الفصل الثامن

تذكُّر الحرب والثورة على المسرح الماوي

زياومي شن
عند إعلان جمهورية الصين الشعبية في الأول من أكتوبر ١٩٤٩م وقف «ماو تسي تونج Mao Zedong» في ميدان «تيانان من»١ ليقول بكل فخر: «لقد قمنا الآن نحن الشعب الصيني.» كان الحدث هو اللحظة الأهم في تاريخ الحرب الباردة، عندما أصبحَت الصين الاشتراكية حليفًا قويًّا للاتحاد السوفييتي، ضد الغرب الرأسمالي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية. في ذلك العام نفسه، عُرضَت لأول مرة مسرحيةٌ وطنيةٌ جديدة من تأليف «هيو بنج Hu Peng» (بالاشتراك مع آخرين) بعنوان «النمو في ميدان القتال». على الرغم من أن هذه المسرحية التي سوف نتناولها فيما يلي، كانت تركِّز على «الحرب الساخنة» في الثلاثينيات والأربعينيات، كانت تستخدم خطاب «الحرب الباردة»، في الوقت الذي تنقل فيه الصورة الكلاسيكية لدولةٍ اشتراكية، تشجع الشعب الصيني، الذي كان قد حصل على حريته حديثًا، لكي يحارب بشجاعة ضد العالم الرأسمالي المقسَّم ظلمًا بين أغنياء وفقراء، في كلٍّ من الصين وباقي العالم.
هذا الفصل من الكتاب الذي بين يدَيك، محاولة لتصوير القوى الداخلية في المجتمع الصيني، التي مهَّدَت الطريق أمام خطابٍ دائم كان يتم فيه تذكُّر «الحرب الساخنة» قبل ١٩٤٩م، من أجل تبرير «ثورة مستمرة» في الصين الاشتراكية. كانت هناك خلفيةٌ عسكرية من حرب المقاومة ضد الغُزاة اليابانيين، والحرب الأهلية بين قوات الكومنتانج القومية (KMT)، وقوات الحزب الشيوعي الصيني (CCP)، تلعب دورًا رئيسيًّا في بنية الخطاب الثوري لجمهورية الصين الشعبية، (PRC). هذا الخطاب، استغل حديث الحرب الباردة على المسرح الصيني بمهارة؛ من أجل تنفيذ الأجندات السياسية للحزب الشيوعي الصيني؛ أما هدفي في هذا الفصل فهو أن أنتقل إلى ما هو أبعد من النظرة الثنائية القطبية لعالم الحرب الباردة، الذي يجمع بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، باعتبارهما قطبَين حصريَّين متنافرَين. بدل ذلك، سيكون التركيز هنا على المسرح الصيني باعتباره الخشبة التي تجسَّدَت عليها البنى الصينية للحرب الباردة، وأصبحَت جزءًا لا يتجزأ من تكوين الهويات الوطنية، من خلال قصص عن الوطن والأسرة والأمومة والأنوثة والذكورة والهوية الجمعية والثورة الكونية.
كان الهدف الأبعد لهذه القصص الصينية، هو تبرير وتدعيم القوة السياسية للحزب الشيوعي الصيني، كما كان المقصود بها كذلك تقديم الأرضية النظرية لحملة «ماو تسي تونج» لمنع الصين الاشتراكية من النكوص إلى وضعها شبه الكولونيالي وشبه الإقطاعي السابق على ١٩٤٩م؛ وإن كان هذا لا ينكر بالطبع أن الثورة الشيوعية الصينية ظلَّت لفترةٍ طويلةٍ تستلهم ثورة ١٩١٧م الروسية وأيديولوجياتها الاشتراكية. على الرغم من ذلك كله؛ فإن المسرح الماوي كان يرى أن وظيفته هي استخدام أيديولوجية الحرب الباردة لخلق نمطٍ خاص من «الماوية»، يُمكِن من خلاله النظر إلى الصين باعتبارها عمودًا مهمًّا في الكتلة الاشتراكية. كان الشقاق الصيني السوفييتي بعد موت «ستالين Stalin» يستلزم أن يعيد الحزبُ الشيوعي الصيني تعريفَ نفسه، باعتباره زعيمًا بازغًا للكتلة الاشتراكية من خلال رؤيةٍ خاصة كانت مزيجًا من الماركسية واللينينية و«فكر ماو تسي تونج». هذه الرؤية الجديدة كانت مكرَّسة لدعم استقلال حركات العالم الثالث في الستينيات، بتمردها على القوة المسيطرة للتعديليين السوفييت والإمبرياليين الأمريكيين في الوقت نفسه؛ ففي سلسلة من الأحاديث العامة والبيانات المطبوعة في الفترة من ١٩٦٣م إلى ١٩٦٤م على سبيل المثال، كان «ماو تسي تونج» يعلن دعمه الثابت لكفاح الشعب البنمي البطولي العادل ضد الإمبريالية الأمريكية وأذنابها، ولكفاح الشعب الكونغولي ضد التدخل الأمريكي، وللمقاومة الفيتنامية الجنوبية ضد سلطة الولايات المتحدة/ديم، مُنَصِّبًا من نفسه متحدثًا رسميًّا باسم العالم الثالث المضطهَد ومدافعًا عن مصالحه.٢ كانت العروض المسرحية مثل «طبول الحرب عند خط الاستواء»، التي قُدمَت في مناطقَ كثيرةٍ من البلاد من ١٩٦٥-١٩٦٦م، تصوِّر دراما الصراع بين القوى اليسارية الكونغولية بقيادة «باتريس لومومبا Patrice Lumumba» وأولئك المدعومين من الولايات المتحدة.٣ بعد سلسلة من الأحداث العنيفة المُهلِكة، كان هناك تركيز في نهاية المسرحية على حرب العصابات في الغابات الأفريقية، باعتبارها الوسيلةَ الوحيدةَ لهزيمة القوات الاستعمارية، وهي رؤية تدعم المتضمنات الكونية لنظرية «ماو» عن أن القوة السياسية تخرجُ من ماسورة المدفع: «بدون جيش الشعب، ليس لدى الشعب شيء.»٤ كانت القصص العسكرية ضرورية إذَن لانتصار الثورة الصينية في الماضي، ولانتصار الثورة العالمية في الحاضر.
لم تكن السياسات الصينية المعاصرة هي الإلهام الوحيد لمسرح الحرب الباردة؛ وللاحتفاء بالقومية الصينية واصلَت بعض المسرحيات الجيدة من الخمسينيات تقاليد الفترة الجمهورية (١٩١١–١٩٤٩م) في تذكُّرها للحروب الساخنة التي فرضَتها القوى الاستعمارية على الصين وشنَّها أعداء الشعب الصيني، ومن الأعمال التي استُقبلَت استقبالًا جيدًا مسرحيات «تيان هان Tian Han» ومن بينها «أغنية الربيع العائد» المكتوبة في ١٩٣٥م.٥ تدور أحداث مسرحية «تيان هان» على خلفية الغزو الياباني لمنشوريا في ١٩٣١م، وتحكي قصة بطلٍ قومي. بعد أن فقد الجندي ذاكرته نتيجةً لإصابات في المعركة، ها هو يستعيدها بعد ثلاث سنوات بفضل رعاية خطيبته التي جاءت من جنوب شرق آسيا؛ لتمرِّضه وتتزوَّجه على الرغم من عدم قدرته على تذكُّرها. «تيان هان» كاتب يساري، كان ملتزمًا برؤيةٍ اشتراكية لصينٍ جديدة في الثلاثينيات، استطاع أن يعبِّر عن إسهام المثقفين الصينيين في أيديولوجية الحرب الباردة، ويمهِّد الطريق أمام الثقافة الماوية الرفيعة؛ لكي تتضمَّن جوانبَ مضيئة من التاريخ العسكري وتدمجها في التاريخ الثوري؛ على أن القبول المتوقَّع للحرب الثورية الصينية من قِبل الشعوب المضطهَدة في العالم، لم يبلغ ذروته إلا مع صعود الثورة الثقافية في الصين (١٩٦٦–١٩٧٦م)، كما يعبِّر عنه مسرحها النموذجي، وهو ما يتم التركيز عليه في الجزء الثاني من هذا الفصل.

