الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية
««إذا أرادَ اللهُ إنشاءَ دولةٍ خلَقَ لَها أمثالَ هؤلاء.» قالَها «عبد المطلب بن هاشم» وهُوَ يُشِيرُ إلى أبنائِه وحَفَدتِه؛ فبالرغمِ مِنَ التفكُّكِ القَبَليِّ في بِيئةِ البَداوةِ التي عاشَتْها جَزيرةُ العَرب، فإنَّ هناكَ مَن استطاعَ أنْ يَقْرأَ الظُّروفَ المَوْضوعيةَ لمَدِينةِ مَكةَ بوجْهٍ خاص، وأنْ يَخرجَ مِن قراءتِه برُؤْيةٍ واضحةٍ هيَ إمكانُ قيامِ وَحْدةٍ سِياسيَّةٍ بينَ عربِ الجَزِيرة، تَكُونُ نَواتُها مَكةَ تَحْديدًا.»
إنَّ التاريخَ بحاجةٍ إلى نظرةٍ مَوْضوعيَّةٍ مُتجرِّدةٍ بعيدةٍ عَنِ النُّصوصِ المُعلَّبةِ التي تَضعُه في إطارٍ واحِد؛ إطارٍ كهنوتيٍّ لا يَصحُّ الحَيْدُ عَنه، أو التفكيرُ خارجَ دائرتِه، لكَيْ نَصلَ إلى قراءةٍ عَقلانيةٍ نستطيعُ بها فَهمَ الأحداثِ التي شكَّلتْ ثَقافتَنا، وبُنِيَ عليها تُراثُنا. بهذا المنهجِ يُناقِشُ الدكتورُ «سيد القمني» دورَ البيتِ الهاشِميِّ في التمهيدِ لتأسيسِ الدولةِ الإسلاميةِ على يدِ النبيِّ محمَّد، ويَرصدُ ما كانَ لَدَيهم من تطلُّعاتٍ ليَكُونوا أصحابَ حُكمٍ ورِئاسة؛ ويناقشُ أيضًا دورَ مركزِ مكةَ التجاريِّ في دعْمِ تلك التطلُّعات، مُتتبِّعًا مراحلَ هذا البناءِ من بدايتِه كحُلْم، إلى تنفيذِ التخطيطِ الهاشميِّ ودعْمِ الدَّعوةِ الجَدِيدة، إلى التعصُّبِ لابنِ عُمومتِهم ونَصْرِه، وإرساءِ قواعدِ الدولةِ الإسلاميةِ الناشِئة.