تعدد الزوجات والأزواج
هند وأبو سفيان١
كان مسافر بن عمرو بن أمية يهوى هندًا بنت عتبة بن ربيعة، وله فيها شعر يغنّي به،
فلما فارقت زوجها الفاكه بن المغبرة خطبها إلى أبيها، فلم ترض ثروته وماله، فوفد على
«النعمان» يستعينه على أمره، ثم عاد فكان أول من لقيه أبو سفيان، وعلم منه أنه تزوج
هندًا.
وكان مسافرًا من أحسن فتيان قريش جمالًا وشعرًا وسخاء، وقد عشق هندًا وعشقته، فاتهم
بها، وقال بعض الرواة: إنها حملت منه، فلما بان حملها أو كاد، قالت له: اخرج، فخرج حتى
أتى الحيرة، وأقام عند عمرو بن هند ينادمه، ثم أقبل أبو سفيان بن حرب إلى الحيرة في بعض
ما كان يأتيها ولقيه مسافر، فسأله عن قريش، فكان مما قال له: أنه تزوج من هند بنت عتبة؛
فدخله من ذلك ما اعتل معه، حتى استسقى بطنه.
وروى معروف بن خربوذ أن مسافرًا قال في ذلك:
ألا إن هندًا أصبحت منك محرمًا
وأصبحت من أدنى حموتها حمى
وأصبحت كالمقمور جفن سلاحه
يقلب بالكفين قوسًا وأسهما
حكمة التعدد في الإسلام٢
إنه لمعلوم أن جميع كلام النبوة شرح للقرآن، قال تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ
إِلَيْهِمْ، وإذا تتبعنا القرآن العظيم لم نجده يذكر المؤمنين إلا ومعهم
المؤمنات، ولا المسلمين إلا ومعهم المسلمات، ولا الصائمين إلا ومعهم الصائمات، قال
تعالى: وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ
وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ
نَقِيرًا، وقال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن
ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، وقال
تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ
وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ
وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ
وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا
وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا هو
الجنة وما فيها، وهكذا في غير ما آية.
ومن اطلع على موضع ذلك من المصحف الشريف فسيقف بنفسه على ما ذكر، فالكتاب والسنة
والإجماع على أن للنساء ما للرجال من الثواب، وعليهن ما عليهم من العقاب، لا فرق بين
حر
ورقيق، ومولى وعتيق.
وقال ﷺ: «أيما امرأة غاب عنها زوجها فحفظت غيبته في نفسها، وطرحت زينتها،
وقيدت رجلها، وأقامت الصلاة، فإنها تحشر يوم القيامة عذراء طفلة، فإن كان زوجها مؤمنًا
فهو زوجها في الجنة، وإن لم يكن زوجها مؤمنًا زوجها الله من الشهداء»، فكيف يتوهم ممن
اتصف بالعدل فضلًا عن اتصافه بالفضل أن يضيع عمل عامل، أو يحرم الراجي فضله
الشامل؟
وهنا تعرض مستشرق إنكليزي في سياق حديث رواه المؤلف وقال: لو علمت نساء أوربا بقولك
لأحببن دين الإسلام، لكن ربما يمنعهن شيء آخر أشق عليهن من كل شيء، وأضر … هو اتخاذ
الرجل منكم عددًا من الزوجات.
وردّ على المستشرق بأنه لا دخل لتعدد الزوجات ولا لدين النصرانية في إحياء العلوم
الأدبية، ولا تقدم الفنون والصنائع الدنيوية، ولو كان الأمر كذلك لما احتاج الأوربيون
إلى اليونان ومن بعدهم من العرب في الوصول إلى ما وصلوا إليه، فالعرب للأوربيين في كل
ما علموه ملاذ، واحتياجهم إليهم كاحتياج المتعلم إلى الأستاذ.
وأما ما كان من أمر تعدُّد الزوجات فليس هذا خاصًّا بالمسلمين، بل هو عام لهم
ولغيرهم، ولم يمنعه إلا طائفة النصارى فقط، حتى إن من قبلهم كانوا يجوِّزون التعدد
أيضًا، فقد رأيت في بعض كتب التواريخ نقلًا عن دانيال القسيس أن ملوك فرنسا الأولين
كانوا متزوجين بزوجات متعددات، مع أنهم كانوا متدينين بدين النصرانية؛ ومن ثَمَّ كان
لكل من غنطران وشربير وداغوبير الأول ثلاث زوجات، ولعم داغوبير، وهو فلودمير أربع زوجات
في آن واحد.
وفي سنة سبعمائة وست وعشرين من الميلاد كتب البابا غرينور الثالث إلى الواعظ بدسقاس
حين أرسل إليه ليسأله عن جواز التزوج بامرأة ثانية: «إذا أصيبت المرأة الأولى بداء
يمنعها عن القيام بحقوق الزوج، جاز له أن يتزوج بامرأة أخرى، وعليه للمصابة مؤنها
الضرورية».
ولعل الحكمة من إباحة تعدد الزوجات عند المسلمين، وعند كل من كان على رأيهم أن
التدبير الإلهي لما ميز الرجل بقوة البنية، وطول زمن التناسل بالنسبة للمرأة، وسلامته
من الأعذار المعتادة للنساء في أوقات معينة — كالحيض والنفاس — راعى الشرع جانبه
لذلك.
وأما حكمة الإفراد التي عول عليها النصارى، واستندوا إليها في الحكم فلا يمكن الجزم
باطرادها في كل طبيعة، ولا بأنها تقطع ما يخشونه من المفاسد؛ فقد أتى زمن يمنع فيه كثير
من الأمور الفظيعة التي لا وجود لها في بلادنا، كقتل الأطفال، وإسقاط الأجنة، ونحو
ذلك.
فقال المستشرق الإنكليزي: هذا كلام معقول، لكن نظرت في المصحف مرة فرأيت في السورة
الثالثة ما ظاهره الأمر بضرب النساء، مع أنه يُخِلُّ بشرف الإنسانية.
فكان الجواب أن هذا لا يوجد إلا إذا علم الزوج منها خلاف ما يعهد، على أنه ليس له ذلك
من أول الأمر، بل يستعمل معها النصيحة، فإن أبت فله أن يؤدبها بالهجر، فإن لم يُجْدِ
الهجر ضربها، بشرط ألا يضر بها، وألا يخرج على حسن العشرة المأمور به في القرآن، الذي
جعل التشديد عليهن مذمومًا، وصير من عاقبهن على كل ما فرط منهن ملومًا، كقوله تعالى:
الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ
تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ.
وكقوله الرسول ﷺ: «احملوا النساء على أخلاقهن»، وقول عمر بن الخطاب (رضي الله
عنه): «ينبغي للرجل أن يكون في بيته كالصبي، فإذا طلب ما عنده وُجِدَ رجلًا».
وقال بعض الصحابة للنبي ﷺ: «ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت،
وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت». ومعنى لا تقبح:
لا تسمعها المكروه، ولا تشتمها، أو لا تقل لها: قبحك الله، ونحو ذلك.
وفي القرآن الكريم عدا ذلك كثير مما يعظم أمر النساء، ويوجب رعايتهن، والمبادرة إلى
القيام بحقوقهن، وهل حرية النساء إلا أن يبلغن حقوقهن على أزواجهن حسبما تقتضيه
المروءة، وصيانة النساء عن الدخول فيما ليس لهن من خصائص الرجال.
وليس فيما يقبل العقل المنزه عن المعصية أن تكون حرية النساء عبارة عن تخليتهن وما
اشتهين، مع ما يشاهد في الأكثر من غلبة شهواتهن وأهوائهن على عقولهن.
