ذكرنا فيما سبق أن «أحمس» الأول كان له أولاد كثيرون من زوجاته الكثيرات، وقد كانت
أكثرهن خصبًا على ما نعلم زوجه الأولى وأخته «نفرتاري»؛ إذ وضعت له ستة أطفال على أقل
تقدير، وكانوا الأولاد الشرعيين الذين يُنتخَب من بينهم الوارث للعرش، وأكبر أولاد
«أحمس» هو على ما يظهر، الأمير «سابا إيري»، وقد كان يحمل كل الألقاب التي تؤهله لولاية
العرش، غير أن المنية عاجلته وهو في صباه، فأصبح الوارث بعده للعرش أخوه
«أمنحتب».
ولما لاقى «أحمس» الأول حتفه كان ابنه «أمنحتب» الأول لا يزال حديث السن لم يبلغ مبلغ
الرجال ليتولى العرش بنفسه، فأخذت «نفرتاري» زمام الحكم في يدها، وأصبحت الوصية على
العرش، كما فعلت والدتها «أعح حتب» مع «أحمس» الأول كما سبق ذكره، ولا غرابة في أن نجد
هذا النشاط من جانب «نفرتاري»؛ إذ قد عرفنا أنها كانت صاحبة نشاط عظيم في عهد زوجها
«أحمس» الأول، وهي بلا شك تُعَدُّ ثانية الملكات اللائي — بما لهن من حق مقدَّس شرعي
—
لم يجلسن في عقر دارهن خاملات، بل أخذن على عاتقهن أعباء الملك ومهامه، مدَّعين لأنفسهن
المساواة بل التفوق — بما يحملن من ألقاب — على أزواجهن وأولادهن في حكم البلاد؛ ولا
نعجب إذا رأينا الملكة «أعح حتب» التي كانت قد بلغت من الكبر عتيًّا الآن تلعب دورها
من
وراء الستار في إغراء «نفرتاري» في أخذ مقاليد الأمور في يدها؛ لتكون هي الوصية على عرش
ابنها الصغير كما فعلت هي من قبلها مع «أحمس» الأول، وقد عاشت «أعح حتب» حتى السنة
العاشرة من حكم «أمنحتب» الأول، غير أنها قد أحجمت عن التدخُّل في مهام الحكم إلى أن
وافاها المنون، وقد عُثِر على تابوتها كما سبق الكلام عن ذلك.
(١) حروب أمنحتب الأول
والظاهر أن أول حملة قام بها «أمنحتب» الأول كانت على بلاد «كوش»، كما سبق القول
عن ذلك عند الكلام على ترجمة «أحمس» بن «أبانا»، فقد صعد الفرعون في النيل في سفينة
«أحمس» بن «أبانا»، حيث يقول هذا الضابط البحري إنه هزم العدو وعاد إلى مصر مظفرًا،
أما في آسيا فلا نعرف أنه قام بحروب فيها، ومع ذلك فإنه يحتمل أن هذا الفرعون قد
حاوَلَ طوال مدة حكمه أن يسير على متابعة سياسة والده الاستعمارية؛ والواقع أننا
نجد في نقشٍ مؤرَّخ بالسنة الثانية من حكم «تحتمس» الأول، أن دولته كانت تمتد من
«تمبوس» (في النوبة العليا) حتى «نهر الفرات»، وليس لدينا ما يحملنا على الشك في
هذا التصريح، كما أنه ليس من المعقول أن يكون المصريون قد أوغلوا كلَّ هذه المسافة
في السنة الأولى من حكم «تحتمس» الأول، بل يجب أن يُعزَى ذلك التقدُّم إلى عهد
«أمنحتب» الأول. ولما كانت الوثائق تعوزنا لمعرفة مصدر هذا التقدم في الفتوح
المصرية في عهد كلٍّ من هذين الملكين، فإنه من المحتمل جدًّا أن تأسيس الإمبراطورية
يُعزَى إلى حكم «أمنحتب» الأول الذي كان حكمه طويلًا نسبيًّا.
أما عن الحملة التي يقال إن الفرعون قام بها على اللوبيين (؟) فقد جاء ذكرها في
ترجمة حياة «أحمس بننخبت»
(Urk. IV. p. 36)؛ حيث
يقول: وقد رافقت ثانيةً ملك الوجه القبلي والبحري «زسر كارع» (أمنحتب الأول)
المرحوم، وقد أحضرت له من شمالي «يامو» التابعة لحقول «كهك» ثلاث أيدٍ. وقد قال
الأستاذ «زيته» إن حقول «كهك» هذه مكان غير معروف، يحتمل أنه في الشمال الغربي من
مصر. كما يقول: إن «حقول يامو» يحتمل أن تكون إحدى الواحات الواقعة في الصحراء اللوبية.
١ أما «مسبرو» فيقول: «إن الفرعون قام بحملة إلى «لوبيا» بعد حملته على
«إثيوبيا»، وتسكن قبيلة «كها كا» بين بحيرة «مريوط» و«واحة آمون»، ولا بد أنها قد
هاجمت بجرأة المقاطعات الغربية من الدلتا، وقد نظم الفرعون حملةً عليهم مخلدًا ذكرى
انتصاره بصنع لوحة صغيرة من الخشب، نجد ممثلًا عليها الملك المظفر ملوحًا بسيف في
يده على العدو، الذي كان طريحًا على الأرض عند قدمَيْه.»
