الإعلانات المُقْنِعة
لنقل إنك وضعتَ في شركتك الصغيرة مليون دولار، وفجأةً وجدتَ أن الإعلانات لا تُجدِي نفعًا والمبيعات في انخفاض. وكلُّ شيء في حياتك يعتمد على هذه الشركة؛ مستقبلك يعتمد عليها، ومستقبل أسرتك يعتمد عليها، وعائلات أشخاص آخَرين تعتمد عليها … الآن، ماذا تريد مني؟ تجميل الحقيقة؟ أم تريد رؤية منحنى المبيعات اللعين وهو يتوقَّف عن الهبوط ويبدأ في الصعود؟
ستثير الفقرة التالية غضبَ كثيرين من الناس، وهذا ما يجب أن يحدث. يفترض بها أيضًا أن تجعلهم يفكِّرون وتساعدهم في كسب المزيد من المال. وإذا لم تحقِّق نتائج أخرى، فإنها ستجعلك تتخذ قرارًا واعيًا عندما تبتكر إعلانًا في المرة المقبلة.
قليلون جدًّا هم مَن يدركون ما الذي يجعل الإعلان مُقنِعًا في وقتنا الحالي، وقليلون جدًّا هم أصحاب الأعمال التجارية الذين يعرفون كيف يدركون ما إذا كان الإعلان مربحًا أم لا. إن معظم الذين يكتبون محتوى الإعلانات ويبتكرونها لا يملكون أدنى فكرة عن العوامل التي تجعل الإعلانات تنجح. أنا لا أتحدَّث عن الذين يعملون في الوكالات الكبيرة — على الرغم من أن كثيرًا منهم لا يعرفون أيضًا — إنما أتحدَّث في الأساس عن الذين يصنعون لك إعلاناتك؛ أتحدَّث عن ذلك الشخص الذي يعمل في الصحيفة أو المجلة التجارية حيث يُجمِّع إعلانك، أو مذيعة الهواء تلك في محطتك الإذاعية الخاصة التي تكتب الإعلانات عندما لا تكون على الهواء مباشَرةً، ثم تؤدِّيها بصوتها أيضًا. أتحدَّث أيضًا عن المديرين المحبطين الذين يعملون في وكالات الإعلانات الكبرى أو في المحطات الصغيرة التي تُفتَح باشتراك؛ أقصد السيدة غير البارعة في التسويق التي كانت تعمل موظفةَ استقبال، لكنها بمرور الوقت ترقَّتْ حتى أصبحت مديرة قسم التسويق، والكاتب التقني الذي رقَّيْتَه أنت ليصبح كاتبَ إعلاناتك، لا لشيء سوى أنه … يستطيع الكتابة. هؤلاء هم الأشخاص الذين يصمِّمون الإعلانات التي نادرًا ما تنجح، وهذا خطؤك؛ فأنت الذي عيَّنْتَهم.
والآن بعدما جعلتك تستشيط غضبًا، دَعْني أخبرك أنه يوجد أمل؛ فلا يوجد لدى أحد من هؤلاء الأشخاص نوايا سيئة. في الواقع، العكس هو الصحيح؛ فهم يريدونك أن تكسب المال؛ لذا دَعْنا نُظهِر لهم طريقةَ تحقيق هذا. سأعرض عليك في هذا الفصل طريقة رائعة لتصميم إعلانات ناجحة. توجد خطوتان لصنع إعلانات مقنعة ومربحة:
(١) كيف تصنع إعلانات مربحة ومقنعة؟
-
(١)
ابتكار إعلانات تجذب الانتباه وتعرض قصة مقنعة.
-
(٢)
قياس كفاءة إعلاناتك.
بدلًا من إعطائِك درسًا كاملًا عن طريقة كتابة إعلان مثالي، أو إمدادِك بقائمة طويلة بكلمات تساعد على البيع أكثر من كلمات أخرى، سأفعل معك شيئًا أفضل؛ سأقدِّم لك مبادئَ كتابة الإعلانات التي يمكنك تعلُّمها على الإطلاق الأكثرَ فاعليةً واتباعًا، حتى تستطيع تطبيقها على الإعلانات التي تبتكرها اليومَ. سأُظهِر لك كيف تحصل على المعلومات التي لا بد أن تتوافر لديك حتى تجعل إعلاناتك فعَّالة. تنطبق هذه المبادئ على الإعلانات المطبوعة، وإعلانات الراديو والتليفزيون والإنترنت واللافتات ولوحات الإعلانات والإعلانات التي تصل عبر البريد المباشِر، وحتى على رسائلك الموجَّهة للعملاء عند انتظارهم على الهاتف. إذا تعامَلْتَ مع هذه المبادئ بجدية وطبَّقْتَها على إعلاناتك ونموذج التسويق لديك، فستتمكن من السيطرة على سوقك بشكل أسرع وأفضل، وبتكلفةٍ أقل من منافسيك.
