كلمة السر … «بوم»!
كانت هناك مجموعة من الذئاب تتحرك أمام الكشك، ثم تلتفُّ حوله، وكأنها تنتظر شيئًا. دخل أحد الذئاب إلى الكشك، ثم ارتفع صوته الكئيب … فاندفعت الذئاب إليه. كان واضحًا أن هناك فريسةً وقع عليها الذئب الأول … فکر «أحمد» لحظةً، ثم همس: يبدو أن الحارس سوف يكون عشاء الذئاب. فأخرج «باسم» مسدسه، غير أن «أحمد» أمسك يده، وهو يقول: لا تطلق شيئًا! إن ذلك سوف يكشف مكاننا … ومن المؤكد أن هناك بعضهم ينتظرون مثل هذه الفرصة. وفي الحال وضع «باسم» مسدسه في مكانه.
ظلا في مكانهما يرقبان قطيع الذئاب. لقد بدأت الوليمة! نظر «أحمد» في ساعته، ثم قال: إن الوقت يجري!
تناهى إلى سمعهما أصوات تتقدم؛ كانت المعاني غير مفهومة بالنسبة لهما. اقتربت الأصوات أكثر، وسمعا اسم «داش» … همس «باسم»: قائد المجموعة! إن الموقف يتأزم.
أحمد: إنه في النهاية لصالحنا.
باسم: کیف؟
اقتربت الأصوات أكثر، وبدأت أصوات الأقدام تصل إليهم أيضًا. قال «باسم»: يجب أن نستدعي الشياطين.
أحمد: نعم.
بدأ «باسم» في إرسال رسالة إلى الشياطين، في الوقت الذي ركز «أحمد» أذنيه جيدًا … حتى يسمع كل ما يُقال عن مجموعة «داش»، فسمع «أحمد» هذا الحوار: لماذا لم يعودوا؟
– لا بد أن شيئًا قد حدث!
– ما الذي يمكن أن يحدث؟
همس «باسم» في أذن «أحمد»: إن الشياطين في الطريق.
كان قمر وليد قد ظهر في الأفق … فبدأت الظلمة تخف، وبدأت بعض الأشياء تظهر … سمع «أحمد» جملةً تقال: ما أبدعه!
ارتفعت ضحكة خشنة، جاءت بعدها جملة، بنفس الصوت الخشن: نعم؛ إنه الشاهد الوحيد.
ابتسم «أحمد»، وقال ﻟ «باسم»: إنهم لا يعرفون أن هناك أكثر من شاهد.
قال صوت: نقطة الانتظار عند الكوبري، لم ترسل أحدًا حتى الآن!
رد الصوت الخشن: لا ضرورة لإرسال شيء! إنهم سوف يتسلقون القطار عندما يهدئ من سرعته عند الكوبري. وسوف تبدأ عمليتهم بسائق القطار … ثم نقوم نحن بالباقي.
فهم الشياطين خطة العصابة؛ عليهم إذن أن يتصرفوا على أساس هذه الخطة …
كانت هناك أقدام تقترب، وكان وقعها هادئًا. عرف «أحمد» أن هذه أقدام الشياطين … ارتفع صوت يقول: إنني أسمع حركةً ما! وما إن انتهى من جملته، حتى ارتفع عواء الذئاب، ثم ظهر أحدها عند باب الكشك، ثم رفع وجهه في اتجاه القمر الوليد، وعوی عواءً مخيفًا … قال صوت أحد رجال العصابة: هذه عادة الذئاب عند رؤية القمر.
بدأت الذئاب تظهر، ولم يستطع أحد من الشياطين أن يحصي عددها … همس «باسم»: إنها يمكن أن تفسد الخطة كلها.
ردت «إلهام»، وكانت قد اقتربت تمامًا: نعم … لقد فكرت في ذلك.
لم ينطقْ أحد من الشياطين؛ فقد أشار إليهم «أحمد» بالصمت … اتجهت أنظارهم إلى الذئاب، التي كانت لا تزال تقف أمام الكشك، وسمع صوتًا يقول: يجب أن نتخلص منها؛ لو أنها بقيت في مكانها، فقد لا نستطيع أن نتحرك!