٢
والظاهر أن أعمال «أمنحتب» الأول الحربية قد وقفت عند هذا الحد؛ إذ ليس لدينا من
الآثار ما يشير إلى أي انتصارات أخرى قد أحرزها في مدة حكمه الطويل، غير أن هذا لم
يمنع معاصريه من الاحتفال به بوصفه فرعونًا فاتحًا مظفرًا؛ إذ نشاهده مصورًا على
لوحة صغيرة من الخشب محفوظة بمتحف «اللوفر» وهو يضرب بسرور أمراء البلاد الأجنبية،
٣ كما نراه في مشهد آخر واقفًا في عربته على أهبة مطاردة عدوين أو الحمل
عليهما، وقد أمسك بهما وهما في حالة إغماء.
٤ أما في الصيد والقنص فتدل المناظر التي وصلتنا من عصره على أنه كان
صيادًا ماهرًا؛ إذ نجده مثلًا وهو يقبض على أسد من ذيله، وقد رفعه في لمح البصر في
الفضاء قبل أن يقضي عليه؛
٥ والواقع أن هذه المناظر كانت من الأمور التقليدية عند المصريين في
حروبهم وصيدهم، غير أنها أحيانًا كانت ترتكز على حقائق تاريخية هامة.
ولا مراء في أن البلاد المصرية كانت في حاجة إلى فترة من الراحة، والنزوع عن
متابعة الحروب ابتغاءَ أن تشفى من الجروح التي أصابتها مدة الحروب الطويلة التي
عانتها البلاد في عهد والده وسلفه مع الهكسوس، وسواء أرغب «أمنحتب» عن الحروب لعدم
ميله إليها، أو لأسباب سياسية، فإن الجيل الذي عاش فيه قد استفاد من كراهيته
للحروب، كما استفاد الجيل السابق من حب والده «أحمس» لشن الغارة على العدو وقهره،
ولا غرابة إذن في أن نرى المدن في عهد «أمنحتب» قد استعادت حياتها العادية، ونمت
فيها الزراعة، وازدهرت التجارة؛ ممَّا زاد في ثروة مصر وجعلها على استعداد تام
للقيام بفتوحها المقبلة على يد فراعنتها الشجعان.
(٣) لوحة كارس
هذا عن آثار الملك نفسه، وما قام به من أعمال، أما عن جدته «أعح حتب» التي بقيت
على قيد الحياة مدة طويلة في أيام حكمه، فلدينا لوحة تذكارية لمدير أملاك هذه
الملكة العظيمة، الذي يُدعَى «كارس»، واللوحة مؤرخة بالسنة العاشرة من حكم «أمنحتب»
الأول حفيدها، وقد عُثِر عليها في جبانة «ذراع أبو النجا»، وهي محفوظة الآن بالمتحف
المصري؛ ولما كانت هذه اللوحة تظهر لنا ما كانت عليه هذه الجدة المسنة من العظمة،
والاعتراف بالجميل للموظف المخلص، وما كان يجب عليه بدوره أن يتصف فيه من جميل
السجايا أوردناها بنصها،
٢٣ وهاك الترجمة:
السنة العاشرة، الشهر الأول من فصل الصيف، اليوم الأول من حكم جلالة ملك
الوجه القبلي، والوجه البحري «زسر كارع» ابن الشمس من جسده «أمنحوتب الأول»
محبوب «أوزير» معطي الحياة، مرسوم صادر من أم الملك بتأسيس مقبرة وشعائر
جنازية لمدير الأملاك «كارس».
أمر الأم الملكية للأمير الوراثي حامل خاتم ملك الوجه البحري، والسمير
الوحيد، ومدير بيتي الذهب، ومدير بيتي الفضة، والمدير العظيم لأملاك الأم
الملكية «أعح حتب»، والحاجب المسمى «كارس»، لقد أمرت الأم الملكية أن يقام
ضريح لك في «العربة المدفونة»، وأن يُدوَّن عليه كل الوظائف، وكل الإنعمات
التي نلتها، وأن يبقى تمثالك في المعبد ضمن أتباع الإله العظيم (أي: لأجل
أن يشترك في أعياد الإله)، وأن يوقف لها (أي: التماثيل) قربان من اللحم،
وتعظم وتثبت قربانها كتابةً، وتقدم لك قربان ملكية كما تحب الزوجة الملكية
أن يقدم للأمير الوراثي حامل خاتم الوجه البحري والحاجب «كارس».
مديح كارس: المحبوب الوحيد، الذي يسكن
في جسم «سخمت»
٢٤ (الملكة)، ومَن يقتفي خطوات أميرته؛ ولذلك فإنه حل في قلبها
قبل الناس، وهو واحد يسكن في قلب سيدته حقيقة، وهو الذي يفضي إليه
بالأسرار، والذي يقف على مشاريع سيدته؛ ومَن يتجاوز حديثه ما في داخل
القصر، ومَن يجد الكلام (أي: يجد حلًّا للكلام)، ومَن يجعل الصعب سهلًا،
ومَن تعتمد سيرته على كلامه، ومَن تقر به إليها حقيقة، ومَن يعرف سوانح
القلب، السعيد المنطق في حضرة سيدته، والمهاب كثيرًا في بيت الأم الملكية،
الرزين في الملمات الممتاز القول، ومَن يخفي في نفسه أحوال القصر، ومَن فمه
مختوم على ما يسمعه، الأمير الذي يحل المعضلات، مدير البيت العظيم «كارس»
المرشد اليَقِظ لأعمال الأم الملكية، ومَن لا يفضل الليل على النهار الحاجب
«كارس».
