل حولي بالمحار
وأنا بُوَيْبُ أذوب في فرحي وأرقد في قراري
•••
«بابا … بابا»
يا سلم الأنغام، أية رغبةٍ هي في قرارِكْ؟
«سيزيف» يرفعها فتسقط للحضيض مع انهيارِكْ
يا سلم الدَّمِ والزمان من المياه إلى السماء
غيلان يصعد فيه نحوي، من تراب أبي وجدي
ويداه تلتمسان — ثَمَّ — يدي وتحتضنان خدي
فأرى ابتدائي في انتهائي
«بابا … بابا»
جيكور٢ من شفتيك تولد، من دمائك، في دمائي
فتحيل أعمدة المدينة
أشجار توت في الربيع ومن شوارعها الحزينَهْ
تتفجَّر الأنهار، أسمع من شوارعها الحزينَهْ
ورق البراعم وهو يكبر أو يمص ندى الصباح
والنسغ في الشجرات يهمس، والسنابل في الرياح
تعد الرحى بطعامهن
كأن أوردة السماء
تتنفس الدم في عروقي والكواكب في دمائي
يا ظلي الممتد حين أموت، يا ميلاد عمري من جديد
الأرضُ (يا قفصًا من الدَّمِ والأظافر والحديد
حيث المسيح يظل ليس يموت أو يحيا كظل
كيدٍ بلا عصبٍ، كهيكلٍ ميتٍ، كضحى الجليد
النور والظلماء فيه متاهتان بلا حدود)
عشتار فيها دون بعل
والموت يركض في شوارعها ويهتف يا نيام
هبوا، فقد وُلِدَ الظلام٣
وأنا المسيح، أنا السلام
والنار تصرخ يا ورود تفتحي، وُلد الربيع
وأنا الفرات، ويا شموع
رشي ضريح البعل بالدم والهباب وبالشحوب
والشمس تُعوِل في الدروب
بردانةٌ أنا والسماء تنوء بالسحب الجليد
•••
«بابا … بابا»
من أي شمس جاء دفؤك أي نجم في السماء؟
ينسل للقفص الحديد، فيورق الغد في دمائي؟
١
بويب نهر في قرية الشاعر.
٢
جيكور قرية الشاعر في جنوب العراق.
٣
كان كهنة إيزيس ينطلقون، في منتصف ليلة ٢٥ / ١٢ من كل عام، هاتفين في
شوارع الإسكندرية: لقد وضعت العذراء حملها، وقد ولدت الشمس.