توطئة
لعل وادي النيل أعظم أجزاء المعمورة اتصالًا بالأحداث الجليلة في التاريخ العام،
وأوفرها
نصيبًا في التيارات المتباينة، التي كانت تلتقي فيه فتنصهر وتمتزج. وقد كتب الأستاذ فييت
المستشرق الفرنسي في مقال له عن السلطان بيبرس عبارة تؤيد هذا المعنى، كتبها السائح الفرنسي
جان جاك أمبير Jaen Jacques Ampère في القرن التاسع
عشر، وإليك ترجمتها: «إن الذي يعبر هذا البلد العظيم الشأن ليلقى في طريقه الكتاب المقدس،
وهو ميروس والفلسفة والعلوم والإغريق والرومان والمسيحية، والمذاهب التي خرجت عليها،
والرهبنة والإسلام والحروب الصليبية والثورة الفرنسية، بل إنه ليكاد يلقي فيها كل ما
كان
خطير الشأن في تاريخ هذا العالم … وأنَّى لنا أن نجد مدينة كالإسكندرية شيدها الإسكندر،
ودافع عنها قيصر، ثم فتحها نابليون؟»
والذي نقصده في الصفحات التالية أن نلمَّ بنصيب مصر في الحضارة الإسلامية التي ازدهرت في قسم كبير من أنحاء العالم إلى أن طغى سيل المدنية الغربية على أغلب الدول الإسلامية.