تطبيق الإقناع في البيع
يعيش كل شخص على بيع شيءٍ ما.
قد يبدو غريبًا للبعض أن يوجد فصل كامل منفصل عن البيع في كتاب عن الإقناع. إلا أن عملية الإقناع، كما رأيتَ، أكثر من مجرد عرض سمات وفوائد على أمل أن يقتنع شخصٌ ما بحجتك. إن البيع المقنع هو بالأحرى التشكيلُ الدقيق لبيئةٍ يستطيع فيها الشخصُ الذي يشتري منتجك اتخاذ قرار واحد فقط جيد ومنطقي.
أعرض هنا عمليةَ بيع مباشِرة للغاية يستطيع فعليًّا أيُّ شخص تذكُّرها وتطبيقها بنجاح. كذلك أشرح الكيفيةَ التي يمكنك بها جعل هذه العملية أكثر فاعليةً باستخدام كثيرٍ من الأساليب المختلفة التي تعلَّمتها حتى الآن. وأريدك أن تتذكَّر أنه أيًّا كان ما تقنع الشخص به، فإنك ستبيعه؛ فالحياة كلها بيع وشراء، ولا توجد استثناءات.
- (١)
أنك لا تحب البيع.
- (٢)
أنك لا تفهم عملية البيع.
- (٣)
أنك لا تحب البائعين وهم يعلمون ذلك.
- (٤)
أنك لا تبيع بالطريقة التي يريد عملاؤك المحتملون الشراءَ بها.
إن المقولة القديمة التي تقول إن الناس لا يحبون أن يُباع لهم صحيحة؛ فكل الناس يحبون الحصول على كافة المعلومات المطلوبة من أجل اتخاذ قرار جيد، أَلَا تتفق معي؟ وفي النهاية هذا هو جوهر عملية البيع؛ إعطاء الناس ما يكفي من المعلومات المثيرة للاهتمام لاتخاذ قرارٍ مستنيرٍ وواضحٍ تمامًا. وإغلاق الصفقة ما هو إلا مجرد توصيل عملية اتخاذ القرار هذه إلى نتيجة منطقية. لاحِظْ أني لم أقل في أيِّ موضعٍ أنْ تضغط عليهم أو تحاصرهم أو تتفاوض معهم أو تستخدم أيَّ شيء آخَر قد تكون علمتَ أو سمعتَ عن نجاحه في عملية البيع.
وإليك الحقيقة المُرَّة بشأن العمل التجاري؛ فإذا كنتَ تنوي امتلاك عملك الخاص أو تنمية عملك التجاري الحالي، فمن الأفضل أن تألَف عمليةَ البيع، وبسرعةٍ؛ لأن جميع الأعمال التجارية تمارس عمليةَ البيع على مستوًى ما. هذا لا يعني أن تستمتع بالخروج شخصيًّا للبحث عن صفقات وإتمامها بنفسك، وإنما من الأفضل أن تفهم مقتضيات الأمر، وكيفية قياس مدى نجاح عمليات البيع في عملك التجاري، كما عليك أن تحترم الذين يؤدُّون هذه الوظيفة التي تكرهها، هذا إذا قررتَ تعيين مندوبي مبيعات وإيكال هذه المهمة إليهم.
من الضروري أن تتعلَّم شيئًا عن البيع إذا أردتَ نجاح تسويقك؛ فلا بد أن تعرف ماهيةَ العملية لدفع الناس إلى إنفاق أموالهم التي حصلوا عليها بعناءٍ لديك؛ فهم سينفقون أموالهم على أية حال، والأمر يعود إليك في إدراك ما المطلوب لدفعهم إلى إنفاقه لديك.
