ملالة١
سكون، عندما ارتفع بأكمله
الجسد المر.٢ الذي أتجه نحوه،
اليد التي مدتها إليَّ كانت مشعَّةً،
كلما تقدمتُ إليها ابتعدتْ.
ها أنا ذا ضائعٌ في هذا السعيِ العقيم.
عندما تموج الصباح تمددت
وضحكت، وسرقت شيئًا من عيني،
صبية الجنون، أيتها الملالة.
ما أقلَّ ما كنت نشوانة وحلوة!
لمَ لمْ تتبعك الذاكرة؟
أتكون هديتك سحابة؟
هي همسة، تزحم الأَغصان
بالأغنياتِ البعيدة.
ذكرى، صورة عابرة،
ضحكة اكتئابٍ،
ظلال دم.
كمثل نبع خجول في ظل
قديمٍ لأشجار زيتون،
تعودين؛ لتُهَدهِديني
في صباح لم يزل سرًّا،
ربما ما زلت أشتاق لشَفَتيك …
ليتَني لا أعرفُهما بعد الآن.
١
العنوان الأصلي هو: إلى الملل أو السأَم، وقد فضلتُ هذه الكلمة؛ لأن القصيدة
تدور حول شكلٍ أسطوري حالم، يشبه ربةً أو حورية لا يكفُّ الشاعر عن البحث عنها
والسعي إليها، ولكنه لا يصل إليها أبدًا — ولعلَّها أن تكونَ تعبيرًا عن كائنٍ
يُغري الرجل ويُغويه، ويخلصه من عِبء بشريته. وأحسب أن في هذه القصيدة — المحكمة
الدقيقة والكثيفة بالرموز والاستعارات — أصداءً تسربتْ إلى نَفْس الشاعر وخياله
من بعض قصائدِ مالارميه — الذي قرأه الشاعر وترجمه إلى الإيطالية — ومن قصيدة
«لا بيثيا» أو آلهة القدر الشابة ﻟ بول فاليري (راجع إن شئت كتابي عن ثورة
الشعر الحديث، الطبعة الثاني، القاهرة أبوللو للنشر والتوزيع، ١٩٩٨م.)
٢
حرفيًّا: الفج أو النَّيِّئ.