مقبرة غيوم الغروب
لم يكن ثمة أمر هدد سلام قلب كازو، مثلما فعلت كلمة يامازاكي التي قال فيها:
«سيأتي عليك فراغ تكرهين حتى تحريك أصبع واحد من أصابعك.»
تُرى متى يأتي ذلك؟ أيأتي بعد عشرة أيام أم يأتي غدًا؟ لا ربما يكون جاء بالفعل وهي فقط التي لم تنتبه له.
وعندما تفكِّر كازو في ذلك، تشعر ببلبلة لا يمكن وصفها بالكلمات. فليس لديها ثقة بالنفس على تحمُّل ذلك الفراغ، ولقد ذاقت حتى تلك اللحظة من نصف عمرها أوقات فراغ أكثر من مرة، ولكنها تتوقع أن الفراغ هذه المرة سيكون فراغًا عملاقًا لا يمكن مقارنته بما سبق.
جرَّبَت كازو بعدة طرق أن تتخيل ملامح ذلك الوحش المخيف، ولكن لم يستطع خيالها أن يصل إلى شيء لم تخبره به من قبل. أيًّا كانت ملامح الوجه مُرعِبة ولكن مجرد أن يكون له وجه هو أقل ضررًا، ولكن ربما يكون ذلك الوحش عديم الوجه.
إن تجربة الانتخابات جعلَت عَيْنَي كازو تبرق بحذر تجاه صفاتها الشخصية الحقيقية. فلقد فككت شخصيتها التي آمنت بها حتى ذلك الوقت إيمانًا مُبهمًا وغامضًا، فاتضحَت لها الآن صفاتها المميزة المختلفة بشكل دقيق، على سبيل المثال، هي يمكنها تحمُّل ذلك الأمر حتى درجة ما، أو أنها تميل في ذلك الاتجاه بمقدار تلك الزاوية إلخ، ونتيجة لذلك أيقنت كازو أنها لم تَعدْ تحتمل أي قدر من الفراغ مطلقًا. مقارنة بالفراغ، تُفضِّل حياة مأسوية مُفعمة بالنشاط والحركة. إن عاصفة شمالية تصل لدرجة شق الجسد نصفين أهون عندها بكثير من حالة السكون في وسط مفرغ من الهواء.
أثناء وقوعها في تلك البلبلة الفكرية، دائمًا كان يلمع في ذهن كازو الحروف الذهبية لكلمة: «إعادة افتتاح ستسوغوان». ولكن لم تكن لديها أية حيلة لتحريك وضعه المستحيل والميئوس منه. تعرف كازو ذلك معرفة تامة. تعرفه معرفة تامة ولكنه يسحر عينَي كازو على الدوام مثل انبهارها تجاه الشمس الصغيرة التي تتألق كالذهب الأبيض في ركن من أركان السماء ذات الغيوم. إن الأمر المستحيل هو أصل ذلك البريق. ذلك هو معنى التألق. تتعلق بجمال وسط السماء العالية. مَهما أشاحت بوجهها عن ذلك التألُّق أكثر من مرة، يصل ذلك البريق إلى عينها، والسبب أن ذلك الأمر؛ مستحيل التحقيق.
ثم في المرة الأخيرة التي تلقي إليها بنظرة خاطفة تصل إلى اعتقاد أن كل الأمور الأخرى ظلام دامس.
… ظَل قلب كازو أثناء بضعة أيام، يضع على إحدى كفتي الميزان، الفراغ المحَتَّم قُدومه، وعلى الكفة الأخرى إعادة افتتاح ستسوغوان المستحيلة. تحتار تلك المرأة التي تفخر بسرعة اتخاذها القرار، بين شيئين مُبهَمَين مجرَّدَين على طرفي النقيض. تُرى ماذا سيكون طالعها في ذلك الوقت إذا سحبت اقتراع قراءة الطالع في معبد شينتو؟
عندما تسترجع أحداث الانتخابات منذ عدة أشهر في الماضي، لم يكن حزب المحافظِين قد فاز بسبب موقفه السياسي. ولم يفز بسبب المنطِق. ولم يفز بسبب العواطف. ولم يفز بسبب شخصية المرشَّح. فلقد كانت شخصية نوغوتشي عظيمة بكل تأكيد، ويملك منطقًا قويًّا وعواطفه القلبية رفيعة ونقية. لقد فاز حزب المحافظِين بواسطة الأموال … فقط.