إذا لم يكن لديك الوقتُ لممارسة هذه العملية بالكامل، أو إذا كنتَ منشغِلًا بإدارة العمل أو توصيل المنتج أو الخدمة، فأنت بحاجة إلى تعيين شخصٍ ما يستطيع البيع نيابةً عنك. وعندما تُعيِّن شخصًا ليتولَّى عمليةَ البيع نيابةً عنك، لا بد أن تختار شخصًا لديه سجلُّ نجاحات مُوثَّق، ولديه خبرة كبيرة في المبيعات أو تدريب مُوثَّق في المبيعات، أو كلاهما، ويُفضَّل أن تكون لديه خبرة في مجال عملك، أو في منتجك على وجه الخصوص، يمكن تطبيقها على الفور على العملاء المتردِّدين على عملك. بعد ذلك عليك التأكُّد تمامًا من أن الأشخاص الذين اخترتَهم يفهمون جيدًا أسلوبَ الإقناع. وأفضل شيء يمكنك فعله أن تعطيهم هذا الكتابَ ليقرءوه في أول أسبوع لهم في العمل (والأرجح أن كبار مندوبي المبيعات قد قرءوه بالفعل)، وإذا لم يحصلوا على التدريب التقليدي في مجال المبيعات، فاجعَلْهم يشاركون في أحد البرامج حتى يمكنهم تعلُّم منهجية تقنية كاملة.
عندما نقدِّم تدريبًا على المبيعات، فإننا نُدرِّس عملية بيع كاملة تبدأ بجمع المعلومات وتنتهي بخدمة العميل بعد إتمام عملية البيع. وإليك الخبرَ المثير؛ إننا لا نُدرِّس هذه العملية حتى نهاية فترة التدريب، لكي يستطيع المتدربون تطبيقَ أساليب الإقناع في كل خطوة. كما أننا نطالب بأن تكون أقسامُ التسويق جزءًا من التدريب عندما نقدِّم التدريبَ داخل الشركات. يسمح كثير جدًّا من الشركات بفصل جزئي — وعادةً يكون فصلًا كاملًا — بين المبيعات والتسويق، وهذا خطأ فادح؛ إذ إن لكلَيْهما دورًا فعَّالًا في إقناع العملاء.
بدلًا من أن أعرض عليك هنا الحلقة الدراسية عن التسويق كاملةً، أودُّ أن أعطيك درسًا قصيرًا عن الطريقة التي يشتري بها الناس، حتى تستطيع مخاطَبةَ العملاء بالطريقة التي يريدونها، كي تحثَّهم على التعامُل معك تجاريًّا. سأعرض عليك أيضًا أساليبَ إقناعٍ مختلفة تستطيع تطبيقها طوال العملية.
(١) ما الذي يريده عملاؤنا
-
أن يدركوا أن لديهم حاجةً معينةً أو إقرارًا بهذه الحاجة.
-
حلٌّ مناسب.
-
إجاباتٌ عن أسئلتهم.
-
معلوماتٌ تفصيلية من أجل التوصُّل إلى قرار صحيح.
-
الاطمئنانُ إلى حصلوهم على ما يحتاجون إليه واتخاذهم القرار الأمثل (قيمة).
-
حصولُهم على الإذن منك لاتخاذ القرار الآن.
في الواقع، لا يوجد سرٌّ يتعلَّق بعملية البيع؛ فإذا استطعتَ توفير هذه الأشياء، فسوف تعقد صفقةَ بيع ناجحة في كل مرة. يريد الناس ببساطة الحصول على خدمة، وعندما تقدِّم لهم أشياءَ وثيقةَ الصلة باحتياجاتهم، وتجيب عن أسئلتهم وتُظهِر لهم قيمةً، فأنت لا تحدِّد فقط معاييرَ الشراء لديهم، وإنما تجعلها تتَّجِه لصالحك بشدة.
-
تحديد العملاء المحتملين المناسبين.
-
بدء سرد القصة.
-
التعليم والإجابة عن الأسئلة والتشجيع.
-
إرشاد هؤلاء العملاء نحو القرار الأمثل.
-
إتاحة الفرصة لهم للشراء.