المرأة التي تزوج عليها زوجها
في «سبحة المرجان»
٣ أشعار عن غيرة المرأة التي يتزوج عليها زوجها، منها قول ابن المعتز:
خبروها بأنني تزوجـ
ـت فظلت تكاتم الغيظ سرَّا
ثم قالت لأختها، ولأخرى
جزعًا: ليته تزوج عشرا
وأشارت إلى نساء لديها
لا ترى دونهن للسر سترا
ما لقلبي كأنه ليس مني
وعظامي أخال فيهن فترا
عدم زواج الرجل بمن يهواها
معلوم أن العرب
٤ كانوا لا يزوجون الرجل بمن يهواها، وكان يتحاشى السلام عليها لئلا يعرف
بها.
قال أبو رياش: كان الرجل إذا عرف بحب امرأة لم يزوجوه إياه، وكان إذا سلم عليها عرف
أنه يهواها، وقد يسلم عليها وإن كان في السلام يأس منها، وهذا من إفراط شوقه، وغلبة
هواه.
رؤية الرجل المرأة عند تزوجها٥
قال الأصمعي: الحسن في العينين، والجمال في الأنف، والملاحة في الفم.
وقالت امرأة خالد بن صفوان له: إنك لجميل يا أبا صفوان. فقال: كيف وليس عندي رداء
الجمال، ولا برنسه ولا عموده. إن رداءه البياض وأنا آدم، وعموده الطول وأنا ربعة،
وبرنسه سوداء الشعر وأنا أشمط، ولكن قولي: إنك مليح ظريف.
ورُوي أن النبي عليه الصلاة والسلام خطب امرأة، فأرسل عائشة (رضي الله عنها) لتنظر
إليها، فلما رجعت إليه قالت: ما رأيت طائلًا. فقال: بلى، لقد رأيت خالًا في خدها اقشعرت
منه كل شعرة في جسدك.
وقالت عائشة (رضي الله عنها) تصف شعورها حينما رأت جويرية بنت الضحاك لأول مرة: والله
ما هو إلا أن رأيتها على باب حجرتي فكرهتها. وفي ذلك ما يدل على ما كان عليه أزواج
النبي ﷺ من الغيرة عليه، والعلم بموقع الجمال عنده.
أما نظره عليه الصلاة والسلام إلى جويرية حتى عرف من حسنها ما عرف، فذلك لأنها كانت
مملوكة، لو كانت حرة ما ملأ عينيه منها؛ لأنه لا يكره النظر إلى الإماء. وجائز أن يكون
نظره إليها لأنه نوي تزوجها.
ورُوي أن امرأة قالت للنبي صلوات الله عليه: إني قد وهبت نفسي لك يا رسول الله.
فصعد فيها النظر ثم صوب، ثم أنكحها من غيره.
وثبت عنه — عليه الصلاة والسلام — الرخصة في النظر إلى المرأة عند إرادة نكاحها، وقال
للمغيرة حين شاوره في نكاح امرأة: «لو نظرت إليها فإن ذلك أحرى أن يؤدم بينكما». وقال
مثل ذلك لمحمد بن مسلمة حين أراد نكاح بثينة بنت الضحاك.
وقد أجازه مالك في إحدى الروايتين عنه، ذكرها ابن أبي زيد.
وفي مسند البزار: «لا حرج أن ينظر الرجل إلى المرأة إذا أراد تزوجها وهي لا
تشعر».
وفي تراجم البخاري في باب النظر إلى المرأة قبل التزويج أن النبي — عليه الصلاة
والسلام — قال لعائشة (رضي الله عنها): أريتك في المنام يجيء بك الملَك في سرقة من
حرير، فكشف عن وجهك، فقال لي: هذه امرأتك. فقلت: إن يكن من عند الله يمضه. وهذا استدلال
حسن. وفي قوله: إن يكن من عند الله سؤال؛ لأن رؤياه وحي، فكيف يشك في أنها من عند الله؟
والجواب: أنه لم يشك في صحة الرؤيا، ولكن الرؤيا قد تكون على ظاهرها، وقد تكون لمن هو
نظير المرء أو سميه، فمن ها هنا تطرق الشك ما بين أن تكون على ظاهرها، أو لها
تأويل.
وسمعت شيخنا يقول في معنى هذا الحديث: لا يخلو نظره عليه الصلاة والسلام إليها من أحد
الأمرين، أو يكون ذلك قبل أن يضرب الحجاب، وإلا فقد قال تعالى: قُل
لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ.
والنبي ﷺ هو بغير شك إمام المتقين، وقدوة الورعين. وجويرية هي بنت الضحاك بن
أبي ضرار بن حبيب بن عائذ، وتوفيت في شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين أم خمس وخمسين من
الهجرة.
رايات من خمر النساء٦
وجَّه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) عتبة بن غزوان واليًا على البصرة،
وقال له: يا عتبة، إني قد استعملتك على أرض الهند، وهي حومة من حومات العدو، وأرجو أن
يكفيك الله ما حولها، ويعينك عليها … فإذا قدم عليك العدو، فاستشره، وادع إلى الله، فمن
أجابك فاقبل منه، ومن أبى فالجزية، وإلا فالسيف، واتق الله فيما وليت، وإياك أن تنازعك
نفسك إلى كبر مما يفسد عليك إمرتك، وقد صحبت رسول الله ﷺ فعززت به بعد الذلة،
وقويت به بعد الضعف، حتى صرت أميرًا مسلطًا، وملكًا مطاعًا، تقول فيسمع منك، وتأمر
فيطاع أمرك، فيالها من نعمة؛ فاحتفظ من النعمة احتفاظك من المعصية، ولهي أخوفهما عندي
عليك أن تستدرجك وتخدعك فتسقط سقطة تصير بها إلى جهنم، أعيذك بالله ونفسي من ذلك، إن
الناس أسرعوا إلى الله حتى رفعت لهم الدنيا فأرادوها، فأرد الله ولا ترد الدنيا، واتق
مصارع الظالمين. انطلق أنت ومن معك حتى إذا كنتم في أقصى أرض العرب وأدنى أرض العجم،
فأقيموا، فسار عُتبة ومن معه، وأقام بالبصرة، ثم سار عُتبة بالمسلمين إلى أن لقيهم جيش
عظيم من الفرس، فاقتتل الفريقان.
وقال نساء المسلمين: لو لحقنا بهم فكنا معهم، فاتخذن من خمرهن رايات، وسرن إلى
المسلمين؛ فلما رأى المشركون الرايات، ظنوا أن مددًا للمسلمين قد أقبل، فانهزموا، وظفر
بهم المسلمون!
كشف وجه المرأة في الإحرام
قالت عائشة (رضي الله عنها):
٧ لو علم رسول الله
ﷺ ما أحدث النساء، لمنعهن من المساجد.
وسئل عقيل عن كشف المرأة وجهها في الإحرام، مع كثرة الفساد في زمانه: أهو أولى أم
التغطية مع الفداء؟ فأجاب: بأن الكشف شعار إحرامها، ولا يجوز رفع حكم ثبت شرعًا لحوادث
البدع.
وأما قول عائشة (رضي الله عنها) فإنها ردّت الأمر إلى صاحبه فقالت: لو علم لمنع، ولم
تمنع هي.
وقد ندب الشرع إلى النظر إلى المرأة قبل النكاح، وأجاز للشهود النظر، فليس ببدع أن
يأمرها بالكشف، ويأمر الرجال بالغض ليكون أعظم للابتلاء.
وإنما جاء النص بالنهي عن النقاب خاصة، كما جاء النهي عن القفازين، وعن لبس القميص
والسراويل، ومعلوم أن نهيه عن لبس هذه الأشياء لم يرد أنها مكشوفة لا تستر البتة، بل
قد
أجمع الناس على أن المحرمة تستر بدنها بقميصها ودرعها، وأن الرجل يستر بدنه بالرداء،
وأسافله بالإزار.
ومن قال: إن وجه المحرمة كرأس المحرم، فليس معه بذلك نص. وقول من قال من السلف: إحرام
المرأة في وجهها إنما أراد به أنه لا يلزمها اجتناب الناس كما يلزم الرجل، بل يلزمها
اجتناب النقاب، فيكون وجهها كبدن الرجل.
