التفرُّد والإتاحة
أن يصبح المرء واحدًا ضمن الأغلبية ليس بالأمر الجدير بوقت الأذكياء؛ فثمة ما يكفي من أناس يفعلون ذلك بالفعل …
(١) التفرُّد
يرغب كل فرد في أن يصبح متميزًا؛ فنحن لا نريد أن نتميَّز فقط كأفراد، بل نريد أيضًا أن نتميَّز من حيث المجموعات التي ننتمي إليها، والسيارات التي نقودها، والملابس التي نرتديها. وكثيرًا ما كان — وسيظل — ارتيادُ مدرسة مرموقة أو الانتماء إلى نادٍ تقتصر عضويته على النخبة؛ مفتاحًا يفتح كثيرًا من الأبواب أمام مَن ينتمون إلى هذه الأماكن. وفي الحكومة والأمن القومي، يتميز أعضاء جمعية سكال آند كروسبونز في جامعة ييل. كما أن كثيرًا من رجال الأعمال والسياسيين الناجحين ماسونيون.
ليست فكرة الاختلاف (على الرغم من أن هذا جزءٌ مهم بالتأكيد) وحدها هي ما يجعل الناس ينشدون التفرد؛ فتوجد أيضًا الرغبة في القدرة على الوصول إلى آخرين مثلك. فعندما تنتمي إلى مجموعات متميزة، تجد في كل مكان تذهب إليه صديقًا أو على الأقل شخصًا بينك وبينه شيء مشترك، حتى إذا لم تتمكَّن من العثور على شخصٍ ينتمي إلى مجموعتك، يمكنك العثور على أشخاص يريدون الانتماء إليها.
نظرًا لأن الرغبة في التفرد مُلِحَّة إلى هذه الدرجة، يجب أن تكون لدى كل إنسان «دائرة داخلية»، والدائرة الداخلية هي مجموعة من الأشخاص الذين لديهم قدرةٌ خاصة على الوصول إليك، أو إلى معرفةٍ أو حتى إلى منتجاتٍ وخدماتٍ لا توجد لدى أيِّ شخص آخَر. توجد لدى كثيرٍ من الشركات والمؤسسات غير الربحية على حدٍّ سواء مجالسُ إدارة محترفة أو تطوُّعية تساعدهم في إدارة مؤسساتهم. هذا ويُعَدُّ العملُ في مجالس الإدارة خطوةً مؤثرة للغاية ومتميزة لأي متخصِّص في الإقناع؛ فعندما يرى أقرانك ومَن تريد التأثير فيهم أنك أحد أعضاء مجلس الإدارة، ترتفع مكانتك في أعينهم في كثيرٍ من الأحيان. كذلك يعطيك وجودك ضمن أعضاء مجلس إدارة مستوًى آخر من الوصول الحصري، ليس فقط إلى التنفيذيين في الشركة وغيرهم من أعضاء مجلس الإدارة، وإنما إلى أعضاء مجالس الإدارة الأخرى. إن العمل في وظيفة متفردة وسيلةٌ أخرى لتعزيز شخصيتك العامة، بالإضافة إلى أنه يعطيك في الوقت نفسه ميزةَ وصولٍ إضافيةً.
توجد فائدة أخرى لمجالس الإدارة؛ فهي تتيح لك فرصةً لتكوين مجموعة حصرية من المستشارين الذين تريد التمكُّن من الوصول إليهم سريعًا. إن مجموعات العقل المدبِّر، التي روَّج لها نابليون هيل في كتابه الشهير «فكِّرْ تصبح غنيًّا» (فاوسيت، نيويورك، ١٩٦٩)، هي مجموعات حصرية للغاية من المستحيل تقريبًا الانضمامُ لكثير منها.
تستغل المؤسسات غير الربحية هذا التفرُّد طوال الوقت من أجل جمع مزيدٍ من المال. قد تظهر أسماء المتبرعين بالمال في الصحف، لكن يحصل المتبرعون بمبالغ أكبر على تقديرٍ خاص، فربما يصبحون أعضاءً فضيِّين ويُشار إليهم في الصحف على هذا النحو. أما المتبرعون على أعلى مستوًى، فقد يُشار إليهم في قسم منفصل لشكرهم وتُقدَّم إليهم لوحات تذكارية وجوائز نظير سخائهم. وبالطبع، السبيلُ الوحيد للانضمام إليهم هو تقديم تبرُّعات على المستوى نفسه.
