خلاصات عامة
-
لكل عرق صفات نفسية ثابتة ثبات الصفات الجثمانية تقريبًا، والنوع النفسي كالنوع التشريحي، لا يتحول إلا ببطء عظيم.
-
يُضاف إلى الصفات النفسية الثابتة الموروثة التي يتألف من اجتماعها مزاج العِرق النفسي عناصرُ ثانويةٌ ناشئة عن مختلف تغيرات البيئات، وذلك كما يحدث لدى جميع الأنواع التشريحية، وتتجدد تلك العناصر الثانوية بلا انقطاع؛ فيكون للعرق بذلك تغير ظاهرٌ على شيء من الاتساع.
-
لا يمثِّل المزاج النفسي للعرق خلاصة أفراده الأحياء وحدهم، بل يمثِّل، على الخصوص، المزاج النفسي للأجداد الكثيرين الذين أعانوا على تكوينه. والأمواتُ، لا الأحياء، هم الذين يمثلون أهم دور في كِيان الأمة، والأموات هم موجدو أدب الأمة وعوامل سيرها اللاشعورية.
-
تُلازم الفروقُ التشريحية العظيمة التي تَفْصِل بين مختلف العروق البشرية الفروقَ النفسية التي لا تقل عنها أهمية، والعروق، إذا ما قابلنا بين ذوي المستوى المتوسط من أبنائها، بدت الفروق النفسية بينها ضعيفة في الغالب، وتبدو هذه الفروق عظيمة عند المقابلة بين أعلى العناصر في تلك العروق، فهنالك يُرى أن الذي يميز العروق العليا من العروق الدنيا على الخصوص هو اشتمال العروق العليا على ما لا تحتويه العروق الدنيا من ذوي الأدمغة النامية إلى الغاية.
-
تسود الأفراد الذين تتألف منهم العروق الدنيا مساواة واضحة، والعروق، كلما ارتقت في سلم الحضارة، اختلف أفرادها شيئًا فشيئًا، ويتجلى أثر الحضارة المحتوم في تفاوت الأفراد والعروق، فإلى التفاوت الزائد، لا إلى المساواة، تسير الأمم إذن.
-
حياة الأمة وجميع مظاهر حضارتها صدى لروحها، وهما دلائل منظورة لأمر حقيقي غير منظور، وما الحوادث الخارجية إلا صورة ظاهرة لِلُّحْمَةِ الخفية التي تُعَيِّنُهَا.
-
أخلاق الأمة على الخصوص، لا المصادفة ولا الأحوال الخارجية ولا النُّظم السياسية، هي التي تمثل الدور الأساسي في تاريخها.
-
بما أن عناصر حضارة الأمة دلائل خارجية على مزاجها النفسي وعنوان طُرُز لإحساسها وتفكيرها فإنها لا تنتقل، من غير تغيير، إلى أمم أخرى ذات أمزجة مختلفة عن مزاجها، والعناصر الوحيدة التي يمكن أن تنتقل هي الأشكال الخارجية السطحية التي لا أهمية لها.
-
تؤدي الفروق العميقة التي تفصل بين الأمزجة النفسية لمختلف الأمم إلى تَبَيُّنِ هذه الأمم للعالم الخارجي على وجوه شديدة التباين، وينشأ عن هذا شدة اختلافها في طُرُز الشعور والتمييز والسَّيْر، ومن ثم اختلافها في جميع المسائل عند المصاقبة، وما معظم الحروب التي تملأ التاريخ إلا ناشئًا عن تلك الاختلافات، وما حروب الفتوح والحروب الدينية وحروب الأسر المالكة في الحقيقة إلا حروب عروق على الدوام.
-
لا ينتهي جمعٌ من الناس مؤلف من أصول مختلفة إلى تكوين عرق؛ أي إلى حيازة روح عامة، إلا إذا اكتسب، بتوالد مكرر في عدة قرون وبحياة متشابهة في بيئات متماثلة، مشاعر واحدة، ومصالح واحدة، ومعتقدات واحدة.
-
لا تجدُ لدى الأمم المتمدنة عروقًا طبيعية، بل تجد عندها عروقًا مصنوعة نشأت عن أحوال تاريخية.
-
لا يؤثِّر تغيُّر البيئات تأثيرًا عميقًا في غير العروق الجديدة؛ أي عند اختلاط العروق القديمة التي أسفر توالدها عن انحلال أخلاقها الموروثة، فالوارثة وحدها هي التي تقدر على مكافحة الوراثة، ولا يؤدي تغيُّر البيئة إلى غير التخريب في العروق التي لم يَقْضِ التوالد على ثبات أخلاقها، وأهون على العرق القديم أن يهلك من أن يخضع لتحولات تستلزمها ملاءمة بيئات جديدة.
-
تكون حيازة الأمة لروح جامعة متينة التركيب آية بلوغ هذه الأمة أوج عظمتها، ويكون انحلال هذه الروح نذير انحطاطها، ويكون دخول عناصر أجنبية في الأمة من أصح الوسائل لبلوغ مثل هذا الانحلال.
-
تخضع الأنواع النفسية لعوامل الزمن كما تخضع الأنواع التشريحية؛ فهي تهرم وتموت مثلها، وقد تزول تلك الأنواع بسرعة مع أنها تتكون ببطء كبير على الدوام، فيكفي أن يقع اضطراب عميق في قيام أعضائها حتى تُعانيَ تحولاتٍ راجعةً مؤديةً إلى هلاك سريع في الغالب، فالأممُ، وإن اقتضى اكتسابها لمزاج نفسيٍّ قرونًا طويلة، تفقِد هذا المزاج في وقت قصير أحيانًا.
-
يجب أن توضع المبادئ بجانب الأخلاق كعامل رئيس في تطور الحضارة، ولا تؤثِّر هذه المبادئ إلا بعد أن تتحول بتطور بطيء إلى مشاعرَ فتصبح جزءًا من الأخلاق، فهنالك تتفلت من تأثير الجَدَل، ولا تزول إلا بعد زمن طويل، وتُشْتَقُّ كل حضارة من عدد قليل من المبادئ الأساسية التي يُجْمَعُ عليها.
-
تجدُ المبادئ الدينية بين أهمِّ المبادئ التي تُوَجِّه الحضارة، وعن مختلف المعتقدات الدينية نشأ، على وجه مباشر، معظم الحوادث التاريخية، وقد اقترن تاريخ البشرية بتاريخ آلهتها، وكان ظهور آلهة جديدة دليلًا على فَجْرِ حضارة جديدة في كل وقت، والآلهة — وهي أبناء أحلامنا — تبلغ من السلطان ما يؤدِّي معه تغييرُ اسمِها وحدَه إلى قَلْبِ العالَم من فَوْره رأسًا على عَقِبٍ.