المُجامل
-
(١)
يمكن تعريف «التلهف على» المجاملة بأنه شكل من أشكال التعامل الذي يُقصَد به جلب السرور، وإن كان لا يترك انطباعًا حسنًا «عن صاحبه». أما «المتلهِّف» على المجاملة فهو ذلك:
-
(٢)
الذي يُحيِّي إنسانًا من بعيد، يدعوه «أفضل الناس»، ويعبِّر عن إعجابه الشديد به. إنه يُمسكه بكلتا يديه ولا يريد أن يتركه (ليمضي في حاله)، وبعد أن يصحبه على الطريق قليلًا يسأله متى سيراه في المرة القادمة، ثم يبتعد وهو يردِّد عليه «عبارات الثناء» والمجاملة.
-
(٣)
وإذا دُعي للتحكيم (في إحدى القضايا)، فإنه لا يكتفي بإرضاء الطرف الذي يقف في صفه، وإنما يحرص أيضًا «على إرضاء» خصمه حتى يبدو في موقف الحياد.
-
(٤)
«وإذا ثار خلاف بين الأجانب والأثينيين» قال إن الأجانب أعدل حكمًا من مُواطنيه.
-
(٥)
وإذا دُعي لمأدبة طعام طلب من مُضيفه أن يستدعي أطفاله، فإذا دخلوا قال إنهم يُشبِهون أباهم أكثر مما تُشبِه التينة تينةً أخرى، ثم يجذب بعضهم إليه ويقبِّلهم ويُجلسهم بجواره ويلعب معهم لعبة «الخرطوم والبلطة»، أما البعض الآخر فيتركهم ينامون على بطنه؛ مما يُضايقه بطبيعة الحال ويُشعره بأنهم يضغطون عليه.
-
(٦)
وهو يُبالغ في التردد على الحلَّاق، ويحرص على بياض أسنانه، ويبدِّل ثوبه ليظهر دائمًا في مظهرٍ نظيف، ويضمخ «جسده» بأنواع الدهان المختلفة.
-
(٧)
وفي السوق يتردَّد على موائد الصرَّافين، ويختلف على الملاعب الرياضية حيث يتدرب الصِّبية، أما في المسرح فإنه يتخذ مجلسه — حين يكون هناك عرضٌ مسرحي — إلى جوار القادة «العسكريين».
-
(٨)
وهو لا يشتري لنفسه شيئًا، وإنما يشتري الزيتون لأصدقائه في بيزنطة، والكلاب الإسبرطية لأصحابه في كيزيكوس، والعسل «الهيميتي» لخلَّانه في رودوس، ثم يدور في المدينة ويحكي هذا «لكل إنسان».
-
(٩)
وهو يحب بطبيعة الحال أن يحتفظ بقرد، «كما يحلو له» أن يحصل على طائرٍ نادر، وحمامٍ صقلي، وقِطع زهر من عظام الغزلان، وزجاجات دهان صغيرة من «توري»، وعصًا ملوية من إسبرطة، وبساط بزخارف فارسية، ومساحة صغيرة مفروشة بالرمل للتدريب على الرقص، وملعب لكرة اليد.
-
(١٠)
وهو يُعيرها جميعًا بالتناوب للفلاسفة، والسفسطائيين، والمدرِّبين على المبارزة، والموسيقيين؛ ليعرضوا عليها ألعابهم، أما هو فيحضر متأخرًا لكي يقول أحد النظَّارة الذين تجمَّعوا لمشاهدتها: «هذا هو صاحب الملعب.»