الفاشيون والوطن
«منذُ فَجرِه، ظلَّ المنهجُ العربيُّ السائدُ في التفكيرِ على كلِّ المستوياتِ يدورُ في فلكِ التراكُمِ وحْدَه. ورغمَ المرورِ بحِقْبةٍ انفتاحيةٍ واضحةٍ أدتْ إلى بروزِ كَوْكبةٍ متميزةٍ مِنَ العُلماءِ والمفكِّرين، إلا أنَّ تلكَ الحِقْبةَ وما صاحَبَها من اصطراعٍ فكريٍّ ثَرِي، انتهتْ بقراراتٍ سِياديةٍ معَ نهايةِ القرنِ الرابعِ الهجري، ولم تبْقَ في الساحةِ سوى وجهةِ نظرٍ واحدةٍ سائدةٍ تُمثِّلُ النصوصيةَ المغلَقةَ بالكامِل.»
يَطرحُ «سيد القمني» في مُجمَلِ أعمالِهِ رؤيتَهُ للتراثِ الإسلامي، مثيرًا الكثيرَ مِنَ التساؤُلاتِ التي تَتعلَّقُ بعُمقِ وجَوهرِ تاريخِ مرحلةِ تأسيسِ الدولةِ الإسلامية، مُنكِرًا أحيانًا ومُتسائِلًا في أحيانٍ أُخرى؛ فهو يُنكرُ سعْيَ الرسولِ لتأسيسِ هذه الدولة، ويُؤكِّدُ عدمَ عِصمةِ الصَّحابة، وبَشريَّةَ الرسولِ التي تُصِيبُ وتُخطِئ، ويَتساءلُ عن مَوقفِ فقهاءِ الإسلامِ مِنَ الاستجابةِ لمُستجدَّاتِ العصر، واضِعًا أمامَهم الكثيرَ مِنَ الأحكامِ التي يقترحُ تعطيلَها.