الفصل الأول
المنظر الأول
أمام بيت ليوناتو
(يدخل ليوناتو وهيرو وبياتريس مع رسول.)
ليوناتو
:
لقد علمت من هذا الكتاب أن «دون بدرو» أمير أراجون قادم الليلة إلى
مسينا.
الرسول
:
إنه الساعة جد قريب، فقد كان على ثلاثة فراسخ منها حين تركته.
ليوناتو
:
كم من السادات فقدتم في هذا القتال؟
الرسول
:
قليلًا من مختلف الرتب، ولم نفقد من العلية أحدًا.
ليوناتو
:
إن النصر ليعُدُّ مزدوجًا، حين يعود المنتصر إلى وطنه كامل العدد، تام الصفوف
وقد علمت من هذا الكتاب أن دون بدرو قد أضفى شرفًا عظيمًا على فتى فلورنسيّ
يُدعَى كلوديو.
الرسول
:
لقد استحقه من جانبه عن جدارة بالغة، وعن نصفه من جانب دون بدرو، بالسواء،
فقد تجاوز في مسلكه، ما كان مرتقبًا ممن في مثل سنه، وفعل وهو الحمل ما يفعله
الأسد، وفاق في الواقع ما كان منتظرًا أكثر مما تنتظر مني أن أصفه لك.
ليوناتو
:
إن له عمًّا هنا في مسينا، سيُسرُّ بهذا سرورًا عظيمًا.
الرسول
:
لقد حملت إليه الساعة كتبًا؛ فغلبه فرح شديد إلى حد جاوز الاعتدال، فلم يستطع
فرحه أن يبدو خاليًا من مظهر أسى، ودلائل حزن.
ليوناتو
:
هل أجهش بالبكاء؟
الرسول
:
في فيض زاخر.
ليوناتو
:
إنه لفيض طبيعيّ من غريزة الحب، فليس في الوجوه وجه أصدق مما تغسله الدموع،
إن البكاء للفرح لأفضل كثيرًا من الفرح للبكاء.
بياتريس
:
نبئني من فضلك هل عاد السنيور مونتانتو؟١ من الحرب أو لم يَعُد؟
الرسول
:
لا أعرف أحدًا بهذا الاسم يا سيدتي، وليس في الجيش امرؤ ذو شأن يحمل هذا
اللقب.
ليوناتو
:
من هذا الذي تسألين عنه يا ابنة الأخ؟
هيرو
:
إن ابنة العم تقصد السنيور بنيديك من أهل بادوا.
الرسول
:
آه … لقد عاد، مرحًا كديدنه.
بياتريس
:
لقد أعلن هنا في مسينا تحديه «لكيوبيد»٢ في الرماية بحداد النبال، التي تصمى من المسافات الطوال، ولكن
مهذار عمي حين قرأه، قبل عن كيوبيد تحدّيه، في الرماية بالسهام القصار، التي
تُرمى بها الأطيار.٣
نبئني كم تراه قتل وأكل في هذا القتال، بل نبئني كم تراه قتل؛ لأني في الواقع وعدته أن آكل جميع قتلاه.٤
نبئني كم تراه قتل وأكل في هذا القتال، بل نبئني كم تراه قتل؛ لأني في الواقع وعدته أن آكل جميع قتلاه.٤
ليوناتو
:
يمينًا يا ابنة الأخ، إنك لمفرطة في التهكم بالسنيور بنيديك، ولكني لا أشك في
أنه سيصفي معك حسابه.
الرسول
:
لقد أبلى في هذه الحروب يا سيدتي بلاءً حسنًا.
بياتريس
:
لقد كان عندكم طعام زنخ فساعدكم على أكله؛ لأنه النهم الجريء على الخوان وقد
أوتي معدة جيدة.
الرسول
:
وهو جندي شجاع أيضًا يا سيدتي.٥
بياتريس
:
جندي شجاع لسيدة، ولكن من هو أمام سيد؟
الرسول
:
إنه لسيد أمام سيد، ورجل قبالة رجل، حشوه جملة المكارم والمناقب.
بياتريس
:
حقًّا إنه لكذلك، فما هو إلا رجل محشوّ. أما عن الحشو ذاته، فكلنا
بشر.
ليوناتو
:
لا تخطئ يا سيدي في فهم ابنة أخي.
إن بينها وبين السنيور بنيديك حربًا فكهة، فلا يلتقيان مرة إلا ونشبت بينهما مناوشة مزاح.
إن بينها وبين السنيور بنيديك حربًا فكهة، فلا يلتقيان مرة إلا ونشبت بينهما مناوشة مزاح.
بياتريس
:
ولكنه للأسف لا يكسب منها شيئًا، وفي آخر معركة بيننا راحت أربعة من أحاسيسه
الخمسة٦ تمشي عرجاء ظالعة، فلم يبقَ له منها اليوم إلا واحدة، فإن كانت له
مُسْكَةٌ من ذكاء تكفي لتدبير أمره ورعاية شأنه، فليحرص عليها، حتى تكون فارقًا
بينه وبين حصانه؛ لأنها كل ما يملكه ليبدو مخلوقًا عاقلًا، مَنْ اليوم رفيقه؛
لأن له في كل شهر صديقًا وفيًّا.