ويجب أن يُقال عن ذلك إنه درس عادي متواضع، ولكن لم تستنفد كازو كل طاقاتها في الانتخابات من أجل تعلُّم ذلك الدرس. فالإيمان أن المال أقوى من أي شيء آخر، لم يكن إيمانًا جديدًا بدرجة خاصة بالنسبة إلى كازو. ولكن على الأقل استخدمت كازو المال مفعمًا بالعواطف، متضمنًا بالصلوات، ولكن كانت أموال المنافس تتدفق كالآلة. كانت الخلاصة التي تلاحق كازو هي الحزن من أن عواطفها ومنطق نوغوتشي كانَا بلا فاعلية أو تأثير، بدلًا من الحزن بسبب قلة المال. الحزن من أن كل أفعالها أثناء الانتخابات التي ضمنتها روحها وطاقاتها وآمنت بها في السابق؛ مثل الدموع الإنسانية، والابتسامات والضحكات الودودة والعَرق ودفء الجسد … انتهت جميعها بلا طائل.
كان ذلك صدمة جسدية بالنسبة إلى كازو، فلم تَعُد قادرة على الوثوق في سحر دموعها وابتسامتها. من بديهيات المجتمع الذي نشأت وتربَّت فيه كازو في الماضي، أن النفاق سلاح عظيم القوة، وكان يُفترض أنه يستطيع هزيمة قوة السُّلطة وقوة المال، ولكن كازو التي مرَّت خلال تجربة الانتخابات، اعتقدت أن تلك الأفكار مثل الأساطير البعيدة. هكذا كان تقييمها للانتخابات؛ بلا رأس ولا ذيل. أي إن «المرأة» هزمها «المال». إنه على النقيض تمامًا من ذلك الانتصار الجسدي الواضح والصريح عندما تُسلِّم المرأة نفسها لغني لا تحبه بعد أن تتخلَّى عن حبيبها الفقير.
ثُم، وقياسًا طبيعيًّا على ذلك، كانت هزيمة نوغوتشي كذلك في عين كازو مماثلة. أي إن «المال» هزم «رجولة» نوغوتشي.
لقد شعرت كازو بالغضب والكراهية تجاه تلك القوى التي برهنت لها بلا خجل أو حياء أن المنطق والعواطف والجاذبية الجسدية كلها لا حول لها ولا قوة. ولكنها انتبهَت أخيرًا أن حالتها النفسية تلك التي بلا مخرج مرتبطة بشكل لا يمكن فصله على استحالة إعادة افتتاح ستسوغوان. كان قلب كازو يعيش الفترة الأخيرة من الانتخابات على أمل حدوث معجزة تجعل المستحيل ممكنًا. الآن مات ذلك الأمل. يمكن القول إن الأمل في تحقيق تلك المعجزة في فترة نهاية الانتخابات، كان هو حقًّا أملها تجاه السياسة. ولكن السياسة خيَّبت أملها، ثم فقدَت كازو بالكامل أملها الروحاني تجاه السياسة.
ولكن إذا كانت كازو يئست من السياسة لهذا السبب فقط، فهذا يعني أن كازو، كانت مثلها مثل نوغوتشي تعتقد أن السياسة هي فقط المنطق والعواطف وقوة الشخصية. والسبب أن ما ثبت عدم فاعليته هو تلك العناصر الثلاثة فقط. وعلى العكس، إذا كانت السياسة هي التي أعطت كازو شجاعة الأمل في تحقيق المعجزة وقتها رغم ما يحيطها من أخبار كانت تدل في الغالب على اليأس، وبغض النظر عن مآل الأمر، فإن السياسة الآن لا تساوي اليأس.
عندما وصل تفكيرها إلى هذا الحال، تغيَّرت فجأة معنى السياسة داخل قلب كازو.
لقد كانت كل جهودها عديمة النفع بدرجة كبيرة، ولكن التخلِّي تمامًا عن الأمور التي تأكد عدم فاعليتها والتشبُّث فقط بالأمل في حدوث المعجزة، لربما يجعل ذلك المستحيل يتحقق ويصبح ممكنًا. ولربما تساعدها السياسة مرة أخرى. ربما كان الأمل في المعجزة الذي يظهر بين الفينة والأخرى المثالية، وكذلك الجهود تجاه المعجزة التي تحقق الواقعية، شيئًا واحدًا تحت مُسمَّى السياسة.
ربما يكون إعادة افتتاح ستسوغوان ليس مستحيلًا.
أثناء ما كانت تفعل ذلك، تولَّد داخل قلب كازو اكتشافًا سياسيًّا رائعًا.
«إن حزب المحافظِين فاز بالأموال؛ ولأنه أصبح عليَّ فقدان ستسوغوان، فالطبيعي أن أموال حزب المحافظِين تلك يجب أن تعوِّضَني.»
•••
كان ذلك الاكتشاف عظيمًا بالفعل.
استغلَّت كازو فرصة عدم وجود زوجها في البيت واتصلت هاتفيًّا بإين ساوامورا في مدينة كاماكورا. وكان ساوامورا قد تقلَّد منصب رئيس الوزراء عدة مرات ويُعتَبر الشخصية المحورِيَّة في قوى المحافظِين في اليابان. وقد تعرَّفت كازو على زوجة ساوامورا العُرفية بسبب معرفة قديمة بها.