نداء لقارئي النقش: يقول: يا أيها
الأمراء والكتَّاب والمرتلون والتابعون، ورجال الجيش، إن آلهتكم المحلية
ستمد حكم وستحييكم، وإن وظائفكم سترثها أولادكم بعد عمر طويل، إذا قلتم
قربانًا يقدِّمه الفرعون ﻟ «آمون» ذي الريشتين الرفيعتين رب الحياة، واهب
الحب، ورب الدفن، ومَن يمنح الدفن بعد الشيخوخة، لأجل أن يعطي قربانًا من
خبز وبقر وإوز، وكل شيء جميل طاهر ممَّا يقدم على مائدة رب الكل، لمدير
الخزانة الملكية، ومدير البيت العظيم للأم الملكية «كارس»؛ لأنه رجل صدق
أمام الأرضين، ومستقيم حقًّا، بريء من المين، وعميد العدالة، وحامي البائس،
ومنجي مَن لا خلاص له، وجاعل المتخاصمين يخرجان من عنده منشرحين بما يخرج
من فمه، يزن بالقسطاس المستقيم، والثاني الذي يحييه (الملك) بالاسم، ومَن
ينحني مثل الإله في ساعته (أي: ساعة خدمته) ليستمع إلى الحديث، وإنه في قلب
سيدته حقيقة، ومَن رفعت منزلته أميرة الأراضين، مدير ما له ثدي، وما له قرن
وحافر (كناية الحيوان بأنواعه)، مدير البيت العظيم «كارس» بن «عقا»، والذي
وضعته ربة البيت «تشا».
مغزى هذا النقش
ومما جاء على هذه اللوحة نفهم أن الملكة المسنة لا بد كانت مغرمة بمدير
قصرها، وإن شئتَ فقُلْ: مدير خاصتها، كما يُعبَّر عن ذلك الآن، وأنها بأمرها
إقامة قبر له في «جبانة أوزير» المقدسة الواقعة في البلد المقدس (العرابة)،
قدمت له هدية ثمنية كان يطمح إلى مثلها كل مصري يريد أن يكون له ضريح فخم بجوار
إله الموتى العظيم، الذي يسكن في ذلك البلد المقدس.
والواقع أنه إذا كان «كارس» هذا صادقًا في نصف ما قصه علينا، فإنه كان حقيقة
جدير بأحسن قبر يمكن للملكة المسنة سيدته أن ترفع بنيانه في العرابة، فأي عاهل
من عواهل عصرنا لا يقدم عن طيب خاطر ونفس مطمئنة، ما يكافئ به خدمات رجل يحل
المعضلات ويجعل الصعب سهلًا، ويضاف إلى ذلك أنه فضلًا عن حل المعضلات يجمع إلى
نفسه تلك الصفة التي لا يقدر على إحرازها إلا القليل من الناس، وهي قدرته على
أن يطبع على لسانه، ويختم عليه مما يصل إلى مسامعه؟ ولكن من الجائز أن أمثال
أولئك الموظفين الذين تخرج في مدرستهم «كارس» كانوا وقفًا على مصر منذ ثلاثة
آلاف وأربعمائة سنة مضت، وأنهم أصبحوا لا يتخرجون في تلك المدرسة بعدُ.
ولقد ضربت الملكة «أعح حتب» المثل في معاملة خدَّامها المخلصين، وهي بذلك
تقدم المثل الأعلى لعالمنا الجديد قبل مماتها بقليل، في حياة حفيدها.
(٥) ابتكاره في الدفن
وقد كشف عن معبده الجنازي عام ١٨٩٦ بعد الميلاد عند حافة الصحراء الغربية في
«جبانة ذراع أبو النجا»، غير أنه لم يحقِّق حتى الآن مكان قبره، رغم ما قدم المستر
«كارتر» من البراهين القوية،
٢٥ على أنه هو القبر الذي كشفه اللورد «كارنرفون» عام ١٩١٤ ميلادية، على
مسافة ٨٠٠ متر من المعبد الجنازي الذي أقامه هذا الملك؛ إذ يعتقد المستر «ويجل» أن
قبره هو القبر الذي يحمل رقم ٣٩ في النهاية الجنوبية من وادي الملوك؛ ولذلك فإن
حقيقة مكان دفنه لا تزال غامضة للآن، وعلى أية حال فإنه على الرغم من الزعم القائل
بأن خلفه «تحتمس» الأول، هو الذي يُعتبَر أول مَن أنشأ عادات الدفن في «وادي
الملوك»، فلا بد من الإذعان بأن «أمنحتب الأول» كان أول مَن وضع تصميمَ فكرةِ فصل
المعبد الجنازي عن القبر، وبذلك كان في إمكانه أن يحصل على سرية القبر لبُعْده من
الخطر الذي كانت تُهدَّد به القبور، وقد زار قبر «أمنحتب الأول» لجنة الفحص التي
شكلت في عهد «رعمسيس التاسع» لفحص مقابر الملوك في الجهة الغربية من «طيبة»، كما
جاء في ورقة «أبوت»، وهاك ما جاء فيها:
إن الأفق الأبدي للملك «زسر كارع بن شمس» «أمنحتب»، وهو الذي يبلغ عمقه
مائة وعشرين ذراعًا في قاعته العظيمة، وكذلك في ممره الطويل، وهو الذي يقع
في شمالي معبد «أمنحتب صاحب الحديقة»، وقد وضع عمدة البلد «بيزر» تقريره
عنه للملك «خع أم واس» (رعمسيس التاسع) للضابط الملكي «نسو آمون»، ولكاتب
الفرعون، ولمدير بيت المتعبدة المقدسة للإله «آمون رع» ملك الآلهة (أي:
الملكة)، وللضابط الملكي «رع نفر كا إم با أسن»، ولحاجب الملك، وللحكام
العظام قائلًا (في هذا التقرير): «إن اللصوص قد سرقوه» — قد فُحِص اليوم،
ووجده البناءون سليمًا.