قبل الاستفاضة في الأمر، أريد أن أتحدَّث إليك بتفصيل أكثر عن السبب وراء فشل فكرة الاستعانة بوكيلك الإعلاني أو فريقه لتصميم إعلاناتك. فكِّرْ في الكم الهائل من الإعلانات التي يكون هؤلاء الناس مسئولين عن تصميمها يوميًّا؛ إنهم مسئولون عن ابتكار مئات الإعلانات في السنة، وكثيرٌ من هذه الإعلانات لمنافسيك.
إليك الكيفية التي تسير بها الأمورُ عندما يحصل الوكيلُ الإعلاني على إعلانك: سيسألك الوكيلُ الإعلاني أو كاتبُ الإعلانات الموجود في المكتب عن نقاطٍ مهمة قليلة تريد توضيحها؛ عادةً ما تكون هذه النقاط حول مدى الجودة التي تقدِّمها، وحول خدمتك، وساعات عملك، والمكان المناسب لك، كذلك سيرغبون أن تضع سعرَ بيعٍ خاصًّا يساعد في تسيير الأعمال، ثم يشرعون في كتابة الإعلان.
ضَعْ نفسك مكانهم؛ تخيَّلْ أنك مُكلَّف بكتابة عشرات الإعلانات في اليوم لعدد كبير من الأعمال التجارية؛ بعضها من منافسيك، وبعضها يتطلَّب قدرًا كبيرًا من التفكير، وبعضها لا بد من التفكير فيه لكن هذا لن يحدث. ماذا سيحدث؟ بالتأكيد ستفكِّر بتمعُّن لبضع دقائق، ثم ستفكِّر في كل الإعلانات الأخرى التي كتبتَها، وتأخذ منها أفضل العبارات والأفكار والعروض وتضعها معًا في إعلان جديد … أَلَا وهو إعلانك. هل هذا حقًّا ما تريده؟
من السهل توقُّع النتيجة المترتبة على هذا الأسلوب بالطبع، ولن تكون بطبيعة الحال مقنعةً على الإطلاق؛ فما سيحدث بدلًا من ذلك أن إعلانك سيبدو شكلًا وموضوعًا مثل إعلان منافسك، وهو ما سيتسبَّب في أمر من اثنين؛ إما سيضيع إعلانك بين باقي الرسائل التي يتنافس ضدها، وإما أنه سيدعم رسالة منافسك إذا كانت إعلاناته ذات تواتُر أعلى وأكثر اتساقًا من إعلاناتك.
الأمر نفسه ينطبق على فكرة تقليد إعلانات منافسيك، أو تواجُد إعلاناتك في كل الأماكن التي توجد إعلاناتهم فيها؛ لأن هذا لا بد أنه ما يحقِّق لهم النجاح. الحقيقة أنك إذا قلَّدْتَ إعلانات منافسك فإنك تساعده في تأكيد رسالته. إن أهم شيء يمكنك فعله في الإعلان هو العثور على رسالة خاصة بك والإقناع بها؛ عليك أن تقول شيئًا لا يمكن لغيرك أن يقوله. إن احتمالات معرفة منافسيك لأنسب ما يقدِّمونه في إعلاناتهم ضئيلة للغاية، وليس بالفكرة السديدة أن تقلِّدهم عندما يتعلَّق الأمر بالرسالة التي تعرضها. أما المشكلة الأخرى في التقليد فتتجسَّد في أنه إذا كانت إعلاناتُهم ناجحةً وأنت لا تملك نفس ميزانيتهم، أو تختلف أهدافُك عن أهدافهم، فستكون لذلك نتائج عكسية.
أريدك أن تجرِّب هذا التدريب سريعًا لترى ما أقصده، ولترى كَمْ من السهل أن تجعل إعلاناتك أفضل وأكثر جذبًا للاهتمام. انظر إلى إعلاناتك الحالية بمنظور مختلف، اليومَ فقط. انسَ معتقداتك بشأن الجوانب الجيدة أو السيئة في إعلاناتك الحالية مؤقتًا، وطبِّقْ هذه المبادئ عليها، وسترى كم ستصبح فعَّالةً. إذا وافقتَ على فكرة أن إعلاناتك يمكن أن تتغير للأحسن، إذن فأنت في سبيلك إلى زيادة أعمالك التجارية، أما إذا لم تستطع أن تجعل إعلاناتك أفضل ممَّا هي عليه، فتهانينا؛ لقد وفَّرْتَ على نفسك إحدى خطوات العملية … أو هذا يعني أنك تقترب إلى حد خطير من فقدان قدر هائل من عملك التجاري.
