الجِلف

إن الجلافة — بحسب تعريفها — سلوكٌ يسبِّب الضيق دون أن يُحدِث ضررًا مباشرًا. أما الجِلف فهو ذلك الشخص الذي:

يدخل «إنسان» ويوقظه من نومه بعد أن بدأ ينعس لكي يُثرثر معه «على راحته».

وإذا وجد شخصًا يستعد للسفر عطَّله عنه.

وإذا زاره أحدٌ طلب منه أن ينتظره حتى يقوم بنزهته «اليومية».

ويأخذ طفله من يد المربِّية، ويلوك طعامه (أو يفتِّته في فمه)، ويُناوله له بنفسه، كما يظل يدلِّلـه وهو يتمطق ويُسميه «عفريت بابا الصغير».

ويحكي أثناء الطعام كيف تناول شراب «الحربق» الذي طهَّره من أعلى إلى أسفل، وكيف كانت الصفراء في إفرازه أشد سوادًا من الصوصة على المائدة.

ويسأل أمه أمام الأهل والأقارب: «أخبريني يا ماما، كيف كان حالك في ذلك اليوم الذي جاءك فيه المخاض وولدتني؟!»

ويقول عن نفسه إنه إنسانٌ لطيف وغير لطيف، ولكن من الصعب العثور على شخص لا يجمع بين الصفتين.

وإن لديه (في بيته) الماء البارد في الخزَّان، والخضروات الطازجة الناعمة في البستان، ولديه طبَّاخ بارع في إعداد الطعام، وإن بيته «أشبه» بالنُّزل؛ إذ يزدحم دائمًا ﺑ «الضيوف»، وإن أصحابه أشبه بوعاء بغير قاع، فرغم أنه ودود ومُجامل إلا أنه لا يستطيع أن يُشبعهم.

وعندما يُقيم مأدبة لضيوفه، فإنه يجذب انتباههم للمُتطفل «الذي يتملَّقه ويشرح لهم فضائله»، كما يحثُّهم على الشراب ويقول إن كل شيء قد أُعِد «لإمتاع الضيوف. وإذا شاءوا ذهب العبد على الفور لإحضار الفتاة من المبغى لكي تعزف لنا جميعًا على الناي وتهيِّئ لنا الفرح والسرور.»