إن لديَّ اليومَ دائرةً داخلية تتكوَّن من بعض أفضل المستشارين في العالم؛ ستتعرَّف بالتأكيد على أسماء هؤلاء وستحب الاتصال بهم، والطريقة الوحيدة على الإطلاق التي يمكنك من خلالها الالتقاء بهؤلاء هي ذاتها الطريقة التي اتبعتُها أنا؛ عن طريق جعل شخصٍ ما يزكِّيني كإضافة مهمة للمجموعة، ثم يعطيني فرصةً لإثبات أهميتي.
توجد لديَّ أيضًا دائرةٌ داخلية من العملاء يتمتَّعون بإمكانية الوصول الحصري لبعض من أكثر المواد التي أحتفظ بها بعنايةٍ فائقة، أتصل بهم بانتظام شخصيًّا، وعادةً أتحدَّث معهم مباشَرةً لضمان نجاح عملية إقناعهم. لقد رفضتُ نصفَ الذين أرادوا أن يصبحوا جزءًا من هذه المجموعة لأنهم لم يكونوا مناسبين أخلاقيًّا أو عاطفيًّا أو ماديًّا، أو لم تكن وجهة نظرهم مشابِهةً لوجهة نظري؛ فأنا لا أريد في هذه المجموعة سوى الأشخاص الأكثر ولاءً والأكثر حماسًا الذين يمكن تحصيل أعلى مستوى ربحٍ منهم. لماذا؟ الإجابة بسيطة؛ فهذه المجموعة هي المكان الذي يحدث فيه تقدُّم حقيقي؛ ففيها تُعقَد الصفقات وتُوضَع فيها استراتيجيات الإقناع الهادفة لتلبية حاجة خاصة، وتُختبَر.
ينتمي بعض أشهر خبراء المبيعات والمفاوضين في العالم لهذه المجموعة، ويطالبون بعدم التقليل من تفرُّدهم؛ ولهذا لم يزد قطُّ أعضاءُ هذه المجموعة الخاصة عن ١٠٠ شخص من جميع أنحاء العالم، ولا سبيل للتفكير في ضم أي شخص آخَر لهذه المجموعة إلا بخروج أحد أفرادها أو موته حرفيًّا. إلا أن هؤلاء الأشخاص المائة مسئولون عن ملايين الدولارات التي تُستثمَر في مجال التجارة كل عام. تخيَّلْ ما سيحدث لك إذا أصبحتَ تتمتَّع بهذا المستوى من الوصول إلى بعض أعظم العقول، وبأن يكون اسمك ضمن أروع مجموعات المعارف في الولايات المتحدة في الوقت الحالي. ثِقْ في كلامي عندما أقول لك إن الفرص تفوق كل تخيُّل.
هل لاحظتَ كم زادتْ رغبتك في الانضمام وأنا أشرح لك هذه المجموعة؟ هل ترى كيف جعلك الفضول الذي صنعته تتساءل عمَّا إذا كنتَ مؤهلًا لذلك أم لا؟ هل بدأتَ تتخيَّل قليلًا ما يمكن أن يحدث لعملك إذا تمكَّنت من الانضمام؟ سيجيب بعض الناس على هذه الأسئلة بالنفي ولا بأسَ في ذلك؛ لأن هؤلاء الناس لن يكونوا مناسبين. فعندما نصنع شيئًا متفردًا لا نريد أن نضمَّ إليه سوى أشخاص محدَّدين للغاية، وعادةً لا نريد الذين لا يرون فكرةَ التميُّز جذابةً في المقام الأول.
في مجال الإقناع يكون التميُّز مهمًّا لسبب آخَر؛ فالتفرُّد يمكن التنبؤ به. يزيد احتمال اتِّباع المنتمين للمجموعة لتصرُّفات أفراد المجموعة أكثر من اتِّباعهم تصرفات الأشخاص الموجودين خارجها؛ فمن المرجح أكثر أن يستجيب الأعضاء على نحو إيجابي للعروض الخاصة وطلبات المساعدة أو التقديم أو الإحالة.
