الفصل العاشر
العصر المتوسط النوبي الثالث (عصر الهكسوس)
يبتدئ العصر المتوسط النوبي الثالث بالأسرة الثالثة عشرة وهو عصر نهوض جديد ثم انحطاط
تدريجي لمجموعة ثقافة C.
والأماكن التي وُجِدَتْ فيها آثار تمثل هذا العصر غير الجبانات التي ذكرناها فيما
قبل هي
جبانة الشلال رقم ٧
١ وجبانة «مريس-فرص» ٥٠٠/٤١
٢ وجبنة «جناري» ١٠٠/٥٨
٣ وجبانة «الدكة» رقم ٩٤
٤ وجبانة «كوبان» رقم ١١٠
٥ وجبانة «السيالة» رقم ١٣٥
٦ وجبانة «قرته غرب» رقم ١١٨
٧ وجبانة «العلاقي غرب» رقم ١١٣
٨ هذا بالإضافة إلى ما كشف عنه «ينكر» من مقابر في الكوبانية الشمالِية وأرمنا
وتوشكى.
ويلفت النظر أن الدفن في هذه الجبانات يُشْبِهُ الدفن في العصر النوبي المتوسط الثاني
ويُلَاحَظُ كثيرًا أنه كانت تُقام مزارات من اللَّبِنَاتِ في الشرق أو في الجهة الشمالية
من
البناء العلوي.
٩ وفضلًا عن ذلك يوجد بناء علوي عظيم ضخم مستدير مسقف بقبة وله مزار من اللبنات
مُقَامٌ على حافة الجبانة. وتقام غالبًا المقابر على رمل عالٍ يكون في العادة فوق مبانٍ
قديمة. ووَضْعُ الجثة المقرفصة في هذه المقابر لا يتبع قاعدة معينة كما كانت الحال في
العهد
المتوسط الثاني النوبي؛ فنجد بجانب الوضع القديم الذي كانت توضع فيه الجثة متجهة من الشرق
إلى الغرب الوضع من الشمال إلى الجنوب. وتُوضَعُ الجثة على السرير على الجانب الأيسر،
ويلاحظ أن الركبة ليست مطوية تمامًا بل مطوية بعض الشيء. وغالبًا ما يوجد بجانب الجثة
حيوانات (ضأن وماعز) مدفونة. وفي كثير من الجبانات توجد قرون منصوبة ملونة باللون الأحمر
في
الجانب الخارجي للمبنى العلوي.
أما القربات التي كانت تُدْفَنُ مع الْمُتَوَفَّى في هذا العهد فكانت تشتمل على أوانٍ
عدة
من الفخار توضع في حفرة الْمُتَوَفَّى (وأحيانًا كان يُوضَعُ بعضها خارجها) أو كانت تحفظ
في
المقصورة. وقد بَقِيَ كثير من الأشكال القديمة التي كانت تُسْتَعْمَلُ في مقابر العهد
المتوسط الثاني في مقابر العصر الذي نحن بصدده، غير أن صناعتها قد انحطت والأشكال الجديدة
التي ظهرت في هذه المقابر هي أوعية عميقة الغور ذات اللون الأحمر المصقول أو ذات اللون
الأحمر والحافة السوداء، وكذلك من التي على ظاهرها أشكال تخطيطية محفورة.
١٠ هذا إلى صحاف محزوزة مكونة من نماذج ملونة، وقواعد أوانٍ وأباريق على هيئة
الزنبق وأطباق ذات أفواه من فخار «كرمة» الجميل.
وأهم ما يلاحظ في أدوات الزينة التي وُجِدَتْ مع الْمُتَوَفَّى أساور المعصم التي
نظمت في
صفوف على هيئة مستطيلات رقيقة من الألواح الصغيرة الْمُؤَلَّفَةِ من الأصداف.
