صالة رتيبة وأنصاف رشدي
وموضوع مسرحية «رئيس التحرير» لسعد الدين الشريف، كنموذج للموضوعات التي كانت تُقدِّمها الصالة، يدور حول رئيس تحرير إحدى الصحف أثناء حواره مع إحدى المحرِّرات حول كيفية تلفيق الأخبار لكتابة صفحات الجريدة في حالة عدم وجود أخبار مُثيرة، ومِن هذه التلفيقات أخبار كاذبة حول ظهور عين ماء في الصين إذا نظر الإنسان فيها يرى ما يدور عَلَى سطح القمر، وأن امرأة أنجبتْ طفلًا بقَدَم واحدة، وأن باريس احترقت، وأن زوجة أَكَلَتْ ذراع زوجها … إلخ. كما أن المسرحية تُظهِر مَدَى قيام رئيس التحرير بابتزاز الفنانين، من أجل قيامهم بالإعلان في جريدته، وذلك عن طريق تهديد يوسف وهبي بنشر تحقيق حول سرقته لبعض المسرحيات، وتهديد المطربة أم كلثوم بالكتابة ضدها … إلخ هذه الأمور.
وفي ٢٨ / ١٢ / ١٩٣٤ قال الناقد الفني لمجلة «المصور» عن مسرحيات هذه الصالة: «يسرُّنا ما تُبديه هذه الصالة من نشاط في إخراج القطعة التمثيلية، ولكن نلاحظ أن هناك أعمالًا معيَّنة في عمل البروفات، فالنقص يبدو واضحًا في كل حركات الأرتيست؛ في الرقص والتمثيل عَلَى السواء، مع أن قليلًا من العناية أثناء البروفات يقضي عَلَى هذه العيوب الشائنة، ويُزيل كل نقص نعتقد أنه كان باديًا للجمهور قبلَ النقاد. كما أن ملابس الراقصات سواء كانت عَلَى المسرح أو في الصالة تحتاج إلى عناية أشد؛ لأن نظام الصالة الآن عَلَى درجة كبيرة من الوجاهة وحسن الذوق.»
وإذا نظرنا إلى موضوعات المسرحيات أو الإسكتشات المقدَّمة في هذا الموسم، سنجد مسرحية «الدنيا بخير» تدور حول النزاع بين بقدونس وحماته التي تضربه باستمرار، فيترك المنزل ويذهب إلى المقهى فيتعرَّف عَلَى رجل سوري يعمل بشركة حبوب، ويُخبِره بأن لديه بعض الحبوب السامَّة كي يقتل بها حماته، فيفرح بقدونس لهذه الفكرة. وتدخل عليهما قارئة البَخْت وتقول لبقدونس بأن حماته تنغِّص عليه عيشته، وتؤكِّد له أنها ستموت. وهنا يطلب بقدونس من السوري بعض الحبوب السامَّة، ويذهب إلى المنزل ويقدِّمها لحماته عَلَى أنها حبوب صحية لتقوية الجسم من الأمراض، وتأخذها الحماة بالفعل، ولكنها تشعر بشفائها من آلام البطن التي كانت تُعاني منها. وأمام هذه المفاجأة تعود المشكلة مرة أخرى، ويذهب بقدونس إلى الرجل السوري، ويحكي له ما حدث فيُخبِره السوري بأن هذه الحبوب صحية بالفعل، ولكنه قال عنها بأنها تتخلص من الحماوات من باب الدعاية فقط. وعندما يعود بقدونس إلى المنزل يجد حماته قد ماتت بالفعل، ولا يعلم السبب، ولكنه يفرح لأن المشاكل قد انتهت بموتها.
أمَّا مسرحية «عين الحسود»، تأليف محمود الناصح، فتدور حول حورية التي تزوجت من رجل شديد الغَيْرة، دون رغبة أهلها عَلَى هذا الزواج. وفي يوم ما تزورها أختها، فتتركها حورية وحدها في المنزل من أجل شراء بعض الأغراض المنزلية قبل أن يحضر زوجها من العمل. وفي هذا الوقت يطرق الباب أحد السكارى، متوهِّمًا أنه يطرق باب اللوكاندة المجاورة للمنزل، وعندما تفتح له الأخت الباب تظنه زوج أختها؛ لأنه دخل مباشرةً إلى غرفة النوم. وهنا يحضر زوج أختها الحقيقي، وعندما يرى هذا السكير ويسأل عن هويته، تخبره الأخت بأنه شقيقها خوفًا من غَيْرته. وأخيرًا تحضر الزوجة وتدور معركة تنتهي باكتشاف الحقيقة.