استخدام الماضي العسكري لتدعيم الحاضر الثوري نجده مصوَّرًا على نحوٍ جيد في مسرحية «النمو في ميدان القتال»، وهي المسرحية الرئيسية في تلك الفترة. وعلى الرغم من أنها ليست معروفة على نطاقٍ واسع خارج الدوائر المسرحية، فهي تطرح موضوعًا مهمًّا في أدب كلٍّ من المرحلة الجمهورية وفترة جمهورية الصين الشعبية، وهو معاناة فقراء الفلاحين قبل ١٩٤٩م. المكان قريةٌ نائية في جنوب الصين والمسرحية تتتبع مصائر عائلة من ثلاثة أجيال في سنوات البؤس والفاقة من ١٩٣٥–١٩٤٥م، ومسيرتهم من ريفيين يطحنهم الفقر لكي يصبحوا جنودًا على درجةٍ عالية من الوعي الطبقي، يناضلون لكي يحقِّقوا المساواة والسعادة والرفاه للفقراء.

يبدأ الفصل الأول باحتجاج «زهاو لاوزهونج» على قيام إقطاعي شرير «يانج يود» بادعاء ملكيته لأرضه عن طريق التزوير. كان «زهاو» قد أجَّل بناءَ مساكنَ للأسرة حتى ينتهي من عمل بئرٍ لري أرضه، ثم حوَّلها إلى تربةٍ خصبة بعد سنوات من العمل الشاق. الحقيقة أن «زهاو» يعلن أنه لن يكون من السهل عليه أن يحتفظ بالأرض؛ لأن عائلة «يانج» المتنفِّذة يُمكِنها شراء المسئولين في المحكمة المحلية، ومع ذلك يعتقد أنه لا بد من أن يكون هناك مسئولون غير فاسدين على المستوى الإقليمي، وإن خاب ظنه، يُمكِن أن يجد ذلك في «بيجين».٦ تتطور الأحداث مع عودة الابن «زهاو تيزهو» الذي يخبر أفراد الأسرة، باستثناء والده، بصدور حكم لصالح «يانج». على غير علم بهذا الحكم، يستمر «زهاو لاوزهونج» في خطته للسفر إلى عاصمة الإقليم لكي يحصُل على حقه عن طريق المحكمة، وكلما كان يزيد إصراره على الذهاب، كانت تزداد صعوبة موقف الابن لكي يخبره بالحقيقة، وفي النهاية لم يكن أمامه سوى أن يخبره بحكم المحكمة، وهو أن «يانج» لم يحصل على الأرض فحسب، بل وإن عائلة «زهاو» كان عليها أن تدفع تكاليف القضية. في يأسٍ تام، وعاقدًا النية على الانتحار، يلجأ «زهاو» إلى حفيده البريء «زهاو شيتو»، ويطلب منه أن يُحضِر له جرعة سم، وهو ما يفعله الأخير دون أن يفهم سبب ما يحدث. الحبكة المسرحية هنا تجمع بين المشهد المسرحي التقليدي (فراق الأحبة)، والتكنيك الدرامي الذي يكشف سرًّا للجمهور، بينما تبقى الشخصيات على المسرح على جهلها بحقيقة الموقف.
قبل أن يلفظ «زهاو لاوزهونج» أنفاسه الأخيرة، يأتي «يانج يود» لكي يتحداه أن يقاضيه مرةً أخرى، فيعلن «زهاو» أن «العداء بين العائلتَين لن ينتهي، وإن لم نفُز في هذه الحياة فسوف نسعى من أجل العدالة في العالم السفلي للشيطان.» (١١)، ويعلن «يانج يود» بدَوره أنه سوف يبقى على صحبة «زهاو» إذا استأنف أهله الحكم في المحكمة العليا، وإن حدث فإنه سينقل القضية إلى «شيانج كاي-شيك Chiang Kai-shek» القائد العام للكومنتانج في مقره الرئيسي في نانجنج. لجوء «يانج» المقترح للكومنتانج لحماية الظلم يستثير «زهاو يتزهو»، فيقوم بإحراق قصر «يانج» ويهرب من قريته ويلتحق بالجيش الثوري للحزب الشيوعي الصيني. في هذه المسرحية، تُؤذِن المظالم الشخصية لأسرةٍ فقيرة، بالصراعات الطبقية اللدودة بين فقراء الفلاحين والمظلومين من جانب والإقطاعي الميسور الذي تمثِّله الكومنتانج من جانبٍ آخر.

عندما يُرفَع الستار عن الفصل الثاني تكون قد مرت عشر سنوات. الأحداث تدور في عام ١٩٤٥م في بلدةٍ صغيرة بالقرب من مدينةٍ كبيرة في الشمال. «زهاو يتزهو» شب عن الطوق بمساعدة الجيران من الأسر الفقيرة، وهو الآن في الثامنة عشرة، ولكي يهرب من اضطهاد عائلة «يانج» كانت أمه قد نزحَت به بعيدًا عن بلده قبل عشر سنوات؛ ليعيشوا تحت اسمٍ مستعار. إلا أن «يانج يا أوزو» ابن «يانج يود»، يستطيع أن يتعرف على أم «زهاو شيتو» ويضغط عليها ليعرف منها مكان زوجها الذي كان ما زال مطلوبًا؛ بسبب إحراقه قصر «آل يانج» عمدًا. بالإضافة إلى ذلك فإن «يانج يا أوزو» (الذي يعني اسمه حرفيًّا تمجيد الأسلاف) لا يقرِّر الانتقام لأبيه فحسب، ولكنه يضع نفسه كذلك في خدمة الكومنتانج باعتباره متعاونًا يابانيًّا. هكذا تبدو الأجيال الثانية مصمِّمة، مثل الأجيال الأولى، على الاستمرار في الخصومة والعداء على أسسٍ شخصية وقومية وأيديولوجية. بعد أن تجد أم «زهاو شيتو» كل الطرق مغلقة أمامها، تُرسِل ابنها للالتحاق بجيش «الطريق الثامن» الذي يقوده الحزب الشيوعي الصيني؛ لكي يقاتل اليابانيين والكومنتانج، ولأنه كان قريبًا من أمه، ولأنه كان قد حُرم من والده في سنوات التكوين، يظل «زهاو شيتو» على إصراره على البحث عن أبيه والثأر لجده. مرةً أخرى تربط المسرحية عداءات أسرةٍ فقيرةٍ بقضايا الخلاص الوطني، والهويات الجمعية للشعب الصيني المضطهد.