إليك ما أريدك أن تفعله: أخرِجْ إعلاناتك المطبوعة، وإعلاناتك التليفزيونية، وإعلاناتك الموجودة على شبكة الإنترنت، وخطابات البريد المباشِر، وإعلانات دليل الهاتف، وإعلاناتك الإذاعية. رتِّبْها بحيث يمكنك العمل عليها لبضع دقائق فقط.
الآن أريدك أن تزيل كل إشارة إليك أو إلى شركتك وتضع مكانها اسم منافسك أو شعاره، وأسأل نفسك هذا السؤال: هل سيدرك أي شخص الفرق بيننا إذا غيَّرْنا الشعارات أو الأسماء؟ أسأل نفسك أيضًا: هل يستطيع منافسي أن يقول عن نفسه الأشياء ذاتها التي أقولها عن نفسي؟
هل اندهشتَ قليلًا من إجاباتك؟ إذا كان معظم الناس في أية فئة بإمكانهم قول أشياء متماثلة في جوهرها بدقة وإحكام، فإلى أي مدًى سيصعب على العميل المحتمل اتخاذ قرار الشراء؟ لماذا سيختارونك على منافسيك بناءً على المعلومات التي قدَّمْتَها لهم للتوِّ؟
هل فقدتَ الأمل؟ وكذا فَعَل عملاؤك المحتملون المهمون؛ فهم سيرضون بأول مَن يجيب على اتصالهم أو عن أسئلتهم أو الذي يقدِّم أقل سعر.
والآن، هل ترى لماذا تُعتبَر المنافسة شرسةً للغاية في فئتك، ولماذا قلَّلْتَ من شأن نفسك حتى أصبحتَ تتنافس على السعر؟ من ناحيةٍ أخرى، أيمكنك أيضًا أن ترى كَمْ من السهل أن تميِّز نفسك وتتنافس على القيمة بدلًا من السعر؟
قبل أن أخبرك بعناصر الإعلان الجيد، أريدك أن تضع في ذهنك نصيحةً من روسر ريفز، أحد أفضل المُعلِنين على مستوى الدولة على الإطلاق: «عليك أن تجعل المُنتَج مثيرًا للاهتمام، وليس فقط أن تجعل الإعلان مختلفًا. وهذا ما لا يدركه إلى الآن كثيرٌ جدًّا من مؤلِّفي الإعلانات في الولايات المتحدة في عصرنا الحالي» («الحقيقة في الدعاية»، كنوبف، ١٩٦١).
إن الكلمة المحورية في هذه المقولة هي «المُنتَج»؛ فالناس لا تريد أن تسمع كل تلك الأمور عنك، وعن مدى روعتك، ومدى روعة عملك التجاري، وكم هم محظوظون لتعامُلهم مع موظفيك الاستثنائيين؛ بل يريدون معرفة أن المنتج الذي لديك سيلبِّي احتياجهم، وأنك ستستطيع مساعدتهم في التأكُّد من أنهم يملكون كل المعلومات التي يحتاجون إليها لاتخاذ قرار الشراء. إذا اقتنعوا في البداية بهذا، ثم جاءوا إلى متجرك وحصلوا على الخبرة التي يتوقَّعونها، فعندها فقط سيبدءون في تصديق قصصك عن الجودة والخدمة وتفوُّق موظفيك.
إن اكتشاف حقيقتك، أو كشف النقاب عنها، هما طريقتان مختلفتان لقول الشيء نفسه؛ فإذا أردتَ أن تعرف ما المختلف لديك، ما الذي يجعل الناس تريد الشراء منك (أو سيجعلهم يريدون الشراء منك)، فعليك أن تعمِّق بحثك وتكتشف هذا الشيء؛ عليك أن تطرح أسئلةً شديدة التفصيل عن عملك التجاري ومنتجاتك وعملائك وتاريخك ونفسك. بعدما تبحث في كل هذه الأشياء، ستتوصَّل إلى نقطة تميِّزك أو إلى عرض بيع مميز؛ الشيء الوحيد الذي يمكن بناءُ قصتك بأكملها حوله.
ماذا لو قلتُ لك إن شركة فيدوجير أسَّسَتْها جدة تبلغ من العمر ٧٠ عامًا تحب الكلاب، ولم تُرِدْ فقط أن تفعل شيئًا عقب تقاعُدها يشغل وقتها، وإنما أرادت مساعدة الكلاب أيضًا؟ ماذا لو قلتُ لك إن كل شيء يُباع وهو يحمل شعار فيدوجير مصنوعٌ يدويًّا، ويُصنَّع خصوصًا لكلبك بناءً على المقاسات التي ترسلها إليهم؟ والآن ماذا لو قلتُ لك إن أسعار منتجاتهم لا تختلف عن الأسعار التي تجدها في المتجر المحلي الكبير؟ هل نحقِّق هكذا أية نتيجة، لا سيما أننا نضيف المعلومةَ تلو الأخرى لنُظهِر لك لماذا عليك شراء منتجاتهم إذا كنتَ تقدِّر حيوانك الأليف؟ إن التفرُّد هو ما يجعلك شخصًا مميزًا ويجعل الناس تأتي إليك في عالَم مليء بالأشياء المتشابِهة.