وأول ما تجدر ملاحظته هنا أن هذا القبر كان غريبًا في شكله بالنسبة للمقابر
الأخرى التي فُحِصت، وبخاصة عمقه الذي كان يبلغ مائة وعشرين ذراعًا؛ إذ لم توجد
مقبرة أخرى حُفِرت في واجهة هذه الصخور تقرب من هذا العمق؛ وذلك لأن المقابر
العميقة كلها قد حُفِرت في الواجهة الأخرى من الصخر في وادي الملوك، والواقع أن
مقبرة هذا الفرعون تُعَدُّ الأولى بين طائفة المقابر الطويلة العمق التي انتشر
نموذجها في عهد الأسرات من الثامنة عشرة إلى الأسرة العشرين.
(٦) عبادة أمنحتب الأول والملكة نفرتاري
ولا غرابة في أن يكون قبره عظيمًا بهذا الوصف، فإنه كان يُعَدُّ إلهًا يقدِّسه
المصريون، ولما كانت أمه «نفرتاري» قد أصبحت في نظر الشعب تمثِّل «إزيس»، فإنه كان
بدوره يمثِّل «أوزير» حامي الجبانة، وقد مثل على غراره في اتخاذ ألوان الآلهة
الجنازية، فنجده ممثَّلًا باللون الأسود يتبعه ابنه «سابا إيري»،
٢٦ وفضلًا عن ذلك كان شكله يحشر مع الآلهة الأخرى لتزيين داخل التوابيت
ولحماية موميات عباده.
٢٧ ولهذا الفرعون تمثال في «متحف تورين» يمثله جالسًا على عرشه في جلسة
ملك يتحدث إلى رعيته، أو في هيئة إله يتقبل خضوع عباده،
٢٨ ورسم التمثال تقرأ فيه مرونة يد النحات في إبداع تصويره بدرجة مدهشة في
عصر مثل هذا، فالرأس أعجوبة في اللطف والرشاقة الطبيعية. والواقع أن الإنسان يشعر
بأن النحات كان يحس لذة وسرورًا في نحت تقاسيم هذا الفرعون، وفي إخراج هذا المحيا
الذي ارتسمت عليه السماحة وهدوء الحالم في نومه،
٢٩ والواقع أن عبادة هذا الملك قد بقيت أكثر من سبعة قرون إلى أن نُقِل
تابوته، ووُضِع مع توابيت أعضاء أسرته الآخرين في المكان الذي بقوا فيه مختبئين حتى
كشف عنهم اللصوص في عصرنا هذا. على أن جسمه كان قد نُقِل قبل ذلك مرات عدة بعد أن
سُرِق قبره طبعًا، فنعلم أن موميته قد دُفِنت ثانيةً في عهد الملك «باسبخانو»
الأول، بعد مضي نحو خمس وستين سنة على ذلك، ونُقِل ثانيةً في حكم الملك «بترم»
الأول، أيْ بعد ثلاثين سنة من دفنته الثانية، وبعد ذلك بنحو قرن نجد تابوت الملك
مودعًا قبر الملكة «أنحابي»، وذلك في عهد الملك «سي آمون»، ولكن بعد ذلك لا نعرض
إلى أي تاريخ بقي في هذا المخدع الأخير، وعلى أية حال فإنه كان لا بد من نقله مرة
أخرى كما ذكرنا؛ حيث وُجِد أخيرًا في الدير البحري، ومن ثَمَّ إلى «متحف القاهرة»،
ثُم من هنا إلى ضريح سعد، ثُم إلى بيت مدير مصلحة الآثار في الدور السفلي، ثُم
نُقِل إلى الدور العلوي، ثم نُقِل إلى المتحف أخيرًا.
(٧) وصف تابوته وموميته
وقد صُنِع تابوته على صورة جسم آدمي وطُلِي باللون الأبيض، ووجه يشبه وجه تمثاله،
وقد رُصعت عيناه وخُطت بالكحل، ممَّا أصبغ على كل الجسم حيوية مدهشة، وقد لُفَّ
الجسم بنسيج من الكتان برتقالي اللون، وقد ثبت في مكانه بشرائط سمراء اللون
تقريبًا، ثم غُطِّي بغطاء وجهه من الخشب والنسيج المقوَّى، وقد طُلِي باللون الذي
طُلِي به خارج التابوت، وكانت المومية مزينة بأكاليل زهر من الرأس إلى القدم، غير
أنها قد ذبلت الآن، وعلى هذه الأكاليل وُجِد زنبور لا بد أنه قد اجتذبته رائحة
الأكاليل العطرية في وقت الدفن، وبقي سجينًا بوضع الغطاء على التابوت، وقد استمرَّ
الزنبور محفوظًا لم يُصِبْه أيُّ عطب بمواد المحنط، وقد حُفِظ جناحاه الشفيفان دون
أن يصيبهما أي تعفُّن مدةَ هذه القرون الطويلة.