إن السؤال الذي يجب أن تطرحه على نفسك هو: «كيف يمكنني إنشاء مجموعة متفردة للذين أرغب في إقناعهم؟» تكون الإجابة لمعظم الناس بسيطة نسبيًّا. فيمكنك البدء بتنظيم فاعلية تكون فرصة حضورها محدودة؛ قد تكون من أجل الكشف عن منتج جديد أو للإعلان عن تغيُّر كبير في شركتك. كذلك يمكنك إنشاء مجلس إدارة وتدعو مَن تريد التأثير فيهم بشدة لأن يكونوا جزءًا منه، أو يمكنك تكوين مجموعة للعقول المدبِّرة تكون عضويتُها شديدةَ الحصرية.
-
شكِّلْ مجموعة خاصة يحصل أفرادها على معلومات شديدة الخصوصية أو عروضٍ مميزةٍ مقتصرة عليهم، أو تُقدَّم لهم قبل أي شخصٍ آخَر.
-
شكِّلْ مجموعة تكون عضويتها محددة بضوابط تمنح أفرادَها ميزةَ الوصول إلى أشخاصٍ آخرين أو فرصٍ أخرى لا تُتاح إلا بعضوية هذه المجموعة.
-
أسِّسْ ناديًا، أو مجموعةً، يمكن للأفراد الانتماء إليه من أي مكانٍ يقيمون فيه، ويكون مقتصرًا على أذواقهم الخاصة؛ تضرب كلٌّ من جمعية «القبعة الحمراء» و«مجموعة الأصدقاء» الخاصة بمجلة «فاست كمباني» مثالَيْن رائعَيْن على هذا الأمر. فالسيدات من سن الخمسين عامًا (أو أصغر)، اللاتي يُرِدْنَ الاحتفاء بحياتهن قبل سن الشيخوخة، يجتمعن معًا بصفة منتظمة (مرتديات قبعاتهن الحمراء) لاحتساء الشاي وتبادُل أطراف الحديث. أما «مجموعة الأصدقاء» التابعة لمجلة «فاست كمباني»، فتتيح لقرَّائها من ذوي العقول المتشابهة أن يلتقوا بصفة منتظمة للتواصل بعضهم مع بعض. وهاتان المجموعتان كلتاهما مقتصرتان على أشخاصٍ يريدون التمتُّع بهوية علنية متفردة على أمل الحصول على مكسبٍ ما؛ وقد يكون المكسب الذي يحصلون عليه عاطفيًّا، لكنه قد يكون كذلك ماليًّا.
-
ضَعْ برنامجًا يجب على الناس الذين يشتركون فيه أن يكونوا مؤهَّلين بنحوٍ استثنائي لكي يشتركوا فيه أو يصبحوا جزءًا منه.
-
اجعلْ مبيعات أو عروضًا معينة حِكْرًا على مَن أنفقوا مبالغَ ضخمةً معك على مدار السنة الماضية. اجعلهم يعرفون أنك قد وضعتَ برنامجًا خاصًّا لمجموعةٍ من الناس أمثالهم، وأخبرهم بما يعود عليهم نتيجةً لذلك.
-
دوِّنْ قائمةً بالذين يستطيعون الاتصال بك أيًّا كانت الظروف … ثم اجعلهم يعرفون أنهم مُدرَجون على هذه القائمة.
توجد صلة وثيقة بين التفرُّد والهويَّة؛ فعملاؤك أو الأشخاص الذين تودُّ إقناعهم يريدون أن يتميَّزوا بطريقة معينة؛ فهم يبذلون جهدًا كبيرًا من أجل التأكُّد من معرفة الناس بهم وما يمثِّلونه. وبمجرد مراقبة سلوكهم وتحديد ما يرغبون أن يشتهروا به، تصبح أكثرَ قدرةً على الترويج لفرصتك الحصرية بطريقة تتوافق تمامًا مع رغباتهم.
