الأدعية والأوراد
الدعاء في القرآن
الأدعية جمع دعاء، وهو النداء، ويرد أحيانًا في القرآن بمعنى العبادة، كقوله عز شأنه في سورة الأعراف: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِي وقوله في سورة الرعد: لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ وقوله في سورة الكهف: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا وقوله في سورة الحج: وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُم بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ وقوله في سورة فاطر: ذَٰلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ * إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ وفي سورة الفرقان: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَـٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ.
وعند تأمل هذه الشواهد نجد الدعاء حين يرد بمعنى العبادة يتضمن أيضًا معنى النداء.
والدعاء مما يوصي به الأدب في الشريعة الإسلامية، وفي القرآن الكريم وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ وفي سورة البقرة: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ.
أدعية الأنبياء
والدعاء قديم جدًا في التقاليد الدينية، وقد قص القرآن نماذج من أدعية الأنبياء، منها ما ورد في سورة البقرة على لسان إبراهيم: رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ … رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
وروى القرآن دعوات إبراهيم بصورة أخرى في سورة إبراهيم فقال:وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ * رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ ۗ وَمَا يَخْفَىٰ عَلَى اللهِ مِن شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ * الْحَمْدُ للهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ * رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ * رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ.
ومن دعاء موسى ما ورد في سورة طه: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا وفي سورة القصص: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي.
ومن دعاء أيوب ما ورد في سورة الأنبياء أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.
ومن دعاء نوح ما ورد في سورة القمر أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ وما ورد في سورة نوح: رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا * رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا.
ومن دعاء زكريا ما ورد في سورة آل عمران رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ.
وفي سورة آل عمران جعل الله قول الصديقين هذا الدعاء: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.
والله يوصي أنبياءه بالدعاء، من ذلك ما جاء في سورة الإسراء وصية لنبيه محمد: وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا وما جاء في سورة (المؤمنون) وصية لنبيه نوح وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلًا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ وفي سورة الكهف يوصي رسوله بتعليم أمته أسلوب الدعاء قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَـٰنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا.
وفي هذه الشواهد دلائل على أن الدعاء قديم جدًا في التقاليد الدينية، وأدعية الأنبياء ذكرت في القرآن تذكيرًا للمؤمنين بما فيها من معنى العبودية والإيمان بأمر الأمر كله بيد الله، وأن من التقى أن يدعو الإنسان ربه، وأن يسأله النصر والغفران.
طبيعة الإنسان
والقرآن يحدثنا بأن الإنسان قد لا يعرف ربه إلا عند البأساء، ففي سورة الزمر وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ للهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ وفي سورة فصلت: وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ.
أدعية الرسول
وفي بعض عبارات هذا الدعاء ضعف، ولا سيما هذه العبارة: «أسألك كما تجيرني بين البحور، أن تجيرني من عذاب السعير»، وقد يكون هذا الدعاء مما أضيف إلى كلام الرسول.
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي بصري نورًا، وفي سمعي نورًا، وفي لساني نورًا. اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري.
والأدعية المأثورة عن رسول الله كثيرة جدًا، وهي تمثل رجاءه في الله واعتماده عليه، وفناءه فيه.
اهتمام المسلمين بترجمة أدعية الأنبياء
اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي، فاقبل معذرتي؛ وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي، وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنوبي. اللهم إني أسألك إيمانًا يباشر قلبي، ويقينًا صادقًًا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبت عليّ والرضا بما قسمته لي يا ذا الجلال والإكرام.
ومن الواضح أنه من العسير نقل ما دعا به آدم، ولكن المسلمين بفطرتهم الصوفية اطمأنوا إلى أنه لا بد لآدم من دعاء، وكذلك اطمأنوا إلى أن الله أوحى إليه «إني قد غفرت لك، ولم يأتني أحد من ذريتك فيدعوني بمثل الذي دعوتني به إلا غفرت له وكشفت غمومه وهمومه ونزعت الفقر من بين عينيه، واتجرت له من وراء كل تاجر وجاءته الدنيا وهي راغمة وإن كان لا يريدها».
