الإهداء
الأستاذ محمد خلف الله
أستاذ الأدب العربي بكلية الآداب بجامعة فاروق الأول
أخي خلف الله
كان لي أخوان شقيقان هما المرحومان الأستاذان حامد ومحمد عبد الرحيم، وكانا يكبراني سنًّا.
وعلِم الله لقد كانا في الشباب مثالين عاليين؛ أخلاق نبيلة كريمة، ووطنية مُخلِصة صادقة، وإيمان بالله عميق وثيق، ونفس طاهرة صافية.
ولقد نعمتُ بأخوتهما زمانًا كنت فيه طفلًا وصبيًّا ويافعًا، فكانا لي القدوة الطيبة، والأستاذين الجليلين، فقبستُ من شمائلهما ما زلت أعتدُّ به حتى اليوم؛ ثم تخيَّرهما الله لجواره خيرَ ما يكونان أملًا باسمًا مُبشِّرًا، وأشدَّ ما أكون حاجة إلى أخوتهما وعونهما؛ وبقيتُ وحدي أنشُد الأخ في الحياة فلا أجده، وأكتم الألم على فقدهما في أعماق نفسي، وأبكيهما بقلبي ووجداني، وذخيرتي الوحيدة التي أستضيء بها هي ذكرى هذه الأخوة الحبيبة — وكأنها حُلم جميل — أتلمَّسها كلما ادلهمَّت بي الخطوب واحتجتُ إلى الأخ المُعين.
ثم نُقلتُ إلى الإسكندرية، وتعرَّفت إليك أيها الأخ النبيل فعرفتُ فيك صورة من أخوَي الراحلين، ووجدت من عواطفك الرقيقة وخُلقك الإنساني وعطفك عليَّ عوضًا طيبًا عما فقدت بفقد أخوَي.
وأنت تعلم أيها الأخ الكريم أن خير ما أعتدُّ به هو جهدي الفكري وإنتاجي القلمي، وقد كنت عزَمت — عندما انتهيت من كتابة هذه القصة منذ سنوات — على إهدائها إلى روحَي أخوَي الشقيقين الراحلين، ولكنني رأيت — بعد أن قدَّمتها للمطبعة — أن أتقدم بإهدائها إليك أيها الأخ الكريم، لا نسيانًا لذكراهما العزيزة، ولكن توكيدًا لهذه الذكرى، ووفاءً لبعض ما أسديتَ إليَّ من جميل، وقد كان الوفاء من خير ما علَّماني من مُثل، رحمهما الله وحفظك من كل سوء، وأدام لي أخوتك.