طريق إلى الهند
تم اجتماع بين الشياطين الأربعة والمهرِّبين الأربعة … كان «يوجاراجا» مُعجَبًا جدًّا بما تم إنجازه في فترة قصيرة … وقال: لقد أثبتت مجموعتكم أنَّها قادرة على إنجاز المستحيل!
أحمد: المشكلة أننا نعمل مقابل أجر بسيط … ونتعرض للمخاطر والحكم بالإعدام والسجن بثمن رخيص!
يوجاراجا: لقد انتهى هذا كله … سوف ننظم عصابة جديدة منكم ومنا. سنجلب نحن البضاعة إلى مصر، وعليكم توزيعها.
أحمد: ولكن هناك الرءوس الكبيرة في العملية!
يوجاراجا: سنرشد عنهم.
صاح «أحمد» متعجبًا: ترشد عنهم؟!
يوجاراجا: نعم … لقد تخلَّوْا عني عندما قُبض عليَّ وأُودِعتُ السجن، وتركوا أصدقائي بدون نقود … إنَّهم يستحقُّون العقاب.
ساد الصمت بعد حديث «يوجاراجا» … فقد كان ذلك تطورًا مثيرًا …
وقال «عثمان»: وبعد ذلك؟
يوجاراجا: سأسافر مع أصدقائي إلى الهند، وسنجلب كميات ضخمة من الهيروين والكوكايين لحسابنا نحن، وتقومون أنتم بترويجها.
أحمد: ولكن أنتم الآن موضع مراقبة شديدة من السلطات في مصر … وبعد فرارك من السجن سوف يضاعفون جهودهم للقبض عليكم … وأعتقد أنَّ من الأفضل أن تَبقوا فترة بعيدًا عن العيون قبل أن تتحركوا … وأستطيع أنا أن أسافر إلى «الهند» لجلب البضاعة. إنني وبعض أصدقائي الآخرين لسنا موضع شبهة.
كان «أحمد» يتحدث بشكل منطقي، وهو يضع الطعم ﻟ «يوجاراجا» الذي أخذ يفكر فيما قال: وهل يمكن إخفاؤنا في مصر لفترة طويلة؟
أحمد: إنَّ عند أحد أقاربي منزلًا على شاطئ بحيرة «قارون»، وهو منزل منعزل، وبعيد عن العمران … ويمكن أن تختفوا فيه فترة طويلة حتى يتم تدبير جوازات سفر مزورة لكم، أو يمكن عبور الصَّحْراء في هذه المنطقة المتاخمة للحدود مع ليبيا.
قال «مهارشا»: إنني موافق على هذا الحل.
يوجاراجا: ومتى نرحل؟
أحمد: في أيِّ وقت … المهم الآن، ماذا سنفعل مع الرءوس الكبيرة؟
يوجاراجا: سأعطيك ثلاثة عناوين للثلاثة الكبار في عملية تهريب المخدِّرات البيضاء إلى مصر، وعليك بإبلاغ الشرطة عنهم.
أحمد: اطمئن، سأبلغ عنهم فورًا.
يوجاراجا: من الأفضل أن نقضيَ الليلةَ هنا.
أحمد: سأترك «عثمان» معكم، وسأذهب لعمل الترتيبات اللازمة للرحلة إلى «الفيوم».
وقام «أحمد»، وانصرفت معه «زبيدة» و«إلهام»، وترك «عثمان» بعد أن تفاهم معه على أن يراقب المهرِّبين الثلاثة.
وقال له: سأبلغ الشرطة بمكانكم … لا بُدَّ من رقابة عليهم.
وعندما انطلقت السيارة، قالت «إلهام»: لقد حصلنا على معلومات هامة حقًّا.
أحمد: فعلًا … إنَّ رقم «صفر» سيبتهج عندما يسمع بما تم.
زبيدة: لقد كانت خطة «عثمان» ممتازة!
لاحظ «أحمد» أنَّ سيارة من طراز «بيجو ستيشن» تتبعهم … وأخذ يراقب خط السيارة، ووجد أنَّها تُبدل مكانها مع سيارة أخرى، وأدرك أنَّهما سيارتا شرطة.