الرسول
:
أجائز هذا؟
بياتريس
:
إنه جد جائز ممكن.
إنه يبدِّل عهوده كما يغير قبعته، فهو يغيرها كلما استُحدِث قالب أو تغير زيّ.
إنه يبدِّل عهوده كما يغير قبعته، فهو يغيرها كلما استُحدِث قالب أو تغير زيّ.
الرسول
:
يلوح يا سيدتي أن السيد ليس في حظوتك، ولا هو في كتبك ودفاترك.٧
بياتريس
:
بلى، ولو أنه كان كذلك لأحرقت مكتبتي، ولكنني أسألك مَن رفيقه؟
أليس ثمة فتى شكس يذهب معه في سَفْرَة إلى الشيطان؟
أليس ثمة فتى شكس يذهب معه في سَفْرَة إلى الشيطان؟
الرسول
:
إنه أكثر ما يبدو في رفقة النبيل كلوديو.
بياتريس
:
يا لله! إنه سيلازمه ملازمة الداء، بل هو أسرع إليه من الوباء، فلا يلبث
المصاب أن يجن. كان الله في عون كلوديو النبيل
إذا كان قد أصيب ببنيديك٨ لسوف تُكبِّده تلك العلة ألفًا من الجنيهات قبل أن يقدر له الشفاء.
إذا كان قد أصيب ببنيديك٨ لسوف تُكبِّده تلك العلة ألفًا من الجنيهات قبل أن يقدر له الشفاء.
الرسول
:
سأحرص على مودتك يا سيدتي.٩
بياتريس
:
افعل أيها الصديق الكريم.
ليوناتو
:
لن تُصابي يا ابنة الأخ بجنون يومًا.
بياتريس
:
أبدًا، أو يأتي شهر يناير حرًّا وصهدًا.١٠
الرسول
:
ها هو ذا «دون بدرو» مقبل.
(يدخل دون بدرو ودون جون وكلوديو وبنيديك وبلتازار.)
دون بدرو
:
يا سنيور ليوناتو الكريم، لقد جئت لتلاقي عناء، إن ديدن العالم تجنب المتاعب،
وديدنك أنت مواجهتها.
ليوناتو
:
ما طَرَق العناء يومًا بيتي، في صورة سماحتك، وما دام العناء قد ارتحل، فقد
آن للراحة أن تحل، ولكن حين تفارقني، يقيم الحزن عندي ويلازمني، ويولي عني
السرور.
دون بدرو
:
إنك تتقبل المغارم مفرطًا في الرضى بها، أظن هذه ابنتك.
ليوناتو
:
هكذا قالت لي أمها مرارًا.
بنيديك
:
هل كنت في شك يا سيدي حتى تسألها؟
ليوناتو
:
لا، يا سنيور بنيديك، لأنك كنت يومئذ طفلًا.
دون بدرو
:
هذه لطمة «قوية» يا سنيور بنيديك، ومنها نستطيع أن نحزر مَن تكون، وأي رجل
أنت، حقًّا إن السيدة قد دللت على بنوتها لأبيها، اسعدي يا سيدتي لأنك شبيهة
بأب كريم.
بنيديك
:
لو كان السنيور ليوناتو أباها لما رضيت برأسه على كتفيها١١ ولو أعطيت مسينا بأسرها ما دامت كما هي شبيهة به.
بياتريس
:
عجبي لك يا سنيور بنيديك، إنك لا تنقطع عن الكلام، ولا أحد يلتفت
إليك.
بنيديك
:
وي … ألا تزالين أيتها (السخرية) العزيزة حيَّة؟
بياتريس
:
وهل يمكن أن تموت السخرية، ولديها مثل السنيور بنيديك طعامًا شهيًّا …؟ إن
المجاملة ذاتها لتنقلب حتمًا إلى سخرية، لو مثلت حضرتها.
بنيديك
:
المجاملة إذن متقلبة غادرة، ولكن الذي لا ريب فيه أنني محبوب من النساء
جميعًا ما عداك، ووددت لو أجد في نفسي أني لست قاسي القلب، لأنني في الحق، لا
أحب منهن واحدة.
بياتريس
:
ذلك من حسن حظ النساء، وإلا لأُصبن بخطيب خبيث، وإني لأحمد الله، ودمي
البارد، على أن مزاجي شبيه بمزاجك في هذه الناحية حتى لأوثر أن أسمع كلبي ينبح
غرابًا، على أن أسمع رجلًا يقسم أنه يحبني.
بنيديك
:
أرجو الله أن يبقيك دائمًا على هذا الرأي، حتى ينجو الرجال من خدش الوجوه
المقدر لهم، إذا هم أُصيبوا بك.
بياتريس
:
لن يستطيع الخدش أن يجعل وجوههم أسوأ صورًا، إن كانت مثل وجهك.
بنيديك
:
حقًّا إنك لمعلمة ببغاوات نادرة.
بياتريس
:
لطائر لساني خير من وحش مقولك.
بنيديك
:
ودِدْتُ لو أن لحصاني سرعة لسانك، وجَلَدَهُ على الاستمرار، ولكن بالله عليك
امكثي حيث أنت، فقد انتهيت أنا واكتفيت.