بعد ثلاث سنوات، تدور الأحداث في قريةٍ صينيةٍ شماليةٍ محرَّرة (١٩٤٨م)، ويبدأ الفصل الثالث بمشهدٍ صاخبٍ في مقر قيادةٍ عسكرية. هنا، الاستراتيجيات محدَّدة من أجل حملة ضد قوات الكومنتانج بعد الاستسلام الياباني في ١٩٤٥م. كلمات «أنشودة الجيش» التي تتردَّد عند رفع الستار، تشيد بشعبية «جيش الشعب» وجنوده، الذين «بالبنادق في أيديهم» و«بالحقد الطبقي في قلوبهم» يمثِّلون «أمل الشعب»، وحيث إن «الناس» هم آباؤهم و«في الوحدة» قوَّتُهم، «فليس هناك عقباتٌ أمام جيش الشعب لكي يهزم أعداءه.» (٢٧) في هذه «الأسرة الثورية الجديدة» يكتشف «زهاو شيتو» أباه الذي هو الآن قائد عسكري. حتى دون أن يعرف أن الرجل هو بالفعل والده، يشعر «شيتو» في الحال بالانجذاب نحو ذلك القائد المحترم. الحب والرعاية اللذان يعامل بهما ذلك الرجل الكبير «ابنه» (أو ذلك المجند)، هما نفس الحب والرعاية اللذَين كان الحزب الشيوعي يريد أن يعامل بهما «أطفال» الأسرة البروليتارية الكبيرة. وبالمثل، نجد «زهاو تيزهو»، الذي لا يعرف هُويَّة «شيتو» الحقيقية، يعلمه ويتعامل معه كمجند جديد في «أسرة ثورية» مكونة من «إخوة طبقيين»، حقدهم مشترك على الكومنتانج. والآن بعد أن أصبح اسمه «زهاو جانج» (وهو ما يعني الرفيق الصلب)، يقوم «زهاو تيزهو» بتوجيه جنوده برفق نحو تحقيق وعي طبقي قوي، إنه يحلم بالجنود الجدد يشقون طريقهم جنوبًا لتحرير قراهم الأصلية من حكم الكومنتانج؛ فالثورة ليست تصفية لحسابات شخصية ضد الأعداء، هي ثورة من أجل تحرير كل قرية صينية وتحرير الجنس البشري كله في النهاية، تلك هي الرسالة الواضحة والأهم التي ينبغي أن يفهمها المجندون الجدد عما عُرف فيما بعد ﺑ «أيديولوجية الحرب الباردة»، حتى وهم في خِضَم المعارك الساخنة بين الحزب الشيوعي الصيني والكومنتانج.

عندما يحثُّه جنوده الجدد على الكلام عن أسرته الخاصة، يعترف «زهاو تيزهو» بأنه كانت له أسرة ولكنه فقد الصلة بهم قبل ثلاث عشرة سنة، ويضيف أنه لا يخطِّط لترك عمله العسكري أو العودة إلى موطنه حتى يتم «كنس كل الأعداء الطبقيين من على وجه الأرض» (٣١). مرارًا وتكرارًا، تضع المسرحية تأكيد زهاو على «العائلة الكبيرة» المكوَّنة من كل شعوب العالم التي تعاني، مقابل شوقه المكبوت لأسرته الخاصة. بعد مزيدٍ من أسئلة الرفيق «زهو»، معلِّمه السياسي وممثِّل الحزب، يعترف «زهاو» بأنه على الرغم من محاولاته الشديدة، لم يستطع أن يبوح بشيء يمكن أن يؤدي إلى معرفة مكان أسرته. ولأنه كان ما زال يُحب زوجته، لم يقع تحت إغراء الاقتراب من أي امرأةٍ أخرى (٣٣). في مشهدٍ آخر، يشرح «زهاو تيزهو» لمجنديه الجدد كيف كان يُكِن كرهًا شديدًا لأعدائهم الطبقيين، وكيف كان مصرًّا على الثأر لأبيه الذي اقتاده للموت إقطاعيٌّ شرير. تعليقات «زهاو تيزهو» تدعمها تعليقات ابنه؛ فالابن كذلك يسعى للانتقام من مستبدٍّ كريه، من شخصٍ أجبر أباه على الفرار من موطنه، وترك أسرته دون عائل، ومواجهة مصاعب الحياة (٣٩). الجمهور بالطبع يعرف الهويات الحقيقية للشخصيات؛ وبالتالي يكون من المتوقَّع أن يتأثر بمأساة الأسرة، وأن يرتبط بها وكأنها مأساته.

تستمر حبكة الهويات التي لم يتم التعرف عليها في الفصلَين الثالث والرابع، ويقود «تيزهو» جنوده إلى انتصار في معركة لتحرير القرية التي ذهب ابنه وزوجته، للعيش فيها بعد أن هربوا من مدينتهم، وبينما يظل «تيزهو» غير مدرك لأهمية هذه المعركة، نجد ابنه شديد الحماسة لتنفيذ الأوامر بتحرير قريته وإنقاذ أمه؛ فيجد «زهاو» نفسه مضطرًّا لتذكيره بأن تحرير المرء لأسرته ينبغي ألَّا يكون الهدف الرئيسي للالتحاق بالثورة؛ وعندما ينجح «زهاو تيزهو» وابنه — غير المعروف — في إنقاذ زوجة «زهاو»، والقبض على ابن «يانج يود»، يبدو القائد وكأنه قد حقق معجزة، قبل ذلك كان قد وعد الجنود بأن يوم تحرير الشعوب الأخرى سيكون هو يوم تحرير أسرة الجنود. منطق المسرحية يُملي — هكذا — أن يودِّع الابن أمه وهو يبكي، ويرحل للانتقام لأسر رفاقه كما فعَلوا من أجله، أما الأب الذي يتحدَّث، من وجهة نظر أكثر رحابة، فيخبر الزوجة أنها رغم انتظارها ثلاث عشرة سنة لا يستطيع أن «يتخلى عن بندقيته»، ليس قبل كنس كل الأعداء الطبقيين من على وجه الأرض. لو أن أباه كان يمتلك بندقية، كما يقول، لما تمكَّن الإقطاعي الشرير من اضطهاده وظلمه حتى الموت (٧٤). هذا الفصل الأخير يربط التئام شمل الأسرة بالأهداف الغائية للصين الاشتراكية. المشهد الأوبرالي التقليدي ﻟ «التئام شمل الأسرة الكبيرة» يصوِّر الموضوع الثوري الواضح، وهو أن «البيت الصغير» لا يمكن أن يعرف السعادة دون أن يرعى احتياجات «الأسرة الكبيرة» التي تضُم كل الشعوب المظلومة.

لأن مسرحية «النمو في ميدان القتال» واحدة من أهم مسرحيات الخمسينيات المعترف بها، أصبحَت نموذجًا للأعمال الدرامية التالية عن الحرب في مسرح جمهورية الصين الشعبية، التي واصلت التركيز على موضوعات الحرب الباردة. نجد ذلك مثلًا في مسرحية «قوات نقل الحديد» التي كتبها «هوانج تي Huang Ti» وقُدمَت لأول مرة في «بيجين» في ١٩٥٣م.٧ في ١٤ فبراير ١٩٥٣م وقع «ستالين» و«ماو تسي تونج» في موسكو أول معاهدةٍ صينية سوفييتية للصداقة والتحالف والمساعدة المتبادلة، وكانت حدثًا «فتح جبهة ثانية في الحرب الباردة في آسيا» بعد أزمة برلين في ١٩٤٨م عندما تحدَّى الاتحاد السوفييتي والغرب كلاهما الآخر لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.٨ أما الحرب الكورية من ١٩٥٠م إلى ١٩٥٣م باعتبارها «أول مواجهة عسكرية في الحرب الباردة»، فقد وضعَت الصين في صراعٍ مباشر مع الولايات المتحدة وحلفائها، لدرجة أن الصين أرسلَت ملايين الجنود المتطوعين مع معداتٍ سوفييتية لمساعدة كوريا الشمالية الاشتراكية.٩ على هذه الخلفية التاريخية، تصوِّر مسرحية «قوات نقل الحديد» الصعاب والأخطار التي تواجهها وحدة نقل صينية، وهي تقاتل للحفاظ على خط الإمداد مفتوحًا أمام القوات الصينية والكورية الشمالية، على الرغم من القصف المتواصل الذي تقوم به القوات الجوية الأمريكية.

