عصر الأيديولوجية
«تتميَّز فترة الفلسفة الحديثة الواقعة بين إمانويل كانت وبين إرنست ماخ بأنها فترةٌ مرَّت فيها الميتافيزيقا — التي كان ديفيد هيوم قد أَجهَز عليها منذ عهدٍ قريب، وكانت قد أُعلِن موتُها رسميًّا — بعهدِ إحياءٍ مُعجِز عادت فيه إلى الظهور في المِثالية المطلَقة لدى فشته وهيجل، وعاشت حياةً جديدة قوية في المذهب الطبيعي التطوُّري عند هربرت سبنسر، ووجدَت، كما يرى البعض، دارَها الباقية في المادية الديالكتية عند كارل ماركس.»
شهد القرن التاسع عشر ازدهارَ مَملكاتٍ فلسفية كاملة، ودخولَ تعديلاتٍ عميقة على مفهوم التفلسُف، وتغييرًا هائلًا لمعاني الألفاظ الأساسية في الفلسفة التقليدية، واندثارَ مسائلَ فلسفيةٍ وظهورَ مسائل أخرى؛ فاستحق أن يُطلَق عليه «عصر الأيديولوجية» من قِبَل «هنري أيكن»، الذي راح يَعرض أهم فلاسفته وأفكارهم من خلال نصوصهم التي تُمثِّل تفكيرهم واتجاهَهم الأيديولوجي؛ فتناوَل الفلاسفة الألمان مثل: «إمانويل كانت» وكتابه «نقد العقل الخالص»، ومنهجه الترنسندنتالي؛ و«فشته» وفلسفته التي تُمثِّل جسرًا بين أفكار «كانت» و«هيجل»، وآرائه حول طبيعة الوعي الذاتي؛ وفلسفة «هيجل» التي تُعَد قمةَ تطوُّر المِثالية، وأكثر المذاهب الفكرية تأثيرًا في القرن التاسع عشر؛ و«شوبنهاور» ونقده ﻟ «فشته» و«هيجل»، ودعوته إلى العودة إلى منهج «كانت». كما تناوَل فلسفةَ الفرنسي «أوجست كونت»، والبريطانيَّين «جون ستيوارت مل» و«هربرت سبنسر»، وغيرهم من فلاسفة القرن التاسع عشر.