بياتريس
:
إنك لتنتهي أبدًا بمكر الحصان المكدود، حين يُخرج رقبته من الطوق١٢ إنني أعرفك من زمن بعيد.
دون بدرو
:
إليك يا ليوناتو جملة الخبر، إن صديقي العزيز ليوناتو، دعاكما يا سنيور
كلوديو ويا سنيور بنيديك إلى ضيافته، وإني لقائل: إننا سنقيم هنا شهرًا على
الأقل١٣ وهو يرجو من صميم قلبه أن تعرض مناسبة فتجعل مقامنا عنده أطول
أمدًا، وفي وسعي أن أقسم أنه ليس بمنافق، ولكنه يرجو هذا من كل قلبه
صادقًا.
ليوناتو
:
إذا أقسمت يا مولاي فلن تكون في قسمك حانثًا (إلى
دون جون) أهلًا بك يا مولاي وسهلًا، إني لمؤدٍ لك كل الواجب ما
دمت أنت والأمير أخوك في صفاء.
دون جون
:
أشكرك، وما أنا بأخي بيان١٤ ولكني شاكر لك.
ليوناتو
:
تفضل يا مولاي فتقدم بنا.
دون بدرو
:
هات يدك يا ليوناتو ولنَسِر معًا.
(يخرج الجمع إلا بنيديك وكلوديو.)
كلوديو
:
هل لاحظت يا بنيديك ابنة السنيور ليوناتو؟
بنيديك
:
لم ألاحظها، ولكني شاهدتها.١٥
كلوديو
:
أليست ذات خَفَر وشباب؟
بنيديك
:
هل تسألني سؤال رجل صادق يطلب رأيي الصريح وحكمي الحق، أو تريد مني أن أتكلم
على عادتي كلام جبار مشهود له١٦ بالقسوة على النساء كلهن؟
كلوديو
:
كلا، أناشدك أن تتكلم بهدوء، وتتروى في الحكم.
بنيديك
:
يلوح لي حقًّا أنها «أقصر» قامة مما يستحق مديحًا (طويلًا)، وأسمر لونًا مما
يستأهل إطراءً زاهيًا، وأضأل بدنًا مما يستوجب ثناءً عظيمًا١٧ وليس لها عندي ما يزكيها إلا شيء واحد، وهو أنها لو لم تكن كما هي،
لكانت غير مليحة، أما وهي هي، فلست أستحسنها.
كلوديو
:
هل تظنني هازلًا؟ إنني لأرجو إليك أن تنبئني حقًّا ما شعورك نحوها.
بنيديك
:
هل تريد أن تشتريها؛ ومن أجل ذلك تسأل عنها؟
كلوديو
:
هل في وسع الدنيا أن تشتري جوهرة كهذه؟
بنيديك
:
نعم، وحقًّا لتوضع فيه، ولكن أتتحدث عن جد أم تريد العبث بي؟ لتقول لنا إن
كيوبيد بصير ككلب الصيد، وإن فولكان نجار نادر؟١٨ ألا قل لي أي نغمة أتخذ لكي أوائم أنشودتك، أنغمة فَرِحَةٌ أم
محزنة تريد؟١٩
كلوديو
:
إنها في عيني أملح امرأة وقع عليها ناظري.
بنيديك
:
لا أزال قديرًا على النظر بغير منظارين، ولكنني لا أرى شيئًا من هذا القبيل.
انظر إلى ابنة عمها، إنها لتفوقها كثيرًا في الجمال، كما يفوق أول مايو آخر
ديسمبر، لولا سرعة الغضب التي تتملكها، ولكني أرجو ألا تكون منتويًا أن تنقلب
زوجًا؛ أتراك انتويت؟
كلوديو
:
لا أحسبني أستطيع السيطرة على نفسي إذا رضيت هيرو أن تكون زوجتي، وإن كنت قد
حلفت لا أكون زوجًا.
بنيديك
:
هل وصل الأمر إلى هذا الحد؟ يمينًا أليس في الدنيا رجل واحد لا يلبس قبعته
موسوسًا متشككًا؟٢٠ ألن يقدَّر لي مرة أخرى أن أرى رجلًا أعزب في الستين من العمر …
ماذا أصابك، يمينًا، لو استوجب الأمر إدخال عنقك في النير فالبس شعاره أيام
الأحد، واقضها في شكاة وأنين، فعل المصلين العابدين المستغفرين٢١ انظر ها هو ذا «دون بدرو» عائد لافتقادك.
(يدخل دون بدرو.)
دون بدرو
:
أي سر احتجزك في هذا المكان فلم توافنا إلى دار ليوناتو؟
بنيديك
:
أرجو من سماحتك أن تعفيني من الكلام.
دون بدرو
:
إنني ألزمكه بحق ما لي عليك من ولاء.
بنيديك
:
هل سمعت يا كونت كلوديو، أن في وسعي أن أصمت صمتة الأبكم، وأحب أن تفهم هذا
عني، أما وهو كما ترى ملزمني الكلام بحق ما له من ولاء — إنه يناشدني القول بحق
الولاء، فلا معدى لي من القول «إنه يحب» أمّا مَنْ، فذلك هو دور سماحتك في
استطلاع جليته، وانظر بعد إلى (قِصر) الرد الذي هو راده، إنه يحب … «هيرو»
القصيرة ابنة ليوناتو.