-
أخبرني بقصتك؛ كيف بدأتَ في هذا العمل التجاري؟ ولماذا اخترتَه على وجه الخصوص؟
-
ما الذي يثير شغفك في هذا العمل؟
-
ما الذي يحقِّقه لك هذا العمل على المستوى الشخصي؟
-
لماذا اخترتَ هذه المنتجات التي توفِّرها على وجه الخصوص؟
-
ما الذي سيُصدَم الناسُ من معرفته إذا عرفوه عن عملك؟
-
ما الذي يحاول منافِسوك تقليدَك فيه؟
-
ما الذي تفعله باستمرارٍ لعملائك ويفاجِئهم مفاجآتٍ سارةً؟
-
لماذا تفعل هذا؟
-
ما المشكلات التي تحلها لعملائك؟
-
ما الذي يسبِّب الإحباط عادةً لعملائك المحتملين عندما يبحثون عن منتجك أو خدمتك؟
-
كيف تضيف قيمةً لمنتجاتك أو خدماتك، لا توجد لدى منافسيك أو لا يستطيعون إضافتها؟
-
كيف تعرف هذا؟
-
متى كانت آخِر مرة درستَ فيها منافِسيك؟
-
أخبرنا عن خلفيتك؛ لماذا أنت خبير في مجال عملك؟
-
إذا لم تكن خبيرًا في عملك، فما الذي عليك فعله لتصبح خبيرًا؟
-
إذا كنتَ تستطيع إخبارَ عميلك المحتمل بثلاثة أشياء فقط عن عملك، على أن يتخذ قرارَ الشراء بناءً على هذه الأشياء الثلاثة، فماذا ستكون هذه الأشياء؟ وكيف ستكون مختلفةً عن الأشياء التي يقولها منافِسوك عن أنفسهم؟
-
لماذا على وجه التحديد سيتخذون قرارًا جيدًا بناءً على هذه المعايير الثلاثة؟
-
ما الذي يجب أن يسمعه الناس في كل مرة قبل أن يشتروا منك؟
-
ما هي أكثر ثلاثة أسئلة شائعة يطرحها الناس عليك قبل اتخاذهم قرارَ الشراء؟
-
مَن هو أهم منافِس لك؟ ولماذا؟
-
ما الذي تعرفه عن منتجك أو خدمتك وتأمل أن يفهمه الناس؟ وما سبب أهمية هذا الأمر؟
-
أنت عميل مهم جدًّا لنا ونحن نريد جذب أشخاص آخَرين مثلك. ما الذي يجعلنا اختيارَك الأول لشراء «س» (ضَعِ اسمَ منتجك أو خدمتك هنا)؟
-
ما الذي نفعله أفضل من أي شخصٍ آخَر في فئتنا؟
-
ما سبب أهمية هذا الأمر بالنسبة إليك؟
-
هل تتخيَّل أن تتعامل تجاريًّا مع أي مكان آخَر؟ إذا كانت إجابتك نعم، فأخبِرْني عن هذا المكان، وإنْ كانت لا، فأخبِرْني بالسبب.
-
هل يمكنك أن تخبرني بالعملية التي مررتَ بها حتى تختار التعامُلَ معنا؟
-
ما الذي نفعله باستمرار ويفاجئك؟
-
ما الشيء المميز لديك ويجعلنا مناسبين للتعامُل معك؟
-
ما الذي يمكننا فعله حتى نجعل تجربتك معنا أفضل وأكثر التجارب التي مررتَ بها في هذا الموقف رسوخًا في ذاكرتك؟
-
ما الذي جعلك تتركنا وتتجه إلى التعامُل مع غيرنا؟
-
ما الذي كان بإمكاننا فعله حتى نخدمك على نحوٍ أفضل؟
-
ما الذي تتفرَّد به ولم نستطع خدمته، ممَّا جعلك تتحوَّل إلى التعامل مع غيرنا؟
-
هل يوجد أي شيء على الإطلاق بإمكانه دفعك إلى العودة لتصير عميلنا مجددًا؟
-
هل يمكنك إطلاعي على العملية التي اخترتَ على أساسها مورِّدك الحالي؟
-
هل ثمة أيُّ شيء فعلناه تتمنَّى أن يفعله موردك الجديد أيضًا؟
-
كم استغرقتَ من الوقت لتتخذ قرارَ التحوُّل عنَّا إلى موردك الحالي؟
-
هل ثمة شيءٌ ما لا يفعله موردك الجديد، وستصبح أكثر سعادةً إذا ما فعله؟
-
ما الذي قد يجعلك تترك هذا المورِّد إلى شخص آخَر غيرنا؟
بإضافة هذه الطبقة الأخيرة من التعقيد والإجابات عن هذه الأسئلة، تكون قد حصلتَ على كمٍّ هائل من المعلومات تستطيع أن تخلق منه بعضَ الأفكار والمعلومات والقصص المذهلة والمؤثرة، التي ستصبح أساسًا لتميُّزك ولإعلاناتك؛ أعني ذلك النوع من الإعلانات الذي يجذب اهتمام الناس. علاوة على ذلك، ستعثر أيضًا على كثيرٍ من المعلومات التي تستطيع استخدامها في تحسين خدمتك.