وقد قالت عائشة (رضي الله عنها): كنا إذا مر بنا الركبان سدلت إحدانا جلبابها على
وجهها، ولم تكن إحداهن تتخذ عودًا تجعله بين وجهها وبين الجلباب كما قال بعض الفقهاء،
ولا يعرف هذا من امرأة من نساء الصحابة، ولا أمهات المؤمنين البتة، لا عملًا ولا فتوى،
ويستحيل أن يكون هذا من شعار الإحرام، ولا يكون ظاهرًا مشهورًا يعرفه الخاص
والعام.
ومن آثر الإنصاف، وسلك سبيل العلم والعدل تبين له راجح المذاهب من مرجُوحها، وفاسدها
من صحيحها، والله الموفق الهادي.
المرأة لعبة زوجها٨
البيضة المكنونة
٩ بيضة النعام، ويشبه بها النساء لبياضها، والصفرة التي تضرب فيها. قال ذو
الرمة:
… … … …
«كأنها فضة قد مسها ذهب»
والمكنونة: المصونة، والنعامة تخفيها بريش، ولا تبديها للشمس والريح لئلا تتغير. وقال
الله تعالى: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ.
وعن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) عن النبي ﷺ أنه قال: «المرأة لعبة زوجها،
فإن استطاع أحدكم أن يحسن لعبته فليفعل».
والمداعبة: الممازحة، والمغازلة، تقول: غازلتني المرأة: إذا تماجنت عليك في كلامها،
وأشارت لك بعينها، وغزتك بحاجبها حتى إذا طمعت فيها صدت عنك … والمليحة الصورة:
المستملحة، كالدمى والصور التي تلعب بها البنات ونحوها.
مات زوجها فتزوجت!
يروى أن امرأة من مدينة «يشكُر» اسمها «أم عقبة» كانت عند ابن عم لها يقال له «غسان»،
وأنه سألها عما تصنع بعد موته، فقال:
أخبري بالذي تريدين بعدي
والذي تضمرين يا أم عقبه
تحفظين من بعد موتي لما قد
كان مني من حسن خلق وصُحْبه
أم تريدين ذا جمال ومال
وأنا في التراب في سجن غربه
فقالت له: والله لا أجيبك بكذب، ولأجعلنه آخر حظي منك، وأنشدته:
قد سمعت الذي تقول وما قد
يا ابن عمي تخاف من أم عقبه
سوف أبكيك ما حييت بنوح
ومراث أقولها أو بندبه
فلما سمعها أنشأ يقول:
أنا والله واثق بك لكن
احتياطًا أخاف غدر النساء
بعد موت الأزواج يا خير من عو
شر فارعي حقي لحسن الوفاء
إنني قد رجوت أن تحفظي العهـ
ـد فكوني إن مت عند الرجاء
ثم اعتقل لسانه فلم ينطق حتى مات، فلم تمكث بعده قليلًا حتى خطبت من كل جانب، رغب
فيها الأزواج لاجتماع الخصال الفاضلة فيها، فقالت مجيبة لهم:
سأحفظ غسانًا على بعد داره
ونرعاه حتى نلتقي يوم نحشر
وإني لفي شغل عن الناس كلهم
فكفوا فما مثلي بمن مات يغدر
سأبكي عليه ما حييت بدمعة
تجول على الخدين تهمي فتهمُرُ
فلما تطاولت الأيام تناست عهده وقالت: من مات فقد فات.
فأجابت بعض خطابها فعقد عليها، فلما كانت الليلة التي أراد الدخول بها أتاها آت في
منامها فقال:
عقدت ولم ترعي لبعلك حرمة
ولم تعرفي حقًّا ولم تحفظي العهدا
ولم تصبري حولًا حفاظًا لصاحب
حلفت له بتًّا ولم تنجزي الوعدا
غدرت به لما ثوى في ضريحه
كذلك ينسى كل من سكن اللحدا
فلما سمعت هذه الأبيات انتبهت مرتاعة كأن غسان معها في جانب البيت، وأنكر ذلك من
حضرها من نسائها، فأنشدتهن الأبيات، فأخذن معها في حديث لينسينها ما هي فيه، فغفلتهن
وأخذت مدية، فلم يدركنها حتى ذبحت نفسها، فقالت امرأة منهن:
لله درك ماذا
لقيت من غسان
قتلت نفسك حزنًا
يا خيرة النسوان
وفيت من بعد ما قد
هممت بالعصيان
وذو المعالى غفور
لسقطة الإنسان
إن الوفاء من الله
لم يزل بمكان
وفاء عائشة بنت طلحة لزوجها المتوفى
قالت امرأة حاكية:
١٠ كنت عند عائشة بنت طلحة يومًا، فقيل لها: هذا الأمير قد جاء، فتنحيت، ودخل
عمر بن عبد الله زوجها فلما خرج من عندها رأيته وكأنما أوتي ملك سليمان.
ويقال: إن رملة بنت عبد الله — ضرة عائشة هذه — قالت لمولاة عائشة يومًا: أريني
مولاتك مجردة وأنا أعطيك ألفي درهم. فذكرت الجارية ذلك لعائشة، فقالت: أنا أتجرد لها
ولا تعلميها أني عرفت، ثم قامت عائشة فتجردت كأنها تغتسل، وذهبت مولاتها إلى رملة ضرتها
فأخبرتها، فأشرفت عليها وتأملتها مقبلة ومدبرة وأعطت الجارية ألفي درهم، وقالت: وددت
لو
أني أعطيك أربعة آلاف درهم ولم أرها، وذلك لما راعها من حسن جسدها البض، وتناسق جمال
أعضائه المثيرة الفاتنة.
ولما مات عمر بن عبد الله زوج عائشة ندبته قائمة، دلالة على أنها لا تتزوج
بعده.
روى الأصفهاني في كتابه «الأغاني» أن عاتكة بنت يزيد بن معاوية استاذنت زوجها عبد
الملك في الحج، فأذن لها وقال: ارفعي إلي حوائجك كلها، واستظهري فإن عائشة بنت طلحة تحج
معك، فاستظهرت بكل ما تقدر عليه، وخرجت بهيئة حسنة قد اجتهدت فيها، فلما كانت بين مكة
والمدينة إذا ركب قد جاء فضغطها وفرق جماعتها، وكان هو ركب عائشة بنت طلحة!
القبلة وإباحتها١١
قالت طائفة من العلماء: القبلة مباحة لمن وصل إلى حد يخاف على نفسه من التلف في
الحين، قالوا: لأن تركها قد يؤدي إلى هلاك النفس، والقبلة صغيرة، وهلاك النفس كبيرة،
وإذا وقع الإنسان في مرضين داوى الأخطر، ولا خطر أعظم من خطر النفس، حتى أوجبوا على
المحبوب مطاوعته على ذلك إذا علم أن ترك ذلك يؤدي إلى إهلاكه، واحتجوا بقول الله تعالى:
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ
إِلَّا اللَّمَمَ …، والحديث الذي يقول: يا رسول الله، إني لقيت امرأة
أجنبية فأصبت منها كل شيء إلا النكاح، قال: أصليت معنا؟ قال: نعم. قال: إن الله قد غفر
لك. فأنزل الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ
وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ.