كلوديو
:
إذا كان الأمر كذلك فقد باح به.
بنيديك
:
كالقصة القديمة يا مولاي، «ليس الأمر كذلك، ولم يكن كذلك، ومعاذ الله أن يكون
كذلك».٢٢
دون بدرو
:
يمين الحق لقد قلت ما أعتقد.
كلوديو
:
ويمينًا يا مولاي، لقد أفصحت أنا عن خاطري.
بنيديك
:
وبالحقَّين واليمينين يا مولاي معًا، لقد جهرت بما أعتقد.
كلوديو
:
أما أني أحبها، فذلك هو شعوري.
دون بدرو
:
وأما أنها جديرة بالحب، فذلك هو علمي.
بنيديك
:
وأما أني لا أدري كيف تُحَبّ مثلها، ولا أعلم كيف تكون بالحب جديرة؟ فذلك هو
الرأي الذي لن تستطيع النار أن تذيبه من أعماق نفسي، ولن أتحول عنه ولو مت فوق
الخابور.
دون بدرو
:
لقد كنتَ أبدًا العنيد في الكفر بالجمال والازدراء به.
كلوديو
:
ولم يكن يومًا بقادر على الاحتفاظ بكفره وعناده إلا بقوة إرادته.
بنيديك
:
أما أن امرأة حملت بي، فأنا لها شاكر، وأنها ربتني صغيرًا ونشَّأتني صبيًّا،
فلها مني أصدق الشكر وأعظم الخضوع، أما أن تطلق الأبواق عند جبهتي، لتردني عن
عقيدتي، رد كلاب الصيد الطريدة، أو أن تعلق خية في منطقتي، فأستميح النساء
جميعًا معذرتي، وإذ كنت أظلمهن بالشك فيهن، فسوف أنصف نفسي فلا أسكن إليهن
و(جملة) القول الذي هو بي (أجمل) أنني سأعيش أعزب.٢٣
دون بدرو
:
أرجو الله أن أراك قبل مماتي شاحبًا مصفرًّا من فرط الحب.
بنيديك
:
قل من فرط الغضب، أو من حدة الوصب، أو شدة السغب، يا مولاي، ولا تقل من فرط
الحب، أثبت أنني سأفقد يومًا من الدم، بالحب والغرام والعذاب، أكثر مما أستعيده
بالشراب، أسمل عينيّ بريشة شاعر أغن، وعلقني على باب ماخور رمزًا لكيوبيد
الضرير.
دون بدرو
:
ويوم تتحول عن هذا الرأي تروح أنت الحجة الرائعة على نفسك.
بنيديك
:
فإن فعلت فعلقوني في سلة كالقط وارموني بسهامكم، واربتوا على كتف من يصيبني
وادعوه آدم الرامية.٢٤
دون بدرو
:
ليكن الحكم للزمن، «فمع الزمن يرضى الثور النافر بالنَّيْر حول عنقه».
بنيديك
:
قد يرضى به الثور المتوحش، ولكن إذا رضي به بنيديك العاقل، فانزعوا قرنَي
الثور وأثبتوهما في جبهتي، وصوّروني أنكر ما تصوروني، واكتبوا بأحرف غلاظ
كالقرون «هذا حصان يُستأجر» وليعلنوا تحت رسمي «انظروا ها هو ذا بنيديك
البعل».٢٥
كلودير
:
لو وقع ذلك يومًا لكنت مجنونًا «صارخًا من قرونه».
دون بدرو
:
أجل، إذا لم يكن كيوبيد قد بعث إلى البندقية بكل ما في جعبته من السهام
المريشة٢٦ فستصبح وشيكًا (ساهمًا)، (راعشًا)، كريشة في مهب الريح.٢٧
بنيديك
:
بل لتزلزل الأرض يومئذ زلزالها.
دون بدرو
:
سيأتي ذلك اليوم المشئوم فلا تستعجله. والآن ادخل يا سنيور بنيديك الكريم إلى
دار ليوناتو وأقرئه عني السلام، ونَبِّئه أنني لن أتأخر عن موعد العشاء، لأنه
في الحق قد استعد استعدادًا عظيمًا.
بنيديك
:
أكاد أجد في نفسي من الذكاء ما يكفي لتأدية هذه السفارة، ولهذا أترككما!
…
كلوديو
:
لرعاية الله — من منزلي (لو كان لي منزل).٢٨
دون بدرو
:
السادس من شهر يوليو … صديقك المحب بنيديك.٢٩
بنيديك
:
لا تسخر … لا تسخر، إن صلب مناقشاتك ليبدو أحيانًا كالثوب الكثير الحُليات
والحواشي، ولكنها حواشٍ ملفقة على الثوب، أو لاصقة قليلًا به،٣٠ وقبل أن تُمْعِنَا في السخرية من كلامي عودا إلى ضميريكما … وبهذا
أترككما (يخرج).
كلوديو
:
مولاي، إنك لتستطيع اليوم أن تنفعني.
