حرية الصحافة ليست حرية البعض
ليست حرية الصحافة هي فقط أن يكون الكُتَّاب والصحفيون أحرارًا في التعبير عن آرائهم، ولكنها أولًا وأساسًا «جزء» من حق «الشعب كله» في التعبير عن نفسه، الكتابة هنا يصبح دورها كدور المغني .. ليس هدفه أن يُمتع الناس بحلاوة صوته .. ولكن المغني الحقیقي هو الذي يُغرينا ويحرضنا على أن نُغني نحن، إذ الأصل أيضًا في الغناء أن يُغني الناس جميعًا. لعل هذا يُفسر لي ظاهرة الخطابات الأخيرة التي وصلتني، خطابات لم تعد تحمل «شكاوى» و«توجيهات» شخصية أو في معظمها لا تنعي مظالم لحقت بها ولكنها خطابات .. فوق ما تحمله من كلمات صادقةٍ طيبة .. تُحمِّلني عبئًا روحيًّا مهولًا .. «تعبر» عن وجهات نظر وآراء وحتى حلول لمشاكلنا، لا تكتفي حتى بالنقد، وإنما ترجع المرض إلى السبب وتصل إلى الأساس وتبني البلد والحلم الجديدين .. خطابات .. من فرط صدقها؛ لیست «أي كلام» .. ولكنها تصل ببلاغتها حد الصدق الفني الرائع حتى تبدو بعض الكلمات التي نقرؤها منشورة باهتة تمامًا إلى جوارها.
ولَكَم كان بودِّي أن أنشرها كلها هنا .. أو على الأقل مقتطفات منها .. ولكن رغم فرحتي الغامرة لهذه الانطلاقة التعبيرية المذهلة فأرجو أن تقبلوا عذري أيها الأصدقاء، فثمة اعتبارات كثيرة منها الساحة وظروف العمل، والكلمات الصادقة الطيبة الموجهة إلى شخصي تُرغمني على حرمان قراء هذه الكلمات من القراءة «كتابًا».