(٢) صمِّمْ إعلاناتٍ تجذب الانتباه وتسرد قصة مقنعة
إذن ما هي مواصفات الإعلان الرائع؟ إن أهم شيء عليك أن تتذكَّره بشأن أي إعلان (أو أية رسالة مقنعة) أنك ببساطة تسرد قصةً أُلِّفَت حتى تجذب الانتباه بلطف، وتحثَّ الجمهور، وتقنعه، وتدفعه نحو اتخاذ إجراءٍ ما.
تتَّسِم كل الإعلانات الكبرى بأن لها عنوانًا أيًّا كانت وسيلة عرضها. إن هدف العنوان هو لفت الانتباه، والاستحواذ عليه، وإقناعك على الفور من الجملة أو الفكرة التالية. تجب صياغة عنوانٍ يجذب الاهتمام ويستحوذ عليه؛ فهدفُ العنوان الرائع هو كسْرُ الشعور العام بعدم الراحة، الذي يستولي علينا عندما نتعرَّض لإعلانات في التليفزيون أو الراديو أو في الصحف والمجلات؛ فالعنوان يجذب أسماعنا، ويحدِّثنا مباشَرةً عن الأشياء المهمة لنا، أو يلفت نظرنا ويجبرنا على قراءته، مما يدفعنا إلى قراءة الجملة التالية.
تركِّز الإعلانات المقنعة على العميل وليس المعلن. لكي تجذب انتباه العميل، عليك أن تجعله يعرف ما الذي سيستفيده منك، وإذا لم يستطع إعلانك أن يميِّزك على الفور عن منافسيك بنحوٍ يجعل العميل يتساءل لِمَ لا يأخذك في اعتباره، فإنه لن ينجح. تتحدث الإعلانات المميزة مباشَرةً إلى الشخص الذي تقنعه؛ فهي تخلق حوارًا وجهًا لوجه تسرد فيه قصة، وتجيب فيه عن الأسئلة، وتحثنا فيه على تعلُّم المزيد، أو اتخاذ إجراءٍ ما.
إن جميع الإعلانات المميزة تقريبًا تطرح سؤالًا يمثل أهميةً للعميل، ثم تجيب عنه. وتحتوي على أدلة موثَّقة على النجاح، واستحقاق الثقة، والخبرة وما إلى ذلك، ولا تعتمد على العبارات السطحية غير المدعومة مثل: «نحن أفضل من منافسينا». فإذا أردتَ أن يصدِّقك عملاؤك، فانقلْ إلى نفسك سلطةَ ومصداقيةَ شخصٍ يثقون به أو شخصٍ يشبههم، حتى يستطيعون وضع ثقتهم فيك كذلك.
تعطي الإعلانات الاستثنائية العملاء سببًا حقيقيًّا لتصديق أن ما تقوله صحيحٌ؛ فهي تستخدم شهادات وتصديقات أطرافٍ ثالثة من أجل تقديم البراهين بالنيابة عنهم. فلا أحدَ يريد أن يكون أولَ مَن يخوض التجربة، إنهم يريدون معرفةَ أن غيرهم خاضَ التجربةَ بالفعل وحصل على نتيجة رائعة، ولم تكن النتيجة محبطة.