(١-١) تحديد العملاء المحتملين المناسبين
تظل الخطوة الأولى في البيع المقنع أن يكون ما تقدِّمه مناسبًا لاحتياج العميل؛ فعليك أولًا أن تحدد الأشخاص الذين لديهم حاجة معينة ويكونون مناسِبين لمنتجك أو خدمتك. إن أكبر خطأ أرى كلًّا من البائعين المبتدئين وذوي الخبرة يرتكبونه، هو إضاعتهم للوقت مع أي شخص يتحدَّث معهم. فإذا لم تستطع تحديد كَوْن العملاء المحتملين مناسبين لك أم لا، قبل بدء الحديث معهم، فعليك أن تتمكَّن من فعل هذا في أقل من ثلاث دقائق، وإلا فستهدر قدرًا هائلًا من وقتك الثمين.
إن من أقدم الحِيَل في ترسانة مدير المبيعات مساعَدة مندوبي المبيعات في معرفة قيمة وقتهم؛ فمعظم مندوبي المبيعات لن يأخذوا الوقتَ الكافي لفعل ذلك بأنفسهم، وإذا فعلوا، فإنهم عادةً ما لا يلتزمون بتطبيق الأمر بصفة يومية. من ناحية أخرى، هناك أفضل ٥ في المائة من ممثِّلي المبيعات يعيشون ويموتون على الرقم الذي يمثِّل قيمةَ وقتهم بصفة يومية؛ لأنهم يعرفون مقدار ما يريدون جمعه من المال وكم الوقت المتبقي لديهم ليجمعوه فيه. دَعْني أطرح عليك هذا السؤال لأرى ما إذا كنتُ أستطيع توصيلَ مدى أهمية هذه الفكرة. إذا كان أمامك ٣٠ يومًا للحصول على ١٠ آلاف دولار من أجل إنقاذ حياة شخصٍ تحبه، فهل كنتَ ستذهب إلى الصيد مع أصدقائك يومًا بعد الآخَر؟ بالطبع لا، بل ستركِّز على هدفك حتى تحقِّقه.
إنْ لم تَقُمْ قطُّ بهذا التدريب، فأنا أريدك أن تفعله الآن؛ فما عليك إلا أن تكتب مقدار المال الذي تريد جمعه في العام القادم. اقسمْ هذا المبلغَ على ٢٠٨٠، وهو عدد ساعات عملك في السنة، وسيكون الناتج هو قيمةَ كلِّ ساعة من ساعات عملك. اقسمْ هذا الرقم على فترات مقدارها ١٠ دقائق، وستعرف بالضبط مقدار المال الذي ترغب في استثماره مع كل شخص قبل المضي قُدمًا. لنفترض أنك تريد تحصيل ١٠٠ ألف دولار في السنة، وهو صافي الحد الأدنى لما يحصل عليه محترِفٌ عظيمٌ للإقناع. تبدو المعادلة على النحو التالي: ١٠٠ ألف دولار على ٢٠٨٠ = ٤٨٫٠٧ دولارًا في الساعة، مقسومة على ٦ (فترات مدتها ١٠ دقائق) = ٨٫٠١ دولارات.
فنظير كل ١٠ دقائق تقضيها في فعل أي شيء تنفق ٨٫٠١ دولارات. ولكل نشاط تفعله ثمن، ولا يوجد أغلى من الوقت الذي تقضيه مع شخصٍ غير مناسب. وإليك السبب؛ يرجع هذا إلى أن كل ساعة تقضيها مع شخص غير مناسب، أو في أداء مهمة مهدرةٍ للوقت، عليك أن تطرحها من عدد الساعات المتبقية لك لتكسب المائة ألف دولار التي تريدها، أو عليك إضافة ساعات إضافية في مقابلها (العمل في الليل وعطلات نهاية الأسبوع والأعياد والإجازات) من أجل تعويض الساعات التي أهدرتَها. عندما تجري حساباتك وتكون أمينًا بشأن كَمِّ الوقت الذي أضعتَه، ستدرك قيمةَ الحديث فقط مع العملاء المحتملين المناسبين.