ومن بين الأشكال الدرامية ذات الطابع الصحفي التي تصوِّر تطورات وتقلُّبات المعركة، نجد قصةً رئيسية تتمحور حولها المسرحية. في مستهل الفصل الأول، عشية الاحتفال باليوم الوطني (الأول من أكتوبر) لجمهورية الصين الشعبية، وبعد الأثر المعنوي للهدايا التي تلقاها الجنود الصينيون من الصين ودول اشتراكية أخرى مثل هنغاريا، يجد الجنود أن أفضل طريقة للاحتفال باليوم الوطني في كوريا هي الانتصار في معركة كبرى ضد الإمبرياليين الأمريكيين. إنهم يحتفظون بأفضل تلك الهدايا (صندوق صغير من السكر من هنغاريا ووشاح أحمر من منظمة الشباب الصيني) لتقديمها لصديقهم الكوري المحبوب «زياو ينج زي» (عمره ٦ سنوات) الذي يحب أن يرقص ويغني لهم، ولكنهم، من أسفٍ شديد، يكتشفون أنه قد فقد بصره نتيجة التقاطه لشَركٍ خداعي على شكل دمية، كانت القوات الجوية الأمريكية قد أسقطَته بين شراكٍ أخرى. تتوالى أحداث المسرحية بعد ذلك وتواجه أم الطفل، وهي رئيس فريق إصلاح الطرق الكوري الذي يساعد القوات الصينية، جنديًّا أمريكيًّا أسيرًا، وتسأله عن قتل الأطفال الأبرياء الذي يقوم به الجنود الأمريكيون في حربهم العدوانية. انفصالها عن زوجها (الذي كان قد ذهب ليلتحق بالجيش الكوري الشمالي)، وعن أم زوجها وعن ابنتها، ثم التئام شملها وزوجها بعد انتصارٍ كبير في الحرب، يبدو ذلك كله رجع صدًى لخط قصة «النمو في ميدان القتال». الفارق الوحيد هو أن هذه المسرحية تعيد رواية قصة أسرةٍ كورية تدعمها وتقدِّرها «الأسرة الثورية الكبيرة»، وهي وحدة النقل الصينية التي حملَت السلاح إلى وطن إخوانهم وأخواتهم الاشتراكيين. الأطفال المصابون، الزوجات البعيدات عن أزواجهن، المتعاطفون مع المقاتلين، الحنين الجارف إلى الأرض، كل ذلك نجده على خشبة المسرح في صين الخمسينيات، بوصفها علاماتٍ بارزة في التاريخ العسكري للحرب الباردة.