على غير المتوقَّع حتى كازو اهتز صدرها من الخفقان عندما اتصلَت بالهاتف.
طرَق الخَفَقان صدر كازو بمطرقة. كانت كازو تَقترب وقتَها لأول مرة — دون أن تعلم هي — من جوهر السياسة الحقيقي؛ أي: الخيانة.
•••
كانت عائلة ساوامورا على مدى أجيالها تؤمن بالإلهة البوذية «بنْزايتِن»، ولذلك لم يتزوَّج إين حتى نهاية عمره حرجًا من تلك الإلهة العذراء شديدة الغيرة، بل اتخذ غيشا من منطقة ياناغيباشي تُدعى أوممه زوجة عرفية له، ولكن كان وضْعُها أمام المجتمع لا يزيد عن كونها خادمة. ولم تظهر أوممه طوال عمرها في العلن ولم تتحدث أمام الزائرين ولو بكلمة. وحتى الآن ما تزال تدعو زوجها في الواقع بكلمة «مولاي».
تجاه طلب كازو المقابلة قالت أوممه ما يلي في وضوح:
«أعتقد أن سيدي سيسره مقابلتك، سأسأله عن الموعد المناسب.»
وكانت النتيجة تحديد موعد اللقاء الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الخامس والعشرين من سبتمبر. يجب على كازو عدم التخلف عن ذلك الموعد لأي سببٍ كان.
… في اليوم التالي، عندما علمتْ أن نوغوتشي قد حدَّد موعد الانتقال للبيت الجديد في كوغانيه يوم الخامس عشر من سبتمبر، اندهشت كازو من سوء حظها الشديد. ولكنها لو أخلفت موعدها ذلك فعلى الأرجح لن يرضى إين ساوامورا أن يحدد لها موعدًا آخر.
عانت كازو من التفكير في سبب قاهر يجعلها تتغيب عن البيت في يوم الانتقال. تعلم جيدًا أن الزوجة يجب أن تحضر عملية الانتقال ونقل الأمتعة. ولكن نوغوتشي هو الذي قرَّر موعد الانتقال بمفرده دون أن يستشيرها، فلم يكن من صفات نوغوتشي الشخصية أن يناقش مع زوجته أمرًا مثل هذا. لا تستطيع كازو الآن تغيير موعد انتقاله للبيت الجديد بقوتها الذاتية.
عادت مرة أخرى إلى كازو قوة اتخاذ القرار العشوائي، اليوم السابق للانتقال، عادت إلى ستسوغوان بحجة إنهاء بعض الترتيبات، ثم استدعت طبيبها الخاص الذي يسكن بجوار ستسوغوان، واشتكَت له أنها تعاني من صداع شديد، وجعلَت الطبيب يتصل بنفسه من هناك بنوغوتشي ليبلغه أنها من الأفضل لها أن تبيت تلك الليلة في ستسوغوان. وفي الصباح الباكر من اليوم التالي، استدعَت الطبيب مرة ثانية، وجعلته يتصل بزوجها مرة أخرى، ليقول له:
«إن من الصعب عليها في تلك الحالة القيام بالمساعدة في نقل العفش اليوم، وإن عليه أن يسمح لها بالراحة حتى المساء في ستسوغوان.»
وبعد أن جعلت الطبيب يغادر سريعًا، أرسلَت اثنتين من الفتيات العاملات في المطعم للمساعدة في نقل العفش، تاركة معها أخلص العاملات وأقربهن إليها. ثم نهضَت كازو من فراش المرض بقوة اندفاع هائلة. كانت العاملة الأثيرة إليها قد فهِمَت وكانت قد أعدَّت لها ملابسها. كان الكيمونو طبقة واحدة من قماش مجعَّد مُزيَّن بطيور السِّمان وطُرز على حوافه زهور ناردين بتدرُّج من ألوان البني، وطُرز الحزام بأنواع مختلفة من الحشرات بخيوط فضية وبرونزية على أرضية بيضاء. جلست كازو أمام مرآة خزانة التجميل التي انصبَّت عليها مباشرة أشعة شمس صباح يوم في بدايات الخريف، وبدأَت تتجمَّل بعد أن خلعَت النصف الأعلى من الرداء. وقفَت العاملة بجوارها مكتومة الأنفاس تساعدها بتناولها الشيء الذي تحتاجه بدون أن تتحدَّث إليها كازو، بل حركة واحدة من عين كازو في المرآة. كانت العاملة تعلم أن مُهمَّة كازو الضخمة اليوم ستؤثر على مستقبَل العمال والخدم جميعًا.