نظرت الذئاب في اتجاه الصوت … كانت كمن سمع ما يقال، وبدأت تتحرك من أماكنها … غير أن أحدها تشمم الهواء لحظةً، ثم عوى بقوة، حتى إن عواءه تردد في الصمت … ثم تبعته الذئاب الأخرى … بدأت الذئاب تتحرك في اتجاه قريب من الشياطين … حتى إنهم جميعًا أخرجوا مسدساتهم، غير أن الصوت الخشن الذي تحدث، جعلهم يعرفون أن اتجاه الذئاب ليس اتجاههم. قال صاحب الصوت الخشن: إنها تقترب منا!
علا عواء الذئاب … ثم اندفعت في قوة في نفس الاتجاه الذي حددته. لم تمر لحظة حتى ترددت الطلقات في الصمت … كان واضحًا أن العصابة قد اشتبكت مع الذئاب … ازداد العواء، ثم بدأت تولي هاربة … وسمع صوت أحد أفراد العصابة يقول: لقد اصطدنا عددًا منها وولی الباقي هاربًا!
كان القمر قد ارتفع أكثر … وبدأت الأشياء تظهر أكثر وضوحًا، وسمع الشياطين حركةً تقترب. فعرفوا أن المجموعة تقترب منهم. زحفوا في هدوء مغيرين اتجاههم … ثم رقدوا هادئين. لحظة، رفع بعدها «أحمد» رأسه؛ لينظر. كان أفراد مجموعة السطو يتقدمون في اتجاه النهر … جلس الشياطين نصف جلسة، ثم أخذوا يراقبونهم وهم يتقدمون … كانت مياه النهر تلمع تحت ضوء القمر. همست «إلهام»: إنهم يستعدون الآن!
فجأةً لمح «رشيد» جسمًا يتحرك في النهر، ولفت نظر الشياطين إليه. قال «مصباح»: لا بد أنه أحد الذين طاردناهم، يعود إلى المجموعة!
ظل الجسم يقترب، في نفس الوقت الذي كانت فيه المجموعة تتحرك في اتجاهه، فقال «مصباح»: إننا على وشك الاشتباك.
فهم الشياطين ماذا يعني «مصباح»؛ إن المجموعة التي كانت تتحرك لا تعرف ماذا حدث، وسوف يجبرهم بالاشتباك، وساعتها سوف يتغير الموقف. فكر «أحمد» بسرعة … كان الجسم المتحرك قد وصل إلى الشاطئ، ثم وقف، فظهر تمامًا. أخرج «أحمد» مسدسه، ثم أطلق طلقةً مخدرة. لحظةً، ثم سقط الرجل في الماء. وقبل أن يصل إليه أحد من أفراد المجموعة … كان التيار قد جذبه إلى منتصف النهر. كان التيار سريعًا … فاضطرت المجموعة أن تجري على الشاطئ، حتى تكون قريبةً منه، وحتى يمكن أن ينقذه واحد منهم، فظلوا يتابعونه.
ابتعدت المجموعة، وقال «رشيد»: هذه فرصتنا؛ إننا نستطيع أن ننهي الموقف لصالحنا، لو فعلناها مرةً أخرى.
كان أفراد مجموعة السطو قد ابتعدوا، وهم يحدثون أصواتًا مسموعة … قدر «أحمد» المسافة، ثم قال: إن مدى الإصابة الآن غير مؤثر … ينبغي أن نقترب منهم. وصمت لحظةً، ثم قال: سوف أتقدم أنا و«رشيد»؛ عليكم بالبقاء هنا، ومتابعتنا.
تقدم الاثنان بسرعة. كان أحد أفراد المجموعة قد ألقى بنفسه في النهر، متابعًا الآخر الذي يجرفه التيار، واستطاع في النهاية أن يمسك به، ثم يجره في اتجاه الشاطئ.
اقترب «أحمد» و«رشيد» من أفراد المجموعة الذين كانوا يتحدثون في انتظار وصول الاثنين، وسمع «رشید» و«أحمد» حوار المجموعة: لا بد أنه أُصيبَ بالتعب! إن الوقت يمر، ويجب أن نعود إلى الكوبري! فابتسم «أحمد»، وقال: إنها فرصتنا حقًا!