دون بدرو
:
إن حبي لك يطلب علمًا بما تريد، فما عليك إلا أن تعلمه كيف يخدمك، تجده
مستعدًا لكل درس صعب فيه لك خير.٣١
كلويدو
:
هل لليوناتو ولد يا مولاي؟
دون بدرو
:
ليس له إلا ابنته «هيرو»؛ وهي وريثته الوحيدة، فهل تحبها يا كلوديو؟
كلوديو
:
آه يا مولاي، حين ذهبت إلى هذه الحرب التي وضعت أوزارها منذ قليل، كنت أنظر
إليها بعين جندي ينازعه الميل، ولكن أمامه مهمة أشق من الدفع بعاطفة «الميل»
إلى اسم «الحب»، أما الآن فقد عدت وخلا الذهن من أفكار الحرب، وحلت مكانها كثرة
الأماني العذبة الرقيقة، تدفعني كلها إلى التفكير في مدى حُسْن هيرو وفتنة
جمالها، وقد قلت إنني كنت «أميل» إليها، قبل أن أذهب إلى الحرب.٣٢
دون بدرو
:
لن تلبث أن تصبح عاشقًا مستهامًا، تُتعب سامعيك بأحاديث الحب، وكتب
العاشقين،٣٣ فإن كنت تحب الحسناء هيرو، فاحرص على حبها، وامضِ فيه، وسأحمل
النبأ إليها، وأتحدث إلى أبيها، وستكون لك. أليس هذا هو الغرض الذي مضيت من
أجله تحيك نسج القصة الممتعة؟
كلوديو
:
ما أبدع علاجك للحب؟! إنك لتعرف أحزانه من سماته، وخشية أن يبدو حبي مفاجئًا
أكثر مما ينبغي، وددت لو أني تشفعت له٣٤ بأطول من هذا حديثًا.
دون بدرو
:
وهل يحتاج الجسر، أن يكون أعرض كثيرًا من النهر، إن أجمل المنح ما يفي
بالضرورة،٣٥ وكل ما يؤدي الغرض (يجدي)، وحسبي أن أعلم أنك نضو حب لكي (أجدي)
عليك بدوائه،٣٦ إننا سنقضي الليلة في قصف ومرح وسأنتحل شخصك متنكرًا، وأدّعي
للحسناء «هيرو» أنني «كلوديو» وسأكشف لها عمَّا في قلبي، وأستولي على سمعها
بقوة بياني، وقصة حبي، ثم أحمل النبأ بعدئذ إلى أبيها، فينتهي الأمر بظفرك بها،
هيا بنا ننفذ هذه الفكرة في الحال.
(يخرجان)
المنظر الثاني
في إحدى حجرات بيت ليوناتو
(يدخل ليوناتو فيلتقي بأنطونيو.)
ليوناتو
:
ماذا تم يا أخي. وأين ابن أخي، ولدك؟ هل أعد الموسيقى؟
أنطونيو
:
إنه منهمك بإعدادها، ولكني سأقص عليك الساعة يا ابن أمي أنباء عجيبة لم تحلم
بمثلها.
ليوناتو
:
أهي أنباء سارة؟
أنطونيو
:
كما يوحي (طابع) أحداثها،٣٧ ولكنَّ لها مظهرًا حسنًا، وغطاءً جميلًا، فقد استرقَ أحد رجالي
السمع على الأمير والكونت كلوديو وهما يمشيان خلال دغلة كثيفة في بستاني، فسمع
الأمير يفضي إلى كلوديو أنه يحب كريمتك ابنة أخي، وأن في نيته أن يعلن ذلك
الليلة في المرقص، فإن وجدها موافقة أمسك بالفرصة من شعرها٣٨ فكاشفك في الحال بالنبأ.
ليوناتو
:
هل أوتي الرجل الذي نبأك بهذا مسكة من الفطنة؟
أنطونيو
:
إنه الذكي الفطن، سأبعث في طلبه لتسأله بنفسك.
ليوناتو
:
كلا، كلا — دعنا نعد ذلك حلمًا حتى يتحقق، ولكني سأقصه على ابنتي حتى تستعد
للجواب إن صح. اذهب أنت فنبئها.
(يدخل الأتباع.)
يا أبناء العم٣٩ أحسبكم تعرفون ما عليكم. آه، أتوسل إليك يا صديقي أن تذهب إليها، وسأبقى أنا لأستعين بخبرتك، وأنت يا ابن أخي الكريم، أرجو بذل الهمة.(يخرجون)
المنظر الثالث
في الحجرة ذاتها
(يدخل دون جون وكونراد.)
دون جون
:
لا حد للحادث الذي استوجب ذلك، ومن هنا كان حزني بغير حد.
كونراد
:
أحرى بك أن تستمع لصوت العقل.
دون جون
:
وأي خير في الاستماع له؟
كونراد
:
إن لم يكن فيه علاج عاجل، ففيه على الأقل تصبّر إلى حين.