-
هل توجد حاجة مُلِحَّة لدى هذا الشخص أستطيع تلبيتها؟
-
هل هذا الشخص يعمل على مشروع متوسط المدى أستطيع المساعدة فيه؟
-
هل يتمتع هذا الشخص بسلطة اتخاذ القرار، أو له بالفعل تأثيرٌ على المشروع والشخص المتمتِّع بسلطةِ اتخاذِ القرار؟
-
هل سأتمكَّن من التواصُل مع صانع القرار النهائي في مرحلة ما قبل عملية اتخاذ القرار؟
-
هل هذا الشخص، أو هذه الشركة، لديه القدرة المالية على التعامُل التجاري معي؟ (لا تحكم على الكتاب من عنوانه، لا بد أن تتأكَّد حقيقةً من هذا الأمر.)
-
هل كل الظروف الفنية المطلوبة متوافرة ليستخدم هذا الإنسانُ مُنتَجِي أو خدمتي؟
-
هل يتمتَّع هذا الشخص بالخبرة اللازمة لاستخدام مُنتَجِي أو خدمتي؟
-
هل توجد أي شروط أخرى لا يمكن الوفاء بها، قد تجعل هذا الشخص غير مناسب حاليًّا؟
(١-٢) ابدأ في سرد قصتك
بمجرد تحديد كون العملاء المحتملين مناسبين أم لا، يحين وقت البدء في سرد قصتك. وقبل أن تبدأ في سرد قصتك تأكَّدْ من جعل جمهورك يدرك أنك قد سمعْتَه، وتأكَّدْ من استعدادهم للاستماع إليك عندما تبدأ؛ فالجمهور المستعِد هو الجمهور المُعَدُّ مسبقًا للشراء.
ينبغي أن تكون قد استحضرتَ شخصيتك الإقناعية واستعددْتَ لسرد قصتك وجهًا لوجه أو عبر الهاتف، لكن إنْ لم يحدث هذا، فعليك إجراء التغييرات اللازمة من أجل إظهار شخصيتك المقنعة مكتملةَ النضج أمام عملائك المحتملين ليفحصوها. إذا كنتَ تتحدَّث عبر الهاتف، يجب أن يكون صوتك واضحًا ونقيًّا. وإليك نصيحةً أخرى من سوزان بيركلي، المدير التنفيذي لشركة ذا جريت فويس: لا تتنحنحْ وأنت تتحدَّث عبر الهاتف، يمكنك تناوُل رشفة ماء بدلًا من ذلك. فلا يريد أحد الاستماعَ إليك وأنت تتنحنح. أما إذا كنتَ تتحدَّث وجهًا لوجه، فتأكَّدْ من أن ملابسك تخلو من العيوب، وأن صوتك ووقفتك وأسلوب عرضك جميعها جاهزةٌ تمامًا.
ابدأ قصتك بتكرار المشكلات المهمة التي عرضها عميلك المحتمل. أظهِرْ له أنك قد سمعتَ ما قاله، ثم ابدأ في عرض قصتك. إذا أعددتَ قصتك جيدًا، فإنها ستضمُّ كثيرًا من العناصر المقنعة وفُرَص طرح المزيد من الأسئلة التوضيحية.
في أثناء عرض القصة، من المهم أن تطبِّق مبدأَ نقل السلطة. احرصْ على الاستعانة بدراسات حالة أو شهادات من أجل دعم ما تقوله. تأكَّدْ من ارتباط الشهادات ودراسات الحالة بالمشكلات التي يعاني منها عميلُك المحتمل.
(١-٣) التعليم والإجابة عن الأسئلة والتشجيع
في أثناء سرد قصتك، عليك إثارة الفضول بشدة. ادفعْ عملاءك المحتملين إلى طرح أسئلة تجعلهم يتعمَّقون أكثر في قصتك. وبينما تعلِّمهم قصتك شيئًا، فإنك من خلال الإجابة عن أسئلتهم المحددة، سترشدهم إلى السبب وراء كونك أنت، وحلولك على وجه التحديد، أفضلَ خيار لهم. إنك ستحقِّق قدرًا كبيرًا من المصداقية، وتعرض خبرتك عبر الاستخدام المناسب لنقل السلطة والمصداقية. لكن سيصبح لديهم مزيدٌ من الأسئلة.
