ملاحظة حول عنوان الكتاب

في عام ١٨٣٧م كتب الشاعر الإنجليزي الشاب ألفرد تنيسون قصيدةً عصماء طويلة اختار لها اسم «لوكسلي هول» (وهو بيت كبير مهجور في ستافورد شاير)، وقدَّم الشاعر في تلك القصيدة رؤيةً استشرافية لمستقبل العالم. والقصيدة عملٌ مؤثر يبعث على التأمل، مليء بالاختراعات، والدلالات اللغوية، والتفاؤل. تنبَّأ فيها بالقوة الجوية وقصف المدن، كما تنبَّأ بأن بلاد العالم قد تلجأ إلى التوافق على تكوين اتحاد سياسي عالمي حتى تضعَ حدًّا لتدمير بعضها البعض، وتُقيم برلمان الإنسان.

وقد كانت قصيدة تنيسون بالغةَ التأثير في الكثير من المتحدثين بالإنجليزية، وخاصة أولئك الذين تطلعوا إلى وضعِ حدٍّ للحروب، وسعَوا إلى إقامة منظمات دولية لحلِّ النزاعات سلميًّا، وبعد مرور قرن أو يزيد، كان من بين المعجبين بتنيسون، عضوٌ شابٌّ من أعضاء الكونجرس الأمريكي، جاء من ولاية ميسوري، يُدعَى هاري ترومان Harry Truman، ما لَبِث أن أصبح نائبًا لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وأصبح — في ١٢ أبريل ١٩٤٥م — أقوى شخصية في العالم، بعد وفاة فرانكلين روزفلت Roosevelt. ووقع على عاتق ترومان عبءُ إقامة نظام ما بعد الحرب، وكان — لحسن الحظ — قادرًا على حمل ذلك العبءِ.

كان لقصيدة تنيسون «لوكسي هول» تأثيرٌ كبير على ترومان، الذي ظل يحتفظ بقصاصة تضمُّ الأبيات — التي صدَّرنا بها هذا الكتاب — في حافظة نقوده. وعندما سأله بعضُ أعضاء مجلس الشيوخ ومعاونيه عن مدى التزامه بإقامة منظمة دولية — في مؤتمر سان فرانسيسكو عام ١٩٤٥م وبعده — أخرج القصاصة من حافظته وقرأ هذا المقطع من قصاصة «لوكسلي هول»، وفي كل مرة ردَّد فيها هذه الأبيات على مسامع محدِّثيه، فهموا ما يرمي إليه؛ فالبشرية تتجه إلى تدمير ذاتها ما لم تهتدِ إلى شكل من أشكال المنظمة الدولية لتفادي الصراع من أجل الصالح العام للبشرية. ولا يحوم طيفُ الشاعر تنيسون وحده فحسب بين سطور هذا الكتاب، بل يلازمه طيفُ هاري ترومان.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