رجع إلى المقاطيع:
قال أبو الفرج الجوزي:
يا مانع القبلة من خده
فتّت قلبي فهو مفتوت
لا تخش أنفاسي ولا حرها
فإنما خدك ياقوت
ولأبي الفضل بن أبي الوفا:
سألتها رشف ريق
مستعذب الطعم حلوي
قالت: فصفه ارتجالًا
فقلت: بعد التروي
ولابن حجة:
وعاشق ألزم معشوقه قبلة
في فيه فيها شفاه
ولم يخف من جارحي لحظه
خطفًا وقد باس ولم يخطفاه
ولابن العطار:
جمعت بالراح شملي
فالله يجمع شملك
وكم يد لك عندي
دعني أقبل رجلك
ولآخر:
رأيت في مجلسي مليحًا
يشبه بدر الدجي وأحسن
سألته قبلة بخدٍّ
فجاد بالوصل لي وأحسن
وقال آخر:
سألته قبلة ألذ بها
فصدَّ عني وقال سروالك
فقلت: لم سيدي؟ فجاوبني:
عاقبة البوس حل سروالك
ولآخر في «مشروط على الخد»:
بروحي مشروط على الخد أسمر
وفا ودنا بعد التجنب والسخط
فقال على اللثم اشترطنا فلا تزد
فقبّلته ألفًا على ذلك الشرط
ولبعضهم رحمه الله:
قال الحبيب وقد رشفت رضابه
في يوم من رمضان لما زارا
أفطرت؟ قلت: نعم، رأيتك طالعًا
وهلال وجهك يوجب الإفطارا
ولآخر عفا الله عنه:
قبّلت مبسمه فقال تذللًا
عند اللقاء له ونحن صيام
أفطرت يا هذا، فقلت له: ابتدا
ء الصوم مع رؤيا الهلال حرام
وقال آخر في الجناس:
إن كنت تألف بالحبيب وقربه
فاصبر على جور الرقيب وداره
إن الرقيب إذا صبرت لحكمه
ثواك في مثوى الحبيب وداره
محاسن الخَلْق والخُلُق١٢
عن وهب بن منبه أنه قال: قال موسى عليه السلام: أي رب، أي عبادك أحب عليك؟ قال: من
أذكر برؤيته. وقال وهب: قال داود: يارب أي عبادك أحب إليك؟ قال: مؤمن حسن الصورة. قال:
أي عبادك أبغض إليك؟ قال: كافر قبيح الصورة …
وفي مسند الإمام أحمد عن النبي ﷺ: إن الله جميل يحب الجمال. رواه عبد الله بن
عمرو بن العاص، وأبو سعيد الخدري، وعبد الله بن مسعود، وجماعة.
وعن حديث ابن حديج عن أبي مليكة، يرفعه: من آتاه الله وجهًا حسنًا، وخلقًا حسنًا،
وجعله في موضع غير شائنٍ له، فهو من صفوة الله من خلقه.
وفي الصحيحين عن أبي بريدة قال: قال رسول الله ﷺ: أول زمرة تلج الجنة صورتهم
على صورة القمر ليلة البدر. وكان رسول الله ﷺ يستحب أن يكون الرسول الذي يرسل
إليه حسن الوجه، حسن الاسم، وكان يقول: إذا أبردتم إليّ بريدًا فليكن حسن الوجه، حسن
الاسم.
وفي مليح:
يا من له وجه بدت أنواره
كالشمس عند طلوعها بل أشرق
لولا هواك لما جفا جفني الكرى
ليلًا، وبت بدمع عيني أشرق
وفي آخر:
شبهت بالبدر الحبيب فقال لي:
لاح به أثر الصبابة لايح
لا وجه للتشبيه، قلت: أما ترى
وجه الحبيب؟ فقال: وجه واضح
وقال له:
وجه يفوق الهلال حسنًا
ويخجل البدر إن تجلّى
يقول في الحال من رآه
أشهد أن لا مليح إلّا
وقال آخر:
أحب من المردان كل مهفهفٍ
رشيق المثنى لم يسر في خده الشعر
فأما إذا ما الشعر في خده بدا
فلا خير في اللذات من دونها الستر
وقال آخر:
أظهروا وجهك المليح
ثم لاموا من افتتن
لو أرادوا جنايتي
حجبوا وجهك الحسن
وقال آخر وأجاد:
يا من وهبتُ له روحي فعذبها
ورمت تخليصها منه فلم أطق
أدرك بقية نفس فيك قد بلغت
قبل الممات فهذا آخر الرمق
ولابن الخطيب في «الحسن»:
الدرُّ فوق جبينه يتوقد
والماء في وجناته يتردد
كتب الهوى بيد إليه يؤكد
بالحسن فوق جبينه يا واحد
وله أيضًا:
جفون معذبي يملأنه
منىً وإن وداده تكليف
لكنني لم أنأ عنه لأنه
خبر رواه الجفن وهو ضعيف
ولشهاب الدين بن ناصر الدين:
بي سقام من جفون
قد جفوني لست أبرا
وعيون فاتكات
من سيوف الهند أبرا
ولآخر:
كأن مقلته صاد، وحاجبه
نون وموضع تقبيلاته ميم
فصرت أعبد منه في الهوى صنمًا
وعابد الصنم الإنسي مخدوم
ولآخر في العيون:
يا من يشبه نرجسًا بنواظر
دعج تنبه إن فهمك راقد
أين القياس لمن يصح قياسه
بين العيون وبينه ذا ساعد
وقال أيضًا في ذلك:
وظبيٌ إذا عاتبت ناعس طرفه
يلذ لطرفي في دجى الليل شهده
ألا فاشهدوا قتلي بسيف جفونه
ولا تقتلوه إنني أنا عبده
ولآخر في العيون السود:
عيونك السود إن مدت سوالفها
تحكم عليّ وما أقدر أخالفها
وإن كان حبل الجفا سود معارفها
في وسط قلبي بنا لناس معالفها
ولآخر في ذلك:
كنت أشتهي بحبيبي ألف ناقة سود
وألف أخرى يكن جمالها مسعود
أنزل إلى الحرب آخد عود وأعطى عود
أسلم من الحرب تقتلني العيون السود
وفي من عينه زرقاء:
بعينه الزرقاء
في قلبي سهم مطلق
وا عجبًا أحبه
وهو العدو الأزرق
وفي أحول:
قالوا شغلت بأحول فأجبتهم
قد زدتمو والله في أوصافه
لا تحسبوا حولانه … لكنه
من زهره يرنو على أعطافه
وفي من بعينه رمد:
جاء الحبيب وعيناه بها رمد
والنار في مهجتي تصلى بها كبدي
وقال أرجو علاجًا قلت واعجبًا
أسُلّ سيفًا لقتلي في الهوى بيدي
وفي الوجنة الحمراء:
الطرف بعدك قد عادت مدامعه
فهل تأذن لطيف منك يطرقه
والقلب في الوجنة الحمراء يا سكني
كعابد النار يهواها وتحرقه
وفي مبتسم الثغر:
جاء بصبح ثغره مبتسمًا
يمشي بليل الشعر في دلال
قلت له: دمت لقلبي هكذا
ما دامت الأيام والليالي
وفي حبيب:
قال الحبيب يقول ثغري إنه
ذو قرقف داء المحبة دافعِ
يا زيد خذ منه الحديث فإنه
حسن رواه مالك عن نافعِ
وقال في أحور:
وأحور طرفي حاير في جماله
وقلبي، فقل لي ما الذي فيه أصنع
وعرنينه أقنى أشم وطرفه
كحيل، وخدّاه من الورد أصبغ
وفى لجلجة كلام المحبوب:
عابوا التلجلج في كلام معذبي
فأجبتهم والعذر فيه بيان
إن الذي ينسى الكلام لسانُه
ولسانه من ريقه سكران
وفي معاينة حسن الحبيب:
لو عاينت عيناك حسن معذبي
ما لمتني ولكنت أول من عذر
عين الرشا، قد القنا، ردف النقا
شعر الدجى، شمس الضحى، وجه القمر