تذكَّرْ وجود فرق بين التفرد والسرية؛ فلا يريد إلا عدد قليل للغاية من الناس أن يشتهروا بما يفعلون، أما الغالبية العظمى من الناس، بصرف النظر عن مدى صِغَر حجم مجموعتهم أو مدى إيثار أهدافهم، فيريدون قدرًا من التقدير لانتمائهم لمجموعتك. فقد يرغبون في بعض الغموض حول عملهم وكيفية قيامهم به، لكنهم يريدون من الناس أن يرغبوا في الانضمام إليهم (إذا لم يفعلوا، فإن عُمْر هذه المؤسسة سيكون قصيرًا للغاية). يريد الجميع تقريبًا أن يكون الانضمامُ محكومًا، ويريدون الشعورَ بأنه يتطلَّب قدرًا من الجهد ليصبح المرء جزءًا من الأمر بأكمله.
(٢) الإتاحة
يدفع نقصُ المعروضات الناسَ إلى اتخاذ إجراءٍ ما؛ فكلَّ عام تقريبًا في فترة الكريسماس توجد لعبةٌ معينة لا بد أن يحصل عليها الجميع … وعندما يحين الوقت يعلمون أنها قد بيعت كلها. ومع هذا قد يُقدِم الناس على المغالاة من أجل الحصول على هذه اللعبة المرغوب فيها التي أصبحت غير متوافرة؛ فقد يدفعون ١٠ أضعاف وأحيانًا ١٠٠ ضعف السعر لمجرد الحصول عليها. ويتجسد مثال آخَر على الندرة — قد تعرَّضْنا له جميعًا — في المزاد؛ فتباع أشياء استُخدِمت لعدة مرات بنفس سعر مثيلاتها الحديثة أو بأعلى من سعرها؛ لأن شخصًا ما يخشى فقدان فرصة الحصول على المنتج (الصفقة الكبرى) الذي يريده.
بالنسبة إلى ممارِس الإقناع الماهِر، يمكن أن تكون الإتاحةُ أداةً مهمةً للغاية في تشجيع العملاء المحتملين على اتخاذ إجراء على الفور. عليك استخدام الإتاحة بطريقتين؛ تتمثَّل الأولى في الحد من إتاحة المنتج، والثانية في الحد من عدد المنتجات المتوافرة بسعر معين أو العدد المتاح، مع تقديم حوافز معينة من أجل الاستفادة من عرضك على الفور.
يحدث أمر مثير جدًّا للاهتمام عندما تبدأ في التحكم في توافرها، فأنت تحقِّق أيضًا التميُّز؛ فإن الشخص الذي يحصل بالفعل على منتجك أو يحصل على منتجك بكل ما فيه من حوافز إضافية، يحصل على شيء لا يوجد لدى كثيرين.
ثمة طريقة أخرى لزيادة الرغبة في المنتج عن طريق التحكُّم في توافره، وهي وضْعُ استراتيجيةِ تسعيرٍ متغيِّرة. فإذا اشتريتَ اليومَ فإن السعر سيكون ٩٩ دولارًا، أما إذا انتظرتَ واشتريتَ غدًا فإن السعر سيرتفع إلى ١٢٥ دولارًا، وإذا انتظرتَ إلى يوم الجمعة فإن السعر سيصبح ١٥٠ دولارًا. فمع كل يوم يمر يتزايد الضغط للشراء على الأشخاص الذين يتأخرون في اتخاذ القرار.
في الواقع، في كل مرة أستخدم هذه الاستراتيجية يتصل بي الناس بعد اليوم الأخير ويقدِّمون عذرًا ما لسبب عدم تمكُّنهم من الحصول على المنتج، لكنهم يجب أن يحصلوا عليه بالسعر الأصلي. فهم يريدون المنتج لكنهم انتظروا وقتًا طويلًا للغاية. عادةً لا أعطيه لهم بالسعر المنخفض؛ لأنني أريدهم أن يتخذوا قرارًا أسرع في المرة المقبلة عندما أقدِّم لهم العرض. إذا كان لديهم سببٌ منطقي لعدم تمكُّنهم من الاستفادة من العرض، وتوجد لديَّ منتجات متبقية، فإنني قد أفكِّر في إعطائها لهم بالسعر المنخفض. إن المشكلة في الحد من إتاحة المنتج، ثم إعطائه بسعر منخفض لشخصٍ لم يستفد من العرض في الوقت المناسب؛ هي أنك تعوِّدهم على عدم الاستفادة منه؛ فهم يعلمون أن باستطاعتهم العودة والحصول على المنتج فيما بعدُ بالسعر نفسه. يرتكب كثيرٌ من المسوِّقين على شبكة الإنترنت هذه الغلطة عندما يُعلِنون عن خصم، ثم يمدون هذا الخصم، ثم يقدِّمون السلعةَ بالسعر الأقل لأي شخص يطلبها. وهذه ببساطة وصفة لعدم حصولك أبدًا على هامش الربح الذي تريده، وللحصول على عملاء دون المستوى.
