الترجمة من اليابانية إلى العربية
هذه هي تلخيصٌ لمحاضرة قُمتُ بإلقائها باللغة اليابانية على عددٍ من الأدباء وأساتذة الأدب ومُترجِمين ومهتمين بالأدب من أعضاء «جماعة إييداباشي الأدبية» والتي أَشرُفُ أن أكون عضوًا مؤسِّسًا فيها.
المحاضرة كانت بغرض التعريف باللغة العربية والأدب العربي، ثم التعريف بدور الترجمة في وضع أسسِ النهضة الحضارية والعلمية التي قامت إبَّان ازدهار الدولة الإسلامية، بعد ترجمةِ ما وصل إلينا من تراث القدماء إلى اللغة العربية وخاصة تراث اليونان، ومن ثَم نقل هذا الإرث الإنساني إلى اللغات الأوروبية، فساعَد في تطوُّر البشرية في العصور الحديثة، وفي نهاية المحاضرة تكلُّمت عن الوضع المأسوي الذي أصبحَت عليه حالة الترجمة إلى اللغة العربية الآن، ضاربًا المثال بحال الترجمة من اللغة اليابانية إلى اللغة العربية، وهو ما أُركِّز عليه في السطور التالية.
من خلال إحصائية «مؤسسة اليابان» السالفة الذكر ومن خلال رصدي لغيرها من مصادر، فيما يلي بعض الأرقام عن حالة ترجمة الكتب اليابانية إلى اللغة العربية. والمفاجأة الكبرى هي أن عدد الكتب التي تُرجمَت من اللغة اليابانية إلى اللغة العربية في كل الدول العربية وعلى مرِّ العصور يقل عن الثمانين كتابًا، سواء كانت الترجمة مباشرة أو من خلال لغةٍ وسيطة. والعدد الذي وصلتُ إليه كان ٧٦ كتابًا فقط، ربما زاد كتابَين هنا أو ثلاثة كتبٍ هناك مما لم أستطع الوصول إليه.
الدول العربية التي قامت بنشر كتبٍ يابانية مترجمة هي كالتالي:مصر ٣٧ كتابًا بنسبة ٤٩٪ من الإجمالي، لبنان ١٨ كتابًا بنسبة ٢٤٪، الإمارات العربية المتحدة ٩ كتبٍ بنسبة ١٢٪، وسوريا أربعة كتبٍ بنسبة ٥٪، والعراق والكويت لكلٍّ منهما ٣ كتبٍ بنسبة ٤٪، وأخيرا المغرب وعُمان لكلٍّ منها عملٌ واحد؛ أي إن ٨ دولٍ فقط هي التي قامت بالنشر، واكتفت باقي الدول العربية بالقراءة، هذا إن وصلَت لمرحلة القراءة. أما محتوى تلك الكتب فكان أغلبها أعمالًا أدبية، وهي كالتالي: ٥٦ روايةً بنسبة ٧٤٪، ١١ كتابَ قصصٍ قصيرة بنسبة ١٤٪، ثلاث مسرحياتٍ بنسبة ٤٪، و٦ أعمالٍ في غير تلك من أنواع بنسبة ٨٪. أما المأساة فهي نسبة الترجمة المباشرة إلى الترجمة غير المباشرة؛ أي عن لغةٍ وسيطة كانت هي اللغة الإنجليزية في الأغلب الأعم، الترجمة من خلال لغةٍ وسيطة كان عددُها ٥٤ عملًا بنسبة ٧١٪، والترجمة من اللغة اليابانية مباشرةً عددها ٢٢ عملًا بنسبة ٢٩٪ من إجمالي الأعمال المترجَمة. أما عن كُتاب تلك الكتب فيأتي الكاتب يوكيو ميشيما على رأس قائمة الكُتاب الأكثر ترجمةً للغة العربية بعدد ١٠ أعمالٍ بنسبة ١٣٪، موزَّعة بين رواياتٍ وقصصٍ قصيرةٍ ومسرحياتٍ، ثم ياسوناري كاواباتا صاحب أول جائزة نوبل في الآداب تُعطى لياباني، بعدد ٨ أعمالٍ بنسبة ١١٪، عبارة عن رواياتٍ وقصصٍ قصيرة، يليهما أشهرُ روائيٍّ يابانيٍّ على قَيد الحياة والياباني الأكثر مبيعًا في العالم حاليًّا، هاروكي موراكامي بعدد خمسة أعمالٍ كلها روايات بنسبة ٧٪، يتقاسم المركزَ الرابعَ كلٌّ من كينزابرو أويه (صاحب نوبل الثانية والأخيرة حتى الآن لليابان في الأدب)، وجونئتشيرو تانيزاكي، وأوسامو دازاي، وريونوسكيه أكوتاغاوا، وكوبو آبه، بعدد ٣ أعمالٍ بنسبة ٤٪ لكلٍّ منهم على حدة.
وهذه الأرقام تدُل على كل حالٍ فيما تدُل على أن الوضع مُزرٍ وبائس إلى حدٍّ بعيد، ويحتاج إلى أن ننتبه نحن العرب إلى تلك الأمة التي تقع في أقصى الأرض، والتي سقطَت سهوًا من حسابنا في الترجمة، وأن تقوم حركةُ ترجمةٍ كبرى تعمل على ترجمة أدبِ وثقافةِ وحضارةِ هذا الشعب بشكلٍ شامل، تشترك فيها مؤسساتٌ حكوميةٌ كبرى، سواء كانت لدولةٍ عربيةٍ منفردة أو لتجمُّعٍ ما من عدة دولٍ عربية.