بالرغم من ذلك التعب والإرهاق أثناء الصيف لتلك الدرجة، إلا أن كتف وصدر كازو الوفيرين لم يصبهما أي قدر من الترهُّل. فقط برزت الرقبة التي اسمرَّت بلون بني فاتح بسبب لفح الشمس أثناء الحملة الانتخابية، كزهرة ذابلة من بين البشرة البيضاء مثل الثلج. من الجهة الأخرى للمرآة تَنصبُّ أشعة شمس الصباح بطول السطح، وكانت تختزن داخلها بقايا عنف حرارة الصيف. ولكن بشرة كتف كازو وصدرها البيضاء كانت كأنها مخزن للثلج الطبيعي. كان ذلك البياض المركز الدقيق والرقيق رافضًا للضوء، ويبدو وكأنه يخفي داخله الغرفة الداخلية للصيف المظلم المنعش.
واقعيًّا تكفي بشرتها لا تَنمُّ مطلقًا عن عمرها لكي تثير العجب. كأن البشرة استطاعت المروج فالتةً بِلدُونة من أصفاد العمر الصلدة. كانت تلك البشرة المستقِرَّة بتلقائية وطبيعية، تلك البشرة التي تمتلك قوة مرونة كامنة فيها رشاقة ودهاء من نوع نادر، تكتفي بنفسها بنعومة وكأنها حليب امتلأت بها تمامًا قاعدة أصيص ورد. بدَت آثار مسام بشرتها بالغة الصغر التي تمدَّدَت بإسهاب متلقية أشعة شمس الصباح معطية لبشرتها توهُّجًا مُعتَّقًا.
قالت العاملة:
«يا لها من بشرة رائعة. إنها تجعل حتى النساء يرغبن في الهجوم عليها والتهامها التهامًا.»
– «لا وقت لدينا لهذا الكلام.»
ولكن كازو في قلبها قَبِلت ذلك المديح وغفرته لها، ثم فتحت عينيها على وسعهما بشدة ووجهتهما إلى داخل المرآة. دهنت سطح بشرتها كله بماء البشرة، وجعلت العاملة تدهن قفاها، وبدأت تضع المساحيق البيضاء، والحدود الواضحة بشدة مع الجزء الذي لفحته الشمس، أخفته بالدهان الأساسي بلون البشرة. لم يسبق لكازو أن وجَّهت كل قواها في التجمل بتركيز من قلبها وتوتُّر شديد في وقت قصير من قبل مثل هذه المرة.
«هل السيارة جاهزة للتحرك في أي وقت؟»
– «أجل.»
ومع بدء كازو في ارتداء الملابس أرسلت الخادمة لتستدعي السائق. دخل السائق الشاب، ووضع إحدى ركبتيه على أرض الممر. ألقَت سيدة المكان وهي تربط حبل الخصر نظرة بملامح حادَّة إلى السائق قالت له:
«حسنًا هل تسمعني؟ حذارِ أن تخبر مخلوقًا بالمكان الذي سنذهب له اليوم. لو عُرف سيكون الأمر جَللًا. حتى إن سُئلتَ من أي شخص فأجبتَ لن أُمرِّر الأمر بسهولة.»
•••
عندما عادت كازو إلى ستسوغوان في المساء كانت في أحسن حالاتها المزاجية. قالت للخادمة الأثيرة، إنها كلما حاولت المغادرة أمسك بها ساوامورا ودعاها ذلك العجوز صعب المراس للغداء معه في كاماكورا. ثم دخلت الحمام في عجلة لكي تزيل مساحيق التجميل. ثم بدَّلَت ملابسها إلى كيمونو بسيط وغير مُلفِت، وتظاهرت أن احمرار وجهها بسبب الاستحمام هو حمَّى من بقايا أثر الصداع وهرعت مباشرة إلى البيت الجديد في كوغانيه.
لم يقل نوغوتشي لها شيئًا. فقط سألها سؤالًا بسيطًا عن حالتها ولم يسمع إجابتها باهتمام.
بعد أن شاهدَت كازو حالة الانتقال اندهشت بعد فوات الأوان من برود المجتمع. فلم يأتِ أحد من حزب الإصلاح إلا اثنين فقط من السكرتارية، ولم يكن ثمة أي أثر لأولئك الشباب الذين كانوا يحومون حوله بأعداد غفيرة أثناء الانتخابات. كان يامازاكي ينقل بنفسه خزانة الشاي بأيدي تنقصها المهارة. وكان الباقي السكرتير ثم الخدم الذين أتوا من ستسوغوان من الأصل.
كان البيت يطل على ضفة النهر في كوغانيه القريب جدًّا من محطة هاناكوغانيه على خط قطار سيبو الغربي. كانت الطريق المعبدة التي تمر على ضفة النهر في الناحية الأخرى من سطح الماء هي طريق إتسوكائتشي السريعة. وكانت الضفة على هذه الجهة طريق ترابية؛ لذا كانت أعشاب الضفة والنباتات التي تُعَد أسوارًا للبيوت غارقة في غبار ناصع البياض. كان البيت ذو السبعة غرف له حديقة غنَّاء رحبة، ولكنه بُني بمواد بناء رخيصة، فكان البيت يهتز بأكمله عندما تمر عربة نقل من أمامه. وزُرع شجر صفصاف وأرْز ياباني عتيق ونخيل بجوار أعمدة البوابة المصنوعة من الخشب الطبيعي.