ولابن مبارك:
يا أيها العشاق قد جاءكم
متيم يسأل كي يهتدي
أجيِّد إتلاف روح امرئ
على مليح في الهوى أم ردِي
وقال آخر في من بيده مدية:
وشادن في يده مدية
جردها للفتك من غمدها
ما كان محتاجًا إلى حملها
فلحظه أقطع من حدها
ولأبي نواس في أحور ساحر العينين:
ويلي على أحور ممكور
وساحر العينين مسحور
تختاره الحورُ علينا كما
نختاره نحن على الحور
وفي من يبكي!:
يا قمرًا أبصرت في مأتم
يندب شجوًا بين أثواب
لا تبك للميت يا سيدي
وابكِ قتيلًا لك بالباب
وفي من ينظر في المرآة:
وإذا أراد بأن ينزه طرفه
أخذ المرآة بكفه فتفرجا
فكأنه وكأنها في كفِّه
شمس الضحى قد قارنت بدر الدجى
وفي قواس:
قالت لقوَّاس له طلعة
من رام عنها الصبر لم يقدر
يا من له وجه كبدر الدجى
بكم تبيع القوس للمشتري؟
وللأزميري في رام:
بأبي وأمي راميًا يسبي الحشا
بلواحظ تسطو على العشاق
لما أراد إطلاق سهم راميًا
زاد الورى عشقًا على الإطلاق
وفيه أيضًا:
رمى عن قوسه في الطير سهمًا
على عجلٍ ولم يمهل رويدا
وفوّق نحو قلبي سهم طرف
فلم يخطي بسهميه السويدا
وفي رمال:
وضارب بالرمل من حسنه
يزدحم الناس على رمله
كأن من أبدع في خلقه
قد خلق العشاق من أجله
مستخرج في الرمل أشكال
وما يريدون سوى شكله
ولابن الورديّ في ذلك:
حكى القضيب والقنا
بالرمل والأنامل
وقال وصلي غفلة
إلا بفيض داخل
وقال في منجّم:
ورب منجّم قد صدَّ عني
ولي أبدًا بطلعته ولوع
فقلت عساك ترجع عن قريب
فقال الشمس ليس لها رجوع
ولابن المزين في تاجر:
وتاجر شاهدت عشاقه
والحرب فيما بينهم تساير
قال على ما اقتتلوا هكذا
قلت على عينك يا تاجر
وللأزميري في تاجر أيضًا:
وتاجر يمنح عشاقه
مالًا ووصلًا ليرى نادره
ما ردّ يومًا منها زايرًا
لأنه متسع الدايره
و له في شاعر:
لا تعذلوني إذا عشقت شاعرًا
في فيه نظم الدرِّ يا رفاقي
فهو البديع حسنه لكنه
يميل للترصيع في الطباقي
ولآخر في الخد:
بدا في الخد عارضه فأضحى
عليه مفيض باللوم يغري
وحلول أن يرى مني سلوًا
فقال: لقد تعذر. قلت: صبري
ولآخر … اقتباس في مَن في خده عذار:
رأيت في خده عذارًا
خلعت في حبه عذاري
قد كتب الحسن فيه سطرًا
ويولج الليل في النهار
ولابن المعتز في ذمّه وهجره:
يا رب إن لم يكن في وصله طمع
ولم يكن قدح من طول هجرته
فاشف السقام الذي في جفن مقلته
واستر محاسن خديه بلحيته
وله أيضًا عفا الله عنه:
ها قد غدا في ثياب الشعر في كفن
وقد تعفت معاني وجهك الحسن
وكان يعرض عني حين أبصره
فصرت أعرض عنه حين يبصرني
وقال آخر:
لما التحى ومحا الإله جماله
وكساه ثوب مذلة ونفاق
كتب الزمان بخطه في خدِّه
هذا جزاء معذب العشاق
وقال آخر:
غدا أسودًا بالشعر أبيض وجهه
فأصبح من بعد التنعم في ضنك
على وجهه أضحى بخطّي عذاره
تناديهما عيناه حزنًا: قِفَا نَبْكِ
ولآخر … اقتباس:
قتل الناس باللواحظ حتى
أذهب الله حسنَه والجمالا
طلعت ذقنه وعيناه كلّت
وكفى اللهُ المؤمنين القتالا
وآخر … مثله:
لما بدا في خده عارض
بشّرت قلبي بالسلوِّ المقيم
وقلت غدًا عارض ممطر
فجاءني منه عذاب أليم
وقال آخر أيضًا:
قلت لما تشركت عارضاه
وأباد السواد ضوء نهاره
إيش هذا فقال لي في جوابي
كل من مات سوَّدوا باب دارِه
ولابن نباتة:
وأمردٌ مقته ربه
بدّله بعض الضيا بالظلم
أرسله الله لنا آية
ليعلموا كيف زوال النعم
وله أيضًا رحمه الله:
دارت عذار حبيبي
حتى غدا وهو حاير
فياله حسن وجهٍ
دارت عليه الدوايرْ
وقال آخر:
وخلصنى من يدي عشقه
ظلام على خده حندسه
كنست فؤادي من حسنه
ولحيتُه كانت المكنسه
وقال آخر ولله در قائله:
ما فعل الله باليهودي
ولا بعاد ولا ثمود
ولا بفرعون من عصاه
ما فعل الشعر بالخدود
ما قيل في الأسماء١٣
في محمد بن عربي:
أمحمد عساك تشهد لي
أني قتيل عيونك النّجل
فقت الملاح فأنت خاتمها
وكذا سميّك خاتم الرسل
وفيه أيضًا:
قالوا تشفّع بالجمال
ولو تثبت كان أجود
فأجبت إني مسلم
أرجو الشفاعة من محمد
ولابن العفيف:
أيها المودِّع قلبي
نار وجد تتوقد
كيف تستاهل نارًا
مهجة تهوى محمد
وفي أحمد:
قد غدا أحمد لي ما أجود
وكان بالوصل لنا ينجد
وإن يعد يرضى لعشاقه
فالوصل يا أحمد لي أحمد
وفيه أيضًا:
مذ وفا أحمد وعدي
ولهيب الشوق أحمد
فأنا في كل حال
أشكر الله وأحمد
آخر ولله در قائله:
ولقد قنعت من الحبيب بنظرة
أطفي بها ناري التي لا تخمد
قالوا فمن شئت تحب؟ فأجبتهم
غصن النقا بدر الدجى يا أحمد
وفي أبي بكر:
تعشّقت ظبيًا فاتن اللحظ فاترا
أبو بكر يدعى خليفة طلعة البدر
فلا تنكروا وجدي فإني محمد
وإني من أولى الورى بأبي بكر
وفيه أيضًا:
بروحي أبا بكر فديت ومهجتي
مليحًا ببدر التمِّ في أفقه يذري
له طلعة كالبدر والغصن قدّه
وناظر من بابل جاء بالسحر
وللحجازي فيه أيضًا:
بمدح أبي بكر سموت فيا له
مليح أرانا وجهه صورة البدر
ولا بدع إذ بالغت في مدحه إذًا
فأحمد من أولى الورى بأبي بكر
ولشهاب الدين التلميح، وأنشده لنفسه:
من حبيبي ووفا
وعدًا له وحققه
ولا عجيبًا من أبي
بكر الوفا ما أصدقه
وفي عمر:
ما عليهم في الهوى إذ نظروا
حين سموك وقالوا: عمر
أبدلوا قافك عينًا غلطًا
أخطأوا ما أنت إلا قمر
وفي عثمان:
وافى إليّ بشمعتين ووجهه
بضيائه يزهو على القمرين
ناديت ما الاسم؟ يا كلّ المنى
فأجابني عثمان ذو النورين
لغز في عثمان:
يا أيها العارف في فنّه
ومدّعي الفهم وعلم البيان
ما قولكم في أحرف خمسة
إذا مضى حرف تبقى ثمان
وفى علي:
قال العذول مذ رأى
قلبي به في شُغل
بمن فتنت في الورى؟
فقلت دعني بعلي
وله عفا الله عنه:
