يومًا بيوم
١
ما من أحدٍ، يا أمي، تعذَّب كلَّ هذا العذاب …
وانطفأَ وجهه،
لكن بعينيه اللَّتين بقيتْ فيهما بقية حياة.
تحول عن الوسادة متجهًا إلى النافذة،
وملأت العصافير الحجرة
التي كان الأب قد نثَر فيها فتاتَ الطعام؛
ليشتت ذهنَ صغيره …
٢
الآن لن يمكنني إلا في الحُلم
تقبيلُ اليدَين الحبيبتين …
وها أنا ذا أشقَى، أعمل،
لم يكدْ يتغير شيء في،
وأخاف، أدخن …
كيف سيُمكنني أن أواجه كلَّ هذا الليل؟ …
٣
سوف تصيبني الأيامُ بما لا أدري
من ألوان الرُّعب الأخرى،
لكني كنت أحسُّ وجودك بجواري،
كان من الممكن أن تواسيَني …
٤
أبدًا، لن تَعرفوا أبدًا،
كم يغمُرني الظلُّ بنوره المشرق،
الظل الخجول الذي يضَع نفسه بجانبي
عندما أتخلَّى عَن كلِّ أملٍ …
٥
أي صوت آخر هو صدًى يتلاشى،
حين يُناديني هذا الصوت،
من فوق القمم الخالدة …
٦
في السماء أفتِّش عن وجهِك السعيد،
ولن ترى عيناي في داخلي شيئًا آخَر،
عندما يَشاء اللهُ أن يغلقهما …
٧
وأنا أحبك، أحبُّك، وهو عذابٌ متواصل …
٨
الأرض المتوحِّشة، البحر الهائل
يفصِلُني عن موضعِ القبر،
الذي بدأ يتحلَّلُ فيها
الجسد المعذَّب …
لا أهميةَ لهذا … فما زلت أميِّز دائمًا
صوت هذه الروح
الذي عجزتْ عن الدِّفاع عنه هنا …
إنه يعزلني، بينما يزداد حفاوة وودًّا
ومن لحظةٍ لأخرى،
في سرِّه البَسيط …
٩
توجهت مرةً أخرى للتلال، لأشجارِ الصنوبر الحبيبة،
ونغم الوطن الذي يردِّده إيقاعُ الهوَاء
ولن أسمعه أبدًا معك،
يمزِّقُني مع كلِّ نفس …
١٠
الغصن المحبط تحتَ حدِّ البلطة،
لا يكاد يشكو أثناءَ سقوطه،
لا … ولا ورقة الشجَر عندما يلمسُها النسيم …
لكنَّ آلهةَ الغضب هي التي ضربتِ الكيان الرقيق،
والحنان الدافق لذلك الصوت يأكلني …
١١
لم يعد الصيفُ يثير فيَّ الحَماس،
ولا الربيع يُلهمني بشَيء.
يمكنُك أن تهبط علينا، أيُّها الخريف،
ومعك أمجادُك الحمقاء:
فمن أجلِ رغبةٍ منهوبة ينشر الشتاء
أشد فصول السنة رحمةً …