أولاد الملكة
- (١)
البرنسس فكتوريا إمبراطورة الألمان، ولدت سنة ١٨٤٠، واقترنت سنة ١٨٥٨ بفردرك وليم الذي صار إمبراطورًا لألمانيا وهو أبو الإمبراطور الحالي، فإن ذلك البرنس زار بلاد الإنكليز ورأى البرنسس فكتوريا وطلب الاقتران بها فأجابته إلى ما طلب وعُرض الأمر على مجلس النواب فأقر عليه أعضاؤه كلهم بلا خلاف، وأقروا أيضًا على إعطائها أربعين ألف جنيه صداقًا وثمانية آلاف جنيه كل سنة مدى الحياة، واحتُفل بزيجتها في الكنيسة الملكية بقصر سنت جمس في الخامس والعشرين من شهر يناير سنة ١٨٥٨، وتُوفي زوجها الإمبراطور فردرك الأول في ١٥ يونيو سنة ١٨٨٨ فخلفه ابنها ولهلم الثاني الإمبراطور الحالي.
- (٢)
البرنس ألبرت إدورد برنس أوف ويلس، وُلد في التاسع من نوفمبر (ت٢) سنة ١٨٤١، واقترن بالبرنسس ألكسندرا ابنة كرستيان التاسع ملك الدنمارك في العاشر من شهر مارس (آذار) سنة ١٨٦٣، فرُزق منها ابنين: البرنس ألبرت فكتور ولد سنة ١٨٦٤ وتُوفي سنة ١٨٩٢، والبرنس جورج دوق ولد سنة ١٨٦٥، وثلاث بنات: لويزا زوجة دوق فيف، ومود زوجة البرنس كارل الدنماركي وفكتوريا، وفي حياة برنس أوف ويلس وحياة زوجته أمور كثيرة لا يليق الإغضاء عن ذكرها، ولو التزمنا الاختصار التام في هذه الفصول.
وُلدت البرنسس ألكسندرا زوجة برنس ويلس سنة ١٨٤٤، ولم يكن أبوها ملكًا ولا كان قريبًا من سرير الملك بل لم يكن نسبه متصلًا بنسب ملك الدنمارك إلا في أسلافهما في القرن الخامس عشر، ثم ترجح أن الملك سيموت بلا عقب فيخلفه أبوها؛ إذ لا أقرب منه إليه، ويُقال إنه لم يكن على شيء من الثروة في ذلك الحين، ولكن لما ظهر أنه ولي العهد حسنت حاله، حتى إذا صارت البرنسس ألكسندرا في السادسة عشرة من عمرها كان قادرًا على السياحة معها في مدائن أوروبا، واتفق أن برنس أوف ويلس لقيها أكثر من مرة في سياحته فوقعت عنده موقعًا عظيمًا وخطبها إلى أبيها سنة ١٨٦٢، فسُر أهالي إنكلترا وأهالي الدنمارك بهذه الخِطبة لا سيما وأن البرنس خطبها حبًّا بها لا لغرض سياسي كما يحدث كثيرًا في زيجة الملوك، ولما حان الوقت المعين للزيجة جاء بها أبوها وأمها وإخوتها إلى البلاد الإنكليزية فبلغوها في السابع من شهر مارس سنة ١٨٦٣، فرحبت بها البلاد أعظم ترحيب واحتفل بالزيجة في العاشر من مارس في كنيسة قصر وندزور، ولم تحضر الملكة الاحتفال رسميًّا لحدادها على زوجها، بل أقامت وراء مشبَّك تَرى منه الاحتفال ولا تُرى.
ومن ذلك الحين إلى الآن امتزجت حياة هذه الأميرة بحياة زوجها وأولادها، فلا يراها الإنكليز إلا معهم أو مهتمة بأعمال البر، وقد أحبُّوها حبًّا صادقًا لجمالها ودعتها وفضائلها الكثيرة حتى قال أحد أساقفة الكنيسة الإنكليزية: «إنها مقيمة في قلوب شعبها.»
وأُصيب ولي العهد بالحمى التيفويدية سنة ١٨٧١ فاهتمت الأمة الإنكليزية كلها بمرضه اهتمامًا شديدًا كأن في كل بيت منها مريضًا، وكانت البرنسس تجلس بجانب سريره نهارًا وليلًا تمرِّضه بنفسها، واشتد عليه الداء وغاب عن الصواب، ولم يعد يعي على شيء لكنه فتح عينيه ذات يوم وكان عيد ميلادها فقال: «اليوم عيد ميلاد البرنسيس.»، ثم غاب عن الصواب ثانية فأظهر بهذه الكلمات الوجيزة أن اهتمامه بها لم يكن أقل من اهتمامها به، ولو تغلب عليه الداء حتى أخرجه عن دائرة الشعور.