دون جون
:
أعجب لك وأنت القائل عن نفسك: إن «زحل» كوكبك.٤٢ كيف تريد أن تستخدم أشفية روحية لعلاج علة مودية! ليس في إمكاني أن
أخفي ما بي، إني لأحزن حين ينهض للحزن سبب، فلا أبتسم لمزاح أي إنسان، وآكل إذا
جعت. ولا أنتظر أحدًا، إذا وُجدت عندي شهوة إلى الطعام، وأنام، حين يداعب عيني
النعاس، فلا أحفل بشئون الناس، وأضحك حين أنشرح، وأبتهج حين تُسر النفس وتتفتح،
ولا أجاري إنسانًا في هذره.٤٣
كونراد
:
نعم، ولكن ينبغي أن لا تبدي ذلك كله، حتى يتيسر لك أن تبديه دون أن يكون عليك
في ذلك حرج. لقد رأيناك من عهد قريب واجدًا على أخيك، ثم ألفيناه أخيرًا يدخلك
في حظوته، ويشملك بمرضاته، ولستَ بمستطيع أن تحتفظ بمكانتك هذه، إلا إذا خلقت
أنت الجو الطيب، وأولى بك أن تهيئ أنت الموسم الذي يوائم حصادك.
دون جون
:
إني لأوثر أن أكون زهرة برية، فوق سياج أو باب، على أن أكون وردة جميلة في
حديقته، وإنه لأنسب لمزاجي أن أكون عند الناس موضع ازدراء، من أن أغيِّر طبعي
لأستلب من أحد حبًّا، أو أنال منه المودة غصبًا، وإذا لم أوصف لهذا السبب بأني
رجل غير متملق، فإن أحدًا لا ينكر عليّ أنني أخو شر صريح، لقد وثقوا بي بعد أن
عقدوا لساني، وأطلقوني بعد أن وضعوا النير حول رقبتي، ولهذا قررت أن لا أغني
وأنا حبيس في قفصي، ولو كان فمي طليقًا لعضضت، ولو أُعطيت حريتي لفعلت وفق
مشيئتي، أما والأمر ليس كذلك، فدعني كما أنا، ولا تلتمس لي تغييرًا ولا
تبديلًا.
كونراد
:
ألا تستطيع استخدام شيء من سخطك وضغينتك؟
دون جون
:
كل الاستخدام، إذ ليس لي سواهما … ترى من هذا القادم …؟
(يدخل بوراشيو.)
دون جون
:
ما وراءك يا بوراشيو؟
بوراشيو
:
إنني قادم من عشاء عظيم؛ أقامه ليوناتو احتفالًا بالأمير أخيك؛ وفي وسعي أن
أحدثك عن زواج معتزم.
دون جون
:
هل يصلح أساسًا تبني من فوقه شرًّا، ومن هو هذا الأحمق الذي يريد أن يبني
بمحنة؟
بوراشيو
:
في الحق إنه مساعد أخيك الأيمن.
دون جون
:
من؟ كلوديو، أشد الناس رشاقة وأكثرهم تأنفًا؟
بوراشيو
:
أي نعم هو.
دون جون
:
إنه امرؤ مليح!٤٤ ومن … وإلى من تراه يتجه؟
بوراشيو
:
إلى هيرو ابنة ليوناتو ووريثته، ما في ذلك شك.
دون جون
:
إنها لفتاة نضجت قبل الأوان، ومن أين عَرَفْتَ هذا؟
بوراشيو
:
عهدوا إليّ بحرق البخور في الحجرات وتعطيرها، وفيما كنت أعطر غرفة زهمة، إذ
جاء الأمير وكلوديو يسيران يدًا في يد وهما في حديث جِديٍّ، فاختبأت من فوري
خلف الستار وتصنتُّ عليهما، فسمعتهما يتفقان على أن يتقدم الأمير إلى هيرو
فيخطبها لنفسه، فإذا ظفر برضاها أسلمها إلى الكونت كلوديو.
دون جون
:
هلموا بنا، هلموا إلى هناك. فقد يصلح هذا غذاء لسخطي، إن هذا الفتى المحدث
النعمة هو الذي ارتفع على أنقاضي، ولو استطعت أن أحُول دون غرضه بأي سبيل،
لعددت نفسي السعيد من كل ناحية. كلاكما رجل موثوق به، وسوف تساعداني، أليس
كذلك؟
كونراد
:
حتى الموت يا مولاي.
دون جون
:
هلموا بنا إلى مأدُبة العشاء الكبرى. إن بهجتهم لتغدو أبلغ وأكبر إذا رأوني
مستسلمًا مستكينًا، ليت الطاهي كان من رأيي، أنذهب لنحاول ما نستطيع
فعله؟
بوراشيو
:
إننا في خدمتك يا مولاي.
(يخرجون)
هوامش
(١) مونتانتو — لفظة معناها طعنة إلى أعلى بالسيف في ألعاب الشيش، ومن
هنا جاءت تسمية بياتريس لينيديك بالسنيور مونتانتو سخرية وتهكمًا،
كإشارة إلى أنه لاعب أو كثير الزهو والادعاء.
(٢) إله الحب عند الإغريق، وهو يصوَّر في شكل صبي أعمى يحمل قوسًا
وسهمًا، يصيب بها حبات القلوب.
(٣) والمراد هنا أن بنيديك أعلن أنه يتحدى إله الحب أن يظفر له بامرأة
أوتيت من الجمال حظًّا تستطيع به أن تملك هواه، وهذا هو سر سخرية
بياتريس منه وتهكمها به، والسهام الحداد معروفة بطولها وخفة سرعتها
وكثرة ريشها، وهي السهام المريشة، أما السهام القصيرة فلا تخدش من
الطير غير جلودها، وكان الإغريق يسمحون للمضحكين والمهرجين والحمقى
باستخدامها.