أصبحتْ لديك الآن فرصةٌ لدفعهم نحو التعمُّق أكثر في الأمر؛ لأنك تعرف أنه كلما زاد الوقت الذي تجعلهم يقضونه معك، قلَّ الوقت الذي سيقضونه مع منافسيك. فمن خلال عملية التعليم والإجابة عن الأسئلة والتشجيع، تحثُّهم على منْحِك مزيدًا من المعلومات التي تستخدمها في عملية الإقناع وتحديد معاييرهم في الشراء. فكلما زاد ما تعرِّفهم عليه، أصبحتَ معلمهم أو خبيرهم الخاص، وأدركوا أن بإمكانهم الاعتماد عليك. وكلما زاد اعتمادُهم عليك، قلَّ احتمال اعتمادهم على أي شخص آخَر.
تساعدك نوعية المعلومات على الفوز في هذا الجزء من عملية البيع أيضًا؛ فإن الإجابات المدروسة والمدعومة جيدًا والمناسبة للعملاء ستحوِّل الأمورَ لصالحك. تأكَّدْ من ترابُط إجاباتك مع الكيفية التي سيتمكَّن بها الحلُّ الذي تقدِّمه من حلِّ مشكلاتهم المحددة. شجِّعْهم على تحدِّي الحل الذي تقدِّمه أو التشكيك فيه، حتى تستطيع الوصول إلى أصل مخاوفهم الحقيقية في هذه المرحلة. استمِرَّ في تعليمهم والإجابة عن أسئلتهم وتشجيعهم حتى تصبح لديهم كافة المعلومات التي يحتاجون إليها أو التي طلبوها.
(١-٤) أرشِدْهم إلى اتخاذ أفضل قرار
يمكنك جَنْي المال في هذه المرحلة؛ ففي أثناء استمرارك في سرد قصتك، ابدأْ في جعل جمهورك يتَّخِذ قراراتٍ صغيرةً ويوافق على أشياء ذات تبعات بسيطة؛ فبهذه الطريقة أنت تُعِدُّهم لاتخاذ القرار النهائي.
وكلما زاد عدد القرارات المتعلِّقة بمسائل صغيرة، التي تجعل عملاءَك المحتملين يلتزمون بها في هذه المرحلة، أصبح من الأسهل عليهم اتخاذ قرار التعامل التجاري معك في النهاية. إذا كنتَ تبيع سيارات، فبإمكانك جعلهم يعترفون باللون الذي يحبونه، أو أنواع الكماليات التي يريدون أن توجد في السيارة. أما إذا كنتَ تبيع أجهزة إلكترونية، فسيمكنك جعلهم يتفقون على الأماكن التي يريدون إجراءَ اختبارِ هذه الأجهزة فيها، وتحديد نوعية المشاركين في هذه العملية. عندما تدفعهم فعليًّا إلى اتخاذ مثل هذه القرارات الصغيرة في أذهانهم، فأنت بذلك تنقلهم إلى مكان لا بد لهم أن يروك ويروا منتجك فيه، نظرًا لوجودك أمامهم وإجابتك عن أسئلتهم.
في هذه المرحلة، أيضًا تمهِّد الطريق لاتخاذ القرار النهائي إما بإتمام الشراء وإما باتخاذ الخطوات التالية: إذا أجبتَ عن كافة الأسئلة وأصبح العملاء المحتملون مستعِدِّين للشراء، فعليك الانتقال على الفور إلى الخطوة التالية؛ فتدعهم يشترون. توجد عمليات شراء كثيرة لا يمكن إتمامها في يوم واحد، لكن حتى تكون متحكِّمًا في عملية الإقناع، لا بد أن تظل متحكِّمًا فيما يحدث في المرحلة التالية. إذن، خلال هذه المرحلة عليك أن تحدِّد بوضوح ماهيةَ الخطوات التالية؛ فاجعلهم يتفقون معك على تواريخَ وأُطُرٍ زمنية للخطوات التالية. كذلك يمكنك أن تحدِّد بوضوح مَن سيكون مسئولًا عن ماذا في هذه المرحلة، لتتأكَّد من بدء تطبيق أسلوب تحمُّل المسئولية. سيفعل الناس في معظم الأحيان ما يَعِدُون به عندما يعرفون أن شخصًا آخَر سيحاسبهم.