•••
… خرج الزوجان في نُزهة للمرة الأولى بعد ظهر اليوم التالي، بعد أن هدأَت الأمور قليلًا داخل المنزل. مشى الاثنان لفترة في الطريق الضيقة فوق الضفة ذات الحشائش الكثيفة، في عكس اتجاه تيار النهر.
لا تتذكر كازو مثل هذه الحياة الريفية إلا في طفولتها البعيدة. حتى لو كان مرور السيارات أكثر بكثير في طريق إتسوكائتشي السريع، ولكن لا تمر السيارات في طريق هذه الضفة إلا عربات النقل والدرَّاجات مرورًا نادرًا، علاوة على أنهم لم يُصادِفوا حتى البشر في الطريق الضيقة فوق الضفة لا في الذهاب ولا في الإياب. سمعت كازو صوت كلب ينبح في الظهيرة نباحًا أجوف وهو ما لم تسمعه منذ زمن بعيد. وكانت الطريق الضيقة تمتلئ بأصوات العديد من الحشرات. وتفتحت سنابل نبات الحسكة الكثيف بالفعل وكانت السنابل تلمع في رشاقة بلون رمادي فضي طازج. تُذكِّر الأجزاء السفلية التي تواجه الطريق من الخيزران والحشائش البرية عالية القامة والتي كأن الغبار قد نُثر عليها، بوِرَش صناعة الجبس، ولكن الحشائش فوق الضفة كانت جميعها بها روح وحيوية.
وقد نبتَت النباتات كما يحلو لها في تلك الطريق الضيقة التي تمر أسفل صف من أشجار الكرز على الجانبين، مما يجعل المرء يستطيع أن يتخيَّل منظر الحشائش في فترة الصيف. من شدة عمق الحشائش لا تستطيع أن تتلصص وترى سطح ماء النهر. تمد أشجار الكستناء وأشجار الحرير فروعها فوق الماء كما يحلو لها، وفي بعض الأماكن تتلاقى الأفرع على الجانبين، وعلاوة على ذلك تشابكت هناك نباتات اللبلاب، فلم يكن يُسمع سوى فقط صوت الماء ضعيف المتعة للغاية. إذا حاولت أن ترى الماء، يجب أن تُعرِّض نفسك للخطر بأن تخطو بقدميك فوق جرف الحشائش.
كانت الطريقة الضيقة بالغة الضيق لدرجة عدم سماحها للاثنين أن يسيرَا جنبًا إلى جنب. وهنا تقدَّم نوغوتشي للسير في المقدِّمة. لقد اضطر إلى بيع حتى عكازته التي على شكل كوبرا في المزاد؛ لذا كان نوغوتشي يسير وهو يُبعد الحشائش حوله بالعصا الحقيرة المصنوعة من خشب الكرز. رأت كازو شعر نوغوتشي من الخلف وقد صار كله أبيض. وفقد الكتف الذابل دون إرادة منه هيبته وبدَا ظهره بالقميص الرمادي ينضح برائحة الاعتزال لدرجة كبيرة.
ولكن كانت كازو تعلم أن نوغوتشي يتظاهر بذلك عمدًا. فلقد تقدَّم نوغوتشي من نفسه ولعب دور السياسي المعتزل من تلقاء نفسه. عدم بحثه بعمق عن سبب غياب كازو يوم أمس، وتحمُّله أثناء الانشغال في الانتقال إلى بيت جديد ببساطة وهو الأمر الذي كان في العادة يجعله يثور غاضبًا، … كان كل ذلك واحدًا بعد آخر يُظهر موقف نوغوتشي الجديد. كان نوغوتشي يحاول البحث عن بذور المتعة في أي شيء يقابله، محاولًا الاستمتاع بوقت الفراغ بعد أن فقد كل شيء. ولكنه لا يعثر على تلك المتعة بسهولة؛ ولذا ثمة شيء رسمي صارم ومنطقي في مرح نوغوتشي الحالي يعكس مزاجه السابق.
وفعليًّا عندما كان على وشك الخروج للنزهة هذه المرة استنشق نوغوتشي الهواء النقي في الضواحي وقال:
«آه … يا لها من متعة!»