٣٠
ولا تزال مومية هذا الفرعون ملفوفة في كفنها لم تُفحَص بعدُ، كأن قوته الإلهية في
الأزمان القديمة قد بقي سرها حتى الآن، فحافظت على جسمه فلم يَنَلْه أيُّ ضررٍ على
الرغم من التقلبات التي مرت عليه طوال هذه القرون، وكذلك بقي اسمه في الشعب المصري
يتردد على شفاههم حتى يومنا هذا، دون أن يفطن إليه أحدٌ، اللهم إلا علماء الآثار؛
إذ ظل اسمه باقيًا في الشهر القبطي برمودة
Pharmenoth، ومعناه عيد «أمنحتب».
٣١
والظاهر أن زوجه «أعح حتب» الثانية لم تلعب دورًا هامًّا في تاريخ حياته؛ لأن أمه
«أحمس نفرتاري» قد غطت عليها. حقًّا إننا نجد اسمها مذكورًا على عدة آثار، كما
نجدها ممثَّلة على الآثار عدة مرات مع زوجها «أمنحتب الأول»، ولا بد أنها أخت الملك
من أبيه وأمه؛ إذ كانت تحمل اللقب «الأميرة الوراثية» الذي أُعطِيته ابنتها «أحمس»،
وإلا لما فضلت على أخيها وزوجها «تحتمس» الثاني الذي كان من أم من عامة الشعب، كما
سنرى بعدُ، وقد عُثِر على تابوتها في خبيئة الدير البحري، وهو الآن في المتحف
المصري، أما الجثة فلم يُعثَر عليها (Gauthier L. R. Vol. II. p.
208)، وقد توفي «أمنحتب الأول» ولم يعقب منها ذكرًا، ممَّا عقد
أمر وراثة العرش بعض الشيء كما سنرى.
(١٠) الموظفون والحياة الاجتماعية في عهد «أمنحتب الأول»
كارس
من أهم النقوش التي تحدثنا عنها في حكم هذا الفرعون نقوش لوحة الموظف «كارس»،
ويرجع تاريخها إلى السنة العاشرة من حكم «أمنحتب الأول»، وقد تكلَّمنا عنها
فيما سبق.
وكان يحمل الألقاب التالية: الأمير الوراثي، والحاكم، وحامل خاتم ملك الوجه
البحري، والسمير الوحيد، والمشرف على بيتي الذهب، والمشرف على بيتي الفضة،
ومدير البيت، وحاجب الفرعون، ومدير البيت العظيم للأم الملكية، والمدير العظيم
لبيت الأم الملكية «أعح حتب» (Urk. IV. Pp.
44–49).
حورمني
في متحف «فلورنس» لوحة لموظف كبير، يُدعَى «حورمني» لم يُعثَر على قبره بعدُ،
وكان يحمل الألقاب التالية: الكاتب وحاكم نخن. وتدل نقوش اللوحة على أنه كان من
الأفراد أصحاب المكانة؛ إذ يقول: لقد أمضيتُ سنين عدة عمدةً لبلدة «نخن»، وقد
جمعت خراجها لرب الأرضين، ولقد مُدحت ولم توجد فرصةٌ قطُّ للومي، ولقد بلغت
الشيخوخة في «واوات» وأنا محبوب سيدي، وذهبت نحو الشمال بالجزية للملك كل عام،
وقد خرجت من عنده وأنا بريء، ولم يوجد عندي زيادة (راجع: Urk.
IV. p. 76-77)، ومن ذلك نعلم أن عمدة «نخن» التي كانت
تُعَدُّ الحدَّ الفصل بين مصر وبلاد النوبة، كان مسئولًا عن جميع خراج البلاد
الجنوبية، وعن حُسْن سير الأحوال فيها أمام الفرعون، ولسنا نعلم إذا كان هذا
الموظف قد رُقي إلى مرتبة حاكم إقليم «واوات» في بلاد النوبة السفلية، أو أن
بلاد «واوات» كانت تحت إدارة بلدة «نخن»؛ إذ نعرف فيما بعدُ خلال الأسرة
الثامنة عشرة أن إدارة نائب الفرعون في بلاد النوبة، كانت تمتدُّ من نخن حتى
كاراي.
رني بن سبك نخت
وفي متحف تورين تمثال لموظف يُدعَى «رني» (راجع: Urk. IV. p.