بعلي قد همت ما بين الورى
وبه قلبي المعنى قد بلي
وإذا ما غاب عني شخصه
صاح قلبي وحشة يا لعلي
ولابن حجر الحافظ رحمه الله:
قلت: هل لي من دوا
قد غدا قلبي عليلا
قالوا سلوى كل حبٍّ
قلت إلا عن علي لا
وللحجازي في عبد العزيز:
إن عبد العزيز قد جاء نحوي
شرح حالي أغنى عن التمييز
في هواه حقًّا لقد طاب ذلي
حيث أصبحت عبد عبد العزيز
وللأزهري في عبد القادر:
حبِي عبد القادر الذي له
بهجة حسن والورى عبيده
وكيف لا أريده بين الورى
والله يدرى أنني أريده
لغز في عبد الله:
اسم من أهواه يا سيدي
فيه من العنبر حرفان
وأخو الورد تمام اسمه
وواحد ليس له ثان
وفي عبد القوي:
عبد القويّ سباني
بقده السمهريّ
وصرت عبدًا ضعيفًا
في حب عبد القوي
وفي عبد اللطيف:
فتنت بعبد اللطيف الذي
فطانته أسكنته الفؤاد
ولا عجب إن بدا لطفه
فعبد اللطيف لطيف العباد
وفي عبد الحفيظ:
عبد الحفيظ الندي
قد أنجح الله قصده
لا تختشي من ضياع
فالله يحفظ عبده
وفي محمود:
يقول لي منكر حالي به
من لك في ذا الحي مقصود
فقلت لا تسل بحق الهوى
عنه فقصدي فيه محمود
وفيه يهجو:
ما كنت أحسب أني أجي إلى زمن
يسبني فيه كلب وهو محمود
وفي إبراهيم:
عجبت لنار قلبي كيف تبقى
حرارتها وحبك تحتويه
فيا نيرانه كوني سلامًا
وبردًا إن إبراهيم فيه
وفيه أيضًا:
لا زال بابك بالمكارم كعبة
فترى بها للواردين رسوم
حتى يقول القاصدون بأمرهم
هذا المقام وأنت إبراهيم
ولابن نباتة في خليل:
يغيب خليل الحسن عني ليلة
فأسأم من ليل طويل أراقبه
وكيف يطيب العيش عندي والكرى
وليس إلى جنبي خليلًا ألاعبه
ولعز الدين الموصلي:
قال حِبّي خليل غيرت ودّي
وتركت الفؤاد مني عليلا
بعد عشق الملاح صرت تقيًّا
ما تراعي من الأنام خليلا
وقال في يعقوب:
يعقوب إني يوسف قد تركتني
من الحزن يعقوبًا وأصبحت يوسفا
وأصبحت مخذولًا وقد كنت ناصرًا
وكنت مليكًا صرت عبدًا مكلفا
ولابن الخياط فيه أيضًا:
رأيت أني في الكرى لاثمًا
مبسمك الشافي آلامي
يوسف أنبينا بتأويله
فقال هي أضغاث أحلامي
لغز فيه … وأجاد:
يا سائلي عن اسم من أحببته
إني بمن أهواه غير مصرح
فإذا أردت بيانه فاعمد إلى
معكوس سابع كلمة في «سبّحْ»
وفي موسى:
رأيت في حلق غزالًا
تحير في وصفه العيون
فقلت ما الاسم قال موسى
فقلت هنا تحلق الذقون
وفي عيسى:
ناديت يا عيسى ترفّق بامرئ
أحشاؤه قد أحرقت نهاكا
عيسى بن مريم كان يحيي من يرى
وتميت أنت الحي حين يراكا
في داود:
وثقت بأن قلبي من حديد
وفيه على الهوى بأس شديد
فلان على هواك ولا عجيب
إذا داود لان له الحديد
وفيه أيضًا:
أمسى يقرّ بحسنه بدر الدجى
وغدًا يذوب بحسنه الجلمود
فإذا بدا فكأنما هو يوسف
وإذا شدا فكأنه داوود
في سليمان:
له وجنة تدمى من اللحظ رقة
يكاد بها ماء الشبيبة ينهل
فهذا سليمان لرقة خده
إذا دبّ فبه النمل كلمه النمل
في خضر:
مهفهف طلعته ليس بها
مناظره وقدّه غصن نضر
يجري لنا ماء الحياة وثغره
لا تعجبوا ماء الحياة فهو خضر
في رجب:
دموعي ربيع والرقاد محرّم
على جفن عيني مذ هجرت بلا سبب
وفي القلب من شعبان نيران نصفه
فجد لي بما أرجو من الوصل يا رجب
في شعبان:
شعبان قد أمسى يهز معاطفًا
أبدت حلاوة خصره مع ردفه
لا غرو إن لاحت عليه طلاوة
شعبان كل حلاوة في نصفه
علي بن سودون في بركات:
رشأ يصيد الأسد في اللفتات
قد صاد كل فتى وكل فتاة
الوجه منه مبارك فإذا بدا
لا تيأسن يا قلب من بركات
ابن القيصراني في منصور:
يا قمر الوصل في جنة
ما سكنت ولدانها الحور
كم حاربتك الشمس في حسنها
وأنت يا منصور منصور
النواجي في نجم:
قد كنت أحسب نجم الدين يمنحني
من وصله كل ما أهوى وأختار
حتى رماني في نيران مهجته
فصحّ عندي أن النجم غرار
وله في سعد:
أنا قد همت بسعد
وتفانيت بوجده
فاطّرح نصحي ودعني
إنما المرء بسعده
وله في سعيد:
سموا مني مهجتي سعيدًا
ولي شقاء به يزيد
إذا اجتمعنا يقول صدري
هذا شقيٌّ وذا سعيد
وله في قاسم:
شكوت له حالي وفرط صبابتي
فتاه دلالًا وانثنى وهو باسم
وقال استعر صبري وكن متأسيًا
فنحن قسمنا وارض بالحب قاسم
ابن العطار في يحيى:
أيمكن سلوتي يحيى؟ وروحي
تكابد في هواه عليه أشيا
وقلبي يشتهي فيه اكتئابي
ويرضى أن أموت بحب يحيى
وله في هاشم:
في هاشم قلبي بدا دايبا
من لحظه الفاتك بالعالم
وكسر قلبي صحّ في عشقه
لقلة الإنصاف في هاشم
وله في عامر:
حبيبي يدعى في الأنام بعامر
وأول عشقي ليس لي فيه آخر
يهدّد قلبي بالصدود وبالجفا
على أنّ فيه منزل الشوق عامر
وله في فرج:
وليس لي مخلص أرجو النجاة به
من الغامر فقد ضاقت بي الحجج
لكن أضمّن بيت القائل بن رجا
كل الأمور وإن ضاقت لها فرج
آخر:
يا لائمي في رشيق القد معتدل
انظر فإن غرامي غير ذي عوج
أشكو الشدائد من وجد أكابده
ولست أيأس في شكواي من فرج
للحجاج في أمير حاج:
مننت بزورة للعيد يومًا
لك الرحمن بالحسنى يجازي
وأما إن دعيت أمير حاج
فلا بدع بحبّك للحجازي
ولابن نباتة في عماد:
قالوا العماد مليح
أسبى جميع العباد
بحسنه قلت قصدي
أنظر لذات العماد
لعز الدين الموصلي في جرادة:
لقّبوه جرادة وهو ظبي
فاق حسنًا ولم أعره شهاده
صدته فامتلأ فؤادي شحمًا
لا تقولوا بأن صيدي جراده
لابن نباتة في إلياس:
أفدي مليحًا في البرايا لم أزل
طول الزمان عليه في وسواس
قالوا أنقطعه كبيرًا قلت من
راحات قلب المرء قطع الياس
لغز في إسماعيل:
اسم من قد هويت ستّ حروف
نصفها ما تبديت فاستفهموها
عيل صبري تمام اسم حبيبي
ما على العالمين لو فهموها
لابن الصايغ في حسن:
إن الحسود عندما
عاين ذا الحسن افتتن