وكرَّر تلك الكلمة ثلاث مرات بتعبيرات مختلفة تناسب الحالة في كل مرة. كان من صفاته أنه عندما يقرر في داخله هدفًا ما، لا يهدأ باله حتى يوحد ويجمع كل الأمور الأخرى لتحقيقه. وكان يؤمن أن الجميع سيعطونه كل قواهم ويساعده صفاؤه الأخلاقي في ذلك. أو ربما كان يحلم بذلك. إن من ينوي ممارسة السياسة سيجد أعداء، ولكن الذي يضع الشِّعر هدفًا له لا يجب أن يكون له أعداء … حتى الآن ما زال هناك عدم توافق. حتى الآن تتبقى أمور كثيرة غير مرتَّبة. ولكن في النهاية سيتطهر كل شيء ويسير نحو التوافق كما في كلمات قصيدة غوته «أغاني المسافر الليلي» من المؤكد أنه سيُرشد إلى «الراحة في قمة الجبل.»
•••
رأت كازو التي تسير محنيَة الرأس، قِطعًا من زجاجات ليمونادا زرقاء، وزجاجات بيرة مغروزة بعمق في تربة الطريق الترابية الضيقة. كانت مُرصَّعة في الأرض بإحكام بعد أن غسلتها الأمطار والرياح، ويُعتقد أن مر عليها زمن طويل.
قالت كازو لزوجها:
«من المؤكَّد أن هذا المكان يكون في غاية الازدحام في موسم مشاهدة الزهور.»
قطعت تلك الكلمات أحلام اليقظة التي كان نوغوتشي غارقًا فيها. ولكنه كان قد جهز بالفعل ردًّا مختلفًا. رد بصوت مرح مجيبًا:
«لا. كما سمعتَ مؤخرًا لم يعد الأمر كذلك. فأشجار الكرز في تلك المنطقة شاخت تمامًا، وفوق ذلك فالعناية بها رديئة؛ لذا لا تزهر زهورًا تجعل الناس يرغبون في رؤيتها. ويبدو أن محبي مشاهدة الزهور الباحثِين عن الكمال دائمًا، يتجمَّعون في حدائق كوغانيه. هذا ما قاله يامازاكي لي.»
– «إذا كان الأمر كذلك فهو أمر جيد.»
تركت كلمة كازو ورائها أثرًا غير مقصود نوعًا ما. سبب عدم القصد هذا كان مبهمًا حتى لكازو نفسها. كانت كازو ترى حلم «الجماهير».
وقف نوغوتشي تحت شجرة كرز قائلًا وهو يطرق بطرف عصاه جذع به تجويف رطب:
«انظري! هذا هو، إنها على وشك إن تموت وتذبل.»
نظرت كازو بمشاعر مرتَعِدة إلى هذه الحركة النشيطة الحيوية منه التي أوضحت على العكس شيخوخته أكثر، حيث تسقط ظل رموشه التي تشبه مكنسة قديمة كثر استخدمها فوق ابتسامة عينيه الحنونة.
وصلت كلمات نوغوتشي في صوته المرح مرحًا مصطنعًا، فوخزت بألم قلب كازو كلمة كلمة مثل ألياف زجاجية شفافة. في الواقع لقد شعرت على العكس بعدم السرور أنها لم توبخ بسبب ما فعلته في اليوم السابق.
لقد ذهبَت في اليوم السابق إلى ساوامورا ومعها دفتر تبرُّعات من أجل إعادة افتتاح ستسوغوان. بدأت كازو ذلك الطلب بتجهيز خطة من مرحلَتَين كما تفعل دائمًا. فقد طلَبت في البداية طلبًا مفاجئًا وهو أن يستخدم ساوامورا تأثيره ليجعل وزير الخزانة ووزير التجارة والصناعة الحالِيَّين، يعملان لها ترتيبات خاصة للحصول على تمويل. ظل ساوامورا يفكِّر بعض الوقت، ثم أجاب إنه من الصعب عليه فِعل ذلك، بالإضافة إلى أن تلك الخطة المتهوِّرة لن تفيد كازو في الوقت الحالي.
وعندها قدَّمت له دفتر التبرعات، وأقنعَته أنها إذا حصلت على اسم ساوامورا على رأس القائمة فلن يستطيع أحد الرفض. ابتسم ساوامورا ابتسامة مُرَّة واعتذر لها؛ لأنه رجل متقاعِد لا يستطيع إلا القيام بدور رمزي. وأمر أوممه أن تُذيب الحبر الصيني، ثم كتب بخط يد رائع: «عشرة آلاف ين فقط لا غير: إين ساوامورا.»
يُفترض أنه لا أحد يعلم بذلك بعد، وما من احتمال أن يصل الأمر إلى أذن نوغوتشي الآن، ثم لا بأس من أن يعرف بعد أن يدور دفتر التبرعات على من اقترحهم ساوامورا مثل ساييكي رئيس الوزراء وغينكي ناغاياما، وأشخاص كثيرين في عالم المال والأعمال.