74) يحمل الألقاب التالية: الأمير الوراثي، والمشرف على
كهنة نخب، وقد دُوِّن على التمثال النقش التالي: قربان يقدِّمه الملك لنخبت
البيضاء صاحبة «نخن» (الكوم الأحمر) لتعطي كل شيء جميل وطاهر ممَّا يُوضَع على
مائدتها في كل عيد للسماء للأمير والكاتب الماهر عند الإله الطيب، الحازم في كل
الأشياء الصغيرة، المرحوم «رنني» يقول: «لقد خدمت ملك زماني وقد عرفته طفلًا
ورجلًا، وذكراي موجودة في القصر، وعرفت «حور» (أي: الملك)، وقد بلغت من العمر
أرفعه في مدينتي، وقد قادني قلبي لخدمة الملك، ولم أكن خسيسًا في فؤاد
(الفرعون) ولا مثيل لي، واسمي طيب في كل البلاد الأمير الوراثي، والمشرف على
كهنة نخب «رني»، الأمير الذي أنجبه الأمير الوراثي «سبك نخت» المرحوم.»
ومن النقش نعرف الاتصال الوثيق الذي كان بين هذا الأمير وبين الفرعون،
والظاهر أنه كان في خدمة والده من قبلُ؛ لأنه يقول إنه عرف الفرعون طفلًا
ورجلًا.
رني بن سبك حتب
وقد أنجبَتْ مدينةُ الكاب موظفًا آخَر في عهد هذا الفرعون يُدعَى «رنني» يحمل
الألقاب التالية: الأمير الوراثي والحاكم والمشرف على الكهنة والكاتب، ووالده
يُدعَى الأمير الوراثي «سبك حتب»، وعلى الرغم من أن ألقاب هذا الموظف ليس فيها
ما يسترعي النظر، إلا أن قبره الذي عُثِر عليه في «الكاب» قد زُيِّن بمناظر
تكشف لنا القناع عن بعض نواحي الحياة الاجتماعية اليومية في هذا العصر، وتشمل
مناظر زراعية نجد فيها تجديدًا لم يلحظ من قبلُ، فنشاهد عربة بخيلها تنتظر
«رني» يركبها، وذلك خلافًا لما نشاهد في مناظر الدولة القديمة؛ إذ كان صاحب
الضيعة يركب في محفته التي كانت تُحمَل على أكتاف خَدَمه عندما يريد الإشراف
على مزارعه (راجع: Excavations at Giza Vol. V. Fig.
123)، أو كان يركب في هودجٍ يحمله حمار (راجع:
Wrkh w. w, Ibid. p. 246)، ولكنا نشاهد
الآن العربة التي تجرُّها الجياد تحت تصرُّف صاحب الضيعة منذ بداية الأسرة
الثامنة عشرة، أيْ في عهد ثاني ملوكها «أمنحتب الأول»، ممَّا يدل على أن صاحب
المقبرة كان من أصحاب الثروة العظيمة؛ إذ كان لا يقتني الخيل والعربات إلا
أغنياء هذا العهد، ومن المناظر الطريفة في هذه المقبرة منظر الإشراف على عدِّ
الماشية وبخاصة الخنازير؛ فيقصُّ علينا النقشُ الخاص بذلك ما يأتي: «الإشراف
على تسليم الماشية بواسطة الأمير الوراثي والحاكم المشرف على الكهنة والكاتب
«رني» المرحوم: اثنان وعشرون ومائة ثور، ومائة رأس غنم، وعشرون ومائة من
الماعز، وخمسمائة وألف خنزير.»
وكذلك يُشاهَد صاحب المقبرة في وليمة ومعه أفراد من أسرته، من بينهم حفيد
يُسمَّى «سبك حتب»، وقد كان هذا الطراز من المناظر شيئًا شائعًا لتمثيل أفراد
الأسرة بأسمائهم ورسومهم بطريقة منطقية مفهومة فنية، خلافًا لما كان متَّبَعًا
في الدولة الوسطى، فقد كان يذكر على لوحة المتوفى الجنازية كل أسماء أفراد
أسرته لمدة أجيال مضت بطريقة مرتبكة يصعب فهمها، ومثال ذلك أسرة «تحوتي حتب»
حاكم مقاطعة البرشة (راجع: Newberry, “El Bersheh”, Vol. I pls.
XXIII–XXX). وفي مناظر هذه المقبرة نشاهد الراقصين «مورو»
والمسلتين والأشجار والحدائق، ويُرَى هنا الإله «أنوبيس» واقفًا داخل المحراب
في حين أن «أوزير خنتي أمنتي» يقف خارجه وراء «أنوبيس» (راجع:
L. D. III. Pl. lle.). وهناك منظر آخَر
غريب في بابه نجد فيه كاهنين؛ أولهما هو
الكاهن المحنط «وتي»، ورئيس الخزانة المقدسة، وكلاهما يصبُّ ماء الطهور على رأس
المتوفى الجالس على إناء كبير (راجع تفسير هذا المنظر في كتاب حفائر الجيزة
“Excavatfons at Giza”, Vol. IV. p. 69.
ff.). وقد كان الملك في مثل هذا المنظر بدلًا من الكاهنين
الإلهيين «حور» و«ست»، ثم فيما بعدُ «حور» و«تحوت» (راجع:
Jequier, “Les Monuments Funeraires de Pepi I.”, Vol. III.
p. 39. fig. 27.)، وهذه المناظر الجنازية قد أصبحت من خواص
قبور الأسرة الثامنة عشرة كما سنشاهد فيما بعدُ (راجع: Taylor,
“The Tomb of Renni”, Pl. II–VII.).
