خطباء اليونان
«لقد كان الإغريق خطباء بالفطرة؛ فنجد فيما نملكه من السجلَّات شِبه التاريخية أن فصاحة اللسان هِبة لا تقلُّ عن الشجاعة في القتال. ولم تقُم شهرة الملوك والأمراء على قوة بأسهم فحسب، بل كانوا يقودون الشعوب بآرائهم ونصائحهم؛ إذ كانوا يستعملون الحكمةَ وطلاقة اللسان في إملاء تعليماتهم.»
تحتلُّ الخطابة مكانة متميِّزة في الثقافة الإغريقية القديمة؛ إذ عُرف الإغريق بفصاحة اللسان، فظهر بينهم كثيرٌ من الخطباء الذين احتلُّوا مكانة بارزة في المجتمع اليوناني، وقد سلَّط هذا الكتاب الضوء على مجموعة من الخطباء الذين سطعوا في سماء الأدب اليوناني وسطَّروا أبلغ الخطَب، ومنهم: «أنتيفون» الذي استخدَم في خطَبه الألفاظ الشعرية على نطاق واسع، ومن أشهر خطَبه الخطبة التي ألقاها أمام القضاء أثناء ثورة الأربعمائة؛ و«تراسوماخوس» الذي ألَّف كُتيبًا في البلاغة وعددًا من الخطَب الميثولوجية؛ و«لوسياس» الذي تميَّز بالتجديد وغزارة الإنتاج، فلم يكن يستعمل مقدِّمةً مرتَين، بل كان لكل خطبةٍ مقدِّمتُها التي تتَّفق مع ظروفها؛ وغيرهم الكثير ممَّن لهم إسهامات متميِّزة في فن الخطابة.