أمَّا مسرحية «اللي ما يشتري يتفرج» لمحمود الناصح أيضًا فتدور حول شقيقين توأمين؛ أحدهما طبيب أمراض عصبية، والآخَر جزار. وكل شقيق تزوج دون أن يُخبِر شقيقَه الآخَر. وفي يوم ما زار الجزار وزوجته شقيقه في العيادة أثناء قيام الطبيب بعمله، وأثناء وجود زوجته في العيادة أيضًا. وبسبب التشابه التام بين الشقيقين تدور عدة مواقف كوميدية بين الزوجتين عندما ترى زوجة الجزار شقيقه في ملابس الطبيب، فتظن أنه جُنَّ، وكذلك الأمر بالنسبة لزوجة الطبيب عندما ترى شقيقه في ملابس الجزارة فتظن أن زوجها جُنَّ أيضًا. وبعد عدة مواقف مضحكة تَظهَر الحقيقة للجميع.
ويدور موضوع إسكتش «أمَّا مرستان» لحسني الحسيني حول تاجر في خان الخليلي يُدعَى أحمد، له صديق اسمه دسوقي، زاره يومًا ما، وأثناء حوارهما تدخل فتاة محتالة، فتختار عِقْدًا أثريًّا ثمينًا، وأثناء تفحُّصها للعِقْد كانت تتبادل نظرات الإعجاب مع دسوقي، ثمَّ أظهرتْ للتاجر أحمد أن الثمن غير مكتمل معها، وتقترح عليه أن يرسل معها دسوقي إلى عيادة زوجها الطبيب النفساني كي تُرسِل معه الباقي. ويوافق الجميع عَلَى ذلك، وتذهب الفتاة مع دسوقي إلى العيادة وتتركه خارج غرفة الكشف، وتدخل للطبيب وتُخبِره أن ابن عمِّها في الخارج، وهو مريض ويتوهَّم أنها زوجة طبيب ويُطالِبها بثمن عِقْد أثري، وتطلب من الطبيب علاجه، وتتوسل إليه أن تهرب من ابن عمها عن طريق الباب الآخَر للغرفة كي لا يعتدي عليها. وبالفعل تهرب الفتاة ويدخل دسوقي ويطلب من الطبيب ثمن العِقْد، فيتأكد للطبيب صدق كلام الفتاة، فيأمر باحتجاز دسوقي مع المجانين، وبعد عدة مواقف كوميدية تَظهَر الحقيقة ويتم الإفراج عن دسوقي.
ومسرحية «حرس العفاف» لعبد الفتاح حامد السيد تدور حول أحد الأمراء، الذي يَخشَى عَلَى عفاف ابنتَيْه؛ حيث إنهما في سِنٍّ خَطِرة؛ لذلك عيَّن عليهما مجموعة من الحرس النسائي، أطلق عليها «حرس العفاف». وفي أثناء غياب الأمير في إحدى المعارك يتلصَّص عَلَى القصر أميران يَقَعَانِ في حب الأميرتين، ولكي يحتالا عَلَى حرس العفاف جعلا بعض قوَّادهما من الشباب يقومون بمغازلة الحرس وشغلهن عن حراسة الأميرتين، وبذلك استطاع الأميران مقابلة الأميرتين يوميًّا. وفي إحدى الليالي يحضر الأمير الأكبر ويُفاجِئ الجميع وهم في وضع العِشْق والغرام، وبعد عدة مواقف مضحكة يُوافِق الأمير الأكبر عَلَى زواج ابنتيه من الأميرين.
أمَّا إسكتش «اطلع يا نمس» لوليم باسيلي، فيدور حول الأميرة دلال ابنة والي بغداد، التي تحب أحد رعاياها من الأعراب، ولكن والدها الوالي يخطبها إلى شلضم أغا وزيره دون رغبة منها. وفي أحد الأيام يُفاجِئ الوالي ابنتَه وهي في أحضان حبيبها، فيَقبِض عليه ويأمر بإعدامه في الصباح، ولكن الأميرة بمساعدة إحدى جارياتها تتمكن من فك قيد الحبيب، ومساعدته عَلَى الهرب عَلَى أن تلحق به فيما بعد. وبعد عدة أيام تهرب الأميرة من القصر ومعها بعض أعوانها، وتُفاجَأ بأن حبيبها وقع أسيرًا في يد إحدى القبائل البدوية، وبمساعدة أعوان الأميرة يتم تحرير الحبيب، وينتهي الإسكتش بزواج الأميرة دلال من حبيبها جميل.
