حصار الزمن: الحاضر (إشكالات): الجزء الأول
«هناك حنينٌ إلى الماضي عند كل التيَّارات السياسية الرئيسية التي تُعبِّر عن تعدُّد الثقافة السياسية؛ حنينُ الإسلاميين إلى عصر الخلافة الراشدة، وحنينُ الليبراليين إلى ثورة ١٩١٩، وحنينُ القوميين إلى العهد الناصري، وحنينُ الماركسيين إلى الأُمَمية الأولى التي ورثتها العَولمة، ولا أحدَ يحنُّ إلى الحاضر.»
عبْرَ طرحٍ وتفكيكٍ لمجموعةٍ من الإشكالات النظرية التي يَعتلُّ بها حاضرُنا، يبدأ الدكتور «حسن حنفي» سلسلتَه تلك، محاوِلًا التمهيدَ والعرض لما سيتبع من أفكار؛ فبدأ بإشكالِ تحليل الخطاب ومدى فعالية تحليل المضمون في فَهْم حضارتنا، ومن ثَم أنفُسنا، ثم إشكاليةِ فقر الإبداع الفلسفي العربي ودورها في تغذية جذور القهر والاستبداد، مُسلِّطًا الضوءَ بالتبعية على أزمة الإسلام السياسي في الخروج من الإطار النظري إلى المجال العام، وعلاقتِه بالعَولمة وحوار الحضارات، ودورِ الإسلام الآسيوي الحضاري في الحوار والتعايش الثقافي، مُنتهيًا بعلاقة الثقافة بالسُّلطة وتأثير كلٍّ منهما على الآخَر، ودورها المقاوِم الذي غاب عن الوطن العربي لعقود.
أرَّقت أزماتُ الوطن العربي عقلَ المفكِّر «حسن حنفي»، فشغَلت وقتَه وملأت ذهنَه حتى جعَل تفكيكَها وتحليلها مشروعًا لا ينتهي، وتأتي سلسلة «حصار الزمن» تعبيرًا منه عن الموقف الحضاري الذي تعيشه الثقافةُ العربية، وانحسارها بين ماضٍ مقطوع، وحاضرٍ قد ركب قطارَ الزمن السريع، ومستقبلٍ لا تملك فيه من أمرها شيئًا.