تقدير وعرفان

استغرق إعدادُ هذا الكتاب وقتًا طويلًا، ربما كان ذلك بسبب الطبيعة المركبة للموضوع من ناحية، ولكثرة مشاغلي من ناحية أخرى. ففي أغسطس ١٩٩٣م تلقيتُ عرضًا من شيبارد فورمان Shepard Forman والسير براين أورقهارت Sir Brian Urquhart، للمشاركة وزملائي في جامعة ييل في لجنة دولية برعاية مؤسسة فورد، تُعدُّ تقديرًا عن مستقبل الأمم المتحدة، وتقدِّم توصياتِها في وقت الاحتفال بالعيد الذهبي للمؤسسة الدولية.
وكانت معلوماتي عن المنظمات الدولية عندئذٍ ضحلة (وربما لا تزال)، ولكن كان من حسن الحظ أن أجدَ من زملائي في جامعة ييل ما يستر جهلي. فقد شاركني زميلي الأستاذ Bruce Russett — رئيس قسم دراسات الأمم المتحدة بالجامعة — أمانةَ اللجنة، وصدر التقريرُ في الموعد المحدد (عام ١٩٩٥م) بعنوان:
The United Nations in its Second Half-Century: The Report of the Independent Working Group on the Future of the United Nations (New York, Ford Foundation, 1995).
وكانت للجنة رئاسة مشتركة من: معين قرشي — رئيس وزراء باكستان الأسبق — وريتشارد فون فايزاكر Richard von Weizsaecker الرئيس الأسبق لجمهورية ألمانيا الاتحادية، وضمَّت عشرة أعضاء، كان لخبراتهم الواسعة ورُؤاهم الثاقبة أثرُها في التقرير.
وقد أفادني بروس Bruce في التعرُّف على آليات عمل مجلس الأمن وكل ما اتصل بالأمم المتحدة من أمور عامة. ولقيَت مجموعةُ العمل عونَ الكثيرين من رؤساء الإدارات المتوالية: إيزابيل جرونبرج، وفيل هتشكوك، وجان كراسنو. كما عاوننا الكثيرُ من باحثي جامعة ييل في تلك الأيام، ولكن أكثرَهم عونًا كان طالبَ الدكتوراه روبرت تشيز (اقتصاد)، وطالبة الدكتوراه إيملي هيل (تاريخ)، اللذَين أُدين لهما بشكر خاص.
وحظيَت أمانة اللجنة بمشورة اثنين من الحكماء ذوي الخبرة: تشارلز هيل Charles Hill الدبلوماسي الأمريكي مستشار الأمين العام بطرس بطرس غالي، والمحاضر المتميز بجامعة ييل، الذي علَّمنا برفق عدمَ الإفراط في التفاؤل حول أجندة إصلاح الأمم المتحدة. أما الآخر، فهو جيمس سترلين James Sutterlin، وله ما لهيل من خبرة بالعمل الدبلوماسي الأمريكي، ثم أصبح مستشارًا للأمين العام بريز دي كوييار، ثم محاضرًا بقسم الأمم المتحدة بجامعة ييل، وقد قدَّم لنا نصائح واقعية مماثلة وأضفَى نكهةً خاصة على بعض فقرات التقرير، وصحح — بلطف — بعضَ أخطائي، وامتدَّ كرمُه معي إلى مراجعة مخطوطة هذا الكتاب، واستفدتُ كثيرًا من ملاحظاته الرئيسية والفرعية على السواء، وإليه يُعزَى فضل الاعتقاد بضرورة استمرار التعاون الدولي حتى في أسوأ الأوقات.
ولعبَت المصادر الهامة المتاحة بمكتبتَي جامعة ييل وجامعة كامبردج والمتخصصون فيهما دورًا هامًّا في إثراء هذه الدراسة. فقد حظيَت بالدعوة كزميل زائر بكلية كرايست بجامعة كامبردج (خريف ٢٠٠٢م)، واستطعتُ أن أكتب الفصول الثلاثة الأولى هناك في جوٍّ مثالي، مما جعلني مدينًا بالشكر للأساتذة دافيد راينولدز، وكوينتان سكينر في عملي هناك. وقد كنتُ محظوظًا — مرة أخرى — عندما دعاني رئيس وأساتذة St. John's كزميل زائر لمدة ستة شهور عام ٢٠٠٥م مدينًا بالشكر لرئيس الكلية جون ليك، والأستاذ ريتشارد برهام، والزملاء جان هيل، وماري ساروت، وجون هاريس لعونهم لي، وإكرامهم لوفادتي. كما أشكر آدم هيل — مساعدي خلال تلك الشهور الستة — جزيل الشكر على عنايته بالنص وضبطه له صفحة صفحة، وإجباره لي على إعادة كتابة معظم النص.
لقد شجعني جاسون إبشتاين على البدء في تأليف هذا الكتاب الذي كان موضعَ اهتمامه منذ قيامه بتحرير كتابي: «قيام وسقوط القوى الكبرى» و«الإعداد للقرن الحادي والعشرين». وفي هذا الكتاب، حل محلَّه فيل ميرفي Will Murphy محررًا، فكان صبورًا معي، مشجعًا لي. إنني مدين له ولفريق الإنتاج بدار النشر Random House وقام ستيوارت بروفت بأعمال التحرير في دار Penguin Books بلندن، ولم تخلُ فقرة واحدة من فقرات الكتاب من تنقيحه.
كما أشكر صديقي ووكيل أعمالي الأدبية بروس هانتر بوكالة دافيد هيجام بلندن الذي خدمني لما يزيد على الثلاثين عامًا، وعلاقتي به تلبِّي كلَّ ما يحلم به المؤلف، وديني له أكبر مما تفي به كلمات الشكر.١
إن قاعدتي الرئيسية بجامعة ييل على مدى خمسة عشر عامًا هي «برنامج دراسات الأمن الدولي»، حيث لقيَت دعمَ مديره الأول Ann Bitetti ثم الإنسانة النادرة Ann Carter-Drier. وخلال السنوات الماضية سعدتُ بالعون الذي قدَّمَته لي سكرتيرتي Monica Ward التي كانت دائمًا سندًا لي. فقد وفروا لي جوًّا إنسانيًّا مثاليًّا للبحث والإدارة والتدريس.
وكان رؤسائي وزملائي في جامعة ييل على درجة عالية من التسامح، ولقيتُ منهم كلَّ تشجيع وخاصة في الأوقات الحرجة. وخاصة جاري وصديقي John Lewis Gaddis وزوجته توني. وكذلك أصدقائي القدامى الذين لم يبخلوا عليَّ بالتشجيع وكرم الضيافة.