الخصم هو فعليًّا الحد من إتاحة سعرٍ ما؛ فيجب أن تحرص وأنت تقدِّم خصمًا على عدم تعوُّد الناس على التفكير في أنه سيكون موجودًا طوال الوقت، وإلا حقَّقَتْ هذه الطريقةُ نتيجةً عكسية. يفعل هذا الأمرَ أحدُ أكبر متاجر الصناعات الحِرَفية في البلاد كل يوم أحد؛ يمكنك البحث في صحيفة يوم الأحد في أية مدينة توجد بها سلسلةُ المتاجر هذه، وستجد دومًا قسيمةَ خصم بنسبة ٤٠ في المائة على إحدى السلع؟ فلا يوجد أي سبب لدفع أي سعر كامل لأية سلعة في هذا المتجر، خاصةً في عمليات الشراء الكبيرة. أنا أفهم تمامًا الحجة الخاصة بحضور الناس من أجل الحصول على خصم ٤٠ في المائة، لكنهم يدفعون أكثر من ذلك بكثير، وعندما يفعلون هذا يكون أمرًا رائعًا. إلا أنني أفضِّل أن أجعل المشترين عندي يعتادون على شيء مختلف؛ فأنا أقدِّم الخصم لعملائي المفضَّلين الذين أعلم أنهم سيظلون معي بناءً على عاداتهم الشرائية وأُكافِئهم على ولائهم. أما العملاء الذين يستجيبون بانتظامٍ لصفقات عروض الخصم، فيفعلون هذا أيضًا مع منافِسِيك.
تنطبق الإتاحة أيضًا على بناء شخصيتك؛ إذ إن الحد من إمكانية الوصول إليك، وأيضًا الحد من المعلومات حول كيفية الوصول إليك شخصيًّا، يعملان على خلق نوعٍ من التميُّز وشعور قويٍّ بضرورة الوصول إليك، وإجراء صفقات تجارية معك عندما تُتاح الفرصة لذلك.
من المهم للغاية عدم استخدام هذا الأسلوب كطريقةٍ لتجنُّب الناس الذين ينبغي لك التحدُّث إليهم؛ فهو ببساطة طريقةٌ لترسيخ فكرة أنك مشغول ومطلوب. إن المحترفين الذين يستحقون أتعابَهم ليس من السهل الوصول إليهم؛ فهم مشغولون للغاية بمساعدة عملائهم الأوفياء.
تتمثَّل إحدى استراتيجيات تنفيذ ذلك في التحكُّم في جدول مواعيدك. احرصْ على إخبار موظف الاستقبال لديك بمَن أنت مستعِدٌّ لتلقِّي مكالماتهم، وبالأوقات التي تكون فيها متاحًا للحديث معهم خلال اليوم. ومن المهم أيضًا أن تكتب بدقةٍ ما تريد أن يقوله موظفُ الاستقبال لديك؛ فأنت في حاجةٍ إلى رسالةٍ نصُّها كالآتي: «إن الوقت الوحيد المتاح في مواعيد جون اليومَ هو الساعة الرابعة إلا الربع مساءً، بإمكاني تحديد موعدٍ لك لإجراء اتصال مبدئي لمدة ١٥ دقيقة في هذا الوقت، هل يناسبك هذا؟» توجد ضرورة كبيرة للحصول على هذا المكان في جدول المواعيد. اجعلْ دومًا موظفَ الاستقبال يعطي المتصلَ اختيارًا لليوم إذا كنتَ متاحًا، واختيارًا آخَر لليوم التالي أو الذي يليه إذا توافر لديك الوقت.