وقال لا بدع إذا
أتى عليٌّ بالحسن
وفي حسين:
حسين سباتي حسنه ولحاظه
وقامته كالخيزرانة تنثني
رماني بسهم اللحظ قلت له: اتئد
سميك مقتول وأنت قتلتني
وفي بدر:
سموه بدرًا وذاك لما
أن فاق في حسنه وعما
وأجمع الناس إذ رأوه
بأنه اسم على مسمّى
وفي كمال الدين:
ديني تكمل مذ جعلتم قبلتي
وسجدت في أعقابكم بجبيني
وغدوت أنشد في البرية كلها
ما الفخر إلا في كمال الدين
في عز الدين:
مولاي عز الدين يا من غدا
مادحه ما زال في عز
بكم حقيقًا حسنت حالتي
والذل قد بدل بالعزّ
في تاج الدين:
ببابك تاج الدين قد جئت مهديًا
جواهر لفظ لم ينلني تاجر
فزادت بهاء من عطائك سيدي
وفي التاج أبهى ما يكون الجواهر
الشهاب الصائم في محب الدين:
في ملاح لك شتى
ضعف القلب وشتَّا
كم ليالٍ مع غزال
يا محب الدين بتَّا
في شرف الدين يهجو، وأجاد:
لقبوه شرف الدين
يرجّون السيادة
كيف يرجى منه خير
وهو شرٌّ وزيادة
وفي زيتون يهجو فيه:
سموك زيتونًا فما أنصفوا
لو أنصفوا سموك زعرورا
لأن للزيتون زيتا يضي
وأنت لا زيت ولا نورا
في يونس:
وقالوا حبيب القلب بدر وقدّه
حكى البدر وجهًا قلت: بل هو أملس
فلو لم يكن غصنًا لما كان مائلًا
ولو لم يكن بدرًا لما كان يونس
آخر، وأجاد:
شغفت بفتان اللواحظ أهيف
له مقلة سوداء والخد أطلس
فإن غاب عني تصورت شخصه
فيوحشني والحب في القلب يونس
في مقبل:
يا من تحجب عن محب صادق
ما زال عنه كل يوم يسأل
من لي بيوم فيه يسمح باللقا
ويقال لي هذا حبيبك مقبل
في شاهين:
يا من تسمى بشاهين وسميته
خطف القلوب وبالألحاظ شاهينا
قد اشتهيناك بالشاهين لا نفسًا
فهل ترى أنت يا شاهين شاهينا
في عنبر:
مذ رآني عنبر حبيبي
وعرف رياه قد تعطر
أرشفني من لماه خمرًا
وشاقني من شذاه عنبر
في بشير:
بشير سبا مهجتي
وجا كبدر منير
وقد جاد لي بالرضا
وللواصل وافي بشير
في سنبل:
يقولون لي إذ زار في الحب سنبل
وقد فاق ريّا نشره كل مندل
أهذا شذا مسك تضوع نشره
فقلت له هذا شذا عرف سنبل
في كافور:
مذ زار كافورنا البديع سنا
ووجهه حفّ من سنا النور
شاهدت من خاله بوجنته
نقطة مسك تبدو بكافور
في مسرور:
يقولون لي مسرور وافاك زايرًا
وقد بت بالصبابة ماسورا
فقلت لهم قد زال همي بوصله
وقلبي به في الحب أصبح مسرورا
في ريحان، ولله درّه:
فديت ريحان صبا بالجوى
وبعاد قلبي شفه الأشجان
لما رنا بلحاظه من نرجس
وبدا يعارض خدّه ريحان
في صبيح، وأجاد:
أرى صبيح مهجتي قد سبى
وصير الدمع بخدّ يسيح
فكيف لي بالصبر عن حبه
وقد سبى قلبي بوجه صبيح
في مبارك:
مبارك يا عذولي
أطلت فيه مقالك
لو زارني كنت أحظى
منه بكعب مبارك
في فرج:
يا قلب إذ أتاني فرج
عساك بالوصل منه تبتهج
وربما تبلغ المراد وكم
قد جاء عند الضيق الفرج
ما قيل في المهن والحرف
في إسكاف:
رب إسكاف مليح حسنه
ذاب قلبي منه صدًّا وجفا
كلما أشكو إليه سقمي
قال ما عندي سوى هذا الشفا
في بخانقي:
تسلطن في الملاح بخانقي
ولم يرض ببدر التم نايب
وصفّ له من الأتراك جندًا
وأصبح موكبًا تحت العصايب
في حباك:
يا مليحًا مهذب مقلته
صاد قلبي منه بالشرك
مذ رأيت الحبك صنعته
قلت هذا البدر في الحبك
عز الدين الموصلي، في حجام:
وحاجم في الكاس أجرى دمًا
من ساق ساقينا بإشفاق
لكنه خالف في شرطه
فحكم الكاس على الساق
في حريري:
حريري يبيع الحسن لكن
شبيه الغصن والبدر المنير
كسى جسمي السقام ولا عجيب
لثوب السقم من هذا الحريري
وما أحسن من قال ما ينسج على تكّة … وأجاد:
أنا قفل من حريري …
فوق خصر مستدير
أنا لا أفتح إلا …
عند أوقات السرور
وقال في حداد، وأجاد:
تعشقت حدادًا بديع ملاحة
له طلعة في الحسن تعلو وتشمخ
إذا رمت بالتطريق وصلًا بقربه
أراه ستر الغيظ ثم ينفخ
في حلاوي:
ريق الحلاوي أحلى من حلاوته
في خصره دنف والردف منقوش
والدمع سكب وأحشائي تقوضه
والخد مني بماء الدمع مرشوش
لابن الوردي فيه أيضًا:
الحلاوي قال لي
أنا للحسن معدن
سهم عيني مِسبر
وعدوي مكفن
وللصفدي فيه أيضًا:
إن هذا الصبي الحلاوي أضحى
يتجنى على الكثيب ويحقد
لا تعارضه في هواه بشكوى
دعه في دسته يحل ويعقد
في حوايجي:
حوايجي أتيت أسأله
قلت له يا أخا الرضا صف لي
في عنقي دمّل به ورم
قال يداوى بمرهم النخل
لابن الوردي في خياط:
لما أتى والمقص في يده …
وفصل العاتقين والبدنا
فقال وصلًا يعوز قلت له
العايز الوصل يا مليح أنا
وأيضًا فيه:
مررت بخياط حكى البدر طلعة
وشاكل غصن البان لما انثنى قدَّا
يقد ويفري الثوب ثم يخيطه
فلم ثوب قلبي لا يخاط وقد قدَّا
وللأزميري فيه أيضًا:
لله خياط إذا سألته
وصلًا أراه جا بالمطلوب
وإن شكوت غمّتي لردفه
فرجها بالوصل والركوب
في ذهبي:
عشقته ذهبيّ اللون طلعته
أبهى من البدر بل أبهى من الشهب
إن ملت طبعًا إليه ليس ذا عجب
فالناس بالطبع قد مالوا إلى الذهب
وفيه أيضًا:
إلى الذهبي صبا قلبي
وكم يدعوه للعطب
ألم ترني على شغفي
أحب الرضع في الذهب
وفي راشد:
أقول لراشدي لما تبدّى
عساه يكون لي بالوصل ناجد
بحسن جمالك الحسن المفدى
إلى العشاق قد وافاك راشد
وفي رسام:
هويت رسامًا كبدر الدجى
وثغره كالدُّر إذا تبسم
قلت له صلني ولو ساعة
قال: بكم؟ قلت: بما ترسّم
وفي رفّا:
يا رافيًا قطع كل ثوب
يا بغية النفس يا مرادي
عسى بخيط الوصال ترفي
ما فرق الهجر من فؤادي
وللصفدي فيه أيضًا:
ورفّاء له وجه مليح
محاسنه البديعة ليس تخفى
شغلت به الفؤاد ولا زمانًا
أرى ثوب الفؤاد يعد زرفا
في بياع ريحان:
يا صاح ريحاننا قد زارني
وبكاس فيه لما سقاني
لما نظرت إلى شقايق خده
سلب الفؤاد عذاره الريحان
