سربروس في بابل
ليعوِ سربروس١ في الدروب
في بابل الحزينة المهدمهْ
ويملأ الفضاء زمزمهْ
يمزق الصغار بالنيوب، يقضم العظامْ
ويشرب القلوبْ
عيناه نيزكان في الظلامْ
وشدقه الرهيب موجتان من مُدَى
تخبِّئ الردى
أشداقه الرهيبة الثلاثة احتراقْ
يؤجُّ في العراقْ
ليَعْوِ سربروس في الدروب
وينبش التراب عن إلهنا الدفين
تمُّوزِنا الطعين
يأكله يمص عينيه إلى القرارْ
يقصم صلبه القويَّ، يحطم الجرار
بين يديه، ينثر الورود والشقيقْ
أواه لو يفيقْ
إلهنا الفَتِيُّ، لو يبرعم الحقولْ
لو ينثر البيادر النضار في السهولْ
لو ينتضي الحسام، لو يفجر الرعود والبروق والمطرْ
ويطلق السيول من يديه آه لو يَئوب!
لِحافُنا التراب، فوقه من القمر
دمٌ، ومن نهود نسوة العراق طينْ
ونحن إذ نبصُّ من مغاور السنينْ
نرى العراق، يسأل الصغار في قراه:
«ما القمح؟ ما الثمر؟»
ما الماء؟ ما المهود؟ ما الإله؟ ما البشر؟
فكل ما نراه
دمٌ ينز أو حبالٌ، فيه، أو حفر
أكانت الحياهْ
أحب أن تعاش، والصغار آمنين؟
أكانت الحقول تزهر؟
أكانت السماء تمطر؟
أكانت النساء والرجال مؤمنينْ
بأن في السماء قوةً تدبر
تحس، تسمع الشكاة، تبصر
ترق، ترحم الضعاف، تغفر الذنوب؟
أكانت القلوب
أرق، والنفوس بالصفاء تقطر؟
وأقبلت إلهة الحصاد
رفيقة الزهور والمياه والطيوب
عشتار ربة الشمال والجنوب
تسير في السهول والوهاد
تسير في الدروب
تلقط منها لحم تموز إذا انتثر
تلمه في سلةٍ كأنه الثمر
لكن سربروس بابل، الجحيم
يحب في الدروب خلفها ويركض
يمزق النعال في أقدامها، يعضعض
سيقانها اللدان، ينهش اليدين أو يمزق الرداءْ
يلوث الوشاح بالدم القديم
يمزج الدم الجديد بالعواءْ
ليعو سربروس في الدروب
لينهش الإلهة الحزينة، الإلهة المروَّعهْ
فإن من دمائها ستُخضب الحبوبْ
سينبت الإله، فالشرائح الموزَّعهْ
تجمعت، تململت، سيولد الضياءْ
من رحمٍ ينز بالدماء.
١
الكلب الذي يحرس مملكة الموت، في الأساطير اليونانية، حيث يقوم عرش
«برسفون» آلهة الربيع بعد أن اختطفها إله الموت. وقد صوره دانتي في
«الكوميديا الإلهية» حارسًا ومعذِّبًا للأرواح الخاطئة.