لقد ظنَّت زوجتي الأولى كاترين كينيدي أن قبولي عرْضَ مؤسسة فورد أمرٌ يتجاوز حدودَ اللياقة في المحل الأول، وربما كان ذلك رأيها في تأليف كتاب عن الأمم المتحدة، ولكن في الشهور الأخيرة (من حياتنا معًا) أيَّدت المشروع تأييدًا تامًّا، وأتمنَّى أن ينال العملُ قبولَها بعد اكتماله.

وقد لقيتُ دعمًا معنويًّا أيضًا من أبنائي الثلاثة: جيم، وجون وماثيو كينيدي، وسينامون زوجة جون. وكان لحفيدتي كاترين وأوليفيا رأيُهما الخاص في مجلس الأمن، ولكنهما ساعدتاني بطرق أخرى. وما كان باستطاعتي المضيُّ قُدُمًا في هذا العمل إلا بزواجي ثانيةً من صديقتي، وناقدتي العنيدة، ومعاونتي سينيثيا Cynthia Farrer فقد أمدَّتني وابنتها صوفيا بالتشجيع والحب.
بول كينيدي
نيوهافين وكامبردج
٦–٢٠٠٥
١  أرجو أن يُوليَ القارئ الكريم اهتمامَه لهذه الفقرات، ويتأمل أحوال النشر والمؤلفين في الوطن العربي، وصناعة الكتاب التي لها متخصصون في التحرير والإخراج، وينظر إلى نظام التعامل مع المؤلف من خلال وكالة أعمال ترعى مصالحَه، بينما يضيع المؤلف عندنا وتضيع حقوقه. ألَا يحقُّ لنا أن نتساءلَ عن أسباب التخلُّف عندنا؟ ألم يَحِن الوقتُ لنضعَ أيديَنا على وصفة علاجية له؟ (المترجم)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