وإسكتش «توبة من دي النوبة» لطلعت الشريف يدور حول إبراهيم صاحب أحد الفنادق المتواضِعة والمشبوهة، والذي يُغازِل خادمات وموظَّفات الفندق، فمَن شاءت أن تحتفظ بوظيفتها فعلَيْها الرضوخ لمغازلة إبراهيم. وفي أحد الأيام يأتي زعيط ومعه إحدى النساء ليبيت ليلة في الفندق، ونفهم من الأحداث أن هذه السيدة زوجة صديقه معيط، التي شاءت الظروف أن يحضر هو أيضًا إلى نفس الفندق في ذات الليلة ومعه خطيبة زعيط. وفي الفندق تحدث عدة مواقف كوميدية بسبب هذه العلاقات الشاذة وينتهي الإسكتش بتوبة الجميع وعودتهم إلى الصواب.
وإسكتش «أصلها غلطة» لطلعت شريف أيضًا يدور حول عم يحضر من القرية ليزور ابن أخيه، ليُبارِك له زواجه الميمون، فيُفاجَأ به يُقبِّل الخادمة. وبعد عدة مواقف يتضح للعم أن هذه الخادمة ما هي إلا زوجته في الحقيقة، ولكنها ارتدت ملابس الخادمة بسبب قيام الخادمة الحقيقية بإجازة. وفي اليوم التالي يُشاهِد العم أحد الخدم يُقبِّل إحدى السيدات، فيظن العم أنها زوجة ابن أخيه، ويتضح بعد ذلك أن الخادمة ارتدت ملابس سيدتها أثناء غيابها … وهكذا ينتهي الإسكتش بمعرفة هذه الحقائق.
أمَّا إسكتش «مملكة الشياطين» لوليم باسيلي، فيدور حول هبوط طائرة مدنية اضطراريًّا بجميع ركابها في إحدى الجزر التي تسكنها الشياطين. ويصمم أهل الجزيرة من الشياطين عَلَى الانتقام من الآدميين لأنهم من الأعداء. ويشاء القدر أن يمرض وزير مملكة الشياطين، ويتطوَّع طبيب كان من ركاب الطائرة لمعالجته، وينجح بالفعل في شفائه، وينال هو وجميع الركاب حريتهم ويعودون إلى وطنهم.
ومسرحية «إذاعة نص الليل» لعبد العزيز أحمد تدور حول الجزار قرقر، الذي يخطب فتاة جميلة اسمها سميرة، وبمرور الوقت يتم القبض عَلَى قرقر في جريمة قتل ويُسجن. وبعد فترة تتعرَّف سميرة عَلَى حنكش الذي يقوم بخطبتها دون أن يعلم قرقر بالأمر. وبعد شهر يهرب قرقر من السجن بمساعدة صديقه، ويذهب إلى سميرة التي كانت مع خطيبها حنكش، وعندما ترى قرقر يطرق الباب تقوم بإخفاء حنكش خلف الراديو. ومن الحوار بين سميرة وقرقر يعلم حنكش بأن قرقر هارب من السجن، فيقوم بإغلاق الراديو ويقلد صوت المذيع، ويعلن أن البوليس يطارد قرقر في كل مكان، وعندما يحاول قرقر الهرب يأتي البوليس ويقبض عليه.
أمَّا مسرحية «لزقة أمريكاني» لأبي السعود الإبياري، فتدور حول توأمين ملتصقين أحدهما ليمون والآخر زيتون، وبسبب هذا الالتصاق تحدث مفاجآت كثيرة، فمثلًا إذا مرض ليمون لا بد أن يشاركه زيتون في هذا المرض، وإذا حاول زيتون أن يغازل خطيبته كان ليمون يتسمَّع لهذه المغازلة. وفي يوم ما تُوفِّي زيتون، وعندما يحضر الحانوتي ويشاهد هذا الالتصاق يُصِرُّ عَلَى دُفِن التوأمين معًا، ولكن يمنعه الشاويش الذي جاء للقبض عَلَى ليمون، وتحدث مواقف كوميدية عديدة حول أحقيَّة الحانوتي في المتوفَّى لدفنه، وأحقية الشاويش في الحي للقبض عليه.
ويُعتبر هذا الموسم هو آخِر موسم استطعنا أن نتتبعه لنشاط رتيبة وأنصاف رشدي الفني، ذلك النشاط الذي شارك فيه أكثر الفنانين، ومنهم: إبراهيم رمزي، امتثال فوزي، حسين إبراهيم، حسين المليجي، حكمت الإسكندرانية، حياة، روحية، زوزو لبيب، زينب السودانية، سعاد، سيد فوزي، عباس الدالي، عبد العزيز أحمد، عبد الفتاح القصري، عزيزة حسن، عزيزة رشدي، علي حسن، فاطمة الشنتورية، فتحية شريف، فهمي أمان، فوزية صبري، كريمة أحمد، لطيفة، لويزا، ماري، محمد إدريس، محمد العربي، محمد سلامة، محمود القلعاوي، محمود عقل، ممدوح النمر، نزهة العراقية، نعمات المليجي، نعيمة، وجيدة، يوسف حسني.