مقدِّمة الرواية
ليست وحدها الأرض مَن تتعاقب عليها الفصول، لكنَّها وحدها مَن تملك فصولًا بتوقيتٍ منتظمٍ ونمط متكرر. فمهما طال شتاؤها، فالربيع سيُقبل، ومهما جفَّ صيفها، فالخريف سيحلُّ.
أمَّا أنا، فآهٍ لشتاءاتِ قلبي، لا موعدَ لها ولا توقيت، لا مدةَ لها ولا تمهيد. شتاءاتي لا يعقُبها ربيعٌ، بل خريفٌ طويل، أُرمِّم خلاله ما أستطيع ترميمه، لأعيدَ التوازن لروحي، فيحلَّ بعدَه صيفٌ جافٌّ، بنهار طويل وليل أطول، بوحدة دافئة وسكون مزعج.
مرَّت سنوات كثيرة ولم يفارقني صيفي، حتى إني نسيتُ بقية الفصول. لكنه أتاني فجأةً ومن غير سابقِ إنذار، مزهرًا وعاصفًا في آنٍ معًا! أمطر قلبي بملايين الزهور، وأغرق روحي بمروجٍ واسعة.
حاولت جاهدةً الهربَ منه، لكنه حاصرني من كلِّ الاتجاهات. لم يطرق بابي ولم يستأذن، لم يسأل ولم يسمع جوابًا، بل اقتحم قلبي اقتحامًا، مجيبًا كلَّ الإجابات، على كلِّ الأسئلة.