العصر النوبي الرابع الذي يقابل نهاية عصر الهكسوس وبداية الأسرة الثامنة
عشرة
ومجموعة مقابر هذا العصر تشمل المقابر المستديرة أو القعبية وهي التي توجد في الجزء
الجنوبي من الوجه القبلي وتمتد شمالًا حتى «أسيوط». وهذه المقابر لها علاقة وثيقة
بمقابر العصر النوبي الثالث، غير أنها تقدم لنا مع ذلك خواص كثيرة لها مما يجعلها مميزة
عن الأخيرة تمامًا بوصفها وحدة منفصلة دخيلة. ولا يمكن أن نحكم على وجه التأكيد عن
المكان الذي أتى منه القوم الذين دُفِنُوا في هذه المقابر المستديرة الشكل، فمن المحتمل
أنهم نوبيون مهاجرون مثل البرابرة الذين يقومون بالخدمة في البيوت المصرية الكبيرة الآن
لعدم وجود أسباب العيش في بلادهم الأصلية، فكانوا يرحلون إلى مصر حيث يجدون العيش الرغد
والدخل الكبير بالنسبة لبلادهم. وقد يظن الإنسان أن هؤلاء المهاجرين هم جنود مرتزِقة
وذلك بسبب وجود بعض الأسلحة معهم، وأنهم قد وفدوا إلى مصر في عهد الهكسوس ليقوموا بخدمة
ملوك الوجه القبلي في عهد الأسرة السابعة عشرة وأقاموا لأنفسهم مستعمرات هناك. والواقع
أن الأثري «وينريت» قد وصف القوم الذين دُفِنُوا في هذه المقابر المستديرة الشكل بأنهم
قوم غلاظ الطبع وبطبيعة الحال محاربون.
١١
ولم نعثر على وجه التأكيد في تربة بلاد النوبة على جبانات تحتوي على مقابرَ مستديرة
الشكل، وقد نَسب خطأ الأستاذ «ويجول» في وقت لم تكن الثقافة النوبية القديمة معروفة
(١٩٠٦م–١٩٠٧م) الثقافة القعبية الشكل إلى ثقافة مجموعة
C. يضاف إلى ذلك أن الجبانة النوبية رقم ٧ في
«الشلال» والجبانة رقم ١١٠ في «كوبان» والجبانة رقم ١١٣ في «العلاقي» لا يزال ينسبها
«ينكر»
١٢ إلى ثقافة المقابر القعبية الشكل، وقد كان أول من وضع الأمور في نصابها
الأثري «فرث» عندما نسبها بحق إلى ثقافة مجموعة
C
المتأخرة، وبذلك قد سقطت كل مقترحات «ينكر» عن أصل وعلاقة المقابر القعبية الشكل بثقافة
«كرمة» الوطنية في «دنقلة». فيلحظ لأول وهلة أنه من مميزات الأخيرة، أي ثقافة «كرمة»
أن
مدافنها على شكل كومة كبيرة كما تمتاز زخرفتها بالميكا، هذا إلى أن التطعيم بسن الفيل
نجده معدومًا تمامًا في ودائع المقابر القعبية كما أنه غريب عن ثقافة مجموعة
C. وعندما نجد المقابر القعبية تقدم لنا أشياء
كثيرة لا توجد في معظم مقابر العصر المتوسط النوبي الثالث فإنه يكون من السهل علينا أن
نفسر أن الثقافة النوبية بوجه عام ليست من تربة مصرية وأن الأشياء التي أمكن الإنسان
أن
يحصل عليها هي للقوم الذين ضربوا في الأرض نحو الشمال وبذلك كان لزامًا عليهم أن
يستبدلوا غيرها بها.
وأهم الأماكن التي وُجِدَتْ فيها آثار هؤلاء القوم في مصر هي «هو» و«عبادية»
١٣ و«ريفة» بالقرب من «أسيوط»
١٤ «والبلابييش» الواقعة على الشاطئ الشرقي للنيل قبالة «العرابة»
١٥ و«البداري».
١٦
ومقابر هذا العهد مستديرة ومنبسطة واتجاهها من الجنوب إلى الشمال ولا يعلوها بناء
آخر، وقد وُجِدَ مع الْمُتَوَفَّى أحيانًا في جبانات منفردة (كما هي الحال في جبانات
العصر النوبي الثالث) قرون نهايتها حمراء والجثة المقرفصة قد وُضِعَتْ في القبر
مُضْطَجِعَةً على الجانب الأيمن والوجه متجه نحو الغرب.
الأثاث الذي كان يُوضَعُ مع الْمُتَوَفَّى:١٧
وُجِدَتْ بين الأواني الفخارية التي كانت تُوضَعُ مع الْمُتَوَفَّى في حفرة الدفن
غير
الأواني النوبية المعروفة أشكال جديدة وزخارف، وأباريق لها بزابيز وصحون من أواني
«كرمة». أما أدوات الزينة فقد عُثِرَ منها على محارٍ حلزوني اسْتُعْمِلَ في نظم قلائد
وأسوار معصم مؤلفة من لوحات من الأصداف كما كان ذلك محبوبًا في العهد النوبي المتوسط
الثالث، وفي هذا العهد كَثُرَتْ كذلك الخناجر المصنوعة من النحاس.
هوامش