اقترب أفراد العصابة من الشاطئ، فقال أحد الذين على الشاطئ: تقدم يا «هوب»، تقدم! وعندما وصل «هوب» إلى الشاطئ، وهو يحمل زميله، أطلق «أحمد» طلقةً مخدرة … وقف «هوب» قليلًا، ثم سقط في الماء … صاح أحد الذين على الشاطئ: ما هذا؟ لا بد أن هناك شيئًا غير طبيعي! … ابتسم «رشيد» وهمس: هذه حقيقة!
أسرع أفراد المجموعة إلى الاثنين اللذَيْن سقطا في الماء، وعندما حملوهما، صاح واحد منهم: لقد انتهى «بلاك»! اقتربوا من الشاطئ، ثم أرقدوهما على الأرض، وقال واحد منهم: نعم؛ لقد انتهى «بلاك»!
كان واضحًا أنهم يقومون بعملية تدليك لقلب «هوب»، وقال صاحب الصوت الخشن: إنه حي، فقط يبدو أنه مُجهَد.
قال «أحمد»: هذه فرصتنا … ثم أرسل رسالةً سريعةً إلى الشياطين: «من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س»: الطعام جاهز … اقتربوا من الوليمة.» وجاءه الرد بسرعة: «شكرًا للدعوة.»
لم تمضِ دقائق حتى كان الشياطين قد اجتمعوا … وعلى الشاطئ كانت مجموعة أفراد العصابة، منهمكين في مشكلة «هوب» الذي كان مخدرًا تمامًا … قالت «إلهام»: هيا بسرعة.
مصباح: يجب أن نطوقهم؛ حتى نوهمهم بكثرة عددنا، وحتى لا نعطي فرصةً لأحدهم بالهرب.
إلهام: كم تقدر عددهم؟
نظر «مصباح» في اتجاههم: يبدو من أشباحهم أنهم ستة.
ظهرت الدهشة على وجه «إلهام»، وتساءلت: لكننا نعرف أن مجموعة السطو عددهم ثمانية، يقودهم «داش»!
قال «أحمد»: يبدو أنهم استعدوا أكثر … خوفًا من حدوث شيء … خصوصًا وأن مجموعة النسف التي تغلَّبنا عليها في مغامرة «قطار الذهب» … لم تصل إليهم بعدُ.
توزع الشياطين … وبدءوا يزحفون في اتجاه أفراد مجموعة السطو على الشاطئ. كان «أحمد» و«مصباح» يكوِّنان مجموعةً تزحف في اتجاه الشرق، و«رشيد» و«باسم» و«إلهام» يكوِّنان مجموعةً أخرى تزحف في اتجاه الغرب … في نفس الوقت كان أفراد المجموعة يمثلون نقطةً ثابتةً على الشاطئ.
اقترب «أحمد» و«مصباح» تمامًا … سمع «أحمد» صاحب الصوت الخشن يقول: لا بد أنه يحتاج إلى نوم طویل عمیق.
رد آخر: إن هذا سوف يعطِّلنا يا «داش»! فعرف الشياطين أن «داش» هو صاحب الصوت الخشن.
اقترب الشياطين أكثر، وحدد «أحمد» عدد أفراد المجموعة، ثم نظر إلى «مصباح»: إنهم خمسة، خلاف «هوب» المغمى عليه … إننا نستطيع أن نفعل شيئًا.
أرسل رسالةً إلى مجموعة الشياطين في ناحية الغرب؛ ليحدد لهم العدد والإشارة لبدء التحرك. جاءه الرد: «نحن في انتظار أن نسمعها.» ثم تقدم الشياطين أكثر … حتى أصبح من الممكن تحقيق الاشتباك الآن … إلا أن حركةً ما استطاع «أحمد» أن يلمحها، جعلته لا يتحرك من مكانه ولا يفكر في الاشتباك، بل لقد أخرج جهاز الإرسال، ثم ضغط على زر فيه، فأصبح جهازًا للاستقبال فجأةً. ظهرت الدهشة على وجهه، ونظر إلى «مصباح» الذي نظر إليه متسائلًا. لكن «أحمد» لم ينطق … لقد كان يتابع سماع رسالة ما …