عندما وصل «أحمد» إلى القاهرة، قرَّر أن يختفيَ عن أعين رجال الشرطة؛ فإنَّه لا يصحُّ أن يعرفوا مقر الشياطين السري.
اتجه «أحمد» إلى شارع عماد الدين … وظلَّ سائرًا وهو يشاهد سيارتَيْ رجال الشرطة، حتى توقف أمام عمارات الخديوي، وهي عمارات ذات مدخلين … أوقف السيارة، ونزل هو و«زبيدة» و«إلهام» … وعندما دخل من المدخل العمومي على شارع عماد الدين، صاح فجأة: اجريا!
وجرى «أحمد» وجرت «إلهام» و«زبيدة» بأسرع ما استطاعوا، حتى نفذوا من الباب الآخر …
وجدوا أنفسهم في الشارع الضيق الموازي لشبرد، وأمام سينما «ديانا». ركبوا تاكسيًا حملهم إلى ميدان الدقي، ونزلوا هناك، وبعد أن انصرف التاكسي ساروا على أقدامهم إلى المقر السري.
دخل «أحمد» غرفة اللاسلكي للاتصال برقم «صفر»، بينما انصرفت «إلهام» و«زبيدة» لإعداد الطعام … وظلَّ «أحمد» في غرفة اللاسلكي أكثر من نصف ساعة، أبلغ خلالها رقم «صفر» بكل التطورات التي حدثت.
رقم «صفر» في ختام رسالته: جاءنا الآن من القاهرة أنَّكم استطعتم تضليل رجال الشرطة … لقد ضحكتُ كثيرًا عندما علِمتُ بذلك!
ردَّ «أحمد»: لقد كانوا يتبعوننا بطريقة تبادل السيارات، وقد درسنا هذه الخطة مِرارًا.
رقم «صفر»: لا بأس … على كل حال … استمروا في عملكم.
أحمد: هناك احتمال أن أسافر إلى «الهند» … أريد أن يأتيَ معي «بو عمير» و«رشيد»!
رقم «صفر»: سأطلب منهما الانضمام إليكم في القاهرة.
في مساء اليوم التالي تحركت سيارة تحمل «أحمد» و«عثمان» والمهرِّبين الثلاثة إلى الفيوم … وعند شاطئ بحيرة «قارون» في مكان مهجور، توقفت السيارة أمام منزل منعزل … ونزل الخمسة وعندما دخلوا المكان، صاح «يوجاراجا»: إنَّه مكان رائع … إنني في أشد الحاجة إلى الراحة والاستجمام.
أحمد: لقد تم إبلاغ السلطات عن الرءوس الثلاثة الكبيرة. المهم الآن … ماذا في الهند؟
يوجاراجا: سأعطيك كل التفاصيل التي تهمك عن اتصالاتي في «الهند» … وخذ هذا!
وضع «يوجاراجا» أصابعه في شعره، وأخرج دبوسًا صغيرًا من الذهب الخالص المُطعَّم بالماس، وقال: هذا الدبوس لا يحمله إلَّا عضو اللجنة المركزية لعصابة «مهارشا».
أحمد: عصابة «مهارشا»!
يوجاراجا: نعم … إنَّها أكبر عصابة في تاريخ «الهند» … ومقرُّها … جسر آدم … بين «الهند» و«سيريلانكا».
إنَّ كلمة السر التي استخدمناها هنا «ماهاويلي» هي كلمة السر هناك … وبهذا الدبوس تستطيع مقابلة زعيم العصابة.
أحمد: وهل لا بُدَّ من أن آخذ نقودًا معي؟
يوجاراجا: أبدًا، إنَّه سيُسلِّمك البضاعة بصفة أمانة … وبعد أن تدخل مصر وتبيعها تأخذ معك النقود في الرحلة القادمة!
وجلس الخمسة في شمس «قارون» الدافئة يتحدثون … كانت المغامرة القادمة في نظر «أحمد» من أخطر المغامرات …