على النقيض من التضامن مع الكتلة الاشتراكية كما تصوِّره مسرحية «قوات نقل الحديد»، نجد مسرحية بعنوان «الربيع الثاني» (١٩٦٢م) كتبها «ليو شو آن Liu Chuan» تشن هجومًا مستترًا على الاتحاد السوفييتي، وهي إحدى المسرحيات التجريبية القليلة جدًّا التي تستخدم مؤثِّرات الاغتراب عند «بريخت»، لتروي عن الصعوبات البالغة التي تواجه مهندسة شابة هي «ليو زهيوان Liu Zhiyin»، التي كان عليها أن تبني أول زورقٍ سريع للبحرية الصينية دون الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية. كان هذا الموضوع، وهو صينٌ مستقلة مزدهرة دون معونةٍ أجنبية، ينتقد ضمنًا قيام «خروشوف» بسحب الدعم المالي والتكنولوجي والاقتصادي السوفييتي للصين. هناك شخصيتان أجنبيتان في المسرحية لإبراز هذه الرسالة وإلقاء الضوء عليها؛ إحداهما سيدة أعمال، واضح أنها من دولةٍ أجنبية استعمارية تقوم بزيارة والد «ليو»، الذي كان يدرس في الخارج قبل ثلاثين عامًا وحقَّق اكتشافًا علميًّا أذهَل زملاءه، واليوم تأتي هذه السيدة للحصول على إبداعه التكنولوجي لصالح شركتها. الشخصية الأجنبية الثانية هي اشتراكي في المنفى، زميل ومساعد للسيدة، لا يستطيع العودة إلى وطنه المحتل في أمريكا اللاتينية من قبل الاستعمار، ويرفض طلب رئيسته أن يساعدها في الحصول على تكنولوجيا «ليو»؛ فهو يرى أن أسرة «ليو» أصدقاءُ حقيقيون، على النقيض من «أولئك الذين يتحدثون عن الصداقة والحب، بينما يريدون — في حقيقة الأمر — أن يلتهموا الناس أحياءً.» مضيفًا «إنهم يستطيعون صنع الحروب والأحقاد فحسب.» كما أن «المرء لا بد من أن يعتمد على نفسه باتباع المُثل التي يصنعها أمثالكم.»١٠ وبالنسبة للجماهير المطلعة على الجدال الأيديولوجي الصيني السوفييتي في أوائل الستينيات؛ فإن العبارات السابقة تشير بوضوح إلى محاولات الاتحاد السوفييتي السيطرة على الدول التابعة عن طريق فرض قواعد العلاقات معها. الرسالة الضمنية لهذه المسرحية إذَن، توحي بنقطة تحوُّل في تصوير الموضوعات العسكرية على المسرح الاشتراكي، والاهتمام بدعوة الحزب الشيوعي الصيني لكي «يعتمد على نفسه» وأن يكون «مستقلًّا» ويتخلَّى عن وهم الاعتماد على الدعم السوفييتي. قصص الحرب الباردة هذه، تمثِّل بداية فتح جبهةٍ جديدة في الصراع الأيديولوجي بين الصين والاتحاد السوفييتي القائد السابق في الحرب الباردة ضد الغرب الرأسمالي.
أصبح موضوع العداء مع السوفييت أكثر حضورًا في الثقافة الماوية أثناء الثورة الثقافية الصينية (١٩٦٦–١٩٧٦م). كانت الصحافة الرسمية تفسِّر بدء الثورة الثقافية بأنه يؤكد أن «الألوان الحمراء» للاشتراكية في الصين لن تتحول لتصبح ألوان الرأسمالية «السوداء»، وكان تبرير الصحافة لذلك هو الخوف من أن يكون «التحول السلمي» في الاتحاد السوفييتي من دولةٍ اشتراكية إلى دولة «تعديلية» واستعمارية «اجتماعيًّا». كانت الصحافة الرسمية لا تريد أن يعاني الشعب الكادح مرةً أخرى.١١ ولكي تقاوم الثقافة الشعبية، كانت الثقافة الرسمية تتبنى «المسرح الثوري النموذجي»، المكرس لموضوعات الحرب الباردة التي أنعشت ذاكرة الحرب الثورية، لكي تحافظ على استمرارية الثورة الاشتراكية.١٢ لم يجد القادة العسكريون نماذج تُحتذى في أمثال «زهاو تيزهو» فحسب، بل إن الشخصيات النسائية تحولت من «أتباع خانعين صامتين» إلى «شخصيات ثورية مقاتلة وقيادات حزبية». لن يكون على زوجة «زهاو» أن تبقى منتظرة عودة زوجها وابنها إلى موطنهما. في بعض المسرحيات كانت المقاتلات يأخذْنَ مكان الرجال في مراكز القيادة، حتى الأدوار التقليدية المرتبطة بالأنوثة والأمومة وحميمية الحياة الأسرية، كان يحل محلها أدوار مرتبطة بالتاريخ الثوري.
كان معظم الأعمال الثورية النموذجية الثمانية التي يتم الترويج لها رسميًّا في ربيع وصيف ١٩٦٧م، تمثيلات مباشرة لتجربة الحرب الثورية مقدَّمة على المسرح عَبْر الأجناس الفنية الثلاثة؛ أوبرا بكين والباليه والموسيقى السيمفونية. موضوع أوبرا بكين «شاجيا بانج»، على سبيل المثال هو الصراع المسلح أثناء الحرب ضد اليابانيين؛ حيث يهزم «جيو جيانج آنج» (المعلم السياسي في الجيش الرابع الجديد) ومعه ١٧ جنديًّا جريحًا، قوات «جيومنتانج» المتعاونة مع الغزاة اليابانيين.١٣ الباليه الثوري الحديث «وحدة النساء الحمراء»، يروي قصة فتاة من الفلاحين (وو كونج هوا) التي تهرب من عبودية أحد الطغاة المحليين على جزيرة «هانيان»؛ لكي تلتحق بوحدةٍ عسكرية نسائية تحارب الكومنتانج.١٤ في أوبرا بكين «الاستيلاء على جبل النمر» نجد أحد أفراد الاستطلاع في جيش التحرير الشعبي (يانج زي زونج) يغامر بدخول مركز قيادة العدو باعتباره قاطع طريق لتحرير فقراء المنطقة الجبلية الشمالية الشرقية أثناء حرب التحرير.١٥ في أوبرا بكين «غارة على النمر الأبيض»، التي تتناول الحرب الكورية، يهزم «يان ويكاي» قائد فصيلة استطلاع من متطوعي الشعب، وحدة النمر الأبيض الكورية المدعومة بمستشارين عسكريين أمريكيين.١٦
بعد نجاح الأعمال النموذجية الثمانية الأولى، كان هناك خمسة أعمال أخرى تمت كتابتها لدعم المشروع الماوي لمجتمع نموذجي، وكلها تقريبًا تؤكد تجربة الحزب الشيوعي (كي زيانج) التي تحوِّل فريقًا من الفلاحين إلى وحدةٍ ثورية تناضل ضد مستبد محلي وقوات وطنية. «كي زيانج» هنا، مثل «زهاو تيزهو» في مسرحية «النمو في ميدان القتال»، هي القائد العسكري الذي يقنع جنوده بضرورة تكريس كل قوَّتِهم لتحرير فقراء العالم، قبل أن ينتقموا من أعدائهم الشخصيين. في الوقت نفسه، فإن زوجة «زهاو تيزهو» هي النموذج الأصلي للأم «تو» في «جبل أزاليا»، على الرغم من أنها بعد أَسْرها لدى قوات العدو تشجِّع ابنها بالمعمودية وحفيدها على طاعة أوامر «كي زيانج» العسكرية، بدلًا من الاندفاع في مغامرةٍ غير محسوبة لإنقاذها؛ لكيلا يعرِّضا الجيش الثوري للخطر.١٧
أوبرا بكين «أغنية التنين»١٨ تكشف في النهاية عن أنها العمل الوحيد بين الأوبرات الخمس التي تصوِّر الحياة الريفية في الستينيات، عندما كان الفلاحون المحليون مستعدين دائمًا للتضحية في سبيل الدولة الاشتراكية. العمل يتتبع جذور معاناة الفلاحين وجهود الحزب لإقناعهم بالتضحية بالمصالح الضيقة في سبيل الطموحات العامة، والالتزام بقراره بحجز مياه نهر التنين وإغراق أراضيهم؛ وذلك لإنقاذ منطقة ضربها الجفاف. في الصين الزراعية، حيث الأرض هي حبل الإنقاذ الوحيد للفلاحين، كان من الصعب دائمًا، وربما من المستحيل، إقناع الفلاحين بالتخلي عن أراضيهم. «أغنية التنين» هي سردية ألم١٩ عن استغلال الإقطاعيين وأغنياء المجتمع القديم للفلاحين، مقارنة بالرعاية التي توليهم إياها حكومة الصين الاشتراكية. ولإذكاء الشعور الوطني لدى المجتمعات المحلية وتقوية صلتهم بالشعوب المظلومة في كل مكان، تقوم القيادية الحزبية «جيانج شوينج» بتنظيم مجموعة قراءة لدراسة مقال «ماو» «في ذكرى نورمان بتهيوم Norman Bethume»، الذي يحتفي بعضو الحزب الشيوعي الكندي، الذي أيد وساند الجنود الصينيين في حربهم ضد اليابان. هذه الروح الشيوعية التي يمكن أن تجعل شخصًا أجنبيًّا يتبنَّى — بكل إيثار — قضية الشعب الصيني وكأنها قضيته الخاصة، هذه الروح تساعد القرويين على أن يحلموا بالتضحية من أجل الأبناء، وأن يكون ذلك أمرًا طبيعيًّا ومرغوبًا. في فترة الحرب قبل ١٩٤٩م، كانت الشخصية التاريخية للدكتور «نورمان بتهيوم» باعتباره شيوعيًّا عالميًّا نموذجيًّا تحظى باحترام شديد. هذه الشخصية تعود للظهور على مسرح الثورة الثقافية للقيام بدور الاشتراكي المنفي في «الربيع الثاني». هذا المنفي يجد في الحزب الشيوعي الصيني الملهم والمرشد في عالم الثورة ضد التعديليين السوفييت، وأعداء الحزب الجدد في الحرب الكونية على الرأسمالية والتعديلية. «جيانج شوينج»، في الحقيقة، تستكشف رؤيتها الخاصَّة عن الثورة العالمية وهي تعمل لإقناع زميل لكي ينظر إلى ما وراء الجبال القريبة التي تعترض مجال إبصاره، وأن يتذكَّر معاناة «الإخوة والأخوات من الفقراء» الذين يعيشون في دول العالم الثالث التي لم تتحرَّر بعد:
في عالم اليوم
ما أكثر العبيد الذين ما زالوا في الأصفاد،
ما أكثر المعدمين الذين ما زالوا يتضورون جوعًا،
ما أكثر الإخوة الذين يحملون السلاح
ما أكثر الأخوات اللائي يتم استغلالهن،
