الإرادة
«الإنسان إرادة. الإنسان إنسان فقط حين يرید؛ أيْ في تلك اللحظات التي تتكوَّن له الإرادةُ فيها. ليس مهمًّا ماذا أراد أو يريد، ماذا أحبَّ أو لم يحب، وإنما المهم أولًا وقبل أيِّ شيءٍ آخَر أنه إنسان؛ لأنه — دونًا عن كافة الجماد والمخلوقات — كائن ذو إرادة؛ أيْ له القدرة أن يريد الشيءَ أو الهدف، حتى إذا اختلف ذلك الشيء أو الهدف عمَّا جرى به العُرف أو توافَقت حوله الآراء، يريد ويحقِّق ما يريد.»
في هذه المقالات يسطِّر لنا الكاتب الكبير «يوسف إدريس»، بقلمه المبدِع، رحلةَ مرضه الأليمة التي خاضها خارجَ وطنه، ومُجمَل المشاعر التي عايَشها حينَها، وصراعَه النفسي، وكيف نجح في خوض هذه التجرِبة واتخاذ قرار بأن يقاوِم الأزمة ويتشبَّث ببقائه على قيد الحياة بالرغم من معاناته، فكانت إرادته أقوى من ألمه، كما يروي كيف كانت هذه التجرِبة سببًا في تغيُّر نظرته للحياة، وللواقع الذي يعيشه المجتمعُ المصري بأكمله، وخاصةً في فترة السبعينيات من القرن الماضي، ناقدًا الأحوالَ والأزمات التي مرَّ بها المجتمع، والتي تركَت آثارًا واضحةَ المعالم على كِيانه ومعتقَداته وأفكاره، داعيًا إلى ضرورة التحرُّر ومقاوَمة هذه الأزمات بشتى السُّبل، مثلما فعَل مع ذاته وتمكَّن من النجاة؛ فالنجاة قرار، والقرار لا يتأتَّى إلا بالإرادة الحقيقية.