منذ اللحظة التي حصلت فيها كازو على توقيع ساوامورا في دفترها أمس، اشتعل قلبها فرحًا بهذا النجاح غير المتوقَّع. انتشرت طاقاتها في كل الاتجاهات مرة أخرى مثل النيران البرية، وشعرت بفرحة لا توصف. كان الأمر الوحيد الذي ظلَّت تفكر فيه منذ ليلة أمس هو كيف تخفي فرحتها تلك. وكانت النتيجة أن قرَّرَت كازو داخلها، أن تحني جسدها ضد إرادتها — مثل القطط التي تحجز طاقتها الزائدة بالتقوُّس — فتبدي قدرًا من السعادة ضئيلًا جدًّا يتناسب مع سعادة زوجها بإذعانها له، ثم بعد ذلك تجتهد في الحفاظ على ملامح وجه كئيبة. ولكن جعل ذلك الاجتهاد غير الطبيعي أعصابها حساسة بلا داعٍ … وفكَّرت كازو أن شعورها بعدم الارتياح تجاه سماح نوغوتشي لها بسبب تلك الحساسية.
ولكن عندما تفكر أن نوغوتشي لا يعرف شيئًا، تبدو لها هيئته تلك وهو يتنزه في قميصه رمادي اللون متكئًا على عصاه في غاية الحزن والوحدة بما لا يمكن وصفه، بل وشعرت أن معرفة نوغوتشي بالأمر أحرى أن تجعل قلبها يستريح. لم يكن في وعي كازو أنها ارتكبت إثمًا لدرجة أن ترغب في عقاب نفسها، بل وكانت أيضًا تحلم أن نوغوتشي سيفهم مشاعرها في المستقبل.
«انظري!»
وقف نوغوتشي مرة أخرى، وهو يشير إلى الضفة على الجهة الأخرى.
«ثمة مكان لتقديم الشاي مثل هذا في هذه الأيام. ألا يبدو كمشهد من مسلسل تاريخي؟»
وعندما نظرت كازو، رأت محلًّا عتيقًا لطعام الأودِن مع الشاي مواجهًا للطريق على الضفة الأخرى. أسفل الإفريز المائل، باب يعلوه التراب نصفه الأسفل خشبي ونصفه الأعلى زجاجي ليظهر قائمة الوجبات، ويتدلَّى من ذلك النصف الزجاجي لافتات من القماش بألوان متعددة، والنصف الخشبي مَغطًى بقماش أحمر. يمكن رؤية أن اللافتات المتدلِّية كُتب عليها بحروف كبيرة أسماء الوجبات «أودِن» «دانغو» … إلخ.
«يا لها من شاعرية!»
رفعت كازو صوتها المتعجِّب في مبالغة. لاحظ نوغوتشي أن ثمة بيت عنكبوت سميكًا وعريضًا يمتد على كامل سطح الحشائش بجوار قدم كازو التي وطئت الأرض بها، فأسرع بإبعاده بطرف عصاه. اشتبكت خيوط العنكبوت بالعصا، ثم طفَت قليلًا واستقبلَت أشعة الشمس الغاربة فأوصلت ببطء لمعانًا طفيفًا داخل الهواء.
لم تعُد كازو تحتمل الصبر، فقالت أخيرًا ما كان يجب أن تقوله.
«حسنًا، إنه بيت جيد للعيش في هدوء، ولكن يبدو أنه من الأفضل تجديد الحمام وإعادة بنائه على الأقل. مَهما كان بيت إيجار، فسنعيش فيه طويلًا.»
قال نوغوتشي بمشاعر رضا: «هذا ما كنتُ أفكِّر فيه أنا أيضًا. فمن الأفضل أن أستمتع بحمام العودة من لعب الغولف.»
– «غولف؟ أجَل لقد قلتَ إنك مارسته في الماضي خارج اليابان … لكن ماذا عن الأدوات؟»
– «أفكر بعد استقرار الأمور، في العودة لممارسة الغولف، سأجمع أدوات رخيصة من محل أدوات مستعملة. وجود ملعب كوغانيه للغولف بالقرب من هنا، هو ما جعلني أفكر في ذلك، وسأدعو أصدقائي القدامى وأحيانًا أدعو أصدقائي الأجانب.»
– «أرجو أن تفعل ذلك، فهي فكرة رائعة وصحية. لقد كنت أنا أيضًا أفكر أن توقفك فجأة عن ممارسة أي شيء بعد تلك الحملة الانتخابية العنيفة سيكون ضارًّا جدًّا بصحتك.»
هكذا وافقته كازو وهي تُبدي هذه المرة فرحة صادقة. فمن الضروري أن يواصل زوجها حركته ونشاطه بأي شكل كان.
وصل الاثنان إلى أول جسر على النهر. ثم استندَا على الأنابيب المعدنية التي صُنعت بديلًا عن درابزين الجسر الصغير البسيط، وتلصَّصَا النظر واستطاعَا لأول مرة رؤية تيار الماء أسفل أغصان الأشجار المتشابكة. يتدفَّق تيار النهر بسرعة شديدة وكانت أشعة الشمس المتسربة من بين ظلال أوراق الكستناء تصنع من سطحه غزلًا مُنقطًا.