إنني
ومن أعظم الشخصيات البارزة في عهد الأسرة الثامنة عشرة «أنني» الذي عاصَرَ
عدة ملوك، مبتدئًا بحكم الفرعون «أمنتحتب الأول» حتى «تحتمس الثالث»، وقد
تكلَّمنا عن نقوشه فيما سبق، وكان يحمل الألقاب العظيمة التالية كما وجدناها في
قبره بشيخ عبد القرنة: المشرف على مخازن غلال الإله آمون، والأمير، والحكم،
والذي يملأ قلب مليكه، والكاتب، ومدير كل الأعمال في «الكرنك»، والمشرف على كل
الأختام في «الكرنك»، ومدير كل الأعمال في الجبانة الملكية، والمشرف على كل
الصناع في بيت آمون، والقاضي.
ويشمل قبر «أنني» بعض مناظر ثمينة يمكن تقسيمها ثلاثة أقسام: (١) مناظر خاصة
بحياته اليومية. (٢) مناظر جنازية. (٣) مناظر تدل على حوادث معيَّنة في حياة
الموظف الحكومية. وهذه الظاهرة أصبحت شائعة في نقوش مقابر الأسرة الثامنة عشرة،
وقد بلغت قمتها في عهد «أخناتون»؛ حيث نجد طراز هذه المناظر قد شغل معظم جدران
مزارات القبور كما سنرى بعدُ.
ففي القسم الأول من مناظر مقبرة «أنني» نرى المتوفى يتسلَّم الحيوانات
الأليفة والطيور مثل الحمير والماعز والخنازير والغنم والكراكي (راجع:
Porter and Moss “Bibliography” I, p.
109).
وكذلك نجد مناظر صيد السمك (Wreszinski “Atlas” I. Pl.
262b).
ومنظر وليمة، ومنظر صيد في الصحراء كذلك (Porter £ Moss, Ibid
p. III. & Wreszinski 262a).
والمنظر الأخير رسم على طراز الدولة الوسطى، ويذكرنا بمناظر قبور «ميرو بني
حسن» (راجع “The Rock Tombs of Meir”, Vol. I, Pls. VI, VII,
VIII, & “Beni Hasan”, Vol. I. Pl. XII)؛ ومما يُلحظ
في المنظر الأخير صورة لضبع قد رُميت بسهم وتحوَّلت بجزئها الخلفي لتهاجم كلب
الصيد الذي انقضَّ عليها. أما المنظر الثاني (الجنازي) في هذه المقبرة، فيشاهد
رسم سير الجنازة والمسلات والأشجار والبركة والراقصين «موو»، كما يشاهد بطبيعة
الحال المتوفى جالسًا مع زوجه على كرسي وأمامهما مائدة القربان المحملة بكل ما
لذَّ وطاب من أنواع الطعام (راجع Porter & Moss, Ibid. p.
109.). ويُشاهَد في القسم الثالث الحصاد، ولا بد أن ضيعته
كانت واسعة النطاق؛ إذ ترى الكَتَبَة يحملون تقاريرهم، والمشرفين على الحصاد
ذاهبين ورائحين، وقد يجوز أن هذا المنظر يعبِّر عن حصاد محصول الإله «آمون»
الذي كان «أنني» مشرفًا على مخازن غلاله (Wreszinski, Ibid I,
Pl. 264). وممَّا هو جدير بالذكر هنا أن المفتن المصري في
مناظر الحصاد بدأ في محاولة رسم البقعة المجاورة لمكان الحصاد على جدران
المقابر، وفي الدولة القديمة نجد رسم أدغال البردي في مناظر حياة البطاح (راجع:
Capart, “Memphis, A l’Ombre des Pyramides”, fig.
381-382)، في حين أن مناظر الصحراء قد مُيِّزت برسم تعاريج
وأعشاب من نباتات الصحراء مبعثرة هنا وهناك، ممَّا يدل على أنها أرض رملية
قاحلة (راجع: Davies, Mastaba of Ptahhetep and Akhethetep Pl.
XXII)، ثم نشاهد بعد الدولة القديمة أن مناظر الصيد قد خطت
خطوة إلى الأمام، وذلك بإضافة إطار لمنظر الصيد للتدليل على وجود جزء خاص من
الصحراء مسوَّر بشباك كانت تساق إليه الطرائد (راجع: The Rock
Tombs of Meir Vol. I. Pl. 8. And Beni Hassan. Vol. I. Pl.
13)، أما في مقبرة «إنني» فلدينا منظر معين كامل نشاهد فيه
بيتًا ذا طابقين محاطًا بجدار عالٍ، وفي الحديقة نرى مخازن غلال مخروطية الشكل
ومباني مقببة يحتمل أن تكون مخازن من نوع خاص، كما يلاحظ أن المباني في هذا
المنظر مختفية بعض الشيء بجدران سور، يدل على ذلك الأشجار التي قد ظهرت فروعها
من فوق الجدران بصورة طبيعية (راجع: Wreszinski, Atlas. Pl. 60
a–c.)، كلُّ ذلك يوحي أن المصري قد أخذ يصور أمامنا
الطبيعة كما هي Landscape.
وسترى مناظر طبيعية فيما بعدُ أكثر إتقانًا وتجديدًا في مقابر عظماء القوم في
أواخر هذه الأسرة.
