اللغة
اختفت اللهجات البربرية من تونس أو كادت، حتى إننا لا نصادف من يتكلم البربرية فيها إلا في سندٍ بمنطقة قفصة، وتمزرد بين قبائل مطماطة، وفي جزيرة جربة؛ حيث تتحدث النساء خاصةً بألفاظٍ بربرية قديمة.
وقد تم استعراب اللغة في تونس، وإن يكن ذلك على مراحل، لا نعرف تفاصيلها على وجه التدقيق، والظاهر أن هذا الاستعراب قد حدث بأسرع مما نتصور وبخاصة في مدن الساحل، وقبل أن يشن بنو هلال وسليم غاراتهم على تونس، انتشرت لغة الحواضر بين الفلاحين، فغيَّروا فيها، ونشأت بذلك لهجات ريفية، وتختلف لغة البدو في حروفها وقواعدها عن عربية الحضر، وكذلك عن لغة المدن الساحلية.
ويلاحظ أن اللغة الغالبة على تونس، كانت أكثر لغات بلاد المغرب محافظةً على عروبتها، وإن استعارت بعض المفردات التركية والإيطالية، وهي الآن تُكثر من استعارة الألفاظ الفرنسية، أما عربية اليهود، فتأثرها بالفرنسية أشد، وقد تنقرض لغتهم هذه قبل أن يتمكن العلماء من دراستها.
ولنتحدث الآن عن الصحافة الوطنية في تونس …
ظل إصدار الصحف محرمًا بها أمدًا طويلًا، بل إن الطباعة وتجارة الكتب كانت مقيدة وخاضعة للرقابة الإدارية التي نُظمت عام ١٨٧٠م بالمرسوم الصادر لتنظيم الدراسة بالجامع الكبير.
وأخذت جريدة «الرائد الرسمي التونسي» منذ عام ١٨٥٩م تنشر بعض الأخبار الإدارية، وقد تنشر بعض المواد الأخرى، ثم صدر في ١٤ أكتوبر ١٨٨٤م مرسومٌ أعقبه مرسوم آخر في ١٦ أغسطس (١٨٨٧م)، يرخصان بإصدار الصحف الفرنسية والإيطالية والعربية، وظهرت بعد ذلك بعام صحيفتان يوميتان عربيتان هما: «الحاضرة» لأبي شوشة و«الزهرة» للشاذلي، ولا تزال الصحيفة الأخيرة تصدر إلى الآن، وتعد من صحف المحافظين، وإن كانت في أول أمرها تدعو إلى التجديد، وبجانب هاتين الصحيفتين تصدر صحيفة «النهضة» كل يوم ما عدا يوم الاثنين، وأغلب الصحف العربية التونسية الآن أسبوعي: «الزمان» و«لسان الشعب» و«الصواب» و«النديم» و«الزهو»، أما صحيفة «الوزير» فهي شهرية، وكذلك صحيفة «المنير» التي تصدر في غير نظام.
وقد ظهرت أخيرًا مجلة شهرية مصورة، تُعنى بالتاريخ والأدب واسمها «العالم الأدبي»، غير أن أوسع المجلات الأدبية انتشارًا في تونس هي المجلات التي ترد إليها من القُطْر المصري.
وصدر تقويم يسمى «الرزنامة التونسية» من ١٨٩٩–١٩٢١م، ثم حلَّت محلَّه نشرة سنوية إدارية تسمَّى «التقويم التونسي».
وجدير بنا أن نلاحظ تلك الجهود الضائعة في سبيل إنشاء صحافة عربية محلية، كالذي بُذل في إنشاء صحيفة «العصر الجديد» في سفاقس، و«القيروان» في مدينة القيروان، بينما نجحت مجلة فرنسية أسبوعية صغيرة، يُصدرها بعض المسلمين في سفاقس واسمها «تونس الجديدة» لزهير العياضي، كما انتشرت مجلَّات أخرى منها «التونسي» لباش حانبا، و«صوت التونسي» للشاذلي خير الله، وقد حلَّت محل صحيفة «العلم التونسي» التي أخذت بدورها مكان صحيفة «الحر»، ثم أصدر عبد العزيز لروي في أغسطس ١٩٣٠م مجلة «الهلال»، وفي هذه الصحف التي تصدر كلها بالفرنسية نزعة وطنية إسلامية.
وقد كان لليهود أدب وصحافة باللغة العربية اليهودية، تكتب بحروف عبرية، ولكن هذه اللهجة اندثرت وقضت عليها اللغة الفرنسية، فلم يَعُدْ يصدر بها إلا مجلة صغيرة اسمها «الصباح».
ولليهود الآن صحفٌ أسبوعيةٌ ثلاث تصدر بالفرنسية «المساواة» وهي محافظة، ثم «العدل» وهي معتدلة، والأخيرة تسمى «الصحيفة اليهودية» وهي أروجها تدعو إلى الصهيونيو، أسسها فلكس ألوش عام ١٩٢٤م في سفاقس، ثم نقل إدارتها أخيرًا إلى مدينة تونس.