تستعين الإعلانات الشديدة الإقناع بكلمات تسمح لنا بتكوين صورٍ حيويةٍ وجميلةٍ في أذهاننا تشملنا؛ فهي تتحدَّث على مستويات مختلفة، فتجعلنا نندمج معها شعوريًّا وبصريًّا وسمعيًّا ووجدانيًّا. إذا أردتَ فعلًا استحضار ذكريات موجودة لدى الناس، فاطلبْ منهم تذكُّر رائحةِ شيءٍ ما. فعندما أطلب منك التفكير في رائحة سيارة جديدة، ما السيارة التي تفكر فيها؟ فإذا سألتك عن رائحة بيت جدتك، فسأكون واثقًا من أن هذا سيأخذك إلى هناك. وإذا قلتُ لك إن عدم تجفيفك للسجاجيد جيدًا بعد تنظيفها سيجعل رائحتها مثل رائحة حفاضات الأطفال المتسخة، فأنا متأكِّد أن الصورة التي ستَرِدُ إلى ذهنك ستكون مختلفةً تمامًا. لكنْ هل ترى كم من السهل أن تجذب حاسةٌ مثل حاسة الشم انتباهَك وتجعلك تعيش تجربةً؟
لا تضع الإعلانات الممتازة المعايير التي يُقيَّم المنافِسون على أساسها فحسب، بل ضَعْ معيارًا لا يمكن لأحد غيرك تحقيقه. تميِّزك الإعلانات المميزة عن منافسيك؛ فعندما تضع أسماءهم أو شعاراتهم مكان اسمك أو شعارك، وتقول إنهم لا يمكن أن يقولوا هذا الشيء عن أنفسهم، إذن فإن إعلانك له فرصة حقيقية في تحقيق النجاح.
من الضروري أن تستخدم إعلاناتُك كلماتٍ وصورًا وعباراتٍ تشرح الصورةَ كاملةً للعميل، وتعرض شيئًا يعلم أنه قد حدث، أو يخشى حدوثه له إذا لم يستخدم منتجك أو خدمتك. تتسم الإعلاناتُ المميزة بالوضوح والإيجاز والخلوِّ من المصطلحات المتخصِّصة أو الكلمات العصرية التي قد لا يفهمها كثيرون. كذلك لا بد أن يتوافر فيها عاملُ ربطٍ؛ وهو شيء يربط كلَّ هذه الأفكار معًا في تجانُس، ويجعلها كذلك مترابِطةً في ذهنك بحيث تعرف ما الذي تسمعه أو تراه، ومَن هذا الشخص. وهكذا يبدأ إنشاء العلامات التجارية على مدى فترةٍ طويلةٍ من الوقت.
إحدى السمات الأخرى التي تتَّسم بها الإعلانات المميزة؛ تركيزُها على شيء واحد يُشرَح مرارًا وتكرارًا عبر أية وسيلة إعلانية قد يتعرَّض لها العميل المحتمل، ولا يتغيَّر هذا الشيء حتى بَدْءِ حملةٍ إعلانية جديدة. يجب أن تتذكَّر دومًا أن هدف الإعلان هو بيع شيءٍ ما إلى شخصٍ واحدٍ في كل مرة.
أخيرًا تركِّز الإعلانات المميزة على فكرةٍ واحدةٍ أو بندِ عملٍ واحدٍ في كل إعلان؛ فإذا أردتَ أن تقول ١٠ أشياء، فعليك أن تعرضها في ١٠ إعلانات منفصلة. وتأكَّدْ من احتواء كل إعلان على دعوة للعمل تخبر فيها عملاءك المحتملين بما يفعلونه بعد ذلك.
من الضروري أن تقضي وقتًا في التركيز على كتابة إعلاناتك، وإعادة كتابتها، وإجراء الأبحاث عليها حتى تصل بها إلى درجة الإتقان. إلا أن كتابةَ الإعلانات وإعادةَ كتابتها ليستا كافيتين، فيجب أن تستطيع تحديد مدى فاعليتها في تكوين عملاء جددٍ وعائدٍ جديدٍ. وإذا كانت لا تحقِّق أيًّا من الأمرين، فعليك التخلُّص منها وإعادة المحاولة. فإذا لم يكن المؤشر يرتفع، فإن إعلاناتك لا تحقِّق نجاحًا.
أريد أن أقدِّم لك بعض النصائح الأخيرة لصنع إعلانات جيدة: تأكَّدْ من وجود إيقاع في إعلاناتك، مثل أغنية أو قصيدة، وأن بها نغمات، وهو شعور يحمِّسك ويجعلك تندمج معها ويشجِّعك على الاستمرار في مشاهدتها ومسايَرَتها؛ فقد وجدتُ في أحيانٍ كثيرةٍ عند كتابتي للإعلانات أنه من المفيد الاستماع إلى الموسيقى؛ إذ إنها تذكِّرني بالوتيرة والإيقاع. في وسائل الإعلام المرئية، تصنع الكلماتُ الإيقاعَ للصور المرئية، وتتناغَم الصورُ المرئية مع الرسالة لتحقِّق نتيجةً فعَّالة. وأنا أشجِّعك على فحْصِ كثيرٍ من الإعلانات لتبدأ في العثور على هذا الإيقاع، وتشعر به وترى كيف يمكنك دَمْجه عندما تصنع إعلاناتك الخاصة.
-
كتاب ديفيد أوجيلفي «أوجيلفي عن الإعلان» (نيويورك: كراون، ١٩٨٣).