وإن صحت رواية هذا الكلام عن عائشة فهو دليل على أن العرب قبل الإسلام كانوا يحبون أن يكون (البيت) من مواضع الدعاء المقبول، وأنه كان كذلك منذ آدم وقبل أن يبنى.
اللهم هذا خلق جديد فافتحه علي بطاعتك، واختمه لي بمغفرتك ورضوانك، وارزقني فيه حسنة تقبلها مني، وزكها وضعفها لي، وما عملت من سيئة فاغفرها لي، إنك غفور رحيم، ودود كريم.
اللهم لا تؤدبني بعقوبتك، ولا تمكر بي في حيلتك، ولا تؤاخذني بتقصيري عن رضاك، عظيم خطيئتي فاغفر ويسير عملي فتقبل، كما شئت تكون مشيئتك، وإذا عزمت يمضي عزمك، فلا الذي أحسن استغنى عنك وعن عونك، ولا الذي أساء استبد بشيء يخرج به من قدرتك، فكيف لي بالنجاة ولا توجد إلا من قبلك.
وفي هذا الدعاء محاولة عقلية سنجد أمثالها في «أحزاب» الصوفية.
اللهم إني أصبحت لا أستطيع دفع ما أكره، ولا أملك نفع ما أرجو وأصبح الأمر بيد غيري، وأصبحت مرتهنًا بعملي، فلا فقير أفقر مني. اللهم لا تشمت بي عدوي، ولا تسوء بي صديقي، ولا تجعل مصيبتي في ديني، ولا تجعل الدنيا أكبر همي، ولا تسلط علي من لا يرحمني، يا حي يا قيوم.
وأدعية عيسى وتحميداته كثيرى تزخر بها مؤلفات الصوفية.
وفيما نقله المتقدمون من أدعية الأنبياء ما يؤيد ما نريد إثباته، وهو شغف المسلمين بمأثور الدعوات، ولا ننسى أن أدعية الأنبياء نقلت عن لغات غير عربية، فوضعها ناقلوها في أسلوب غنائي يترواح بين السجع والازدواج.
أدعية المؤمن في مختلف الأحوال
وفي كتب الفقه والآداب الإسلامية أدعية مختلفة باختلاف ما يباشر المؤمن من الأعمال، وللمسلم الصالح فرص لا تنقطع للدعاء، فيقول حين يجلس للوضوء «أعوذ بك من همزات الشياطين، وأعوذ بك رب أن يحضرون».
ويقول عند غسل يديه: «اللهم إني أسألك اليمن والبركة، وأعوذ بك من الشؤم والهلكة».
ويقول في الاستنشاق: «اللهم أوجد في رائحة الجنة، وأنت راض عني».
وعند الاستنثار: «اللهم إني أعوذ بك من روائح النار، ومن سوء الدار».
ويقول عند غسل كل عضو: «اللهم بيض وجهي بنورك يوم تبيض وجوه أوليائك، ولا تسود وجهي بظلماتك يوم تسود وجوه أعدائك».
ويقول عند غسل اليمين: «اللهم أعطني كتابي بيميني، وحاسبني حاسبًا يسيرًا» وعند غسل الشمال «اللهم إني أعوذ بك أن تعطيني كتابي بشمالي أو من وراء ظهري».
وعند مسح الرأس: «اللهم غشِّني برحمتك، وأنزل علي من بركاتك، وأظلني تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك»، وعند مسح الأذنين: «اللهم اجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم أسمعني منادي الجنة مع الأبرار»، وعند مسح الرقبة: «اللهم فك رقبتي من النار، وأعوذ بك من السلاسل والأغلال»، وعند غسل الرجل اليمنى: «اللهم ثبت قدمي على الصراط المستقيم يوم تزل الأقدام في النار»، وعند غسل الرجل اليسرى: «أعوذ بك أن تزل قدمى على الصراط يوم تزل أقدام المنافقين في النار».
ويقول عند ختام الوضوء: «أشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سبحانك الله وبحمدك، لا إله إلا أنت، عملت سوءًا وظلمت نفسي، أستغفرك اللهم وأتوب إليك، فاغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، واجعلني من عبادك الصالحين، واجعلني عبدًا صبورًا شكورًا، واجعلني أذكرك ذكرًا كثيرًا، وأسبحك بكرة وأصيلًا».