فلنضرب، بكل قوة،
الاستعمار والتعديلية والرجعية،
في النهاية … سوف تتحرر كل البشرية.٢٠
على هذا النحو، تقدم «أغنية نهر التنين» للمسرح الصيني موضوع العداء للكولونيالية الأوروبية في العالم الثالث، وهي تفعل ذلك لتبرير استمرارية الثورة في الريف الصيني. باستخدام أساليب مماثلة، تسلط أوبرا بكين «على أحواض السفن» الضوء على خطاب كوني عن الثورة العالمية من خلال تصوير الطبقة العاملة في شانغهاي الكوزموبوليتانية. الأحداث تدور في أحواض السفن حيث اعتاد المستعمرون إدارة أعمالهم، مع إلقاء الضوء على «فانج هايزهن» سكرتيرة الحزب الشيوعي التي تم استغلالها بوحشية ضمن عمالة الأطفال قبل تحرير شانغهاي في ١٩٤٩م. ذكرياتها عن ذلك الماضي الأليم، تجعلها مدركة تمامًا لحقيقة أن الناس الذين يناضلون من أجل حريتهم، «في حاجة ماسة إلى دعم الشعوب الثورية في العالم.»٢١ «فانج هايزهن» وزملاؤها من العمال يكتشفون العدو الطبقي المختبئ «كيان شو وي»، الذي كان يحاول الهرب إلى الخارج واللجوء إلى كنف سادته الإمبرياليين بعد أعمالٍ تخريبيةٍ فاشلة. اكتشافهم يُمَكِّن العمال من إكمال تحميل سفينته، في الوقت المناسب، ببذور للأرز كانت مرسَلة إلى شعبٍ أفريقي يحاول أن يطوِّر اقتصاده الوطني والتحرر من الاستغلال الاستعماري. كان لا بد من أن تصل الشحنة في موعد البذار، كما أن كل «زكيبة سيكون لها دورها في نضال ذلك الشعب الأفريقي» (٥٧) ضد المستعمرين الذين سبق أن قالوا إن الأرز لن ينمو في أفريقيا، وإن الأفارقة لن يستطيعوا حل مشكلة الغذاء إلا عن طريق استيراد الحبوب (٦١). في هذه الأوبرا، يُرمز للمجالات الرئيسية لنفوذ القوة العالمية، بالاتجاهات المتعارضة للسفن الصينية؛ السفينة الإسكندنافية ﻟ «كيان شووي» تذهب إلى أوروبا، بينما تذهب السفينة التي تحميها «فانج هايزهن» من تخريب «كيان» تتجه صوب أفريقيا، «الغابة» في العالم الثالث حيث تحظى الصين الاشتراكية بكل الاحترام باعتباره قائدًا ملهمًا. في أشهر عبارات هذا المشهد تصف «فانج هايزهن» ميناء شانغهاي بأنه «متصل بكل ركن في بلادنا، كما أنه يدعم البناء الوطني وكل شعوب العالم» (٧٢). هذه العبارات كذلك بمثابة لمحةٍ أخرى لحملة تقنع الجمهور بمواصلة الثورة في الصين الاشتراكية من أجل دعم ثورة العالم الثالث ضد الاستعمار والكولونيالية.
دعمًا للجهد المبذول من أجل مسرح نموذجي، كانت الصحافة الرسمية في صين الثورة الثقافية تسعى من أجل نقل فكر «ماو تسي تونج» إلى المسارح الأخرى حول العالم. في ٣١ مايو ١٩٦٧م، بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لأحاديث «ماو» في منتدى يانان للأدب والفن، عُقدَت ندوة عن أعمال «ماو» نظمها مكتب الكُتاب الأفرو آسيويين في «بيجين»، المركز الرئيسي للثورة الثقافية البروليتارية في الصين، حضرها أكثر من ٨٠ كاتبًا من ٣٤ دولة. هذا التجمع وُصِف بأنه كان تعبيرًا واضحًا عن دخول العالم مرحلةً جديدة تمامًا، فِكر «ماو تسي تونج هو رايتُها الكبرى» و«أن خطه الثوري ونظريته عن الأدب والفن قد أصبحَت سلاحًا قويًّا في يد الشعوب الثورية التي تناضل ضد الاستعمار والتعديلية والرجعية في كل مكان.»٢٢ ووصفَت الصحافة الرسمية الصينية كيف كان الكُتاب التقدميون من العالم الثالث يحدقون باحترام وإجلال ليس لهما حدود في صورة الرئيس ماو، ويقرءون عباراتٍ مقتبسة من أعماله المكتوبة بالصينية والعربية والإنجليزية والفرنسية،٢٣ إلى جانب تلاوة أشعاره، كما قَرَءوا قصائدَ كتبوها «في مديحه، في مديح فكر ماو تسي تونج وفي الثورة.»٢٤
من الدلائل الأخرى على أن نَشْر فكر «ماو تسي تونج» كان يحفِّز على التغيير الثقافي والسياسي في دول العالم الثالث، تلك التقارير الحية المتكررة في الصحافة الصينية عن العروض المسرحية لفرق من دول العالم الثالث؛ ففي يوليو وأغسطس ١٩٦٧م، على سبيل المثال، نقلت الصحافة أن وفد الفنانين الصوماليين الزائر قدم عرضه على مسرح مقام «وسط أضواء ذهبية تشع من ستارة خلفية تظهر عليها صورة ضخمة للرئيس ماو، الشمس الحمراء في قلب شعوب العالم.»٢٥ بكل حماسة، وقف الفنانون الصوماليون ممسكين بكتب المختارات من أقوال الرئيس ماو أمام صورة كبيرة له. كانوا يرددون الأغنية الصومالية «في مديح الرئيس ماو» والأغنية الصينية «الشرق أحمر» وسط «تصفيق حاد من الجمهور».٢٦ موجة الإعجاب بالزعيم وفكره، الأقرب للعبادة، هذه الموجة العالمية اكتسبت زخمًا إضافيًّا، عندما زعمت الصحافة الصينية أن سنة ١٩٦٧م وحدها شهدت توزيع ٣٣ شكلًا مختلفًا من بورتريهات «ماو» في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، واعتبارًا من يونيو ١٩٦٩م كان هناك نحو ١١٠٠ طبعة من أعمال الزعيم بسبعين لغة عالمية في ٦٠ دولة ومنطقة، من بينها ٢٥ طبعة من «مختارات ماو تسي تونج» مترجمة ومنشورة ﺑ ٣٢ لغة في ٣٥ دولة.٢٧ يبدو أن بناء الصحافة الرسمية لمجتمع «ماوي» في الحياة الواقعية على امتداد العالم، كان يتطلَّب بناءً مسرحيًّا نموذجيًّا لمجتمع دولي على الخشبة يكون أكثر مصداقية.
أصداء المسرح العالمي لثورة «ماو» الثقافية بترويجه للثورة العالمية، وصلت إلى ما هو أبعد من أفريقيا، كما عبرت عن ذلك عروض الفرق الزائرة من دول اشتراكية صديقة مثل ألبانيا ورومانيا. مسرحية «المعول في يد والبندقية في اليد الأخرى»، التي قدَّمَتها فرقة تيرانا للهواة في بيجين في سنة ١٩٦٧م، على سبيل المثال، اعتُبرَت دليلًا على انتصار «ماو» الثوري كما كان يعكسه الأدب والفن في الصين، كما اعتُبرَت في الوقت نفسه دليلًا على «القيادة الحكيمة للرفيق أنور خوجة» من أجل تثوير حياة ألبانيا كلها.٢٨ عندما ظهرَت الصورتان العملاقتان للزعيمَين العظيمَين «مع الأعلام الحمراء لدولتَينا ترفرفان جنبًا إلى جنب»،٢٩ كان ذلك رمزًا على التحدي الذي يمثله هذان الزعيمان من دول العالم الثالث للاستعمار الغربي، وللاستعمار الاجتماعي للاتحاد السوفييتي. كذلك فإن العرض الذي قدمته «فرقة دوينا الفنية» التابعة للقوات المسلحة الرومانية في أغسطس ١٩٧١م، «كان محل إشادةٍ كبيرة في الصحافة الصينية؛ لأنه كان يعبِّر عن الصداقة الثورية واللحمة القوية بين الدولتَين والبناء الاشتراكي للحزبَين، ونضالهما المشترك ضد الاستعمار وأتباعه الأذلاء.»٣٠
كذلك اجتذب المسرح الصيني جماعات ماوية منشقة عن الحزب الشيوعي الموالي لموسكو في العالم الرأسمالي؛ ففي شهر يوليو ١٩٦٧م، تغلب مسرح «هاجو روما» الياباني على «العقبات الكثيرة التي كان يضعها في طريقه الأمريكيون والرجعيون اليابانيون، ودوائر التعديليين في الحزب الشيوعي الياباني، ووصل إلى بيجين حيث يوجد الزعيم «ماو»، وحيث وُلدَت الثورة الثقافية العظيمة التي هزَّت العالم.»٣١ و«بحب لا حدود له لزعيمنا العظيم»، عرضَت الفرقة مسرحية بعنوان «التقدم من خلال العاصفة»، التي تروي قصة كفاح عمال شركة «أيواجوني» للباصات بقيادة الجناح اليساري للحزب الشيوعي الياباني، ضد الاستعمار الأمريكي والرأسمالية الاحتكارية اليابانية ودائرة «مياموتو» التعديلية.٣٢ هذا الحدث قدم للجمهور الياباني تصويرًا آخر لتأثير الصين الاشتراكية في العالم، الذي أسفر عن فكر «ماو تسي تونج»، تلك الراية الحمراء الخفاقة «التي شُوهدَت تُرفرِف عاليةً حتى في قلب الشعب الياباني الثائر.»٣٣ في عمل آخر للفرقة، وهو مسرحية (من خمسة فصول) بعنوان «نار المروج»، نرى «موسوكي» زعيم الفلاحين الذي يقود انتفاضة في منطقة شيشيبو الجبلية في اليابان في ١٨٨٤م، و«يرى على نحو أكثر وضوحًا ضرورة تنظيم الجماهير لكي تحمل السلاح، وتحارب من أجل الاستيلاء على السلطة السياسية.» في صراعها ضد الإقطاعي الرأسمالي «شوكيش».٣٤ كانت هذه المسرحيات اليابانية، كما أشار ناقدٌ صيني، تعبِّر عن صدقية وعمومية المبادئ الماوية؛ حيث قام الرفاق في مسرح «هاجو روما» بتصوير هذه الانتفاضة «على ضوء الماركسية اللينينية وفكر ماو تسي تونج.»٣٥ وكما في الكثير من المسرحيات الصينية النموذجية، كانت هذه المسرحيات اليابانية تستحضر الماضي باعتباره شهادة على «صدق الحاضر»، «من خلال النضال الذي يقوده «موسوكي» وغيره من أعضاء حزب الفقراء، كما كانت «نار المروج» تعبر عن المفهوم العظيم للاستيلاء على السلطة السياسية بالقوة.»٣٦