قالت كازو: «يبدو السطح وكأنه حزام كيمونو لاميه، مع أنني أكره مثل تلك الموضة.»
فقال نوغوتشي:
«هذه أول مرة أرى فيها مياه النهر منذ انتقالي إلى هذا المكان.»
ثم صعد الاثنان أخيرًا إلى الضفة مرة أخرى، واتجها إلى الشمس ناحية الغرب وواصلا السير في اتجاه أعالي النهر.
انتبهت كازو أثناء تبادلهما ذلك الحوار إلى أنها ترى الموقف من أعلى في نظرة شاملة كنظرة الطيور. بدا لها تحت عينيها مباشرة مشهد صغير لزوجين عجوزين يسيران فوق ضفة النهر في بداية الخريف. يلمع شعر نوغوتشي الأشيب وتلمع أحجار المرجان فوق دبوس زينة شعرها، وتلمع قليلًا عصا نوغوتشي وهو يلوح بها من وقت لآخر. كانت مشاعر الزوجين العجوزين شفافة وممتلئة بالأسى وتفيض منها وحدة إنسانية. وما من احتمال لاختلاط أية شوائب بتاتًا.
ولكن كانت تلك النظرة بالطبع وسيلة كازو للدفاع عن النفس. لدرجة أنها إن لم تفعل ذلك، فهي نفسها ستُجْرَح وزوجها أيضًا سيُجْرَح، كازو التي عرفت أن وجودها يحتوي داخله على سيف حاد النصل، فبقدر نظرها من أعلى بهذا الشكل كانت تحس أن اللوحة اللطيفة لزوجين عجوزين في نزهة ممتلئة بالأسى والوحشة تتغير على الفور، إلى لوحة بالغة السوء لدرجة أنها لا تستطيع إلا أن تشيح بصرها عنها.
كان من الواضح تمامًا أن نوغوتشي يستمتع بتلك النزهة النقية الرائقة لحظة بلحظة، وتظهر علامات ذلك في كل حركة من حركات أكتافه وفي نظرته التي ينظرها من وقت لآخر عاليًا للسماء وفي خطوات أقدامه وطريقة تلويحه بالعكازة. ولكن كانت طريقة استمتاعه يبدو بها إحساس عنيد من إلغاء الآخر، فلا يبدو أن وجود كازو أمر لا غنى عنه. ورأت كازو التي كانت تسير خلفه أنها يجب أن تملك حرصَ مَن يتلصص على لوحة رسام في لوح القنب من وراء كتفه. وفكرت أنها يجب ألا تكون دخيلة على ذلك المشهد؛ لأنها الآن لا تملك مؤهل إزعاجه.
يستند تعاطف كازو على كل لحظة من تلك اللحظات التي تنيرها شمس الغروب في بداية الخريف. وكان من الواضح أن نوغوتشي كذلك يحاول أن يحتفظ بذلك الصفاء ولو عنوة لأنه يعرف أن إحساس قلبه الصافي المنسق هذا لن يأتي مرة ثانية. ولا يحق لكازو أن تدمر شعوره هذا. ليس لديها الحق الذي ينبغي من خلاله إنكار أن تلك اللحظات لحظة بلحظة، تشكل لوحة للسعادة حتى ولو كانت مزيفة.
شاهد الاثنان كيف تميل أشعة الشمس داخل غابة أشجار الأرْز العالية على يسار الطريق، مسببة ضبابًا ذهبيًّا سحريًّا يلف بين جذوع الشجر. ثم مرت عربة نقل بجوارهما مسببة عاصفة هائلة من الغبار. توقف الغبار المتبقي قائمًا وسط أشجار الأرز لفترة قليلة ثم عاد الضباب الذهبي الهادئ مرة ثانية.
وكذلك شاهد الاثنان غروب الشمس الرائع في السماء في مقدمتهما وهما يسيران في الطريق. تصبغ غيوم الغروب الملونة الأشجار الواقفة هنا وهناك بألوان تشبه الخضروات الطازجة. تألقت غيوم الغروب بحيوية، ولكن بين الغيوم المتألقة هناك قطعة غيم احتوت بالفعل على لون ظلام الليل. تعرفت كازو في تلك القطعة من الغيوم الرمادية على شكل شواهد القبور. إنه شاهد قبر عائلة نوغوتشي.
ومن العجيب أن شبح شاهد القبر الذي يخلب قلب كازو دائمًا لم يفلح اليوم في استدعاء أية إثارة. إنها تعتقد نوعًا ما أن ذلك سيصبح قبرها. تعتقد ذلك ولكنها تركت ذلك القبر بعيدًا جدًّا يهتز ويتباطأ في غموض. يميل القبر. ينهار. يوشك أن يذوب … وعلى الفور أصبحت غيوم الغروب الزاهية المحيطة في لون الرماد.