ومنَّ الله عليه بالشفاء فاجتمع الناس في الكنائس ألوفًا مؤلفة؛ ليشكروا الله على ذلك، وقد زادوا إكرامًا لزوجته على ما بدا منها من الحب له والاهتمام به.
ولا يغرب عن الأذهان أن نصف نوع الإنسان نساءٌ، وأن للنساء في البلاد الإنكليزية وفي كل الممالك الأوروبية شأنًا لا يقل عن شأن الرجال؛ فأولئك النساء ينظرن إلى الملكة فكتوريا وإلى كنتها البرنسس ألكسندرا كمثالَي الكمال الواحدة في رفعة المقام ونفوذ الكلمة، والثانية في حسن المنظر وجمال الطلعة والعطف على البائسين، فهما قدوة النساء والمثال الذي يحاولن النسج على منواله.
وقد امتاز ولي العهد وزوجته بحبهما لأولادهما وتعلقهما بهم واستصحابهما إياهم كلهم أو بعضهم أينما ذهبا، وبناتهما الثلاث بارعات الجمال مثل أمهن كما ترى في [شكل ١٠-٣، شكل ١٠-٤] ومحبات البر والإحسان مثلها.ولا ينشأ مقام خيري ولا عمومي في البلاد الإنكليزية إلا ويشترك البرنس أو زوجته في وضع حجر زاويته، وكثيرًا ما يشترك في إظهار فضل الفضلاء وتعظيم مقام العلماء كما يشارك أمه في استعراض الجيوش والأساطيل، وقد وصفته إحدى الجرائد الأمريكية بأنه أكثر الناس شغلًا في البلاد الإنكليزية؛ لأنه من حين وفاة أبيه إلى الآن وهو يقوم بأعمال أبيه في كل الاحتفالات الرسمية وبجانب كبير من أعمال أمه، وقد استعد لذلك بالدرس في مدرسة أكسفرد وكمبردج ثم ساح في أوروبا وأميركا وآسيا وإفريقيا ورأسَ دار العلم الإمبراطورية، واشترك في كل الأعمال النافعة، وهو مشهور بطلاقة الوجه وحسن المحاضرة والصيد والقنص وكل ما يباهي به رجال الإنكليز، ولا يظهر اهتمامه بشئون السلطنة الإنكليزية الآن؛ لأن مقاليدها في يد أمه، ولكن العارفين بحقائق الأمور لا ينكرون عليه هذا الاهتمام.
- (٣)
البرنس ألفرد دوق أدنبرج، وهو الآن دوق ساكس كوبرج غوثا بألمانيا، ولد في التاسع من أغسطس سنة ١٨٤٤، واقترن بابنة القيصر إسكندر الثاني سنة ١٨٧٤، ودخل الخدمة البحرية وهو في الرابعة عشرة من عمره جاريًا في خطة أسلافه الذين عزَّزوا قوة إنكلترا البحرية بانضمامهم إليها، ولم يكن له امتياز على غيره من التلامذة البحرية ولم يبلغ رتبة ملازم إلا بعد أن صار له تسع عشرة سنة من العمر، وعُرض عليه قبيل ذلك أن يكون ملكًا على بلاد اليونان فأبى مفضلًا أن يكون ضابطًا صغيرًا في بلاده على أن يكون ملكًا في غيرها، ثم ارتقى في المناصب البحرية رويدًا رويدًا إلى أن صار ثاني القبطان بعد ثلاث سنوات، واتصل به حينئذ لقب دوق أدنبرج، وأول سفينة وضعت تحت إمارته سفينة غلاطية فاشتهرت بحسن إدارتها، وبقي يرتقي في المناصب البحرية مثل غيره من أمراء البحر إلى أن تُوفي عمه دوق كوبرج سنة ١٨٩٣، فآلت تلك الدوقية إليه، وهو ميال إلى الموسيقى فيحسن اللعب على الكمنجة وحيثما حلَّ اجتمع حوله الراغبون فيها.
- (٤)
دوق كنوت، ولد في غُرة مايو سنة ١٨٥٠، ودخل المدرسة الحربية بولج وهو في السادسة عشرة من عمره، وارتقى في المناصب العسكرية رويدًا رويدًا إلى أن بلغ رتبة جنرال سنة ١٨٩٣، وقاد آلاي الغاردس في الحملة المصرية، وحضر معركة التل الكبير سنة ١٨٨٢، وقاد الجنود الهندية من سنة ١٨٨٧ إلى سنة ١٨٩٠، ثم خلف السر أفلن ود في الدرشت سنة ١٨٩٣ وحيثما اتجه عُدَّ من نخبة القواد.
إن المشاغل والمتاعب التي تحف بمنصبي عظيمة جدًّا، ولكني أطلب من الله أن يُديم لي الصحة والعافية ما دمت في قيد الحياة؛ لكي أقوم بما يجب عليَّ لخير بلادي وسلطنتي وسعادتهما.