ربما تبدو هذه العبادة العالمية المتصوَّرة لشخصية «ماو» بدائية وغريبة بعد ثلاثة عقود من الثورة الثقافية، على أن موضوعات الحرب الباردة التي استخدمتها في ذكرى الحرب الثورية، وتحذيراتها المستمرة من التحول السلمي من صين اشتراكية إلى صين رأسمالية تعديلية، ما زالت تسمح بوقفةٍ للذين يستهجنون الفجوة التي تتسع بين الأغنياء والفقراء في الصين المعاصرة. النهضة الاقتصادية، ومستويات المعيشة الآخذة في الارتفاع، واستغلال العمال الزراعيين المهاجرين باعتبارهم عمالةً رخيصة، والتآكل المستمر في مساحة الأراضي الزراعية لحساب التقدم العمراني، كل ذلك يجعل المرء يفكِّر: هل كان «ماو» محقًّا في حملته من أجل «ثورة مستمرة» في الصين الاشتراكية؟

لا عجب إذَن أن تنجح مسرحية بعنوان «تشي جيفارا» نجاحًا ساحقًا في أبريل ٢٠٠٠م؛ لأنها كانت دعوة لحمل السلاح.٣٧ المسرحية تصوِّر «تشي جيفارا» بطلًا عسكريًّا للثورة الكوبية في ذروة الحرب الباردة، عندما قرَّر التضحية بكل شيء لكي يحقِّق العدل والمساواة للشعوب الفقيرة في دول العالم الثالث الأخرى. كانت دعوة «جيفارا» لثورةٍ جديدة من خلال حربٍ عسكرية تستهدف تحرير الشعوب الفقيرة والمضارة مرةً أخرى، كانت هذه الدعوة تلمس وترًا مهمًّا في الصين المعاصرة؛ حيث كان هناك ضحايا كثيرون للفساد الحزبي واستغلال محدَثي الثراء. بلغةٍ شعريةٍ راقية، يوجِّه الممثلون عدة أسئلة للجمهور. كان «تشي جيفارا» قد ترك عمله باعتباره طبيبًا قبل أربعين سنة ليلتحق بالثورة الكوبية، ترى لو كان يعرف أن الثورة الاشتراكية التي ضحَّى بحياته من أجلها في النهاية سوف تغيِّر ألوانها في نهاية القرن العشرين، هل كان ليشعر بأي ندم؟ ماذا كان يُمكِن أن يقول عن الفجوة التي تزداد اتساعًا بين الأغنياء والفقراء في الصين الرأسمالية المعاصرة مثلًا؟ ولو أنه عرف بالانهيار النهائي للكتلة الاشتراكية؛ فهل كان ليُضحِّي بسعادته الشخصية من أجل الهدف النبيل للحرب الباردة؟ طاقم الممثلين أجاب من فوق خشبة المسرح عن هذه الأسئلة بكل وضوح، ودون تردد: لم يكن «تشي» ليشعر بأي ندم لأنه كان يؤمن دائمًا بمجتمع متساوٍ متحرر من الظلم والسيطرة الاستعمارية الغربية، ولو كان عليه أن يعيد التجربة لانتهج أسلوبًا عسكريًّا لكي يحرِّر كل شعوب العالم الفقيرة. بين المسرحية ورموز ثقافية شعبية (صور وتيشيرتات وهدايا …) أصبح «جيفارا» نموذجًا لدَورٍ جديد طغى على القيم القديمة للصين الاشتراكية. الحقيقة أن مسرحية «تشي» تجسِّد نقدًا حادًّا للثقافة المادية في مجتمع ما بعد «ماو» — أجنداتها العولمة والرسملة — وسخرية لاذعة من تواطؤ المثقَّفين مع الحكومة لخيانة الفقراء. وعلى النقيض، فإن مسرحية «تشي» العسكرية كانت تفي كذلك بمتطلبات الوضع الراهن؛ فعلى الرغم من هجومها على الفساد الحزبي، كانت تُستقبل باعتبارها دعمًا لحملة الحزب من أجل مقاومة الفساد، ومساعدة أغلبية الفقراء الصينيين لكي «يصبحوا» في آخر الأمر «أغنياء» بعد أن أثرى «عددٌ قليل من الناس أولًا».