وللصفدي في سكرى:
سبتني صفات السكرى الذي له
بضاعته حتى عدمت قراري
مكرر لفظ في سنينات مبسم
وأحمر خدٍّ في نبات عذار
ولابن العربي … في مليح يسبي الفؤاد:
وظبي يطرق بمرآته
فيسبي فؤادي من لطفه
وهيهات أن أرتجي من هواه
خلاصًا ودفني في كفه
ولبدر الدماميني في سبّاك:
سبّاك تبر وفضة صنعته
نواه قلبي فسرّه إذ ذاكا
قلت له سبني أنا وأخي
قال نعم مذ عشقت سبّاكا
وقال آخر، وأجاد في سروجي:
فتنت به سروجيًّا بديعًا
به قد ذبت وجدًا من ضجيج
إذا جذب الغرام له عناني
يلذّ لي الركوب على السروج
في سقّا:
لله سقّا له طلعة
لكل حين قد غدا راويه
أروم أن يسكب لي قربة
وعبرتي من صبوتي راويه
وللأزميري فيه أيضًا:
عشقت سقا كالزلال رضابه
فكأنه من خمر فيه قد انتشا
يروي المبرد عن لماه كاملًا
وإليه قلبي لم يزل متعطشا
ولشيخ الشيوخ بحماة في شرابي:
سألته من ريقه شربة
أطفي بها من كبدي جمره
فقال أخشى يا شديد الظما
أن تتبع الشربة بالحسره
ولابن الصايغ في شماع:
نظرت إليه شماعًا مليحا
جميع الحسن منسوب إليه
له خدّ جمر لا لهيب
يذوب الشمع من أسف عليه
مواليا في صابوني:
حبيت أهيف رقيق الخصر صابوني
لما هجر قلت عين الناس صابوني
والله لو فتشوا قلبي لصابوني
ما خلت عنه ولو بالنبل صابوني
ولبدر الدين الدماميني في صايغ:
وصايغ شادن هام الفؤاد به
وحبه في صميم القلب قد رسخا
يا ليتني كنت منفاخًا على فمه
حتى أقبل فاه كلما نفخا
وله أيضًا في طبيب:
طبيب يحاكي الغصن في حركاته
أصيِّر روحي في هواه سبيلا
عجبًا له يبري السقام بلطفه
وبطرفه يدعى السقام عليلا
وله في طحان:
لله طحان تبدى وجهه
قمرًا له قمر السماء رقيق
وجناته ماء ولكن قلبه
حجر وأما خصره فدقيق
وله أيضًا في عطار:
قلت لعطار به صبوتي
محمودة والصبر لا يستطاب
أسقيني كأس غرامي به
ذبت ومن فيك براني الشراب
وفي مليح جالس عند عطار:
وعطار مررت عليه يومًا
وجدت بجنبه ظبيًا رماني
فقلت له أعندك ماء ورد؟
فقال: نعم، وعندي ما لساني
ولابن الفرس، وأجاد في عوام:
يا حسن عوام كغصن النقا
يبخل بالوصل لمن هاما
ويقنع العشاق منه بأن
يريهم الأرداف إن عاما
وقال آخره، وأجاد في فاخران:
سباني فاخران بديع حسن
رمى في القلب بالبحران جمره
فهمت من الغرام له بحبّ
وقصدي منه أن أحظى بجرّه
وفي قباني:
أشرت إلى الحبيب وقد تبدى
بقبان ودمع العين سايل
فدل بحسنه تيهًا ونادى
إشارات المحب لها دلايل
وللسيد محمد رضوان الرعاد في قصَّاص:
أشكو إلى الله قصاصًا يجرِّعني
بالصد والهجر أنواعًا من القصص
إن تحسن القص يمناه فمقلته
أيضًا تقصُّ علينا أحسن القصص
في بايع الكتان:
ربح محب لم يزل قلبه
من بايع الكتان من ربط
من طلب التسريح من حبه
سرّحه لكن على المشط
ولابن الوردي في كفتي:
لي كفتي ضباني حسنه
لا أرى من محبة لي مخرجا
مذ تبدى في حديد فحكى
قمرًا طرز بالبدر الدجى
ولابن العفيف في كواني:
اسم حبيبي وما يعاني
قد أظهرا لوعتي ولبي
قالوا علي فقلت قدر
قالوا كواني فقلت قلبي
وقال آخر في مليح مكحول:
يا أيها الرشأ المكحول ناظره
بالسحر حسبك قد أحرقت أحشائي
إن انغماسك في التيار حقق أن
الشمس تغرب في عين من الماء
ولابن الوردي في مزين:
بأبي شادن تملك روحي
بجبين وتحته مقلتان
مسك الكلبتين قلت عجيب
من غزال بكفه كلبتان
ولأبي الفضل بن أبي الوفا في مجبر:
أحببت من بين الأنام مجبرا
حسن الشمائل شبه ظبي أحوري
ناديته قلبي كسير بالجوى
فاسمح وكن بالوصل منك مجبري
ولابن الوردي في مهاميزي:
صاح هذا المهاميزي عارضه
بالحسن أصبح أرقم وتطريزي
وجاد بالوصل لي يومًا رفست على
أكباد من لام فيه بالمهاميزي
ولآخر لبايع الفخار:
بايع الفخار بدر
قال للعاشق جهره
ما الذي تبغيه منّي
قال قصدي ألف جرّه
وفي ملالي:
ملالي العراق نوى حجازًا
به العشاق وجدًا قد أمالا
إذا سألوا وداعًا لم يجبهم
بلا إيه ولا نعم ولا لا
وقال ابن عربي في ناتف:
وقالوا دع المحبوب واهجره دائمًا
ألم تره بعد الملاحة ينتف
أينتف من أجلي ويتعب نفسه
وأهجره تالله ما أنت منصف
ولابن الوردي في نطاع:
هويت نطاعًا إذا جيته
بادرني باللحظ والصفع
أروم أن أحظى بوصلٍ وقد
قابلني بالسيف والنطع
وللسراج الوراق في ورّاق:
يا حسن وراق أي خده
قد راق في التقبيل عندي ورق
تميس في الدكان أعطافه
ما أحسن الأغصان بين الورق
وقال ابن حبيب فيه أيضًا:
فتنت بحسن وراق نفور
بقلب الصب نار البحر أصلا
صقيل الوجه كم ذرح لديه
ويغضب إن طلبنا منه وصلا
وللسيد محمد رضوان الرعاد في وقاد:
أحببت وقادا كبدر طالع
أنزلته برضى الغرام فؤادي
وأنا الشهاب فلا تعاند عاذل
إن ملت نحو الكوكب الوقاد
وللصفدي في قطان:
قطاننا مهفهف
تعتله أردافه
ناديت من وجدي به
يا ليتني ندافه
وله في بياع مرسين:
يا صاع مرسيننا لو زارني
يومًا لكان بوصله يشفيني
لما نظرت إلى رياض خدوده
سلب الفؤاد عذاره المرسيني
وله في بياع نرجس:
بالروح أفدي فوجيا خدّه
ورد وآس عذاره كالسندس
لما دنا ونظرت روض جماله
نزّهت طرفي في عيون النرجس
وله في بياع بنفسج:
سبا بنفسجنا
بحسنه قلبي الشجي
لما بدا في خده
عذاره البنفسجي
وله في بياع تفاح:
لله من بياع تفاح إذا
غلبني بحسن جبينه الوضاح
لما نظرت لحسن نرجس كفه
هام الفؤاد بخده التفاح
وله في بياع سفرجل:
لله من سفرجلي شاقني
بغنج طرف بابليّ أكحل
حيا بكاس الراس مع القرنفل
ما أحسن الراح مع السفرجل
وله في بياع الورد:
لله وردٌ نبا البديع سنا
وما جرى في الثغر من شهد
لما تأملت روض وجنته
تيم قلبي بخده الورد
هوامش