بن آتي
من النقوش الهامة التي بقيت لنا مدوَّنة على صخور «شط الرجال» نقوشُ «بن
آتي»، الذي عاصَرَ ثلاثة فراعنة مبتدئًا بالفرعون «أمنحتب الأول»، والظاهر أنه
كان مكلَّفًا قطع الأحجار من هذه الجهة، وكان يحمل الألقاب التالية: المشرف على
أعمال «أمنحتب الأول» المرحوم «بن آتي»، والمشرف على أعمال «مباني الفرعون»
تحتمس الأول «بن آتي»، والمشرف على أعمال الفرعون «تحتمس الثاني» (راجع:
Urk IV, p. 52)، وكذلك نجد أنه عاش في عهد
الملكة «حتشبسوت» و«تحتمس الثالث»، غير أننا نجده هنا مشرفًا على مباني معبد
آمون، وقد وجد له النقش التالي في نفس الجهة ملك الوجه القبلي والوجه البحري
«منخبر رع» معطي الحياة، والإلهة الطيبة «ماعت كارع» المبعوثة ثانية، والمشرف
على أعمال معبد «آمون» «بن آتي» المرحوم (راجع: Petrie, Season,
p. 14, 357). ولدينا موظفون آخرون من هذا العهد، غير أننا
لا نعرف عنهم إلا القليل حتى الآن، وهم:
أمنمحات
وقد عثرنا له على لوحة محفوظة الآن في متحف «جنيفا»، وقد ذكر عليها ألقابه:
كاتب قربان معبد «أمنحتب»، ويعتبر الأستاذ «فيدمان» أن هذا اللقب يعادل لقبًا
آخَر يرجع إلى عهد الدولة القديمة، وهو كاتب المائدة (Rec.
Trav. Vol. XVIII, P, 124).
آمو
وفي معبد سراية الخادم بشبه جزيرة سيناء كشف عن عتب باب لموظفٍ يُدعَى «آمو»،
ولا بد أن الفرعون كان قد أرسله بوصفه حامِلَ خاتم ملك الوجه البحري في بعثة،
والواقع أن صاحب هذه الوظيفة كان يقوم في معظم الأحيان برحلات إلى هذه الجهات
في عهود مختلفة. أما ألقابه الأخرى فهي: الأمير الوراثي، والحاكم، وحامل خاتم
ملك الوجه البحري، والسمير الوحيد، والدائم الحب في بيت الملك.
أتف نفر
توجد في متحف «اللوفر» لوحةٌ لموظف يُدعَى «أتف نفر»، وتذكر لنا لوحته أنه
كان «حاكم الواحة»، وقد ذكرنا أن الواحات في عهد الأسرة الثامنة عشرة كانت
مقسَّمة قسمين: الواحات الشمالية والواحات الجنوبية، غير أن «أتف نفر» لم
يخبرنا في لوحته أي قسم كان تحت إدارته، والظاهر أنه كان عمدة المدينة قبل عمل
هذا التقسيم، وقد ذكر لنا على هذه اللوحة أنه كان قريب الفرعون ومحبوبه، وقد
عاش في عهد «أمنحتب الأول»، وقد جاء في آخِر لوحته هذه — التي لا تحتوي إلا على
ألقابه وصيغة القربان الجنازية — أن ابنه «حورام أخت» الكاتب هو الذي أقام له
هذا الأثر (Urk. IV. p. 50-51).
بازو
وفي المتحف المصري لوحة أهداها خادم الإله «منتو» رب «أرمنت» للفرعون
«أمنحتب» الأول، ويشاهد في الجزء الأعلى منها الفرعون المذكور وأمير ملكي
يتعبدان للإله «منتو»، وفي أسفل اللوحة نشاهد «بازو» نفسه راكعًا في هيئة
تعبُّد، وتدل كل الأحول على أن هذه اللوحة كانت في معبد «أرمنت» بالوجه القبلي
(راجع: Lacau, Steles du Nouvel Empire, p. 10. ff.
V). كان هذا الموظف يشغل وظيفة «رئيس خبازي معبد آمون»،
وقد عُثِر له على لوحة في خبيئة مبعد الكرنك التي كشف عنها «لجران»، ويشاهد
عليها الملكة «أحمس نفرتاري» والفرعون «أمنحتب الأول» يتعبدان لثالوث «طيبة»،
وهم: «آمون»، و«موت»، و«خنسو».
وقد أهدى لهم «نب يوتب» هذه اللوحة (راجع: Legrain,
Repertoire, p. 28. No. 43).
حوي
ذكرنا أن عبادة كلٍّ من «أمنحتب الأول» والملكة «أحمس نفرتاري» كانت شائعة في
عصرهما، وظلت بعدهما عدة قرون، وفي عهدهما نجد «حوي» الذي كان يُلقَّب «خادم
الإله آمون» قد ترك لنا لوحةً يتعبَّد فيها لهما، وكذلك نشاهده يتعبَّد للفرعون
«أحمس الأول» (راجع: Lacau, Ibid p. 7 & Pl.
XXIV).
تحتمس
عُثِر لهذا الموظف على أداة كتابة من الخشب عليها طغراء «أمنحتب الأول»، وقد
لُقِّب عليها بالكاتب والمدير الملكي وكاتب الحريم، ممَّا يدل على أنه كان صاحب
مكانة في البيت المالك (راجع: Rec. Trav. T. XIV. p.
56).