وكما يُعلِن «تشي» من فوق خشبة المسرح أنه لن يترك سلاحه ما دام هناك ظلم واستغلال، يمكن أن نخلص إلى أن الأبطال العسكريين والمسرحيات العسكرية ستكون حاضرة دائمًا على الخشبة الصينية، مستمرة في تذكيرنا بهذا الحلم؛ ومن المرجَّح أن تكون تلك هي الحال على الرغم من أن التغيُّرات المتلاحقة في الصين، ربما تجعلها أكثر ندرة. في النهاية فإن الكاتب هنا يجد عزاءه في بقاء المسرح النموذجي مسجلًا بأشكالٍ مختلفة، يتبادلها ويتهاداها الناس، كما تلقى رواجًا في السوق الصينية المعاصرة وتستدعي الأحلام المثالية لصين «ماو»، تلك المرحلة التي أصبحَت ذكرياتُها عن «الحروب الساخنة» وتاريخ الحرب الباردة موروثًا استثنائيًّا للشعب الصيني … وعبئًا ثقيلًا في الوقت نفسه.

١  الميدان السماوي. (المترجم)
٢  Mao Tsetung, “Quotations from Chairman Mao Tsetung” (Beijing: Foreign Languages Press, 1972), 78, 82, 86 .
٣  Li Huang et al., “War Drums on the Equator,” trans. Gladys Yang, “Chinese Literature,” 7 (1965), pp. 3–72 .
٤  Mao Tsetung, “Quotations,” p. 99 .
٥  Tian Han, “Hui Chun Zhi”, in Tian Han, Tian Han Quan Ji (Collected Works of Tian Hian, Vol 3, eds Dong Jian, et al., (Shijiazhuang: Huashan Wenyi Chubanshe, 2000), pp. 109–51 .
٦  Hu Peng, et al., Zhandoui li Chengzang, in Li Moran et al. eds, Zhongguo buaju wushi nian ju zuo xuan: 1949. 10–1999–10 (An Anthology of Chinese Spoken Drama in Fifty Years: 1949. 10–1999–10), vol. 1 (Beijing: Zhongguo Xiju Chubanshe, 2000), pp. 6-7 .
٧  نُشر سيناريو مسرحية Gangtie yunshubing الذي كتبه Huang Ti لأول مرة في Juhen (Drama Script) pp. 28–75، وعُرضَت لأول مرة بواسطة مسرح الشباب في ١٩٥٣م.
٨  Jeremy Issac and Tylor Downing, “Cold War: for 45 Years the World Held Its Breath” (London: Bantam Press, 1998), p. 86 .
٩  Ibid., p. 90 .
١٠  Liu Chuan, “Die erg e Chuntian,” in Li Moran, et al., eds, Zhongguo huaju wushi nian ju zuo xuan, Vol. 3, p. 229 .
١١  العبارات المقتبَسة ظهرَت مرارًا في الصحافة الرسمية، وفي المطبوعات غير الرسمية للحرس الأحمر المعروفة لأهالي المنطقة.
١٢  للمزيد من التفاصيل عن المسرح النموذجي، انظر: Xiaomei Chen, “Acting the Right Part: Political Theatre and Popular Drama in Contemporary China” (University of Hawaii Press, 2002), pp. 73–158.
١٣  نشر نص المسرحية النموذجية Shajiahang، بمراجعةٍ جماعية من فرقة أوبرا بكين – بكين، في مجلة Red Flag العدد «٦» (١٩٧٠م) من ص٨: ٣٩، كما نشرت ترجمة إنجليزية أخرى في مجلة: Chinese Literature، العدد رقم ١١ لسنة ١٩٧٠م، من ص٣: ٦٢. المترجم غير معروف.
١٤  نُشر النص الصيني لمسرحية Hongse niangzijun بمراجعةٍ جماعية من فرقة باليه الصين، لأول مرة في Hongqui العدد ٧ لسنة ١٩٧٠م، من ص٣٥: ٦٥. كما نشرت مجلة Chinese Literature (العدد ١ لسنة ١٩٧١م، من ص٢: ٨) ترجمة للنص ولم تذكر اسم المترجم.
١٥  نُشر النص الصيني ﻟ Zhi qu Wei huang shan» في The Collection of Revolutionary Model Plays vol. 1 (Beijing: Remin Chubanshe, 1974), pp. 7–37.
كما نشرت ترجمة إنجليزية له (دون ذكر اسم المترجم) في Chinese Literature (العدد ٨ لسنة ١٩٦٧م، ص١٢٩–١٨١).
١٦  نُشر نص Qixi Baihutuan لأول مرة في Hongqi, 10 (1972)، كما نُشرَت ترجمة إنجليزية له في مجلة: Chinese Literature, 1 (1974)، ولم يُذكر اسم المترجم.
١٧  Wang Shuyan et al., Dujushan, Hongqi, 10, (1973) .
كما نُشرَت ترجمة إنجليزية لنص Azalea Mountain في مجلة Chinese Literature 1 (1974), pp. 3–69.
١٨  انظر النص الإنجليزي لمسرحية Song of the Dragon River في مجلة Chinese Literature (7. 1972, pp. 3–52)، أما النص الصيني فقد ظهر لأول مرة في Hongqi, 3 (1972), pp. 36–62).
١٩  معروفة ﺑ yi Ku si tian أو أن تحكي «قصة معاناة عن الصعوبات التي كان يمُر بها المرء قبل ١٩٤٩م، لكي يعرف حلاوة الحياة الجديدة بعد إنشاء جمهورية الصين الشعبية، وكان ذلك سلوكًا عامًّا في الستينيات لدعم القوة السياسية للحزب الشيوعي الصيني.
٢٠  Song of the Dragon River Group of Shanghai, Longjang song, Hongqi, 3 (1972), p. 60 .
الترجمة لي. كان يتم تكرار السطرَين الرابع والخامس باعتبارهما مؤثِّرَين غنائيَّين، ولكني قمت بحذف ذلك من الترجمة.
٢١  للاطلاع على النص الصيني الأصلي انظر: Hoigang, Hongqi, 2 (1972), pp. 22–48.
٢٢  Anon., “Seminar Sponsored by the Afro-Asian Writers’ Bureau to Commemorate the 25th Anniversary of Chairman Mao’s “TalKs”, Chinese Literature, 9 (1967), p. 49 .
٢٣  Ibid., 49 .
٢٤  Ibid., 49 .
٢٥  Anon., “Performance by Somali Artists’ Delegation,” Chinese Literature, 11 (1967), p. 103 .
٢٦  Ibid., p. 137 .
٢٧  Anon. “The World’s Revolutionary People Enthusiastically Translate and Publish Chairman Mao’s Works,” Chinese Literature, 1 (1972), p. 92 .
٢٨  Anon, “Revolutionary Songs and Dances, Militant Friendship,” Chinese Literature, 12 (1967), p. 103 .
٢٩  Hu Wen, “Militant Songs and Dances from Romania,” Chinese Literature, 1 (1967), p. 92 .
٣٠  Ibid., p. 92 .
٣١  Hsiang-tung Chou, “Let the Flames of Revolution Burn More Fiercely!”, Chinese Literature, 12 (1967), p. 107 .
٣٢  Ibid., p. 107 .
٣٣  Ibid., p. 111 .
٣٤  Ibid., p. 111 .
٣٥  Ibid., p. 108 .
٣٦  Ibid., p. 109 .
٣٧  Huang Jisu, et al., Qie Gewala, in Liu Zhifeng, ed., Qie Gewala: fanying yu zhengmimg (Che Guevara: Reception and Debate) Beijing: Zhangguo shehui Kexue Chubanshe, pp. 13–69 .

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