وهناك أدعية تسبق الوضوء، وأدعية تقال عند الأذان وفي أثناء الصلاة وبعد الصلاة، وأدعية تقال قبل النوم وعند اليقظة وأدعية تقال في الصوم والفطر وعند مناسك الحج. وفي ذلك كله ما يغمر المسلم بنفحة روحانية هي من أهم آثار التصوف في الأخلاق.
وقد اهتم الغزالي بعرض طائفة من «الأدعية المأثورة عند كل حادث من الحوادث» فيقول: المؤمن حين يخرج إلى المسجد «اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا إليك، فإني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا ولا رياء ولا سمعة، خرجت اتقاء سخطك، وابتغاء مرضاتك، فأسألك أن تنقذني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت».
ويقول حين يخرج من المنزل لحاجة: «باسم الله، رب أعوذ بك أن أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي».
ويقول إذا دخل السوق: «اللهم إني أسألك خير هذه السوق وخير ما فيها، اللهم إني أعوذ بك من شرها وشر ما فيها، اللهم إني أعوذ بك أن أصيب فيها يمينًا فاجرة، أو صفقة خاسرة».
ويقول إن كان عليه دين: «اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك».
ويقول عند لبس الثوب الجديد: «اللهم كسوتني هذا الثوب فلك الحمد، أسألك من خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له».
ويقول عند التطير: «اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يذهب بالسيئات إلا أنت، لا حول ولا قوة إلا بالله».
وعند رؤية الهلال: «اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والبر والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحب وترضى، والحفظ عما تسخط».
وعند هبوب الريح: «اللهم إني أسألك خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به».
ويقول حين تبلغه وفاة أحد الناس: «اللهم اكتبه في المحسنين، واجعل كتابه في عليين، واخلفه على عقبه في الغابرين، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله».
ويقول عند التصدق: «ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم».
وعند الخسارة: «عسى ربنا أن يبدلنا خيرًا منها إنا إلى ربنا راغبون».
وعند ابتداء الأمور: «ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدًا، رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري».
وعند النظر إلى السماء: «ربنا ما خلقت هذا باطلًا سبحانك فقنا عذاب النار، تبارك الذي جعل في السماء بروجًا وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا».
وعند رؤية الصواعق: «اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك».
وعند المطر: «اللهم سقيا هنيًا، وصيبًا نافعًا، اللهم اجعله صيِّب رحمة ولا تجعله صيِّب عذاب».
وعند الغضب: «اللهم اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من الشيطان الرجيم».
وعند الغزو: «اللهم أنت عضدي ونصيري وبك أقاتل».
وعند الهم: «اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك. ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء غمي، وذهاب حزني وهمي».
وعند النظر في المرآة: «الحمد لله الذي سوى خلقي فعدله، وكرم صورة وجهي وحسنها وجعلني من المسلمين».
وعند اشتراء خادم أو غلام أو دابة: «اللهم إني أسألك خيره وخير ما جبل عليه، وأعوذ بك من شره وشر ما جبل عليه».
وعند التهنئة بالزواج: «بارك الله فيك وبارك عليك، وجمع بينكما في خير».
أثر الأدعية في الأدب والأخلاق
والمهم هو تذكير القارئ بأثرها في الأدب والأخلاق، أما من جهة الأدب فحسبه أن يتذكر أن المؤمن الذي يحفظ ما أثر من الأدعية في مختلف الأحوال يظفر بثروة نفيسة من الألفاظ والتعابير، لها سلطان خفي أو ملحوظ على كلامه وتفكيره، وذلك مغنم ليس بالقليل. وأما من جهة الأخلاق فهي رياضة على حسن الأدب مع الله وتمثل قدرته ورحمته في كل لحظة يهم فيها المرء بعمل حقير أو جليل. وشعور المؤمن بعظمة ربه هو أساس الخوف من الصغائر والكبائر، والرغبة في التقرب إليه بصالح الأعمال. يضاف إلى ذلك أن هذه الأدعية تكرر وتعاد لأن أكثرها موصول بظروف تقع كل يوم، وفي تكرارها ما يوجب طبعها في النفس؛ وذلك ضمان لتأثيرها البالغ في الأدب والأخلاق.