(٤) أي إنما تعرف أنه لن يستطيع قتل أحد فتعهدت له أن تأكل من يقتله
واثقة أنه لن يقتل.
(٥) هنا جناس في اختلاف التهجي، فإن too
معناها أيضًا أو كذلك، وقد حذفت ياء المنادى في الأصل وجاء رد بياتريس
وجندي «لسيدة» فاستخدم شكسبير to
جناسًا مع أيضًا too.
(٦) المراد بالأحاسيس الخمسة الفطنة والمخيلة والتصور والتقدير والذاكرة،
وهي مطابقة للحواس الخمس؛ البصر والسمع والشم والذوق واللمس.
(٧) أي لستِ عنه راضية، وقد جاء الشاعر بهذه العبارة ليأتي الرد مناسبًا
لها في قولها «لأحرقت مكتبتي» كما سيلي.
(٨) بنيديك: هو اسم الرجل الذي تتحدث عنه، ولكن بياتريس تلمح أيضًا إلى
مرض يدعى بهذا الاسم، ويصيب المريض بالجنون، كما يفهم من قول عمها الذي
سيلي هذا الكلام.
(٩) أي حتى لا أستهدف لهجوك.
(١٠) وهو مستحيل.
(١١) أي لما قبلت رأسه الأشيب.
(١٢) من عادة الحصان المنهوك المتعب الذي لا قيمة له أن يحزن ويحاول بمكره
أن يقف عن السير فيُخرج رأسه من «رقبته» والمعنى أنه في جدله معها
ينتهي متعللًا بأنه قد أدى ما عليه ووفى ما عنده.
(١٣) على سبيل الإنذار والفكاهة، وكثيرًا ما يقول الضيف شيئًا كهذا لمضيفه
مزاحًا.
(١٤) يبدو من اقتضابه أنه رجل جهم حاد الطبع، قلما يتأدب في حديثه، وهو
يعتذر بأنه ليس من أصحاب الكلام ولا من الفصحاء أهل البلاغة.
(١٥) أي إنه شاهدها ولم يتأملها والفرق ظاهر بين الملاحظة وبين
المشاهدة.
(١٦) في الأصل طاغية معترف به أو كما نقول في أيامنا هذه (محترف) جعل
كراهية النساء ديدنه.
(١٧) هكذا في الأصل، وقد راعى الناقل الطباق أو التقابل بين قصر القامة
وطول المديح وبين سمرة البشرة، وزاهي الثناء، وبين ضآلة البدن، وعظم
الإطراء، ويبدو شكسبير في هذه الرواية كثير اللعب بالألفاظ، مسرفًا في
المحسنات وألوان البديع والبيان.
(١٨) المعروف أن كيوبيد إله الحب أعمى، فمن العبث أن يقال إنه حديد البصر
ككلب الصيد، وأن فولكان إله النار والمعادن فمن الهزر أن يقال عنه إنه
نجار يحترف صناعة الخشب.
(١٩) استعارة من الموسيقى، يريد بها المؤلف أن يقول ماذا تريد مني أن
أبدو، هل أجد أو أهزل لكي أوافقك على رأيك؟
(٢٠) استعارة يراد بها، هل خلت الدنيا من رجال لا يستريبون بنسائهم فهم
يضعون القبعات فوق رؤوسهم لإخفاء «قرونهم».
(٢١) إشارة إلى ما كان يفعله المتشددون في الدين، وهم طائفة «البيوريتان»
المتزمتون في العبادات على عهد الملكة إليزابث يوم الأحد، إذ يلبسون
ثيابًا بسيطة ويقضون وقت الصلاة في عبادة وبكاء وأنين.
(٢٢) القصة القديمة: هذه إشارة إلى قصة قديمة عن سيدة تدعى «الليدي ماري»
ذهبت يومًا لزيارة رجل من معارفها يدعى «المستر فوكس» وكان غائبًا
فاكتشفت في بيته حجرة اعتاد أن يخفي فيها جثث النساء اللاتي قتلهن، ولم
تكد تخرج منها حتى لمحته والسيف في يمينه وهو يجر سيدة إلى البيت،
فبادرت إلى الاختباء حتى لا يراها، وحين وصل إلى البيت مضى يجرر فريسته
فوق مدارج السلم فتمسكت بالسياج فلم يكن منه إلا أن بتر يدها من المعصم
بسيفه واستطاع أن يقتادها إلى الحجرة الرهيبة؛ وأما السيدة ماري فتمكنت
من الهرب وأخذت الكف المقطوعة معها دليلًا على الجريمة، وفي ذات يوم
كان المستر فوكس يتناول العشاء في دارها فانتهزت هذه الفرصة لامتحانه،
ومضت تروي له كيف زارته في بيته كأنها رؤية في المنام أو حلم من
الأحلام وجعلت تقول خلال الرواية أليس كذلك، أو لم يكن الأمر كذلك، إلى
أن وصلت إلى حكاية الحجرة الرهيبة، فلم يلبث المستر فوكس أن راح يردد
ليس الأمر كذلك، ولم يكن الأمر كذلك، ومعاذ الله أن يكون كذلك.