أعلم أن بعضًا منكم يقول الآن: «أنا ليس لديَّ موظف استقبال؛ فأنا أردُّ على اتصالاتي بنفسي.» توقَّفِ الآن عن هذا، وعيِّنْ موظفًا. يمكنك الاستعانة بخدمةٍ للردِّ على الهاتف أو خدمةِ استقبالٍ عبر الإنترنت مقابل مبلغ زهيدٍ من المال في اليوم. سيخبرك كثيرٌ من المديرين التنفيذيين أنهم يردُّون على هواتفهم بأنفسهم، وهذا صحيح. لكن أرقامهم المباشِرة لا توجد إلا لدى الأشخاص الذين جعلهم هؤلاء المديرون التنفيذيون بالفعل يشعرون بأنهم متميزون من خلال إعطائهم أرقامهم المباشِرة. وإذا كنتَ تصرُّ قطعًا على الرد على هاتفك بنفسك، فعليك اتِّباع العملية نفسها؛ حدِّدْ موعدًا في وقت لاحق في هذا اليوم أو اليوم التالي، لتتمكَّن من العودة إلى جدول مواعيدك.
سواء أكنتَ تكوِّن طائفة متعصبة أم طائفة من العملاء، فإن الحصرية والإتاحة عنصران أساسيان لنجاحك. يريد العملاء الحصول على حافز؛ فهم يريدون الحصول على مميزاتٍ خاصةٍ، ويريدون أن يُكافَئوا على تميُّزهم وسرعة تصرُّفهم. خلال أعوام نشأتي في كنف الطائفة، كانت المكافأة هي دخول الجنة والحياة الأبدية، وكانت فرصةُ الحديث مع الكاهن، أو قضاء بعض الوقت معه، على القدر نفسه من الأهمية؛ فبمجرد أن تقضي وقتًا معه، تصبح متميِّزًا، وتصبح ممَّن يتمتعون بالتفرُّد والمزايا الخاصة؛ ومن هنا، يصبح من السهل تصديقك. وكذلك كانت القدرة على الانفصال عن العالَم الذي يُعتقَد أنه يتجه إلى الجحيم. كانت الإتاحة محدودة للغاية أيضًا؛ فإذا لم تختَرِ الآن، فثمة احتمالات كبيرة بأن غدًا سيكون الأوان قد فات.
ما الذي يمكنك تقديمه لعملائك ويمكنهم أن يلتفُّوا حولَه ويصدِّقوه؟ توصَّلْ إلى هذا الشيء، ولا تُتِحْه إلا لهؤلاء العملاء الذين يريدونه. لا تقلق، فإن المجموعة ستكبر لأن الذين ينتمون إليها سيصبحون مبعوثين يجنِّدون آخَرين ليصبحوا مثلهم. وأنت بالفعل تعلم كم يصبح من الأسهلِ الإقناعُ بمجرد أن يحدث نقلٌ للسلطة والمصداقية.
ملخص الفصل
-
كلما زاد ما تُشعِر به شخصًا ما من تميُّز، زادت إمكانية إقناعه.
-
إقناع المجموعات الحصرية أسهل من إقناع المجموعات العامة.
-
التميُّز هو أحد مفاتيح تكوين طائفة، سواء أكانت طائفة من العملاء أم من العلامات التجارية.
-
ثمة ارتباط وثيق بين التميُّز والهوية. أكِّدْ على العلاقة بين هويات الناس وتميُّزهم، وستجد أنك تقنعهم بوجهة نظرك على نحوٍ أسهل وأسرع بكثير.
أسئلة النجاح
-
مَن في دائرة تأثيري — سواء أكان من العملاء الحاليين أم المحتملين — يجب أن أجعله متميزًا؟
-
ما الذي بإمكاني صنعه وسيجعل الناس يشعرون بالانتماء؛ على سبيل المثال: قائمة ترسل إليها نشرة إخبارية أو رابطة تحصل على طبعة مميزة؟
-
ما المجموعات المتميزة التي أنتمي إليها بالفعل وأستطيع مشاركة إمكانية الاتصال بها مع الذين أريد إقناعهم؟