-
كتاب دينيس هيجنز «فن كتابة الإعلان» (نيويورك: ماكجرو هيل، ٢٠٠٣).
-
كتاب ديفيد موريل «دروس مستفادة من رحلة عمر مع الكتابة» (سينسيناتي، أوهايو: رايترز دايجست بوكس، ٢٠٠٣).
إليك هذا المفهوم الجيد لتضعه في ذهنك؛ يمكن تصميم إعلانات رائعة دون تكلفة باهظة، ولا تكون الإعلاناتُ الباهظةُ الثمن عادةً رائعةً. إذا لم تكن فنَّانًا محترفًا في الجرافيكس أو متخصِّصًا في صنع الإعلانات، فاستعِنْ بمساعَدةٍ من محترفين لتجعل إعلاناتك تبدو على أفضل نحوٍ ممكن شكلًا وموضوعًا؛ فليس من الضروري أن تصل بها إلى درجة الكمال، فإن أكثر جائزة قد تطمح أن تفوز بها إعلاناتُك هي جائزة بنجامين فرانكلين التي لا يكاد يتعدَّى حجمُها حجمَ محفظة نقودك.
إذا لم تحصل على الإجابات التي تحتاج إليها أو لم تحقِّق إعلاناتُك النجاحَ المطلوب، فاستثمر أموالك في تعيين شخصٍ ما يستطيع تصميم ذلك النوع من الإعلانات الذي يؤتي ثماره؛ فإنك ستستعيد بسهولة أي مبلغ أنفقتَه من المال في صنع الإعلان، من خلال الإعلانات ذات التأثير الأفضل التي تجذب مزيدًا من العملاء المنفقين للمال أكثر من أي وقتٍ مضى.
(٣) قياس كفاءة الإعلانات
إن أفضل قياس لمدى نجاح إعلاناتك هو كَمُّ الأعمال التجارية الزائدة هذا العام عن العام الماضي، إلا أن هناك معايير أخرى تستطيع استخدامها أيضًا وعليك استخدامها. فعند قياس الأموال، عليك قياسها كل يوم، وكل أسبوع، وكل شهر، وكل سنة. وعندما تستخدم هذه الطريقة في القياس، يمكنك توقُّع التوجُّهات ومعرفة متى تكون إعلاناتك مؤثرةً، ومتى لا يحقِّق شيءٌ ما النجاحَ المطلوب. كذلك تعطيك هذه الطريقةُ التقييمَ الذي يمكنك استخدامه في جعل إعلاناتك أكثر إقناعًا.
عددُ مَن يذهبون إلى متجرك أو يتصلون بشركتك يكون مؤشرًا جيدًا على مدى تجاوُب الناس مع رسالتك. يمثِّل تتبُّعُ عددِ المتعاملين معك كلَّ سنة طريقةً بسيطة للغاية لتحديد ما يحدث عندما تبدأ حملة إعلانية جديدة.
إن توثيق أي ارتفاع في مبيعات شيءٍ معينٍ أو خدمةٍ معينةٍ يُعلَن عنها؛ من الطرق الفعَّالة في تحديد فاعلية الإعلان. إذا كنتَ تنوي التركيز في الإعلانات على بيع منتج واحد أو خدمة واحدة، فإن عملية البيع يجب أن تكون كبيرةً للغاية بما يكفي لتظل الحملةُ مربحةً، أو عليك عَرْضَ مبيعاتٍ بتخفيضات إضافية تجعل عمليةَ البيع الإجمالية كبيرةً بما يكفي لتبرير الحملة.
إذا زدتَ من فاعلية تسويق منتجاتك عدة مرات، فإنك سترى النِّسَب المتقاربة تزيد زيادةً هائلة. يحدث هذا لعدة أسباب؛ يتذكَّر الناس رغبتهم في شراء منتجك أو خدمتك، وأخيرًا يتخذون الإجراء، أو ينتقل هؤلاء الأشخاص المتردِّدون إلى اتخاذ إجراءٍ لأنك قدَّمْتَ لهم معلوماتٍ جديدةً أو مثيرةً للاهتمام جعلَتْهم يتخذون هذا الإجراء.
