الفرعون «أمنمس»
إن مكانة هذا الفرعون في ترتيب ملوك الأسرة التاسعة عشرة لا تزال غامضة، فقد وضعه
—
كما قلنا من قبل — «إدوارد مير» بعد الفرعون «مرنبتاح» مباشرة. وقد تبعه في رأيه بعض
المؤرخين.
وإذا كان هو الأمير الذي لم يُسمَّ باسمه على آثار معبد والده الذي نشره «شفرييه»
حديثًا، وقد مثل مرارًا يتبع والده، ويحمل لقب ولاية العهد الأمير الوراثي، والابن
الأكبر للمك «سيتي مرنبتاح» — فلا بد أنه تولى الملك وهو صغير، وربما قامت من أجله
المنازعات على العرش. والظاهر أنه هو ابن «تاخعت» التي تزوج منها «سيتي الثاني» وهي
إحدى بنات «رعمسيس الثاني» وقد رُسمت معه في قبره.
١
ويحتمل إذن أن المشاحات التي قامت بينه وبين خلفه قد جاءت عن طريق الحزبية والتشيع
لابن آخر ربما كانت والدته تنتمي إلى أرومة ملكية عريقة. والواقع أننا لا نعرف للملوك
الذين خلفوا هذا الملك أمًّا، أو أمهات معينات، ولذلك يعتقد أن حزب هذا الأمير قد تغلب
على حزب «توسرت» التي صوَّرت نفسها مع والدها في قبرها بوصفها وارثة للعرش. وكانت تحمل
لقب «سيدة الأرضين» كما فعلت «حتشبسوت» مع والدها «تحتمس الأوَّل». وقد كانت أسباب عدم
استيلائها على العرش — على ما يظهر — في بادئ الأمر هي نفس الأسباب التي حالت بين
«حتشبسوت» وبين عرش البلاد في أول أمرها (راجع مصر القديمة الجزء الرابع).
ومما يؤسف له جد الأسف أنه ليس لدينا آثار مؤرخة لهذا الفرعون، ويُحتمل إذن أن حكمه
كان قصيرًا للغاية، واللوحة التي وُجدت له «بالقرنة» وهي التي تحدثنا عنها فيما سبق
كانت من عمله؛ لأن لقبي الملك فيها يتفقان مع ما ذُكر على آثار أخرى له.
٢ ولكننا — من جهة أخرى — نجد أن اسم «رع» في ألقابه يختلف هنا عن اسم
«أمنمس».
ويوجد في «متحف ليفربول» قطعة من منظر
٣ يُشاهَد فيها الإله «آمون» يقدم رمز العيد الثلاثيني لهذا الفرعون، مما
يشعر بأن فترة هذا العيد قد حلت في عهده. غير أن هذا كان تقليدًا أعمى لا يدل على شيء
من هذا القبيل في كثير من الأحوال (راجع الجزء السادس من مصر القديمة). والمظنون أنه
حكم خمس سنوات (راجع مصر القديمة الجزء السادس) على حسب رأي «مانيتون».
ولدينا لوحة من «العرابة المدفونة» مثل عليها موكب تبعه منظر رقص وليس عليه إلا طغراء
باسم «أمنرع مس
Amenra messes». ولا بد أنه من عهده،
٤ كما يقول «بتري».
٥
هذا ونجد اسم هذا الملك في بعض الجهات. فقد نُقش اسمه فوق اسم «مرنبتاح» في معبد
«القرنة»،
٦ وكذلك نجده اغتصب قطعة من الحجر نقش عليها اسمه — وكانت باسم «مرنبتاح» —
خلف «الرمسيوم».
٧
وفي مدينة «هابو» نجد اسمه منقوشًا على الجدار الأمامي.
٨
وفي «وادي حلفا» يحتمل أنه نُقش اسمه على المعبد «الجنوبي».
٩
آثاره
أما الآثار التي عُثر عليها له حتى الآن فقليلة جدًّا، وهي قاعدة تمثال مغتصبة من
«سيتي الثاني» محفوظة الآن بمتحف «ليفربول».
١٠
وقد وُجدت جعارين باسمه،
١١ وجزء من خاتم أزرق.
١٢
مقبرة «أمنمس»
قبر هذا الفرعون في «وادي الملوك» وقد كتب اسمه عليه «رع-بن-ماعت ستبن رع أمنمس،
حاكم طيبة»، وهذا القبر يواجه زائر هذا الوادي عندما يسير متجهًا نحو الجنوب على
الطريق الرئيسية. ولما كان أخلاف هذا الفرعون لم يعترفوا بتمليكه فقد محا أحدهم —
عن قصد — النقوش والأشكال التي على جدران قبره حتى لا يكاد يُرى منها الآن
شيء.
وتدل شواهد الأحوال على أن هذا القبر كان مخفيًّا عن الأنظار ولا يعلم بمكانه أحد
بعد موته، ولا أدل على ذلك من أن الفرعون «ستنخت» الذي تولى عرش الملك بعده بما لا
يزيد عن اثنتي عشرة سنة قد أخذ يحفر قبره في هذه الجهة، ولكن لم يلبث أن وجد العمال
في أثناء العمل أنهم قد نفذوا إلى قبر الفرعون «أمنمس» غير عالمين بوجوده هناك.
وهذا دليل على أن قبور الملوك كانت تُحفر في الخفاء وبكل تكتم من جانب العمال وإلا
فكيف يمكن تفسير هذه الظاهرة؟ ومن المحتمل أن «ستنخت» أو «رعمسيس الثالث» هو الذي
أخفى النقوش، ويُحتمل كذلك أن المومية الملكية قد حُملت من «وادي الملوك» ودُفنت في
مكان حقير، إذ لم يُعرف لها أثر حتى الآن. وهذا القبر لم يُنظف بعد، ومن المحتمل أن
المومية لا تزال فيه تحت الأنقاض. ويُستعمل الآن مكانًا مختارًا يتناول السياح فيه الغداء.
١٣
وقد عُثر على جزء من تابوته.
١٤ وقد صوِّرت الملكة «باكت ورنرو» على جدران هذا القبر.
١٥