(٢٣) حتى أمه التي حملته ووضعته ليس لها عنده إلا كلمة شكر، واستعارة
الأبواق هنا مأخوذ من الصيد حين ينفخ فيها تنبيهًا إلى الصيادين
وكلابهم بوجوب العودة وتعليقها خفية في منطقته مجاز آخر في المعنى
ذاته.
(٢٤) كانت العادة أن توضع القطط في زجاجات خشبية مدلاة من حبل ومع القطط
كمية من السناج، فمن قدر على إصابة الزجاجة من قاعها وهو يجري من تحتها
ولا يصيبه الهباب كان هو الفائز، وأما «آدم» هنا فأحد ثلاثة اشتهروا
بحسن الرماية في تلك الأيام، وأولهم آدم بل، وقد دون الأسقف برسي
أعمالهم الرائعة في كتاب «المخلفات».
(٢٥) نهاية في وصف كراهيته للزواج، انظر إلى إشارته إلى «القرون» وحصان
الأجرة كما جاء رد كلوديو «صارخًا من قرونه» مناسبًا للموضوع.
(٢٦) إشارة إلى السهام التي يحملها إله الحب في كِنَانته، وقوله «فينيسيا»
يرجع إلى شهرة البندقية بكثرة العشاق. والمعنى أن كيوبيد سيستنفد كل ما
لديه من السهام إذا هو زار تلك المدينة، أما إذا بقي لديه منها شيء فلن
يلبث بنيديك أن يصبح من سهام الحب جريحًا.
(٢٧) استعرنا هذا الوصف (ساهمًا) (راعشًا) (كريشة) … إلخ للتقريب بين
الجناس الذي لجأ شكسبير إليه، فإن كلمة الجعبة في الإنجليزية هي
quiver وهي أيضًا فعل معناها
(يرعش) وقد أشبعنا الاستعارة للمقابلة بين قولنا «السهام المريشة» وبين
قولنا «ساهمًا راعشًا كريشة».
(٢٨) عبارة كانت العادة في ذلك العهد أن تكتب في نهاية الخطاب كقولنا
اليوم «وتفضلوا إلخ» وأضاف من «منزلي» كقولنا «تحريرًا في»، وزاد بين
قوسين «لو كان لي منزل» لأنه بعيد عن بلده.
(٢٩) وأردف دون بدرو مكملًا «السادس من شهر يوليو» — أي التاريخ — المحب
«بنيديك» إشارة إلى التاريخ والإمضاء، والنكتة في تعيين السادس من
يوليو؛ لأنه (الربيع) وفيه يكثر (الحب).
(٣٠) يريد أن مناقشاتك متصلة بعض الشيء بالمقتضيات القليلة الصلة بموضوع
المناقشة.
(٣١) استعارة من التعليم والتلقين، ومعناها «أفهمني ماذا تريد أن أفعل في
سبيل خدمتك وأنا لا أتردد».
(٣٢) يريد أن يقول إنه كان مجرد «ميل» في نفسه قبل الذهاب إلى الحرب،
ولكنه حين عاد منها وزالت أفكار القتال ومشاغله، بدأ ينعِّم النظر في
جمالها، وخاصة أنه «يميل» من قبل إليها.
(٣٣) اعتاد شكسبير أن يقرن الحب بالكتب في أكثر من رواية.
(٣٤) في الأصل أضأته أو فسرته أو طليته بطلاء يزيده رواء.
(٣٥) استعارة من القناطر والقنوات، والمعنى: لا يحتاج الأمر إلى بيان
كثير. وقد بني على هذا المعني العبارة التالية التي لا تبدو واضحة ولكن
المراد بها أن ليس للإنسان في تلبية رجاء يتقدم به إلى آخر من عذر أوجه
من الضرورة التي تقضي بوجوب تلبيته، والمعنى لا ضرورة لزيادة الشرح لأن
الموضوع ظاهر.
(٣٦) كل ما يؤدي الغرض «يجدي» ولكي «أجدي عليك» بدوائه — مقابلة للتقريب
بين الطباق في الأصل.
(٣٧) استخدم شكسبير كلمة «طابع» هنا، والمعنى أن أهمية النبأ تقاس بجوهره
أو مخبره ولكن مظهره على كل حال حسن.
(٣٨) استعارة، وقد اعتادها شكسبير في كثير من رواياته، وقد رأيناه أحيانًا
يقول «يمسك بالفرصة من جدائلها، أو من قرنيها».
(٣٩) هكذا في الأصل، والغالب أنهم من ذوي قرباه الفقراء.
(٤٠) هو في الأصل قسم بالعامية.
(٤١) لعب شكسبير بهذه العبارة «إلى هذا الحد» فجعل دون جون يقول لا حد
للحادث الذي استوجب حزني، ومن هنا كان حزني متجاوزًا كل حد.
(٤٢) رأينا الشاعر يتحدث كثيرًا عن «الطوالع» وعلاقة الناس وأمزجتهم
ومصايرهم بالكواكب. وكان الأقدمون يعتقدون أن الذين يلتقي مولدهم بزحل
يبدون متجهمين مكتئبين سريعي الانفعال.
(٤٣) أي إنَّه رجل صريح في سائر حركاته وتصرفاته.
(٤٤) وصف ساخر وتهكم.