قد يكون استخدامُ أرقامِ هواتف مجانية معينة أو أرقامِ هواتف عادية معينة من أجل تتبُّع أحد الإعلانات، أو صفحات هبوط معينة على موقعك الإلكتروني، أو فقرات عروض خاصة تُبَثُّ في المحطات المختلفة في وسائل الإعلام؛ أحدَ الأساليب الفعَّالة في مساعدتك في تحديد مدى تأثير إعلانك في وسيلةٍ إعلاميةٍ محددةٍ. من الصعب للغاية تنفيذ هذا الأمر في ظل وجود ميزانية صغيرة، لكنه ليس مستحيلًا؛ على سبيل المثال: تقدِّم سلسلةً من الإعلانات في الإذاعة، ثم تقيِّم ماذا يحدث على مدار فترة عَرْضها. بعد ذلك، انقلْ إعلاناتك إلى وسيلة إعلامية أخرى وكرِّر الاختبار. ثمة مشكلات جوهرية في الاختبار من هذا النوع؛ فقد تكون وسيلةٌ إعلامية فعَّالةً للغاية في استهداف مشترين فوريين، في حين يكون لوسيلةٍ أخرى تأثيرٌ أكبر على المشترين الذين يستغرقون فترةً أطول من الوقت. بينما تتمثَّل مشكلةٌ أخرى في مدى جودة استهداف وسيلةٍ إعلاميةٍ مقارَنةً بوسيلةٍ أخرى. مع هذا، إذا كنتَ تختبر الاندفاع للشراء أو الشراء الفوري، فإن هذا قد يكون أسلوبًا فعَّالًا للقياس؛ أما إذا كنتَ ستستخدم منهجيةَ اختبار مثل هذه على المدى الطويل، فإنك بحاجة إلى اختبار إحدى الحملات على مدار ثلاثةِ أشهرٍ على الأقل، قبل الانتقال إلى وسيلة إعلامية أخرى وإجراء الاختبار عليها.
يُعتبَر طرْحُ الأسئلة أكثرَ أشكال التعقُّب الشائعة وأقلها دقةً لعدة أسباب؛ بدايةً، لا يتذكَّر معظم الناس أين سمعوا عنك لأول مرة، هذا إنْ حدث؛ وهذا يفسِّر السببَ وراء إيهام جميع الأشخاص الذين أخبروك بأنهم قد سمعوا عنك في التليفزيون، في حين أن منتجك لم يظهر على التليفزيون قطُّ. يحاول الناس أن يكونوا متعاوِنين؛ لذا فإنهم يخمِّنون. إذا كنتَ ستطرح أسئلةً، فعليك أن تسأل عن معلومات محدَّدة؛ اطرح أسئلةً من قبيل: ما المحطة التليفزيونية التي رأيتَني فيها؟ ما دليل الصفحات الصفراء الذي تستخدمه؟ وعلى أية محطة إذاعية استمعتَ إليَّ؟ يكون طرح الأسئلة إلى حدٍّ ما أكثر فاعليةً في حالة الطباعة؛ حيث تستطيع وضْعَ رمزٍ في الإعلان تستطيع سؤالَهم عنه ممَّا يشير إلى الإعلان الذي حقَّق الاستجابة.
إن أهم شيء يجب تذكُّره بشأن عملية التتبُّع هو أن تقوم بها؛ فعملية التتبُّع من أهم عناصر نموِّ عملك التجاري وتصميم إعلانات أكثر إقناعًا. فلا بديل للمعلومات الجيدة لمساعدتك في اتخاذ قرار أفضل. وإذا لم تكن تمارِس عمليةَ التتبُّع، فعليك البدء من الآن، وسيزيد ربْحُك على الفور نتيجةً لهذا.
لم نتعلَّم خلال هذا الفصل فقط كيف نجعل الإعلانات أكثر إقناعًا، وإنما أيضًا كيفية قياس مدى نجاحها. عندما تخصِّص وقتًا لمراجعة نتائج المجهود الذي تبذله، ستستطيع أن تجعل إعلاناتك أكثر إقناعًا، وتعطي قيمةً مالية للرسائل التي ترسلها.
ملخص الفصل
-
الإعلانات المقنعة هي قصصٌ جيدةُ السرد ذات مغزًى أخلاقي يضمن اتخاذ الجمهور إجراءً معينًا.
-
الإعلانات المقنعة تقدِّم شيئًا واحدًا في كل مرة؛ فهي لا تحاول حشدَ كثيرٍ من الأشياء في عرض واحد، بل تعرض نقطة محددة وتعمل على الإقناع بها.
-
تستخدم الإعلانات المقنعة تقريبًا كل أساليب الإقناع التي تعلَّمتها على مدار الكتاب.
أسئلة النجاح
-
ما الذي أستطيع أن أقوله بشكل حاسم عن عملي التجاري، ولا يستطيع أيٌّ من منافسيَّ قوله عن أعمالهم؟
-
مَن هم جمهوري؟ وما القصة التي أريد سردها عليهم؟
-
عند اطِّلاعي على إعلاناتي القديمة، ما الذي أراه فيها ويجب تغييره في الإعلانات المستقبلية حتى تصبح أكثر فاعليةً؟
-
هل يعمل الأشخاص المناسبون على صياغة الرسائل التي أريد أن ترسلها شركتُنا؟