إنْ لم يتوصَّلوا إلى اتخاذ قرار الشراء بعدُ في هذه المرحلة، فمن الضروري أن تكون حريصًا على الوفاء بالمواعيد النهائية والالتزامات المتفق عليها؛ فسيحكم العملاء المحتملون عليك على أساس قدرتك على أداء العمل، وسيقدِّمون لك أيضًا عددًا من المعلومات تُظهِر لك طبيعتَهم كعملاء بمرور الوقت. لذا عليك الانتباه جيدًا؛ فهل يلتزمون بمواعيدهم النهائية؟ وهل لديهم القدرة على الوفاء بالتزاماتهم؟ هل يعتمدون على شخص آخَر، وإذا كان هذا يحدث فلماذا؟ إن كل معلومة تستطيع الحصول عليها في هذه المرحلة تكون مهمةً للغاية لنجاحك على المدى الطويل. أقول مرةً أخرى، إن متخصِّص الإقناع الذي يحصل على أكبر قدرٍ من المعلومات يتحكَّم في العملية ويفوز. استمِرَّ في إعادة إلزام العملاء المحتملين بحسب الحاجة وتحقيق الأهداف والوفاء بالمواعيد النهائية. وهذا وقت رائع للعطاء من أجل الأخذ؛ فقدِّمْ للشركة معلوماتٍ محددةً تكون لها فائدةٌ مباشِرة لهم، وقدِّمْ خدمات متى أمكن هذا وكان أخلاقيًّا، وافعل الأمر نفسه مع الهدايا الخاصة أو الأشياء المقدَّمة مجانًا التي بإمكانها رَبْط عملائك المحتملين بك. مرةً أخرى، عليك التأكُّد من أن جميعَ جهودك التي تبذلها في العطاء من أجل الأخذ أخلاقيةٌ وقانونيةٌ، وتسمح بها كلٌّ من شركتك وشركتهم.
استمِرَّ في هذه العملية حتى يحين وقت اتخاذ القرار. ربما تحتاج إلى توجيههم إلى هذا القرار في وقت مبكر قبل استعدادهم لاتخاذه، وتستطيع فعل هذا عن طريق استخدام التفرُّد والندرة. يمكنك استخدام الندرة من خلال إظهار كيفية تأثير عدم اتخاذهم لقرارٍ ما على إطارهم الزمني أو جدول التسليم. يمكنك أيضًا إظهار هذا عن طريق توضيح الأعمال المتأخرة المتراكمة، أو أي وضع آخَر للعميل قد يجعله في مكانة متأخِّرة على طريق إنجاز المهام. يُعتبَر الخوفُ من فقدانِ البضائع المتسلَّمة أو تأخُّرِها أحدَ الحوافز القوية في عملية الإقناع. أظهِرِ الحصريةَ من أجل إضافة طبقة إضافية من الرغبة. أَرِهم كيف سيصبحون جزءًا من مجموعة أو سيحصلون على حوافز خاصةٍ لا تُتاح إلا للعملاء الأوائل أو الذين يشترون في خلال فترة محددة من الوقت. أَرِهم كيف أن قرارهم سيمنحهم القدرةَ على الوصول إلى مجموعة خاصة من الناس، أو إلى أحداثٍ كانوا سيُمنَعون من حضورها في المعتاد.
(١-٥) اسمَحْ لهم بالشراء
تتمثَّل آخِر خطوة في هذه العملية في إتاحة فرصة الشراء للعملاء. لا أستطيع أن أخبرك عن عدد المرات التي شاهدتُ فيها مندوبي مبيعات يتحدَّثون حتى يفقدوا فرصةَ إتمام البيع؛ فهم يشعرون في هذه المرحلة بحاجةٍ إلى الاستمرار في الحديث، وإقناع الناس وطمأنتهم لدرجةٍ تجعلهم يتسبَّبون في الارتباك أو التردُّد؛ فعندما يكون عملاؤك المحتملون مستعِدِّين للشراء، عليك أن تبيع لهم.
في هذه المرحلة يكونون قد أقنعوا أنفسهم بأنهم يتخذون القرار الصائب تمامًا. اجعلهم ينهمكون في عملية آليات الشراء على الفور، وإذا كان هذا يعني كتابة عقدٍ، فافعل هذا على الفور واجعلهم يبدءون في تنفيذ مشروعٍ يجعلهم يتخذون أولى خطوات التنفيذ. وإذا كان الأمر يعني ببساطة أخذ المال، فعليك أن تدفعهم إلى الوصول إلى مرحلة إتمام البيع؛ فبمجرد أن تبدأ العملية، يكون من المقبول تمامًا أن تطرح أسعارًا عالية. فإذا كنت تبيع السلع بالتجزئة، فعليك أن تقدِّم منتجاتك ذات القيمة المضافة المرتفعة وهامش الربح العالي الآن. فإذا كنت تبيع سلعًا باهظة الثمن، فإن هذا هو وقت زيادة سعر الضمانات أو التأمين أو أي شيء آخر يمكِّنك من زيادة حجم معاملتك التجارية وربحيتها؛ فإن أنسب وقت تطلب فيه من الناس شراء شيءٍ آخر، هو عندما يكونون منهمكين في الشراء.
بمجرد أن تنجح في البيع لعملائك لأول مرة، تنقلهم إلى داخل دائرة تأثيرك المستمر؛ حيث ستتطور علاقتهم بك وولاؤهم لك وأنت تقدِّم لهم فرصًا عديدة للشراء منك في كثير من الأحيان.
عندما تبدأ في التفكير في البيع في سياقه المناسب، ستجد أنه في الواقع ممتع للغاية، وستدرك أن البيع فعليًّا هو الجزء من عملك التجاري الذي يعطي لعملائك أكثر وأفضل المعلومات التي يمكنهم الحصول عليها. فعملية البيع هي الوقت الذي يحصل فيه الناس على الخدمة، أما الباقي فهو محض عملية توصيل؛ فما تفعله بعد عملية البيع ما هو إلا امتداد لهذه التجربة الأولى التي تذكِّرهم دومًا بالقرار الرائع الذي اتخذوه. كذلك فإنه يذكِّرهم بمدى ما ستكون عليه عمليات الشراء المستقبلية من سهولة وبراعة؛ لن يضطروا إلى الانتباه بعد الآن إلى أي إعلان آخر؛ ذلك لأنهم لن يتلقَّوْا خدمةً أفضل من التي حصلوا عليها بالفعل معك.
تذكَّرْ أن عملية البيع ما هي إلا تجميع لأساليب البيع المناسبة بعضها مع بعض، من أجل دعم قصتك للوصول إلى نتيجة متوقَّعة. وهذه الخطوات الخمس هي أسهل طريقة أعرفها تضمن نجاحَ عملية البيع بإقناع.
ملخص الفصل
-
تذكَّرِ الخطوات الخمس: حدِّدِ العملاء المحتملين المناسبين، وابدأ في سرد قصتك، وعلِّم عملاءك وأَجِبْ عن أسئلتهم وشجِّعْهم، وأرشِدْهم إلى القرار الأمثل لهم، واسمَحْ لهم بالشراء.
-
اعرضْ أساليبَ الإقناع المناسبة طوال العملية.
-
احرص على إثارة الفضول وخلق رغبة لديهم باستمرار طوال سرد قصتك.
-
اسمحْ لعملائك بالشراء؛ فعندما يتخذون قرارهم، توقَّفْ عن الكلام وابدأ بالتسهيل.
أسئلة النجاح
-
هل أحدِّد مدى ملاءمة الأشخاص الذين أبيع لهم اليومَ بالدرجة الكافية؟
-
كَمْ من المال أهدر على عملاء محتملين غير مناسبين سنويًّا؟
-
هل حفظتُ الخطوات الخمس لعملية البيع المقنع عن ظهر قلب؟